حيث أن الدين لا يقبل الاستبداد ولا يمكن تجزئته وتقسمته.. وحيث أن الاستبداد لا يتعايش مع الدين ولا يقبل بوجود فعال له، فإن أمانة أهل العلم كانت عبر العصور هي الصدح بالحق ولو خالف هوى المستبد..
لكن طول أمد الاستبداد أنشأ في كثير من الأحوال دينا جديدا، عليه طلاء الإسلام ورسمه، بينما يتوجه بالعبادة الحقيقية إلى الحاكم ليجعله إلها!
ويبقى أمام صاحب العلم خيارات عدة:
1. أن يقول الحق كاملا، فإما استطاع الإصلاح وإما قُتِل.. فإن قتل فهو سيد الشهداء.
2. أو يعتزل فلا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر.. وقد كان يمكن لهذا النوع أن يسلم من بطش الاستبداد قديما قبل عصر الدولة المركزية، أما بعدها فهو لا يسلم منه أبدا.
3. أن يلتمس لنفسه طريقا لا يصطدم فيه بالدين ولا بالاستبداد.. وهذا لا شك سيتعرض للحظة حاسمة سيختار فيها ما بينهما وسيكون مضطرا لدفع الثمن.. والأغلب من هذه الحالات أنه يدفع الثمن من الدين لا من نفسه..
(راجع كيف استقر الحال بالكيانات الإسلامية التي تعايشت مع الاستبداد، كم دفعت من ديناه وثوابته تحت عناوين الاضطرار والضرورة وسحب الذرائع، ثم فشلت فلا أقامت دولة إسلامية ولا رضي عنها الاستبداد العلماني ولا نخبه ولا الشرق أو الغرب طبعا)
4. أن يبيع نفسه للسلطان المستبد.. وهو قد يبيعها صراحة كالمشايخ الرسميين فيأخذ الأموال والمناصب بطعم الذل والحرمة، أو يبيع نفسه مخلصا جاهلا قد خرب عقله من كثرة مكر المستبد وفقه المستسلمين فإذا هو جندي السلطان بلا ثمن.. يبيع آخرته بدنيا غيره!
5. ويظل فريق آخر لديه علم من الدين جاهل بالواقع والسياسة.. فهذا يستعمله السلطان ما احتاج إليه فيخدعه فينخدع، حتى إذا انقضت حاجته إليه ألقاه مهملا فإن لم يسكت ألقاه سجينا أو قتيلا!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وثبتنا على الحق.. انزع من قلوبنا حب الدنيا وكراهية الموت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق