الاثنين، ديسمبر 30، 2013

خمسة عجائب أندلسية



محمد إلهامي[1]

بعد أيام تحل ذكرى سقوط الأندلس (2 يناير)، ومن السنن الحسنة التي سنها الشباب على الانترنت هو إحياء هذه الذكرى ونشر سيرة الأندلس، تلك القطعة المقطوعة من قلب كل مسلم، وذلك الاسم الذي يثير الدموع حتى بعد سقوطه بأكثر من خمسة قرون!

وقد اخترت أن أكتب في شيء من مخترعات وابتكارات الأندلس ليعرف الشباب مدى ما بلغته الحضارة الإسلامية في الأندلس، واكتفيت من ذلك بخمسة لئلا يطول المقال الذي بلغ أكثر من ألف كلمة، وهذا غاية ما يطيقه قارئ الانترنت.

***

1.    بِيلَتَيْ طليطلة

والبيلة هي حوض النافورة، وكان المهندس الفلكي الأندلسي عبد الرحمن الزرقال قد صنع حوضي نافورة داخل تجويف من الزجاج على نهر تاجُه في طليطلة، والعجيب في هذين الحوضين أنهما يمتلئان بالماء بنفس حساب التقويم القمري. بمعنى أنه إذا كان القمر هلالا وليدا يكون الماء فيهما بنسبة (1: 30) ثم تظل زيادة الماء فيهما متناسبة مع القمر حتى إذا صار القمر بدرا كاملا يكون الحوضان قد امتلآ بالماء، ثم يبدأ القمر في النقصان فيبدأ منسوب الماء في النقصان حتى إذا اختفى القمر وصار محاقا لم يعد في الحوضين ماء.

يقول المقري: "وإذا تَكَلَّف أحدٌ حين تنقصان أن يملأهما وجلب لهما الماء ابتلعتا ذلك من حينهما حتى لا يبقى فيهما إلا ما كان فيهما في تلك الساعة، وكذا لو تكلف عند امتلائهما إفراغهما ولم يبق فيهما شيئا ثم رفع يده عنهما خرج فيهما من الماء ما يملؤهما في الحين ... ولم تزالا في بيت واحد حتى ملك النصارى دمرهم الله طليلة فأراد الفنش (ألفونسو السادس) أن يعلم حركاتهما فأمر أن تقلع الواحدة منهما لينظر من أين يأتي إليها الماء وكيف الحركة فيهما فقلعت فبطلت حركتهما"[2].

***

2.    مجلس المأمون بن ذي النون

وهو ملك طليطلة في عصر ملوك الطوائف، وقد بلغ مجلسه في حديقة قصره الفاخر مبلغا أسطوريا..

كان مجلس المأمون في قبة مجوفة في وسط بحيرة، ويحف البحيرة نوافير على هيئة الأسود التي تقذف بالماء من أفواهها إلى البحيرة وتتركز عليها الأضواء التي يعكسها سطح الماء فكأن المشهد قادم من عالم الخيال، وأقوى ما في المشهد هذه القبة المجوفة في وسط البحيرة، إذ صممها المهندسون بحيث يرتفع الماء إلى سطحها ثم ينسكب من حولها بصفة مستمرة فتصير كأنها قبة من الماء المنسدل عليها من كل النواحي فيكون مجلس المأمون داخل هذه القبة دون أن تصيبه قطرات الماء[3].

***

3.    طريقة التعليم المعجزة

نعرف جميعا قصة هيلين كيلر، الملقبة بمعجزة الإنسانية، تلك الفتاة العمياء الصماء البكماء التي استطاعت معلمتها آن سوليفان أن تبدأ معها مسيرة التعليم من خلال كتابة الحروف على يدها وتجسيمها في مجسمات تلمسها هيلين حتى تتعرف عليها ... إلى آخر القصة المعروفة.

من المدهش أنك تجد هذه الطريقة ذاتها قبل هيلين كيلر بثمانية قرون كاملة، في الأندلس، وذلك ما يرويه لنا الإمام ابن حزم في لفتة عابرة، في كتابه "التقريب لحد المنطق" فيقول:

"أخبرني مؤدبي أحمد بن محمد بن عبد الوارث رحمه الله أن أباه صَوَّر لمولود كان له أعمى وأكمه حروف الهجاء أجراما من قِير، ثم أَلْمَسَه إياها حتى وقف على صورها بعقله وحسه، ثم أَلْمَسَه تراكبها وقيام الأشياء منها حتى تشكل الخط وكيف يُسْتبان الكتاب ويُقْرأ في نفسه، ورفع بذلك عنه غصة عظيمة، وأما الألوان فلا سبيل إلى ذلك فيها"[4].

ويتضح من النص أن بين ابن حزم وبين والد مؤدبه ثلاثة أجيال، أي نحو أربعين عاما على الأقل، أي أن ذلك كان في نهاية القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي.

***

4.    قاعة السفراء (بهو قمارش)

وهي جزء من قصر المتزين في مدينة الحمراء –عاصمة غرناطة- بناه يوسف الأول، وصممت هذه القاعة لإلقاء الروعة والرهبة –معا- في نفوس الزائرين، خصوصا من سفراء القشتالين والممالك النصرانية، وما يزال شعور الرهبة والروعة باقٍ حتى عصرنا هذا في نفوس من يزوره.

ليس في القاعة شبر لا تنسال منه الزخارف والنقوش البديعة، حتى كأنه انفجار بصري أخاذ، ورغم أن الألوان الأصلية قد ذهبت الآن إلا أن تصورها يلقي في النفس مشهدا أسطوريا آسرا، وتعلو القاعة قبة مهيبة مهولة –بارتفاع 23 مترا- كأنها تمثل منبعا لفيضان الزخارف السيال من كل ركن في هذه القاعة.

كانت القاعة جزءا من برج المتزين، الذي كان الأعلى في محيطه، والحمراء نفسها إنما هي بناء عال فوق جبال سيرانيفادا المطلة على غرناطة، أي أن القاعة تشرف على غرناطة.. وبهذا الاعتبار فقد صمم المهندسون نوافذها في جهاتها كلها، وجعلوا مجلس السلطان في منتصف القاعة تحت القبة المهيبة، فيكون الداخل إليه كأنما يجد نفسه فجأة فوق العالم، أينما اتجه ببصره رأى عبر النوافذ غرناطة تحت قدميه في مشهد بانورامي يجتمع فيه التوجس والانبهار، ثم يزداد التأثير بفيضان الزخارف في كل ركن، ثم يكتمل بمجلس السلطان وأبهته وزينته، والذي يبدو –وهو في هذا الموضع- وكأنه يملك غرناطة ببصره ويهيمن عليها بسلطانه.

وهذا بخلاف مجموعة من النوافذ العلوية الصغيرة (التي تسمى قمريات، ومنها جاء اسم قمارش) المصممة بدقة والتي تتسرب منها أشعة الشمس لتنعكس فتصنع من الزخارف وألوانها عالما ساحرا خلابا.

***

5.    مجلس أنس

يصف الشاعر ابن حمديس الصقلي مجلس أنس وخمر، ولا شك أننا ننقله لما فيه من الطرافة والإبداع في الصناعة لا إقرارا للخمر، ونحن لا ندري على وجه التحديد هل كان هذا مجلس ملوك فتكون هذه التقنية فيه نادرة اختصت بالملوك أم أحد الأغنياء فتكون هذه التقنية متوفرة شائعة.. لكن المعروف أن هذا الشاعر كان في زمن ملوك الطوائف وله مدائح في المعتمد بن عباد ملك إشبيلية، وعاصر محنته وخلعه ونفيه إلى أغمات.

كان مجلس السقي هذا دائري، صُنِع فيه مجرى للماء بحيث يجلس القوم على أطرافه، ويقف عند أول الدائرة الخدم الذين يحملون أنواع الخمر، فينادي من يريد الشراب على أحدهم (الذي يحمل نوعا بعينه من الخمر) فيضع له الخادم الكأس في الماء فيجري به الماء حتى صاحبه، فإذا فرغ من الكأس أعاده مرة أخرى إلى الماء الذي يواصل جريانه حتى يعود إلى الخادم.

ولا ريب أن هذه التقنية كانت لها تطبيقات أخرى في حياة المسلمين، لكن الذي عرفناها منه كان مجلس الخمر هذا.. يقول ابن حمديس:

وساقيةٍ تسقي الندامى بمدّها .. كؤوساً من الصهباءِ طاغيةَ السُّكْرِ

يعوَّمُ فيها كلّ جامٍ كأنما .. تَضَمّنَ روح الشمس في جسد البدر

إذا قَصَدَتْ منّا نديماً زجاجةٌ .. تناولها رفقاً بأنمله العشر

فيشربُ منها سكرةً عِنبِيَّةً .. تنّومُ عينَ الصحو منه وما يدري

ويُرسلها في مائها فيُعيدها .. إلى راحتي ساقٍ على حكمه تجري

جعلنا على شُرْبِ العُقَارِ سَمَاعَنَا .. لحوناً تغنّيها الطيورُ بلا شعر

وساقينا ماءٌ ينيل بلا يدٍ .. ومشروبُنَا نارٌ تضيء بلا جمر

سقانا مسرّاتٍ فكان جزاؤه .. عليها لدينا أنْ سقيناه للبحر

كأنا على شطِ الخليج مدائن .. تسافرُ فيما بيننا سُفُنُ الخمر

وما العيش إلاّ في تطرّفِ لذةٍ .. وخلعِ عذارٍ فيه مستحسنُ العذر

***




[1] باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، تويتر @melhamy
[2] المقري: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 1/ 206، 207.
[3] الطرطوشي: سراج الملوك ص26، ابن ظافر الخزرجي: بدائع البدائه ص169، المقري: نفح الطيب 4/353.
[4] ابن حزم: التقريب لحد المنطق ص192.

الاثنين، ديسمبر 23، 2013

جاذبية الإسلام الاجتماعية


مهما حاولنا الفصل بين الإسلام كدين مطلق وبين المسلمين كبشر يصيبون ويخطئون فسيظل واقع المسلمين هو المؤثر الأكبر في تلقي الناس للإسلام وتعرفهم عليه، ونحن لا نقصد بواقع المسلمين هنا واقعهم السياسي –وإن كان هذا مؤثرا بلا شك- وإنما نقصد واقعهم الاجتماعي وتفاصيل حياتهم الطبيعية.

إن حياة المسلمين التي تبدو لهم طبيعية ليست كذلك عند غير المسلمين، إن كثيرا من هؤلاء إنما أسلموا ودخلوا في دين الله –أو على الأقل: تغيرت قناعتهم عن الإسلام- بأشياء بسيطة للغاية يفعلها المسلم وهو لا يلقي لها بالا.. هذه الأمور التي يفعلها المسلم بتلقائية سواء أكانت من العبادات والشعائر أو كانت من العادات والأخلاق الإسلامية هي ما نعنيه بقولنا "جاذبية الإسلام الاجتماعية".

السطور القادمة هي لقطات تاريخية سريعة تلقي الضوء على هذا الموضوع.

***

لقد كان من فقه النبي r أن يُعرِّض بعض المعاندين لرؤية الحياة الإسلامية، وكان ذلك سببا في دخولهم الإسلام.

1. فهذا ثمامة بن آثال من زعماء بني حنيفة في اليمامة، وقد كان من أعداء النبي r، ورد عنه أنه عزم على قتل رسول الله أو حاول قتل مبعوث له، ثم وقع أسيرا بيد سرية من سرايا المسلمين، فجاءوا به إلى المدينة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، ثم خرج إليه النبي r فقال: "ما عندك يا ثمامة؟" فقال: عندي خير يا محمد؛ إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فظل مأسورا في المسجد ثلاثة أيام ثم أمر النبي بإطلاقه، وإذا بثمامة ينطلق فيغتسل ثم يعود إلى المسجد يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب دين إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي"[1].

ففي هذه القصة ظل ثمامة بن آثال ثلاثة أيام في المسجد يرى سلوك الصحابة الإسلامي، ثم تمت النعمة بالعفو النبوي الكريم، فلهذا أسلم ثم قاد حملة مقاطعة لمكة فمنع عنهم كل ما كان يصلهم من اليمامة  من الغلال والحبوب ثم كان ممن ثبت على إسلامه أيام مسيلمة الكذاب وانحاز إلى الجيش الإسلامي في حرب المرتدين.

وقد صار هذا من السنن التي استنَّ بها بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب، والقضاة كشريح، أن يحبسوا الغريم في المسجد[2].

2. وهذه هند بنت عتبة التي ظلت تعادي الدين والنبي r منذ اللحظة الأولى، وهي التي خططت لقتل حمزة بن عبد المطلب، وظلت على بغضها حتى تم فتح مكة وبعد أن أسلم زوجها أبو سفيان بن حرب، أصبحت في اليوم الثاني للفتح تقول لزوجها "إني أريد أن أتابع محمدا. قال: قد رأيتك تكرهين هذا الحديث أمس. قالت: إني والله ما رأيت الله عُبِدَ حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة، والله إن باتوا إلا مصلين قياما وركوعا وسجودا"[3].

***

وسار هذا المسلك عبر التاريخ الإسلامي، فإذا نظرنا في تاريخ الفتوحات والممالك الإسلامية رأينا أن الناس إنما دخلت في دين الله أفواجا لما عاينته من حياة الفاتحين وأخلاقهم ومعاملاتهم مع بعضهم أو مع شعوب البلدان المفتوحة، فلقد كان الدليل الحي المتمثل في المسلمين أقوى وأوسع أثرا من الدليل العلمي العقلي الناشيء عن مقارنة الأديان ومطالعة الفروق ودراستها.

والحديث عن الفتوحات الإسلامية وأثر الفاتحين في إسلام الشعوب يتسع جدا والأمثلة كثيرة جدا، ولكن ربما كان من المناسب أن نضرب مثالا بانتشار الإسلام بين الزنوج الأفارقة، ففي قصة هؤلاء يتبدى الفارق واضحا تمام الوضوح بين التعامل الإسلامي الذي قدم عليهم بالدين والرحمة وبين التعامل المسيحي الأوروبي والأمريكي الذي قدم عليه بالمذابح والاستعباد ونهب الثروات، وسنأخذ شهادة مؤرخ إنجليزي هو توماس أرنولد الذي رصد انتشار الإسلام في إفريقيا فكتب يقول:

"لا شك أن نجاح الإسلام قد تقدم في إفريقية الزنجية تقدما جوهريا بسبب انعدام كل إحساس باحتقار الأسود، وفي الحق يظهر أن الإسلام لم يعامل الأسود قط على أنه من طبقة منحطة، كما كان الحال لسوء الحظ -في كثير من الأحيان- في العالم المسيحي... إن الأسود المُتَنَصِّر يميل إلى الإحساس بأن أبناء دينه من الأوربيين ينتمون إلى لون من الحضارة لا يلائم طبائعه في الحياة، على حين يشعر في المجتمع الإسلامي بأنه أكثر تعلقا به واطمئنانا إليه، وقد أجاد أحد المشاهدين المحدثين توضيح ذلك في الرسالة التالية: إن الإسلام لا يتطلب من أهل نيجيريا، أن يفقد أحدهم قوميته باعتبار أن ذلك شيء يصحب الدخول في الإسلام، ولا يستلزم تغييرات انقلابية في الحياة الاجتماعية يستحيل تحقيقها في المرحلة الحاضرة من تطور أهل نيجيريا، ولا هو يقوض نفوذ الأسرة وسلطة الجماعة، وليست هناك هوة بين الداعي إلى الإسلام والمتحول إليه؛ فكلاهما متساو أحدهما مع الآخر -لا نظريا بل عمليا- أمام الله، وكلاهما إفريقي، وهما من أبناء أرض واحدة، وينفذ مبدأ التآخي الإنساني تنفيذا عمليا، ولا يعني الدخول في الإسلام أن ينصرف الداخل فيه عن شئونه وأسرته وحياته الاجتماعية، ولا عن احترامه لسلطان حكام بلاده الأصليين... وليس هناك من لا يعجب بسلوك المسلم النيجيري ووقاره -بل بسلوك مسلمي إفريقية الغربية عامة، وإن هيئة الرجل العامة لتنم عن شعور بالقومية واعتزاز بالجنس، يخيل إليك أنه يقول: إن كلا منا يختلف عن الآخر، ولكننا جميعا بشر"، وضرب مثالا على مُنَصِّر تزوج من زنجية فواجه مشاعر عدائية من إخوانه المسيحيين إلى الحد الذي اضطر فيه إلى ترك المستعمرة، بينما لا يتأثر الداعية المسلم بمثل هذه العوائق[4].

وفي حين عاش العبيد الأفارقة قرونا من الذل والاستعباد تحت قهر الأوروبيين ولم يحصلوا حقوق البشر إلا بعد معارك ومذابح، كان العبيد الأفارقة لدى المسلمين على نقيض ذلك، يذكر الرحالة داوتي ذلك فيقول: "لا يوجد في نفوس أولئك الإفريقيين أي حقد من أنهم صيروا عبيدا... حتى ولو أن سُرَّاق البشر القساة قد انتزعوهم من ذويهم، وكان العملاء الذين يدفعون ثمنهم يتخذونهم في بيوتهم ويختتن الذكور منهم، وإن الذي حرر أرواحهم من الحنين الطويل إلى أوطانهم، هو أن الله قد تفقدهم في ملمتهم؛ إنهم يستطيعون أن يقولوا: إن نعمة الله قد تداركتهم منذ أن دخلوا بفضلها في الدين المنقذ. لذلك يرون أنهم في بلد خير من بلادهم، فهم في ذلك عتقاء الله، وهم في بقاع تحيا حياة أكثر مدنية، وهم في تربة الحرمين الشريفين، وفي بلد محمد r؛ لذلك يشكرون الله أن بيعت أجسادهم يوما ما بين الرقيق"[5].

والخلاصة –كما يقولها المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون- أن "ما جهله المؤرخون من حلم العرب الفاتحين وتسامحهم، كان من الأسباب السريعة في اتساع فتوحهم، وفي سهولة اعتناق كثير من الأمم لدينهم ونظمهم ولغتهم، التي رسخت وقاومت جميع الغارات، وبقيت قائمة حتى بعد تواري سلطان العرب عن مسرح العالم"[6].

***

وحتى البلدان التي دخلها الإسلام دون فتح عسكري وصلت إليها هذه الجاذبية الاجتماعية للإسلام فدخلت فيه، وقد كتب المؤرخ المعروف د. حسين مؤنس كتابا يرصد فيه المناطق التي دخلها الإسلام دون أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب ثم انتهى إلى أن قال: "أعدت النظر في المصور الجغرافي (للأرض) لأرى ما فتحنا بجهادنا وما فتح الإسلام بنفسه بالحكمة والموعظة الحسنة فخشعت نفسي، لأنني وجدت أن الإسلام فتح بنفسه أضعاف ما فتحنا، وأن دعوة الحق في تاريخنا كانت أمضى من كل سلاح، حتى البلاد التي خضنا المعارك لندخلها كان الإسلام هو الذي فتح قلوب أهلها واستقر فيها"، وكان تقديره أن مساحة الأرض التي بلغتها الفتوحات ليست إلا ثلث مساحة الأرض التي دخلها الإسلام[7].

ولقد كان أبطال هذه القصة هم التجار المسلمون الذين كانت حياتهم وأخلاقهم هي سيوفهم الناعمة، ومما ينبغي أن يلفت النظر أن بلاد العرب الصحراوية والمتباعدة اضطرتهم من قديم إلى أن تكون رحلاتهم التجارية في قوافل كبيرة وعليها حراسة للتعامل مع قطاع الطرق أو وحوش الصحراء أو التعاون على مهالكها، مما جعل قوافل العرب أشبه بالمجتمعات المصغرة التي تبدو فيها الحياة الاجتماعية الإسلامية أكثر مما يبدو فيها أخلاق المسلم الفردية.

ولئن كان التجار هم فاتحة الخير لأهل هذه البلاد التي لم يصلها الإسلام، فإن ترسخ الإسلام وتعمقه كان برحلة تعبدية اجتماعية عالمية، وهي الحج، ففيه يرى المسلمون بعضهم بعضا من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وينشأ من جراء ذلك من المواقف والتعاملات والعلاقات والتأثير المتبادل ما لا يُحصى.

***

بل إنه وفي عصور ضعف المسلمين ووقوعهم تحت الاحتلال الأجنبي، ظلت جاذبية الإسلام الاجتماعية الباب الأوسع لدخول الناس في الإسلام أو –على الأقل- تغير انطباعهم عنه:

1. فمنذ نحو قرن ونصف، كتب الفيلسوف الفرنسي الشهير إرنست رينان يقول: "ما دخلت مسجدا قط، دون أن تهزني عاطفة حادة، وبعبارة أخرى، دون أن يصيبني أسف محقق على أنني لم أكن مسلما"[8].

2. ومنذ نحو قرن كتب الكولونيل الإنجليزي رونالد فيكتور بودلي عن حياته بين البدو في صحراء المغرب يقول:

"قضيت هناك سبعة أعوام، أتقنت خلالها لغة البدو، وكنت أرتدي زيهم، وآكل من طعامهم، وأتخذ مظاهرهم في الحياة، وغدوت مثلهم أمتلك أغنامًا، وأنام كما ينامون في الخيام، وقد تعمقت في دراسة الإسلام حتى أنني ألفت كتابًا عن محمد r عنوانه «الرسول» وقد كانت تلك الأعوام التي قضيتها مع هؤلاء البدو الرُّحل من أمتع سِنيّ حياتي وأحفلها بالسلام والاطمئنان والرضى بالحياة. وقد تعلمت من عرب الصحراء التغلب على القلق، فهم -بوصفهم مسلمين- يؤمنون بالقضاء والقدر، وقد ساعدهم هذا الإيمان على العيش في أمان، وأخذ الحياة مأخذا سهلًا هينًا. فهم لا يلقون أنفسهم بين براثن الهم والقلق على أمر، إنهم يؤمنون بأن ما قُدِّر يكون، وأنه لا يصيب الفرد منهم إلا ما كتب الله له، وليس معنى ذلك أنهم يتواكلون، أو يقفون في وجه الكارثة مكتوفي الأيدي، كلا، ودعني أضرب مثلًا لما أعنيه: هبت ذات يوم عاصفة عاتية، حملت رمال الصحراء، وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط، ورمت بها وادي الرون في فرنسا، وكانت العاصفة حارة شديدة الحرارة، حتى أحسست كأن شعر رأس ينتزع من منابته، لفرط وطأة الحر، وأحسست من فرط القيظ كأنني مدفوع إلى الجنون، ولكن العرب لم يشكوا إطلاقا، فقد هزوا أكتافهم، وقالوا كلمتهم المأثورة: (قضاء مكتوب). ولكنهم ما إن مرت العاصفة حتى اندفعوا إلى العمل بنشاط كبير، فذبحوا صغار الخراف قبل إن يودي القيظ بحياتها، ثم ساقوا الماشية إلى الجنوب نحو الماء، فعلوا هذا كله في صمت وهدوء دون أن تبدو من أحدهم شكوى... قال رئيس القبيلة: لم نفقد الشيء الكثير، فقد كنا خلقاء بأن نفقد كل شيء، ولكن حمدًا لله وشكرًا، فإن لدينا نحو أربعين في المائة من ماشيتنا، وفي استطاعتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد"[9].

وإن قصص إسلام المفكرين والمستشرقين حافلة بهذه المعاني وهي من الكثرة والغزارة بحيث صارت تكتب فيها المؤلفات المطولة، والسلاسل ذات الأجزاء.

***

وليس الماضي بأقل وضوحا من الحاضر في جانب "جاذبية الإسلام الاجتماعية"، فالمراكز الإسلامية المعنية بالدعوة إلى الإسلام، خصوصا تلك التي في البلاد العربية وتتعامل يوميا مع الجاليات غير المسلمة، تشهد بأن هذا هو الباب الأوسع للدخول في الإسلام.

ولذا فقد ابتكرت بعض المراكز الإسلامية برنامجا لغير المسلمين لقضاء شهر في الحياة كأنهم من المسلمين، يقضون فيه أياما بلا طعام حتى صلاة المغرب كنوع من معايشة الصيام، ويستمعون لخطيب الجمعة، وترتدي النساء الحجاب... وهكذا.

ونحن إذ قد علمنا هذا، كان لا بد أن نسأل أنفسنا: فما هو دورنا؟

وهذا –إن شاء الله تعالى وقدر- يكون حديثنا في المقالات القادمة: الرعاية الاجتماعية لغير المسلمين، والرعاية الاجتماعية للمسلمين الجدد.

 نشر في مجلة البشرى الكويتية، ديسمبر 2013



[1] البخاري (4114)، وانظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى 5/549، 550، وابن حجر: الإصابة 1/410، 411.
[2] ابن رجب الحنبلي: فتح الباري 3/362.
[3] ابن عساكر: تاريخ دمشق 70/177، وابن حجر: الإصابة 8/156.
[4] توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام ص394، 395.
[5] من كتابه (Arabia Deserta)، نقلا عن: توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام ص458.
[6] جوستاف لوبون: حضارة العرب ص605.
[7] د. حسين مؤنس: الإسلام الفاتح ص4، 18.
[8] توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام ص459.
[9] من كتابه (wind in the saharaa). نقلا عن: ديل كارنيجي: دع القلق وابدأ الحياة، ص303: 305.

الأربعاء، ديسمبر 11، 2013

الدعوة والحماية


في خلال أيام، تحول الرجل الحليم الرشيد الذي ينطق بالحكمة إلى مُخَرِّف يقول كلاما فارغا لا معنى له ويستحق عقوبة الرجم حتى الموت، هكذا تحولت نظرة أهل مدين إلى نبيهم شعيب عليه السلام، {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} ثم ما لبثوا أن قالوا {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}

ذات هذا المشهد تكرر من قبل مع نبي الله صالح عليه السلام {يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا}، ثم لم يجدوا حلا إلا أن يتآمروا لقتله ويقسمون لأوليائه أنهم ما فعلوا {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}

فأما من لم يكن له مثل أولياء صالح ولا رهط شعيب فقد تمنى أن يكون له ذلك حين كان في اللحظة العصيبة، ذلك هو لوط عليه السلام الذي حاول أن يدفع قومه الفاحشين عن ضيفه فلم يستطع، فقال وهو يدافعهم وراء الباب {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} ولقد كان عليه السلام يأوي إلى ركن شديد، فقال له ضيوفه {يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} وأشار الملك إليهم فذهبت أعينهم {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}.

ويبدو –والله أعلم- أن قصة لوط كانت مثالا ضربه الله للناس، عن صاحب الدعوة حين يفتقد إلى الحماية ولو كان نبيا، ذلك أن الله لم يبعث من بعده نبيا إلا في "ثروة من قومه" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم[1]، والثروة: هي الكثرة والمَنَعة التي تكفل له الحماية، ولذلك كان من علامات الأنبياء أنهم يُبعَثون في أنساب (أي أشراف) قومهم، كما جاء في الحوار المشهور بين هرقل وأبي سفيان حين كان هرقل يسأله كي يتثبت من أن محمدا نبي حقا[2].

وليس معنى هذا أن النبي يُحْفَظ من كل الأذى، بل يصير إيذاؤه أمرا عسيرا صعبا على خصومه وأعداء رسالته، ويصير قرار قتله هو القرار الأخير الذي لا يُتَّخَّذ إلا بعد استنفاد المحاولات الأخرى لإسكاته وقهر دعوته، فالأنبياء أشد الناس بلاء ومنهم من قُتِل كما فعلت بنو إسرائيل بأنبيائها، وكما كانت سيرة نبينا صلوات الله وسلامه عليه، فلقد أوذي في نفسه وأهله وأهين وضُيِّق عليه وحوصر، لكن قرار قتله لم يُتَّخذ إلا بعد ثلاثة عشر عاما.

وذلك أن الله بعث نبيه في أشرف نسب من قوم القرشيين، فحماه بالعصبية القبلية العشائرية، وامتن عليه بهذه الحماية منذ أول الأمر بعمه أبي طالب فقال تعالى {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، وظل عمه -الذي هو سيد بني هاشم حينئذ- يحوطه ويرعاه ويدفع عنه رغم كراهيته لما جاء به ابن أخيه، حتى لم يكن أحد من المشركين يجد حلا سوى التفاوض مع أبي طالب أن يكف عنهم محمدا، ثم لم يظفروا منه بشيء.. فبهذه الحماية نجَّى الله نبيه من العذاب الذي نزل بالصحابة رضوان الله عليهم، وهو العذاب الذي أنزله بهم أهلوهم، فإن كفار مكة –احتراما للعصبية القبلية- قرروا أن يتولى كل قوم التنكيل بمن آمن منهم ومن مواليهم.

ولك أن تعجب إذا علمت أن حصار بني هاشم الذي استمر ثلاث سنوات حتى أكلوا أوراق الشجر والجلود من الجوع، شمل بني هاشم مسلمهم وكافرهم، فكان ذلك الكافر يتحمل كل هذا الألم والعنت الرهيب لأجل عصبية قبلية في سبيل دين هو كافر به، وربما عرَّض أحدهم نفسه للقتل إذ يبيت مكان النبي الذي كان أبو طالب ينقل مبيته خوفا عليه من الاغتيال.

وقد ظلت هذه الحماية حتى اللحظة الأخيرة في الفترة المكية، فحتى بعد وفاة أبي طالب التي كانت من أصعب النوازل على النبي لم تنتهِ حماية بني هاشم، بل تولى العباس زعامتهم فكان على العهد[3]، حتى قال للأنصار في بيعة العقبة الثانية –قبل الهجرة بشهرين- "يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث علمتم، وهو في منعة ونصرة من قومه وعشيرته، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم، فإن كنتم وافين بما عاهدتموه فأنتم وما تَحَمَّلْتُم، وإلاَّ فاتركوه فِي قومه"، ولذلك لم يكن السبيل للتخلص منه إلا ما توصل إليه زعماء الكفر، أن يشتركوا جميعا في قتله بضربة رجل واحد فلا تقوى بنو هاشم على حربهم فيقبلون الدية، فذلك دليل على أن حماية بني هاشم كانت قائمة.

ولعل هذا يدلك على أن النبي حين هاجر أو بحث عن مأوى لم يكن ذلك فرارا من الأذى أو طلبا للحماية الشخصية، بل كان طلبا لأناس يقيمون الدولة ويحمون الدعوة لا صاحبها فحسب.

وحين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، كان الأنصار على وعي بهذه المهمة، فاستقبلوه بالسلاح، وصار النبي تحت حراسة دائمة لمدة شهر، حتى نزل قول الله تعالى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فتخلى عن الحراسة[4].

وأهم ما يُستفاد من هذا أن النبي كان في الحراسة سواء وهو محميٌّ بعصبية النسب والقبيلة في مكة، أو وهو محميٌّ برجال الدين والدولة في المدينة، وفي هذا درس بليغ بليغ لمن يترك نفسه تحت رحمة الأعداء واثقا إلى قانون أو شرعية أو أعراف أو ضمير عالمي أو رأي عام ... إلى آخر هذه الترهات التي لم يؤمن بها إلا المغفلون فأوردتهم المهالك.

إن مجرد حمل الحق والدعوة إليه بالحسنى لا يغير شيئا في واقع الباطل، بل لا بد لكل حق يحمله داعية من حماية تحوطه من بطش الباطل حتى يستوي على عوده ويبدأ جهاده، وتلك سيرة التاريخ في الدعوات، يشرحها ابن خلدون في عبارات بسيطة نافذة فيقول: "الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم، وهذا لما قَدَّمْناه من أن كل أمر تُحمل عليه الكافَّة فلا بد له من العصبية، وفي الحديث الصحيح -كما مر- "ما بعث الله نبيا إلا في منعة من قومه" وإذا كان هذا في الانبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد فما ظنك بغيرهم؟!... أحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه، وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء، لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة والله حكيم عليم، فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب (أي الدعوة بغير قوة تحميه) -وكان فيه محقا- قَصَّر به الانفراد عن العصبية، فطاح في هوة الهلاك"[5].

والخلاصة:

أن الداعية –المؤسس على أقل تقدير- والدعوة لا بد لها من قوة وحماية تتقي بها بطش المجرمين المبطلين، وهذا المعنى من أهم المعاني الذي ينبغي أن تعتنقه الحركات الإسلامية، إذ ما من حركة استطاعت أن تنجح وهي تضع نفسها تحت رحمة عدوها، فليس أسهل من قرار ينتهي به أمرها أو في أحسن الأحوال يُبقي عليها موجودة بلا تأثير، بل إن فشل كثير من الحركات الإسلامية إنما كان لهذا السبب.

فكيف لم نتعلم وبين يدينا كتاب الله وسنة رسوله ومن بعدهما حكمة أسلافنا؟!

وإن لم نتعلم فيما سبق، فهل سنتعلم بعد أن يضاف إلى ذلك مرارة التجارب المعاصرة؟!

 


[1] أحمد (8373)، والبخاري في الأدب المفرد (605)، والترمذي (3116) وحسنه، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
[2] البخاري (7).
[3] بل إن ثمة رواية ضعيفة، نوردها هنا للاستئناس، أوردها ابن سعد في الطبقات ونقلها عنه ابن الجوزي في المنتظم وابن كثير في البداية والنهاية والحلبي في السيرة والصالحي في السبل، أن أبا لهب شقَّ عليه قلة خروج محمد صلى الله عليه وسلم من بيته بعد وفاة أبي طالب فذهب إليه وقال "يا محمد امض لما أردت وما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا في صنعه، لا واللات لا يوصل إليك حتى أموت"، وتصدى لرجل سب النبي حتى ظنوا أنه أسلم فأنكر ذلك وقال: "ما فارقت دين عبد المطلب، ولكني أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضي لما يريد".
[4] تختلف الروايات حول الآية هل هي مكية أم مدنية، وبالتالي: فهل الحراسة التي كانت للنبي كانت من بني هاشم بإشراف أبي طالب أم هي حراسة أصحابه في المدينة، والأرجح أنها مدنية بدليل رواية البخاري عن عائشة وفيها: "فلما قدم (النبي) المدينة قال: "ليت رجلا من أصحابي صالحاً يحرسني الليلة". إذ سمعنا صوت سلاح، فقال: "من هذا؟ " فقال: أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك. فنام النبي".
[5] ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 1/159.