حبـة القمح
بين حبوب القمح الكثيرة ، كانت حبة قمح جميلة كبيرة متميزة الحجم والملمس والصفاء ، فكانت تفخر بذلك على زميلاتها حبيبات القمح التى إن لم تخل إحداهن من العيب ، فلن تصل إلى نفس المستوى من الميزات .
مع كثرة وتكرار فخرها بنفسها ، قالت لها حبة أخرى : لاتفرحى كثيرا ، غدا سوضع كلنا فى الطاحونة التى ستجعلنا سواءا .
ولأن الاحتمال كان مرعبا مفزعا للحبة الجميلة ، فقد أنهت الكلام مع زميلتها بسرعة ، وهربت بفكرها من هذا المصير المحتوم ، وصارت تنظر إلى قوامها غير مصدقة أن هذا القوام يمكن أن يصيبه ما يصيب غيره من حوادث الزمان .
وكبرت نفسها فى عينيها ، وظلت تكبر وتكبر وتكبر ... حتى فوجئت بنفسها تلقى فى الطاحونة ، لكنها – مع ذلك – لم تصدق لحظة أن بإمكان الطاحونة أن تخدشها فقط ، لا أن تطحنها تماما .
ومع أول دورة ، وثانى دورة ، وثالث دورة .. كان الجسد الجميل قد تحول أشلاءا ، ومازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .
*****
هذا هو الإنسان بالضبط .. حبة قمح فى طاحونة لايملك شيئا من قوانينها أبدا .
تسرى عليه قوانين الكون وكأنه حبة القمح الملقاة فى جوف الطاحونة لاتملك لها دفعا ولا تأخيرا .
قفز إلى ذهنى هذا التشبيه وانا اقرأ قوله تعالى ( الله الذى خلقكم من ضعف ، ثم جعل من بعد ضعف قوة ، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) .
فى هذه اللحظة فقط ، أدركت معنى كلمة ( جعل ) .. إن الأمر خارج عن يد الإنسان تماما .
تماما كقوله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى جعل لكم من أنفسكم ازواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء )
تماما كقوله تعالى ( يخلقكم فى بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق )
والآيات كثيرة ..
كثيرة ..
كثيرة ..
لكن المعنى المقصود : هو ان جميع بنى الإنسان يخضعون فى أدق ظروف حياتهم إلى قوانين إلهية ثابتة لايملكون امامها أى حيلة ولا وسيلة أو حت طريقة لتعديلها أو تاخيرها أو تحويرها .
إن السنة الكونية والقانون الإلهى يمضى ويفعل فعله فى حياة البشر دون ان يملك أى أحد امامه أى مقاومة .
كل من يولد يولد ضعيفا ، إن لم يرعه أحد سيموت ... ثم يقوى ويشتد ... ثم يضعف مرة أخرى وتنهك قواه .. ثم يموت .
دورة حياة ، يسير فيها كل فرد ، أو – بمعنى أدق – تحيط بكل فرد إحاطة تامة .
هذه العين التى لم تكن ترى فى الطفولة ، ثم بدأت ترى ، ثم أصبحت لاترى مرة اخرى ... كذلك الذن والذاكرة واليد واللسان ... وسائر الأعضاء .
كيف – رغم وضوح هذه الحقيقة – لانفكر فيها كثيرا ؟؟؟
الموت مثلا ... قانون لم ينج منه فرد واحد من البشر ... لم يوجد فرد استطاع حتى أن يؤخر هذا الموت لا أن يهرب منه ، لكن العجيب أننا لا ننتبه له ... حتى يأتينا فجأة .
وحينها تكون الكارثة .
الكارثة العظمى والأخيرة .
لقد ماتت حبة القمح ، افترسها قانون الطاحونة .
والمشكلة (.. مازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .)
كتب فى 6/10/2005 ... 3 رمضان 1426
بين حبوب القمح الكثيرة ، كانت حبة قمح جميلة كبيرة متميزة الحجم والملمس والصفاء ، فكانت تفخر بذلك على زميلاتها حبيبات القمح التى إن لم تخل إحداهن من العيب ، فلن تصل إلى نفس المستوى من الميزات .
مع كثرة وتكرار فخرها بنفسها ، قالت لها حبة أخرى : لاتفرحى كثيرا ، غدا سوضع كلنا فى الطاحونة التى ستجعلنا سواءا .
ولأن الاحتمال كان مرعبا مفزعا للحبة الجميلة ، فقد أنهت الكلام مع زميلتها بسرعة ، وهربت بفكرها من هذا المصير المحتوم ، وصارت تنظر إلى قوامها غير مصدقة أن هذا القوام يمكن أن يصيبه ما يصيب غيره من حوادث الزمان .
وكبرت نفسها فى عينيها ، وظلت تكبر وتكبر وتكبر ... حتى فوجئت بنفسها تلقى فى الطاحونة ، لكنها – مع ذلك – لم تصدق لحظة أن بإمكان الطاحونة أن تخدشها فقط ، لا أن تطحنها تماما .
ومع أول دورة ، وثانى دورة ، وثالث دورة .. كان الجسد الجميل قد تحول أشلاءا ، ومازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .
*****
هذا هو الإنسان بالضبط .. حبة قمح فى طاحونة لايملك شيئا من قوانينها أبدا .
تسرى عليه قوانين الكون وكأنه حبة القمح الملقاة فى جوف الطاحونة لاتملك لها دفعا ولا تأخيرا .
قفز إلى ذهنى هذا التشبيه وانا اقرأ قوله تعالى ( الله الذى خلقكم من ضعف ، ثم جعل من بعد ضعف قوة ، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) .
فى هذه اللحظة فقط ، أدركت معنى كلمة ( جعل ) .. إن الأمر خارج عن يد الإنسان تماما .
تماما كقوله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى جعل لكم من أنفسكم ازواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء )
تماما كقوله تعالى ( يخلقكم فى بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق )
والآيات كثيرة ..
كثيرة ..
كثيرة ..
لكن المعنى المقصود : هو ان جميع بنى الإنسان يخضعون فى أدق ظروف حياتهم إلى قوانين إلهية ثابتة لايملكون امامها أى حيلة ولا وسيلة أو حت طريقة لتعديلها أو تاخيرها أو تحويرها .
إن السنة الكونية والقانون الإلهى يمضى ويفعل فعله فى حياة البشر دون ان يملك أى أحد امامه أى مقاومة .
كل من يولد يولد ضعيفا ، إن لم يرعه أحد سيموت ... ثم يقوى ويشتد ... ثم يضعف مرة أخرى وتنهك قواه .. ثم يموت .
دورة حياة ، يسير فيها كل فرد ، أو – بمعنى أدق – تحيط بكل فرد إحاطة تامة .
هذه العين التى لم تكن ترى فى الطفولة ، ثم بدأت ترى ، ثم أصبحت لاترى مرة اخرى ... كذلك الذن والذاكرة واليد واللسان ... وسائر الأعضاء .
كيف – رغم وضوح هذه الحقيقة – لانفكر فيها كثيرا ؟؟؟
الموت مثلا ... قانون لم ينج منه فرد واحد من البشر ... لم يوجد فرد استطاع حتى أن يؤخر هذا الموت لا أن يهرب منه ، لكن العجيب أننا لا ننتبه له ... حتى يأتينا فجأة .
وحينها تكون الكارثة .
الكارثة العظمى والأخيرة .
لقد ماتت حبة القمح ، افترسها قانون الطاحونة .
والمشكلة (.. مازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .)
كتب فى 6/10/2005 ... 3 رمضان 1426
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق