هو كتاب ( جمال مبارك ... تجديد الليبرالية الوطنية ) للدكتور جهاد عودة .
الكتاب عرض إبراهيم عيسى بجريدة الدستور ( نقلا عن موقع حزب الكرامة العربية ) .. نسأل الله أن يكون للدستور موقعا على الانترنت قريبا .
__________________
لعل اخطر ما قرأته من حقائق وأرقام ومعلومات ترفع الملاءة عن عرى النظام السياسى فى مصر، تجده فى كتاب يحمل عنوانه اسم "جمال مبارك".
آه والله.. حاكم ربنا له تصاريف وحكمته وسعت كل شئ، كتاب "جمال مبارك" تجديد الليبرالية الوطنية (من غير واو لأن غياب حرف الواو هنا مهم قوى بين اسم الرجل وباقى عنوان الكتاب..) أما المؤلف فهو مفكر سياسى وأستاذ مرموق فى العلوم السياسية هو دكتور جهاد عودة، وهو نفسه واحد من لامعى لجنة أو أمانة أو مجلس السياسات (اختر الاسم المناسب فأنا لا اعرف وحياة ربنا هى اسمها إيه بالضبط وليه.. لجنة ولاَّ أمانة ولاَّ مجلس!!).. ربما كنت -مثل غيرى- أول من امتعض من عنوان الكتاب واعتبرته خطوة -حارة مكشوفة- فى مدح (آسف يا دكتور جهاد.. فى نفاق!) جمال مبارك، لكن القراءة العادية -لا أقول المنصفة أو المتأملة- بل القراءة العادية جدًا للكتاب يمكنها أن تثبت لك انه إذا كان هناك كتاب يكشف سوء الحاكم وسوءة النظام السياسى وأزمة ما نحن فيه وقرف ما نحن عليه، فربما يكون هذا الكتاب الأهم والأصح فى كشف عورة وعوار الحكم الاستبدادى فى مصر.
جت ازاى؟
الله اعلم..
تفتكر ليه؟..
والله ما اعرف!
لكن خد عندك أدلتى على أن ما كتبه عضو أمانة (خليها أمانة اشيك من لجنة واعقل من مجلس) السياسات دكتور جهاد عودة هو مفتاح لفهم استبداد الحكم حين يكتب عن صلاحيات الرئيس طبقًا لدستورنا الذى يمسك فيه رموز الحكم عندنا بذيلهم وأسنانهم (حلوة ذيلهم دى).
يقول د. جهاد ومن القراءة لمواد الباب الخامس للدستور يتضح ذلك الوضع لمنصب رئيس الدولة، من حيث السلطات المتمتع بها.
فرئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، وهو الراعى للحدود بين السلطات والمسئول الأول عن الحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة الوطن وأداء مؤسسات الدولة لدورها الدستورى والمكاسب الاشتراكية، وتعطى المادة 127 من الدستور مثالاً واضحًا على معنى الحكم بين السلطات.
ولرئيس الدولة أن يعين عددًا لا يزيد عن عشرة أعضاء فى مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى.
ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشورى للانعقاد.
ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشعب إلى الانعقاد، ويفض دورته العادية ويدعوه إلى اجتماع غير عادى، وله الحق فى حل مجلسى الشعب والشورى عند الضرورة.
ورئيس الجمهورية هو صاحب الحق فى إصدار القوانين والاعتراض عليها سواء فى الأحوال العادية أو الاستثنائية.
ورئيس الجمهورية هو الذى يتولى السلطة التنفيذية.
وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة بمشاركة مجلس وزرائه. وهو الذى يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم.
وهو الذى يعلن حالة الطوارئ.
ورئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية التى يقوم على شؤونها.
ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذى يعلن حالة الحرب، ويبرم معاهدات واتفاقيات الهدنة، فضلاً عن انه رئيس مجلس الدفاع الوطنى الذى يختص بالنظر فى الشئون الخاصة للبلاد وسلامتها.
ورئيس الجمهورية هو رئيس هيئة الشرطة.
ويلاحظ من العرض السابق، مقدار ما يتمتع به رئيس الدولة، الذى هو رأس السلطة التنفيذية من سلطات وصلاحيات، حيث انه يملك إصدار القوانين وإلغاءها، وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة، ومن المفترض أن تكون هذه وتلك من صلاحيات البرلمان، بل هو يملك اختيار عدد من أعضاء مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى، فيشكل باختياره هذا تكتلاً سياسيًا داخل المجلس يمكنه من لعب دور بداخله، وهو الحكم بين السلطات وهى إحدى صلاحيات السلطة القضائية، فضلاً عن رئاسته للمجلس الأعلى المهيمن على الهيئات القضائية قاطبة وبرئاسته لهيئة الشرطة ومركز الدفاع الوطنى، ومنصبه كقائد للقوات المسلحة، يملك رئيس الجمهورية قدرة فائقة على الحسم فى مواجهة السلطتين التشريعية والقضائية، حتى وان شاركته الأولى بعضًا من سلطاته.
فالعلاقة الوثيقة بين القوات المسلحة ورئيس الدولة فى المقام الأول، والحكومة فى المقام الثانى، سمحت بتركيز اكبر لقدرات الحسم والنفوذ فى يد رئيس الدولة، وبالتالى فى قمة السلطة التنفيذية، وبناء على ذلك يتصف نظام الحكم المصرى بعدة صفات أساسية هى:
1.
وحدة شخص الرئيس فى معظم مكونات نظام الحكم.
2.
نسبية استقلال السلطتين التشريعية والقضائية فى مواجهة السلطة التنفيذية التى يرأسها رئيس الدولة.
ويضيف د. عودة.. الأمر الذى يظهر بوضوح بالنظر إلى الصلاحيات المعطاة لرئيس الجمهورية فى الدستور، حيث انه من مجموع خمس وخمسين مادة تتضمن صلاحيات أو سلطات فى الدستور، اختص رئيس الجمهورية وحده بـ 35 صلاحية بنسبة 63%، حين بلغت سلطات الوزراء وصلاحياتهم 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة القضائية 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة التشريعية بمجلسيها 14 سلطة وصلاحية بنسبة 25%، والمدعى العام الاشتراكى سلطة واحدة، وكذلك المجلس الأعلى للصحافة
وله سلطة واحدة.
ويلاحظ د. جهاد أن العلاقات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية تختلف عنها بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية؛ فالسلطة التنفيذية تمارس نفوذًا اعلى فى مواجهة السلطة القضائية، ويظهر ذلك فيما يتمتع به كل من رئيس الجمهورية ووزيرى العدل والداخلية من إمكانيات سلطوية فى مواجهة القضاء، أما بالنسبة للسلطة التشريعية، فيضمن تبعيتها من خلال السيطرة على الوسائل والأدوات التى توفر لها، انتخاب أغلبية من المنتفعين من الجهاز التنفيذى، ويتم استخدام عدة وسائل فى هذا الصدد وهى:
(
أ) أداة الحكم المحلى.
(ب) هيمنة حزب الدولة.
(
ج) حماية السلطة التشريعية فى مواجهة أحكام القضاء.
(د) احتكار تنظيم الحياة السياسية من حيث أساليب الترشيح والانتخاب وممارسة الحقوق السياسية، وإقامة الأحزاب وغيرها.
ووفقًا للدستور فإن السلطة التشريعية تتمتع بسلطات ضئيلة فى مواجهة السلطة التنفيذية، فمثلاً فى المادة 115 ينص الدستور على.. "ولا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة"، والمجلس لا يقر بيان الحكومة، بل طبقًا لحرف الدستور فى المادة 133 "ويناقش مجلس الشعب هذا البرنامج"، أما بالنسبة لمجلس الشورى، فيعين رئيس الجمهورية ثلث أعضائه، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة غير مسئولة أمام المجلس، بل وفقًا لنص المادة 195 من الدستور "يؤخذ رأيه" وليس له سلطة تقريرية.
وتعطى المادة 127 من الدستور صورة دقيقة للضعف المؤسسى للسلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية، وهى المادة الخاصة بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء التى لا تعبر نافذة إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك، ولرئيس الجمهورية فى حالة الرفض رد تقرير مجلس الشعب، هذا وإذا استمر مجلس الشعب على تأكيده بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء، جاز لرئيس الجمهورية عرض الأمر على الاستفتاء الشعبى، وإذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة، اعتبر المجلس منحلاً، أما إذا اقر الاستفتاء ما ذهب إليه مجلس الشعب، قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة.
نفهم طبعًا من هذه المادة أن مجلس الشعب لا يملك محاسبة د. نظيف رئيس الوزراء ولا سحب الثقة منه بل أن إصرار مجلس الشعب على رفض سياسة رئيس الوزراء يمكن أن ينتهى بحل مجلس الشعب.. الله الله على الديموقراطية يا ولاد، دستور مصر ده ولا دستور فرعون يا عالم.
نعود إلى د. جهاد الذى يقول: رغم نص الدستور فى المادة 165 صراحة على استقلال السلطة القضائية والمادة 166 على استقلال القضاء وعم جواز تدخل أى سلطة فى شئون العدالة، إلا أن هذا الاستقلال فى كثير من الأحيان مقيد أو محكوم بعوامل واعتبارات عدة.
أما بالنسبة للقوات المسلحة والشرطة، فرغم انهما فى الدستور ليستا جزء من السلطة التنفيذية، وإنما هما من مكونات نظام الحكم، فهما مندمجتان تمامًا فى وظائف السلطة التنفيذية.
على انه من الغريب، أن رئيس الجمهورية بصلاحياته وسلطاته تلك، يظل دائمًا بمناى عن المساءلة السياسية أمام البرلمان، أو القانونية أمام المحاكم العادية، عدا حالة ارتكابه جريمة الخيانة العظمى والجرائم الجنائية الأخرى، فقد نص الدستور على أن يصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وان تتم محاكمة الرئيس أمام محكمة خاصة ينظمها القانون، وتجدر الإشارة إلى انه لم يصدر قانون ينظم محاكمة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء حتى الآن.
مما سبق يمكن القول: أن النظام السياسى المصرى هو نوع من الأنظمة المسخ غير المعروف أصولها القانونية، فهو بعيد تمامًا عن روح النظم البرلمانية، حيث تبدو السلطة التشريعية فيه ضعيفة فى مواجهة السلطة التنفيذية، ويبدو رئيس الدولة فى موقع اعلى من البرلمان، كما أن هذا النظام نفسه ليس قريب الشبه من الأنظمة الرئاسية، فضعف البرلمان إزاء سلطات الرئيس، ووجود وزراء يمثلون -ولو من الناحية النظرية- حزب الأغلبية، يجعل من المستحيل القول بأن النظام المصرى نظام رئاسى، ولكن يمكن القول إن النظام المصرى اقرب إلى أن يكون نظامًا -أبويًا- يحتل فيه الرئيس موقع رب العائلة المصرية وبحكم كونه كذلك فهو فوق الجميع.
(
خد بالك من هذه الكلمة فوق الجميع.. فوق مين؟.. فوق الجميع!!).
هذا ما نفهمه مما نشره د. جهاد عودة عضو أمانة السياسات.. شفت اكثر من كده كشف وفضح لحالة الفرعونية الرئاسية.. أو الرئاسة الفرعونية.. التى تعيشها مصر مع دستور 1971 الذى يحلف عليه الحزب الوطنى بالطلاق انه لن يتغير أو ينعدل حاله ومواده...
إبراهيم عيسى - نقلا عن جريدة (الدستور )
الكتاب عرض إبراهيم عيسى بجريدة الدستور ( نقلا عن موقع حزب الكرامة العربية ) .. نسأل الله أن يكون للدستور موقعا على الانترنت قريبا .
__________________
لعل اخطر ما قرأته من حقائق وأرقام ومعلومات ترفع الملاءة عن عرى النظام السياسى فى مصر، تجده فى كتاب يحمل عنوانه اسم "جمال مبارك".
آه والله.. حاكم ربنا له تصاريف وحكمته وسعت كل شئ، كتاب "جمال مبارك" تجديد الليبرالية الوطنية (من غير واو لأن غياب حرف الواو هنا مهم قوى بين اسم الرجل وباقى عنوان الكتاب..) أما المؤلف فهو مفكر سياسى وأستاذ مرموق فى العلوم السياسية هو دكتور جهاد عودة، وهو نفسه واحد من لامعى لجنة أو أمانة أو مجلس السياسات (اختر الاسم المناسب فأنا لا اعرف وحياة ربنا هى اسمها إيه بالضبط وليه.. لجنة ولاَّ أمانة ولاَّ مجلس!!).. ربما كنت -مثل غيرى- أول من امتعض من عنوان الكتاب واعتبرته خطوة -حارة مكشوفة- فى مدح (آسف يا دكتور جهاد.. فى نفاق!) جمال مبارك، لكن القراءة العادية -لا أقول المنصفة أو المتأملة- بل القراءة العادية جدًا للكتاب يمكنها أن تثبت لك انه إذا كان هناك كتاب يكشف سوء الحاكم وسوءة النظام السياسى وأزمة ما نحن فيه وقرف ما نحن عليه، فربما يكون هذا الكتاب الأهم والأصح فى كشف عورة وعوار الحكم الاستبدادى فى مصر.
جت ازاى؟
الله اعلم..
تفتكر ليه؟..
والله ما اعرف!
لكن خد عندك أدلتى على أن ما كتبه عضو أمانة (خليها أمانة اشيك من لجنة واعقل من مجلس) السياسات دكتور جهاد عودة هو مفتاح لفهم استبداد الحكم حين يكتب عن صلاحيات الرئيس طبقًا لدستورنا الذى يمسك فيه رموز الحكم عندنا بذيلهم وأسنانهم (حلوة ذيلهم دى).
يقول د. جهاد ومن القراءة لمواد الباب الخامس للدستور يتضح ذلك الوضع لمنصب رئيس الدولة، من حيث السلطات المتمتع بها.
فرئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، وهو الراعى للحدود بين السلطات والمسئول الأول عن الحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة الوطن وأداء مؤسسات الدولة لدورها الدستورى والمكاسب الاشتراكية، وتعطى المادة 127 من الدستور مثالاً واضحًا على معنى الحكم بين السلطات.
ولرئيس الدولة أن يعين عددًا لا يزيد عن عشرة أعضاء فى مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى.
ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشورى للانعقاد.
ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشعب إلى الانعقاد، ويفض دورته العادية ويدعوه إلى اجتماع غير عادى، وله الحق فى حل مجلسى الشعب والشورى عند الضرورة.
ورئيس الجمهورية هو صاحب الحق فى إصدار القوانين والاعتراض عليها سواء فى الأحوال العادية أو الاستثنائية.
ورئيس الجمهورية هو الذى يتولى السلطة التنفيذية.
وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة بمشاركة مجلس وزرائه. وهو الذى يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم.
وهو الذى يعلن حالة الطوارئ.
ورئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية التى يقوم على شؤونها.
ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذى يعلن حالة الحرب، ويبرم معاهدات واتفاقيات الهدنة، فضلاً عن انه رئيس مجلس الدفاع الوطنى الذى يختص بالنظر فى الشئون الخاصة للبلاد وسلامتها.
ورئيس الجمهورية هو رئيس هيئة الشرطة.
ويلاحظ من العرض السابق، مقدار ما يتمتع به رئيس الدولة، الذى هو رأس السلطة التنفيذية من سلطات وصلاحيات، حيث انه يملك إصدار القوانين وإلغاءها، وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة، ومن المفترض أن تكون هذه وتلك من صلاحيات البرلمان، بل هو يملك اختيار عدد من أعضاء مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى، فيشكل باختياره هذا تكتلاً سياسيًا داخل المجلس يمكنه من لعب دور بداخله، وهو الحكم بين السلطات وهى إحدى صلاحيات السلطة القضائية، فضلاً عن رئاسته للمجلس الأعلى المهيمن على الهيئات القضائية قاطبة وبرئاسته لهيئة الشرطة ومركز الدفاع الوطنى، ومنصبه كقائد للقوات المسلحة، يملك رئيس الجمهورية قدرة فائقة على الحسم فى مواجهة السلطتين التشريعية والقضائية، حتى وان شاركته الأولى بعضًا من سلطاته.
فالعلاقة الوثيقة بين القوات المسلحة ورئيس الدولة فى المقام الأول، والحكومة فى المقام الثانى، سمحت بتركيز اكبر لقدرات الحسم والنفوذ فى يد رئيس الدولة، وبالتالى فى قمة السلطة التنفيذية، وبناء على ذلك يتصف نظام الحكم المصرى بعدة صفات أساسية هى:
1.
وحدة شخص الرئيس فى معظم مكونات نظام الحكم.
2.
نسبية استقلال السلطتين التشريعية والقضائية فى مواجهة السلطة التنفيذية التى يرأسها رئيس الدولة.
ويضيف د. عودة.. الأمر الذى يظهر بوضوح بالنظر إلى الصلاحيات المعطاة لرئيس الجمهورية فى الدستور، حيث انه من مجموع خمس وخمسين مادة تتضمن صلاحيات أو سلطات فى الدستور، اختص رئيس الجمهورية وحده بـ 35 صلاحية بنسبة 63%، حين بلغت سلطات الوزراء وصلاحياتهم 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة القضائية 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة التشريعية بمجلسيها 14 سلطة وصلاحية بنسبة 25%، والمدعى العام الاشتراكى سلطة واحدة، وكذلك المجلس الأعلى للصحافة
وله سلطة واحدة.
ويلاحظ د. جهاد أن العلاقات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية تختلف عنها بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية؛ فالسلطة التنفيذية تمارس نفوذًا اعلى فى مواجهة السلطة القضائية، ويظهر ذلك فيما يتمتع به كل من رئيس الجمهورية ووزيرى العدل والداخلية من إمكانيات سلطوية فى مواجهة القضاء، أما بالنسبة للسلطة التشريعية، فيضمن تبعيتها من خلال السيطرة على الوسائل والأدوات التى توفر لها، انتخاب أغلبية من المنتفعين من الجهاز التنفيذى، ويتم استخدام عدة وسائل فى هذا الصدد وهى:
(
أ) أداة الحكم المحلى.
(ب) هيمنة حزب الدولة.
(
ج) حماية السلطة التشريعية فى مواجهة أحكام القضاء.
(د) احتكار تنظيم الحياة السياسية من حيث أساليب الترشيح والانتخاب وممارسة الحقوق السياسية، وإقامة الأحزاب وغيرها.
ووفقًا للدستور فإن السلطة التشريعية تتمتع بسلطات ضئيلة فى مواجهة السلطة التنفيذية، فمثلاً فى المادة 115 ينص الدستور على.. "ولا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة"، والمجلس لا يقر بيان الحكومة، بل طبقًا لحرف الدستور فى المادة 133 "ويناقش مجلس الشعب هذا البرنامج"، أما بالنسبة لمجلس الشورى، فيعين رئيس الجمهورية ثلث أعضائه، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة غير مسئولة أمام المجلس، بل وفقًا لنص المادة 195 من الدستور "يؤخذ رأيه" وليس له سلطة تقريرية.
وتعطى المادة 127 من الدستور صورة دقيقة للضعف المؤسسى للسلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية، وهى المادة الخاصة بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء التى لا تعبر نافذة إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك، ولرئيس الجمهورية فى حالة الرفض رد تقرير مجلس الشعب، هذا وإذا استمر مجلس الشعب على تأكيده بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء، جاز لرئيس الجمهورية عرض الأمر على الاستفتاء الشعبى، وإذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة، اعتبر المجلس منحلاً، أما إذا اقر الاستفتاء ما ذهب إليه مجلس الشعب، قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة.
نفهم طبعًا من هذه المادة أن مجلس الشعب لا يملك محاسبة د. نظيف رئيس الوزراء ولا سحب الثقة منه بل أن إصرار مجلس الشعب على رفض سياسة رئيس الوزراء يمكن أن ينتهى بحل مجلس الشعب.. الله الله على الديموقراطية يا ولاد، دستور مصر ده ولا دستور فرعون يا عالم.
نعود إلى د. جهاد الذى يقول: رغم نص الدستور فى المادة 165 صراحة على استقلال السلطة القضائية والمادة 166 على استقلال القضاء وعم جواز تدخل أى سلطة فى شئون العدالة، إلا أن هذا الاستقلال فى كثير من الأحيان مقيد أو محكوم بعوامل واعتبارات عدة.
أما بالنسبة للقوات المسلحة والشرطة، فرغم انهما فى الدستور ليستا جزء من السلطة التنفيذية، وإنما هما من مكونات نظام الحكم، فهما مندمجتان تمامًا فى وظائف السلطة التنفيذية.
على انه من الغريب، أن رئيس الجمهورية بصلاحياته وسلطاته تلك، يظل دائمًا بمناى عن المساءلة السياسية أمام البرلمان، أو القانونية أمام المحاكم العادية، عدا حالة ارتكابه جريمة الخيانة العظمى والجرائم الجنائية الأخرى، فقد نص الدستور على أن يصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وان تتم محاكمة الرئيس أمام محكمة خاصة ينظمها القانون، وتجدر الإشارة إلى انه لم يصدر قانون ينظم محاكمة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء حتى الآن.
مما سبق يمكن القول: أن النظام السياسى المصرى هو نوع من الأنظمة المسخ غير المعروف أصولها القانونية، فهو بعيد تمامًا عن روح النظم البرلمانية، حيث تبدو السلطة التشريعية فيه ضعيفة فى مواجهة السلطة التنفيذية، ويبدو رئيس الدولة فى موقع اعلى من البرلمان، كما أن هذا النظام نفسه ليس قريب الشبه من الأنظمة الرئاسية، فضعف البرلمان إزاء سلطات الرئيس، ووجود وزراء يمثلون -ولو من الناحية النظرية- حزب الأغلبية، يجعل من المستحيل القول بأن النظام المصرى نظام رئاسى، ولكن يمكن القول إن النظام المصرى اقرب إلى أن يكون نظامًا -أبويًا- يحتل فيه الرئيس موقع رب العائلة المصرية وبحكم كونه كذلك فهو فوق الجميع.
(
خد بالك من هذه الكلمة فوق الجميع.. فوق مين؟.. فوق الجميع!!).
هذا ما نفهمه مما نشره د. جهاد عودة عضو أمانة السياسات.. شفت اكثر من كده كشف وفضح لحالة الفرعونية الرئاسية.. أو الرئاسة الفرعونية.. التى تعيشها مصر مع دستور 1971 الذى يحلف عليه الحزب الوطنى بالطلاق انه لن يتغير أو ينعدل حاله ومواده...
إبراهيم عيسى - نقلا عن جريدة (الدستور )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق