الخميس، أكتوبر 06، 2005

أسير الجوع




" عجبا لابن آدم ، أسير جوعه صريع شبعه "
للأسف الشديد نسيت قائل هذه العبارة من سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم .
لكن المعنى لم يخفت من ذهنى منذ قرأتها .

ذلك الإنسان الذى إذا أصابه الجوع أنهكت قواه ، وضعفت حركته ، وأصبح غير قادر على التركيز ، ولا على العمل حتى يأكل ويتزود بالطاقة .. فهو لهذا فرد غير منتج فى حال جوعه .

فإذا ملأ بطنه من خير الطعام اشتهى الفاكهة ، ثم اشتهى الشراب ، فإذا قضى شهوته من الطعام ، حامت على رأسه جيوش النوم ، فأصبح فى نفس الحال غير قادر على العمل والتركيز والإنتاج .

إذن .. مالحل ؟؟

" بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه " هكذا قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه " ما ملأ ابن آدم وعاءا شرا من بطنه " .

لكن مالداعى لهذا ؟

راودتنى هذه الخاطرة ، حين فكرت كيف أستفيد من رمضان ، وكان تفكيرى حينها فى صلاة القيام أو التراويح .. فرجعت بذهنى للأعوام الماضية أحاول الاستفادة من تجربتها ، لأكتشف أن كل مرة ملأت فيها بطنى فقدت فيها لذة القيام .

هذا التثاقل الذى يفيض به امتلاء البطن على سائر الجوارح لايسمح لا بالخشوع ولا بالتدبر فى آيات القرآن ، ولا بالتأنى فى أداء الركعات .. الشئ الوحيد الذى يسيطر عليك فى هذه اللحظات هو حساب كم من الركعات بقى لكى تغادر المسجد إلى الفراش اللذيذ الذى يتحول – فى هذه اللحظة – إلى الأمنية العظمى والهدف الأكبر .

ثم حين تعود إلى البيت ، يتناولك الشيطان ليجلسك امام التلفاز أو مع الأصدقاء أو حتى على المقهى .. المهم أنه بخروجك من المسجد يختفى حلم النوم ليستيقظ حلم المتعة .

أو قد يسيطر عليك النوم مبكرا من بعد الإفطار ، فلاتذهب من الأصل إلى صلاة التراويح .

أنت لاتدرى فى هذا الحين أنك تفقد فرصة لن تتكرر إلا فى العام القادم – لو تكررت – فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعد حين قال ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وأنت تفرط فى هذا القيام بكل بساطة .

مالذى سيحدث لو أنك إذا افطرت لم تملأ معدتك عن آخرها ، فتصلى خاشعا متدبرا لآيات الله تعالى ، فإذا أنهيت الصلاة ، فأمامك الطعام فى البيت تستطيع حتى أن تبيت فيه .

لكن .. لماذا الإصرار على ملء البطن فى الإفطار ؟؟؟

الطعام بإذن الله لن ينفد ، لكن الأيام والقيام واجر الصلاة والخشوع ، كل هذا ينتهى ، وينتهى سريعا .

هل أحسستم أنه قد مضى من رمضان يومان ، وهانحن نوشك على الدخول فى الثالث ،؟؟

الأيام تتناقص ، واليوم إذا مضى ، فلن يعود .. إنما سيذهب إلى الله يحكى ماذا فعلت فيه .


****

اللهم اجعل خير اعمارنا أواخرها ، وخير أيامنا يوم نلقاك .



كتبت فى 5/10/2005 ..... 2 رمضان 1426

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق