قال ابن حزم: مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان:
مذهب أبي حنيفة، ومذهب مالك، وذلك أن أبا يوسف صاحب أبي حنيفة كان قاضي القضاة في
عصر الرشيد فكان يعين القضاة الأحناف فسارع الناس إلى المذهب، وكذلك كان لما تولى
سحنون بن سعيد (المالكي) قضاء إفريقية[1].
وقال ابن الجوزي عن انتشار مذهب الأشعري: "تبع أقوام من السلاطين مذهبه فتعصبوا
له، وكثر أتباعه، حتى تركت الشافعية معتقد الشافعي رضي الله عنه، ودانوا بقول الأشعري"[2].
إنه مهما تحمس نفرٌ لعلم من العلوم، ومهما دعت الحاجة
إليه، فسيظل الواقع والحقيقة والتاريخ يؤكدون أن العلوم لا تزدهر إلا إذا تبناها
الملوك، أو على أقل تقدير وفَّروا لها من إمكانيات الدولة ما يقيمها حتى تستوي على
عودها وتتحول إلى واقع ومؤسسات ومدارس، فحينئذ يمكن لها أن تستكمل الطريق بنفسها
وإن غفل عنها صاحب السلطان.
وهذه الحقيقة يشهد لها تاريخ الزمن القديم قبل عصر
الدولة المركزية[3]؛
قبل أن تمتلك السلطة كل هذا النفوذ والتأثير والتحكم في موارد الدولة، وقبل أن
تتشعب العلوم وتتوسع حتى لم يعد باستطاعة أي فرد مهما بلغ أن يطلب العلم فيجمعه
بمجهوده الذاتي.. فكيف بالحال الآن؟!
وتقرير هذه الحقيقة لا يعني الصدَّ عن الموضوع ولا إثارة
اليأس والإحباط، بل هو احترام للحقائق، ولكي يُبذل المجهود الصحيح في مكانه
المثمر. إنه ما لم تتوافر الإرادة السياسية لدعم العلوم فلن تزدهر، فإذا ما كانت
هذه الإرادة تعاند العلوم فإنها لن تقوم. وتجربة الاستشراق تخبرنا بأنه لم يصر
علما إلا حين تبناه ورعاه البابوات -وهم يومئذ أصحاب النفوذ- فلما ذهب نفوذهم رعاه
الملوك لما يحقق لهم من خدمات في مشاريع الاستعمار والتوسع.
وعلى كل حال فإننا سنمضي في وضع رؤية للبداية في علم
الاستغراب، كأنما توفرت هذه الإرادة أو تيسر لأحد أن يُقْنِع ذا نفوذ بأهمية
الموضوع.
وأول خطوة في بدء العلوم هو:
1. إنشاء مؤسسات
لم تعد العلوم يكفيها أن يقوم بها واحد مهما كان فذًّا،
لقد صار كل شيء متشعبا إلى حد لا يصلح معه إلا التخصص، بل والتخصص الدقيق أيضا،
كما أن العالم مهما بلغ من المجد لا يبقى علمه إلا إن كان له تلاميذ يحفظون علمه
وينشرون مذهبه، ومشهورٌ تأسُّف الشافعي على ضياع مذهب الليث بن سعد وكان يرى أنه
أفقه من مالك ولكن أصحابه لم يقوموا به[4].
وأهم المؤسسات التي ينبغي إنشاؤها ليتدشن علم الاستغراب
ثلاثة: أقسام في الجامعات، مراكز بحثية، معاهد تعليم اللغات.
أ- فأما معاهد تعليم اللغات فقد نشأت لضرورات
التعلم والسفر والهجرة الناشئة عن تخلفنا وتقدمهم، فلا أحسب أننا نحتاج للمزيد
منها، ولكن نحتاج لدعمها بحيث لا تقتصر على مهارات تعلم اللغة بغرض التواصل الشخصي
أو العمل، بل تعمل على ضرورات إتقان اللغة وآدابها بغرض الاطلاع على الآثار
العلمية والأدبية المكتوبة بها.
ومن ثَمَّ فنحن على الحقيقة لا نحتاج إلا إلى خطوتين؛
الأولى: رفع الواقع لنعرف خريطة توزع هذه المعاهد على اللغات الغربية، فلربما
اكتشفنا أن بعض اللغات تحتاج مزيدا من المعاهد لتغطية الحاجة. والثانية: تفعيل
المعاهد القائمة بحيث تؤدي برامجها إلى إتقان اللغات بغرض التعمق في آدابها.
وقد لا نحتاج إلى أية تكاليف لهذه الأمور، بل لعل سفارات
هذه الدول المهتمة بنشر لغتها وبعض جمعياتها ومراكزها تقوم بالأمر كله.
ب- وأما المراكز البحثية فهي المؤسسات التي تحتاج
دعما قويا، لأنها بطبيعتها لا تغطي تكاليفها، ولا يكاد يوجد مركز بحثي يمكن أن
يكون مشروعا مربحا، فلذلك لا تخرج المراكز البحثية عن إحدى هذه الحالات: إما أن
تكون واجهة لدولة، أو لأجهزة أمنية أو استخباراتية، أو قائمة على تبرعات المخلصين
لرسالتها. وهذه الحالة الأخيرة لا تناسب ما نرجوه من الشروع في موضوع ضخم بحجم علم
الاستغراب، فلا مناص أن تنفق عليها دولة، أو يخصص لها وقف كبير يمكنه أن يمول
مشروعا بهذا الحجم. ويفضِّل البعض أن تكون المراكز البحثية ملحقة بالجامعات
والمعاهد فتكون ضمن ميزانيتها ويكون هذا أدعى وأضمن لاستمرارها.
جـ- ومن هنا يأتي الحديث عن إنشاء أهم المؤسسات قاطبة، وهو
إنشاء أقسام بالكليات تختص بعلم الاستغراب، تتطور لاحقا إلى كليات متخصصة
ثم إلى جامعات متخصصة في مرحلة لاحقة، وقد رأينا كيف أن الاستشراق لم يأخذ سبيله
نحو النضوج إلا حينما أنشئت كراسي للغات الشرقية في الجامعات الغربية. ويعد إنشاء
أقسام بالكليات هو أهم وأول خطوة يمكن اتخاذها في هذا السبيل، وذلك أنها تحقق عددا
من المزايا ليست لغيرها:
§
تستثمر طاقة الطلاب وهم في مقتبل أعمارهم وموفور
نشاطهم البدني والذهني.
§
تؤسس لمستغربين متخصصين في عُمْرٍ مبكر، فيكون
هذا أدعى لنضوج خبرتهم وعمق معرفتهم.
§
تحمل على اجتذاب الخبراء والمتخصصين في هذا
المجال بكثرة ولمدة طويلة فيُستفاد بذلك ما لا يُستفاد من الزيارات القصيرة.
§
تعفي من الإرهاق المالي وانقطاع وانخفاض التمويل
الذي تعاني منه المؤسسات غير الرسمية أو القائمة على التبرعات، إذ هي قد دخلت في
ميزانية الجامعة وصارت حقا لا فضلا ولا منة ولا مرتبطة بتغير السلطات.
§
وإنشاء الأقسام سيضع البذرة لتحول هذه الأقسام
إلى كليات متخصصة ثم إلى جامعات متخصصة فيما بعد.
§
كما أن إنشاءها سيدير عجلة التنسيق والتعاون
فيما بينها، وكذلك التنسيق والتعاون مع المؤسسات والأقسام والكليات عبر العالم.
§
هذا فضلا عن فائدتها العلمية، فكم من موضوع مهم
في الاستشراق والاستغراب حالت ظروف عدم وجود أقسام دون إخراجه، فإما أخرجه البعض
دون المستوى إذ لا سلطة علمية ولا إشرافا علميا عليه، أو لم يخرج لاحتياجه من
الإمكانيات ما فوق طاقة الفرد. كما أنها ستمثل بديلا لأبناء العالم الإسلامي بدلا
من نزيف الطاقات والعقول المتواصل بالاضطرار الدائم إلى الدراسة في الغرب لنيل
الشهادات العلمية، والتي قد يصحبها أحيانا معوقات فكرية[5]
فضلا عما عاداها من مساوئ.
د- ويدخل في باب المؤسسات أمور أخرى أقل تأثيرا لكن يجب
الانتباه إليها كذلك، وهي إقامة المعارض والمتاحف المتخصصة في الحضارة الغربية،
وتنشيط الملاحق الثقافية بالسفارات في الدول الغربية.
وأول ما ينبغي أن تقوم به هذه المؤسسات أمران؛ الأول:
رفع الواقع، والثاني: ودراسة التجارب خلاصات التجارب السابقة. فيتحقق بذلك أفضل
ضبط ممكن لمسيرة المشروع.
2. رفع الواقع
ونرى أن رفع الواقع يجب أن يتناول ثلاثة أمور رئيسية:
المؤسسات العلمية، والموارد البشرية، والبحوث والمؤلفات الصادرة:
أ- إذ لا بد أن يكون واضحا حجم المؤسسات القائمة (كليات،
أقسام، مراكز بحثية، معاهد تعليم لغات، متاحف، معارض، ملاحق ثقافية بالسفارات،
جمعيات علمية، مجلات وصحف متخصصة، مراكز ترجمة ... إلخ) والتي يمكن استثمار طاقتها
في خدمة علم الاستغراب.
وستتضح من رفع الواقع هذا أمور كثيرة منها:
§
تقييم طاقة المؤسسات القائمة وقدرتها على خدمة
علم الاستغراب بوضعها الحالي.
§
تقييم مدى إمكانية توجيه هذه المؤسسات ناحية علم
الاستغراب بإدخال تعديلات على أوضاعها الحالية، كإضافة أقسام لكليات أو برامج
للدراسات العليا أو دورات لمعاهد اللغات أو توجيهات للملاحق الثقافية في
السفارات... وهكذا، بحيث ندرك الجهد المطلوب في رفع كفاءة المؤسسات القائمة لتكون
بذورا لمؤسسات الاستغراب.
§
تقييم حجم النقص الموجود ومدى الحاجة لإنشاء
مؤسسات جديدة، إذا تبين من الواقع أن ثمة ما لا يمكن أداؤه من خلال المؤسسات
القائمة.
ب- ولا بد أن يحتوي رفع الواقع على إحصائيات تكشف أيضا عن
الموارد البشرية مثل: عدد الباحثين الموجودين في مراحل الدراسات العليا والمراكز
البحثية، وعدد الطلاب الموجودين في أقسام آداب اللغات الإنجليزية، وعدد الباحثين
الأجانب في بلادنا، وعدد المترجمين، والصحف والمجلات المتخصصة في متابعة الشؤون
الغربية، وكذلك عدد الباحثين والأساتذة العرب والمسلمين الذين يُدرّسون في
الجامعات ومراكز البحوث والدراسات الغربية، وكذلك أيضا عدد من الأساتذة والباحثين
الغربيين المعروفين بالاعتدال والنزاهة، فأولئك سنحتاجهم في مرحلة التأسيس كما
سيأتي معنا بعد قليل.
وأن تُرفع التوصيات لتجيب عن الصعوبات والمعوقات في
إقبال الطلاب على هذه الأقسام أو الباحثين على هذه الموضوعات، وكيف ينبغي أن نزيد
من جذب تلك الموارد البشرية إلى هذا المجال، وكيف نرفع كفاءة هذه الطاقات.
جـ- كما ولا بد أن يحتوي رفع الواقع هذا على إحصائيات تكشف
عن الدراسات السابقة، كرسائل الماجستير والدكتوراة والكتب المؤلفة والمترجمة في
الشؤون الغربية، فترتسم بهذا خريطة التأليف والموضوعات التي قتلت بحثا، وخريطة
الموضوعات التي تعاني نقصا وتحتاج إلى سد الثغرة فيها. ومن ثم يتم التوجيه إليها.
ومن الطبيعي أن يتكرر رفع الواقع بين الفينة والأخرى،
ففي بريطانيا -مثلا- "كلفت الحكومة البريطانية لجنة وزارية بدراسة أوضاع الدراسات
الشرقية والأفريقية والأوروبية الشرقية والسلافية عام 1947 وهي التي عرفت بلجنة سكاربرو،
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في عام 1961 كونت لجنة أخرى لدراسة الموضوع
ذاته برئاسة السير وليام هايتر وأصبح يطلق على اللجنة اسم رئيسها وليام هايتر وحتى
الأموال التي خصصتها للجامعات أصبحت تعرف بأموال هايتر[6]"،
وفي مرحلة لاحقة "شكلت الحكومة البريطانية لجانا مختلفة للبحث في دراسة
احتياج البلاد في هذا المجال، منها على سبيل المثال لجنة السير بيتر باركر الذي
قدم للحكومة عم 1986م، وكان من نتيجته دعم بعض الأقسام أو دعم أقسام جديدة، وحجب
الدعم عن أقسام موجودة"[7].
3. دراسة التجارب السابقة
والتجارب السابقة في موضوعنا هذا قسمان: تجارب البحوث
والدراسات بشكل عام، وتجارب الاستغراب السابقة بشكل خاص.
أ- فأما تجارب البحوث والدراسات، فلأننا إذ نبدأ التأسيس
لعلم جديد سنواجه عددا من المشكلات المعروفة مثل: نقص الكوادر، نقص الدراسات، حجم
التمويل، التنسيق بين المؤسسات، الرقابة على هذه المؤسسات بحيث تؤدي عملها بأفضل
كفاءة، وغيرها. ولنضرب بعض الأمثلة على مشكلتيْ نقص الدراسات ونقص الكوادر:
§
مشكلة نقص الدراسات:
تعاملت الجامعات الأمريكية مع مشكلة نقص دراسات الشرق
الأوسط عبر "توزيع الاهتمام بالعالم العربي والإسلامي على مختلف الأقسام، كما
في جامعة برنستون مثلا أو معهد الشرق الأوسط كما في جامعة كولمبيا أو جامعة كاليفورنيا
بمدينة بيركلي، وهذا القسم والمعهد يقومان بالتنسيق بين قسم دراسات الشرق الأوسط والأقسام
العلمية المختلفة، فهناك طالب متخصص في الاجتماع ويرغب في تطبيق ما تعلمه في هذا العلم
على بلاد الشرق الأوسط، وكذلك الأمر في علم الاقتصاد أو علم الإنسان وغيرهما من العلوم"[8].
§
مشكلة نقص الكوادر:
لقد بدأت دراسة الاستشراق في أمريكا منذ بداية القرن
التاسع عشر، "ولكنها بعد الحرب العالمية الثانية وجدت نفسها مضطرة لتحل محل بريطانيا
في الشرق الأوسط أو في البلاد العربية الإسلامية، ووجدت نقصا إن لم يكن عجزا في الكوادر
المؤهلة لفهم العالم العربي الإسلامي، فـ:
-
أصدرت الحكومة الأمريكية مرسومًا لتمويل عدد من المراكز؛
لدراسة اللغة العربية والتركية والفارسية والأوردو ودراسات الأقاليم أو دراسة المناطق.
-
وبعد البدء في برامج اللغات العربية استعانت الجامعات
الأمريكية بعدد من أساتذة الجامعات البريطانيين بخاصة، والأوروبيين بعامة، لتدريس الاستشراق
في الجامعات الأمريكية.
-
كما بدأت الاستعانة ببعض أبناء المنطقة لإنشاء أقسام
دراسات الشرق الأدنى، كما فعلت جامعة برنستون حينما كلّفت فيليب حِتّي لإنشاء القسم
في الجامعة"[9].
وفي الغربيين كثيرٌ يمكن الاستعانة بهم في فهم
مجتمعاتهم، وقد قال الشيخ محمد رشيد رضا، منذ وقت مبكر، بأنه ينبغي علينا "أن
نستعين على ما نستمده منهم، بأهل الفضيلة والاستقلال من رجالهم، الذين ليس لهم فينا
أهواء دينية، ولا مطامع سياسية استعمارية، وبهذا نكون مهتدين بما أمرنا الله به"[10]،
ولكن هذا لا يتم على الوجه المطلوب بغير إحكام رفع الواقع الذي نعرف منه مَن
المناسب منهم ومَن غير المناسب.
ب- تجارب الاستغراب
"يجب أن تستفيد من البلاد التي سبقتنا في هذا المجال،
ومن ذلك أن عددا من البلاد الأوروبية قد أنشأت معاهد للدراسات الأمريكية، فهناك معهد
الدراسات الأمريكية التابع لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، كما أن جامعة
مونتريال فيها معهد للدراسات الأمريكية وكذلك في ألمانيا. وقد أنشأت باكستان معهدا
للدراسات الأمريكية"[11].
كذلك فإن لليابان تجربة قوية في الاستغراب، وخصوصا دراسة أمريكا، فقد
"تكونت فيها العديد من البرامج للدراسات العليا والجامعية، كما تأسس فيها عدد
من المؤسسات والهيئات التي تعنى بدراسة المناطق والأقاليم ومنها على سبيل المثال: الرابطة
اليابانية للدراسات الأمريكية، والرابطة اليابانية لدراسة المناطق، والرابطة اليابانية
للدراسات الأوروبية ومركز دراسات المناطق المدمج الذي تأسس في جامعة كيوتو. لقد
بدأت مرحلة الانفتاح في اليابان عام (1853م) بعد عزلة استمرت ثلاثة قرون، وبدأت
معها مرحلة تقليد الغرب غير أن مرحلة التقليد هذه لم تأخذ وقتا طويلا حتى أدركت اليابان
أنها في حاجة إلى فهم الأمم الأخرى ودراستها دراسة علمية أكاديمية فبذلت الكثير من
الأموال والميزانيات لتحقيق هذه الدراسات، وهذا ما دفعها لتنشئ العديد من مراكز البحوث
والمعاهد والأقسام العلمية بعضها للمرحلة الجامعية وبعضها الآخر للدراسات العليا؛ فقد
أنشأت جامعة دوشيشا مركز الدراسات الأمريكية عام 1958م، ثم تطور هذا القسم إلى برنامج
للدراسات العليا في دراسات الولايات المتحدة عام 1991م وهو أول برنامج من نوعه في اليابان
الذي لا يعتمد على دراسات جامعية. ويهدفون من هذا أن يحصل الطالب على تخصص في علم من
العلوم المعروفة ثم ينطلق إلى دراسة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد نشأ القسم بدعم
من لجنة العلاقات اليابانية الأمريكية وبدعم سخي منها ومن الحكومة اليابانية التي لديها
العديد من المؤسسات لدعم البحث العلمي، وأصبح هذا البرنامج من أهم برامج دراسات الولايات
المتحدة في اليابان. ويفخر هذا البرنامج بقيام العديد من أعضائه بنشر إنتاجهم العلمي
في العديد من دور نشر الجامعات المختلفة مثل أكسفورد وستانفورد وكورنيل وغيرها.
أمّا جامعة طوكيو فلديها مركز لدراسات دول المحيط الهادي والأمريكية وقد تأسس عام
2000م بعد أن كانت الجامعة قد أنشأت مركز الدراسات الأمريكية عام 1967م، وكان الهدف
منه جمع المعلومات الأساسية والثانوية حول السياسات والاقتصاد والثقافة في الولايات
المتحدة الأمريكية وكذلك المواد المتعلقة بالعلاقات اليابانية الأمريكية. ولما أعيد
تأسيس المركز ليضم دول المحيط الهادي تكونت لجنة مختارة من كليات الدراسات العليا في
الآداب والعلوم والقانون والاقتصاد والعلوم الإنسانية والتربية وكذلك من معاهد العلوم
الاجتماعية ومعاهد أخرى تهتم بالمعلومات والاتصال. ولدى المركز مكتبة متخصصة تحتوي
ألوف الكتب بالإضافة إلى قسم الميكروفيلم الذي تستطيع أن تقرأ فيه الصحافة الأمريكية
لعشرات السنين. وهناك مراكز أخرى في اليابان مثل جامعة كوبيه Kobe التي تضم كلية
دراسات التبادل الثقافي التي تهتم بالعلاقات الثقافية بين الشعوب والأمم ولديها عدد
من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في دراسة الشعوب والأمم الأخرى، ولهذه الجامعة علاقة
وثيقة بالمؤسسة اليابانية التي تسعى إلى دعم التبادل الثقافي بين اليابان والشعوب الأخرى
من خلال برامج الزيارات القصيرة وبرامج زيارات لمدد مختلفة"[12].
نشر في ساسة بوست
[2] ابن
الجوزي: المنتظم 14/29.
[3] دَوْر السلطة
-في تاريخنا الحضاري- أشبه بمن يطلق الشرارة أو يبذر البذرة، التي ترعاها الأمة فيما
بعد، فيستمر حصادها حتى ولو ضعفت السلطة أو ذهبت بالكلية، ولئن كنا نفخر عن حق بأن
أمتنا كانت تمول نهضتها الحضارية بنفسها عبر نظام الوقف، فإن المهم الذي نركز عليه
في هذا السياق أن هذا ما كان ليحدث لولا أن بدأت السلطة بإطلاق ما نسميه
"الشرارة الحضارية" كقرار تدوين الدواوين وقرار تعريب العملة وقرار جمع
الكتب القديمة وقرار ترجمة تراث الأقدمين، ونحو هذا مما لم يكن ليحدث لولا أن بدأه
ذو سلطة ونفوذ.
[5] قال الشيخ مصطفى السباعي: حدثَنا الدكتور أمين المصري -وهو خريج كلية أصول الدين
في الأزهر وكلية الآداب ومعهد التربية في جامعة القاهرة- عما لقيه من عناء في سبيل
موضوع رسالته التي أراد أنْ يتقدم بها لأخذ شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعات إنجلترا.
لقد ذهب إليها منذ بضع سنوات لدراسة الفلسفة وأخذ شهادة الدكتوراه بها، وما كان يطلع
على برامج الدراسة -وخاصة دراسة العلوم الإسلامية فيها- حتى هاله ما رآه من تحامُل
ودس في كتب المستشرقين، وخاصة "شاخت"؛ فقرر أن يكون موضوع رسالته هو نقد
كتاب شاخت في تاريخ الفقه الإسلامي. وتقدم إلى البروفسور أندرسون ليكون مشرفا على تحضير
هذه الرسالة وموافقا على موضوعها، فأبى عليه هذا المستشرق أن يكون موضوع رسالته نقد
كتاب شاخت وعبثا حاول أن يوافق على ذلك، فلما يئس من جامعة لندن، ذهب إلى جامعة كامبردج
وانتسب إليها، وتقدم إلى المشرفين على الدراسات الإسلامية فيها برغبته في أن يكون موضوع
رسالته للدكتوراه هو ما ذكرناه، فلم يُبدوا رضاهم عن ذلك، وظن أن من الممكن موافقتهم
أخيرا، ولكنهم قالوا له بصريح العبارة: إذا أردت أن تنجح في الدكتوراه فتجنب انتقاد
شاخت، فإن الجامعة لن تسمح لك بذلك، وعندئذ حوَّل موضوع رسالته إلى "معايير نقد
الحديث عند المحدثين" فوافقوه.
مصطفى السباعي:
الاستشراق والمستشرقون ص75، 76.
[6] د. مازن
مطبقاني: من قضايا الدراسات العربية الإسلامية في الغرب ص14.
[7] د. مازن
مطبقاني: رحلاتي إلى بلاد الإنجليز ص35.
[8] د. مازن مطبقاني: أهمية إنشاء أقسام الدراسات الروسية في الجامعات السعودية،
صحيفة الجزيرة، بتاريخ 23 محرم 1428هـ. (11/2/2007م).
[11] د. مازن
مطبقاني: متى ينشأ علم الاستغراب، مقال منشور بمدونته "من آفاق الكلمة"
بتاريخ 25/4/2012م.
[12] د. مازن مطبقاني: متى تبدأ دراسة الولايات المتحدة في الجامعات السعودية،
مقال منشور بمدونته "من آفاق الكلمة" بتاريخ 6/1/2013م. باختصار وتصرف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق