يقال دائما أن الشعوب ذاكرتها ضغيفة ، أو قصيرة بمعنى أدق .. فلا تفكر ولا تتذكر إلا الماضى البسيط والأيام القليلة الماضية ، وبالتالى تكون هذه هى خلفيتها فى الحكم على اللحظة .
- 1 -
بدون مقدمات .. ألاحظ صدق هذه الحقيقة بالذات فى أواخر الأعوام حين تجرى وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتلفاز وإذاعة ومؤخرا الانترنت .. مسابقة شخصية العام .
وفى الأغلب الأعم يختار الناس الحدث الأقرب تأثيرا ، وهذه ظاهرة عامة .. فلا أكاد أتذكر مرة واحدة اختار فيها الناس حدثا أو شخصية كانت مؤثرة فى النصف أو الربع الأول من العام .. إلا فى عام 2003 حين تم اختيار الشيخ أحمد ياسين كشخصية العام فى بعض المواقع على الانترنت باعتباره رمزا للمقاومة الفلسطينية .. لكن الملحوظة فى هذا الاختيار أن الموقع وضع اسماء الشخصيات المرشحة ، فوضع من بينها شخصية الشيخ ياسين .. لكن فى بعض المواقع الأخرى حينما تركت حرية الاختيار ، كان عدد من اختاروا الشيخ ياسين قليل للغاية .
لاحت لى هذه الفكرة بعد مطالعة العدد الأخير من صحيفة صوت الأمة المصرية التى وضعت اسماء لعدد من الشخصيات على اعتبارها شخصية العام ، وكان الترتيب كالآتى :
1- المستشار زكريا عبد العزيز - رئيس نادى القضاة المنتخب والفائز فى الانتخابات شهر ديسمبر
2- الأستاذ محمد مهدى عاكف مرشد الإخوان ولا تزال اصداء الفوز المدوى للإخوان فى الانتخابات البرلمانية تسرى فى اسماع المصريين
3- محمود أباظة المرشح الفائز بدائرة التلين بالشرقية ، وتأتى أهمية فوزه من كونه تغلب على شقيق زكريا عزمى رئيس ديوان مبارك ، على الرغم من الدعم اللامحدود ليحيى عزمى .
4- أيمن نور رئيس حزب الغد
5- د. محمد لطفى أشهر جراح تخصص فى فصل التوائم الملتصقة
6- البابا شنودة ، وعرفته الجريدة برئيس جمهورية الأقباط المستبد
7- المستشارة نهى الزينى صاحبة أجرأ صرخة من القضاة ضد الحكومة ومصطفى الفقى
....
...
..
وهكذا .
فى الحقيقة صدمنى هذا الترتيب جدا ، وزاد من قناعتى بأن الذاكرة الجمعية للناس قصيرة بالفعل ، ولو أننا أخذنا ترتيب الشخصيات بعين الاعتبار لرأينا بالفعل أن صاحب آخر حدث هو صاحب الترتيب الأول .
فالمستشار زكريا عبد العزيز هو الفائز فى الانتخابات التى جرت بنادى القضاة فى أواخر ديسمبر ، يتلوه فى الترتيب مهدى عاكف المرشد العام للإخوان الذين كانوا الحصان الأسود فى هذه الانتخابات ، ثم محمود أباظة الذى جرى الحدث الخاص به فى أوائل ديسمبر فى المرحلة الثالثة من الانتخابات التشريعية ، ثم ايمن نور الخاسر بالمرحلة الأولى والذى تم سجنه فى أواخر ديسمبر بعد نشر هذا الاستفتاء ، وأتوقع أن الاستفتاء لو أجرى مرة أخرى فسيكون نور فى المرتبة الأولى على خلفيات الحكم عليه بالسجن ، ثم البابا شنودة بعد تجدد وقائع المشاكل الطائفية ، وآخرها موضوع ماريا وكريستين اللتان ثبت أنهما مسلمتان بإرادتهما ، وأن إثارة موضوعهما كان للمتاجرة به ، وسبق هذا الأزمة الشهيرة الخاصة بمسرحية كنيسة محرم بك ... وهكذا .
- 2 -
لا أرى - عن نفسى - أى إنسان يستحق لقب شخصية العام عن جدارة أكثر من الدكتور أيمن نور - فك الله أسره - الذى كان طرفا أصيلا فى الحراك السياسى الذى كان هادرا هذا العام فى مصر .
فلقد بدأ العام بالمسرحية الهزلية لرفع الحصانة البرلمانية فى تفاصيل فاضحة لنظام حكم يتصف بالغباء قبل أن يتصف بالديكتاتورية ، ثم بسجنه 45 يوما على ذمة التحقيقات فى قضية تزوير توكيلات مؤسسى حزب الغد .
وكان من المهازل أنه اتهم بتزوير توكيلات زوجته وعائلته .. كأنما هؤلاء حتى لم يكونوا ليعطون توكيلات له ليؤسس حزبه ، ثم خرج الرجل من السجن مفجرا أخطر قنبلة فى هذا العام ، وفى كل أعوام عهد مبارك ، إذ أعلن أنه سيرشح نفسه لانتخابات الرئاسة ، وذلك فى الوقت الذى لم يكن قد تم فيه التعديل الدستوى الذى يسمح بهذا .
وحينها انكشفت كل أوراق الحكومة .. فحتى الأوراق التى كانت تتوارى لتظل محتفظة ببعض المصداقية انكشفت تماما ، حتى جريدة الأسبوع ومصطفى بكرى الذى يبدو من المعارضين الأحرار لم يرحم ايمن نور فى محنته ، وكانت الأسبوع من الطعنات الغادرة الصادرة من مصدر يفترض أنه معارض فى ظهر أيمن نور ، هذا غير تيار الصحف الأخرى المستقلة ، والصحف التى صدرت خصيصا لمهاجمة أيمن نور ثم اختفت بعد ذلك .
وتم تشويه أيمن نور على كافة المستويات فى حملة سافلة منحطة وصلت إلى حد التصريح بأن ايمن نور ابن زنا ، وأن أمه قد نسبته إلى والده كذبا .. هذا غير موجات الكذب اللامحدودة التى انتهكت حرمة الرجل وزوجته وحتى أطفاله وأمه وابيه .
وكان ما كتب فى صحافة هذا العام تقريبا يوضع ثلثه على حد أدنى فى كفة موضوع ايمن نور .
ثم كانت المسرحية المعروفة سلفا والتى سميت انتخابات رئاسة والتى فاز فيها كما هو معروف الرئيس الملهم الموهوب المؤبد ، لتبدأ عناصر الدولة فى حزب الغد فى محاولة شقه وتجميده .
وانفصل عن الحزب أربعة أعضاء أبرزهم عندى رجب حميدة الذى يثبت كل يوم انه انتهازى وقح ليس له هم إلا مصلحته الشخصية مهما انتهك فى سبيلها من مبادئ وقيم ، وفى لمح البصر بدأت خطوات تجميد الحزب ، وتم تحويل ملف الحزب للجنة الأحزاب التى يراسها عميد الحزب الوطنى الكئيب الذى يسمى صفوت الشريف .. فمالبث أن خرج المتحدث باسم البيت الأبيض معلنا أن امريكا لاتسمح بالمساس بايمن نور وحزبه الوليد .
وعن نفسى لا ارى غضاضة فى أن يتصل أى سياسى بأى جهة خارجية ، ولا يدخل هذا فى نطاق العمالة ولا الخيانة بل هو تقاطع المصالح لا اكثر ، لكن الدولة التى تمارس كل أنواع العمالة لأمريكا هاجت وماجت على أيمن نور لأن له اتصالات بأمريكا وصورته على انه عميل وطفل مادلين وخادم بوش و... إلخ هذا الكلام الفارغ .
وفى لحظة ، تم إيقاف الموضوع ، وصرح صفوت الشريف بأنه سيرسل ملف الحزب إلى لجنة الحكماء لتحديد مدى قانونية وضع هؤلاء الأربعة المفصولين .. فى إشارة واضحة بتوقف مسيرة تجميد الحزب .
لكن الدولة لم تلبث إلا وسمحت بإصدار صحيفة أخرى تطابق صحيفة الغد ، وتحمل نفس اسمها وألوانها وشكلها التحريرى على اعتبار أنه حزب بالفعل ، ويكتب على صفحتها اسم رئيس الحزب موسى مصطفى ، وهذه الصحيفة الجديدة يبدو من متابعتها أنها تغازل الدولة وأمريكا فى وقت واحد لكن بشكل خفى متوارى ، وتنحاز للأقباط ، وضد الإخوان وضد منظمات المجتمع المدنى ( تخيلوا !!!! ) وهو الطريق الذى لم تسلكه صحيفة الغد فى يوم من الأيام بل سلكت طريقا متوازنا جدا خصوصا فى فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية .
ثم تم إسقاط ايمن نور فى الانتخابات البرلمانية بدائرته باب الشعرية التى يتمتع فيها بشعبية ساحقة ، ولا غرابة فهو الذى تمتع بتعاطف واسع من شباب ومثقفى مصر كلهم ، وقطاعا واسعا من البسطاء والعامة .. لكن تم إسقاطه فى واقعة ليست غريبة على الدولة ونظامها الذى أسقط عددا ضخما من رموز المعارضة والإخوان .
وفى خضم الانتخابات البرلمانية واجواء الفوز المدهش للإخوان تم نسيان موضوع ايمن نور ، الذى بدأت جلسات محاكمته على يد نفس القاضى الذى يثبت فى كل مرة أنه عميل حكومى منحط فى ثوب قاضى ومستشار ، يحكم فى كل قضايا الرأى العام بالسجن على المعارضين .. والتى تم فيها تأجيل النطق بالحكم مع سجن المتهم .
كان سجن المتهم إشارة فى غاية الوضوح إلى أنه سيحكم عليه بالسجن ، اثبت هذا ما تلا هذا من معاملته كمجرم حتى أضرب عن الطعام احتجاجا ، حتى تدهورت حالته الصحية ، وتم إجباره - كما قال - على التوقيع على ورق خاص بالنمحكوم عليهم .
ثم تلقى الرجل حكما بخمس سنوات سجن .
على أمل إنهاء رجل فكر فى الإشراك بالحاكم الأوحد ، ولم يؤمن بهذه الوحدانية المدعاة .. لكن ..
فوق كل الأرض إله عادل .. إله يرى ويسمع يمهل ثم يحكم بالحق و يفصل بالعدل .. إله لايحتاج إلا أن يقول للشئ كن ، فيكون .. هكذا فى خضوع وخشوع وتلقائية وعجز عن التأخير فضلا عن الرفض .
وبعد هذه الحياة دارا آخرة ، يأخذ كل ذى حق حقه ، كم اشفق على مبارك من هذه الأجيال التى ستتعلق برقبته يوم القيامة ، لن يترك أحدا منهم حقه فى لحظة ظلم أو لحظة فقر .. ولن يصرفهم الله قبل أن يعطى لهم حقوقهم كاملة غير منقوصة .
فحسبنا الله ونعم الوكيل
30/12/2005
- 1 -
بدون مقدمات .. ألاحظ صدق هذه الحقيقة بالذات فى أواخر الأعوام حين تجرى وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتلفاز وإذاعة ومؤخرا الانترنت .. مسابقة شخصية العام .
وفى الأغلب الأعم يختار الناس الحدث الأقرب تأثيرا ، وهذه ظاهرة عامة .. فلا أكاد أتذكر مرة واحدة اختار فيها الناس حدثا أو شخصية كانت مؤثرة فى النصف أو الربع الأول من العام .. إلا فى عام 2003 حين تم اختيار الشيخ أحمد ياسين كشخصية العام فى بعض المواقع على الانترنت باعتباره رمزا للمقاومة الفلسطينية .. لكن الملحوظة فى هذا الاختيار أن الموقع وضع اسماء الشخصيات المرشحة ، فوضع من بينها شخصية الشيخ ياسين .. لكن فى بعض المواقع الأخرى حينما تركت حرية الاختيار ، كان عدد من اختاروا الشيخ ياسين قليل للغاية .
لاحت لى هذه الفكرة بعد مطالعة العدد الأخير من صحيفة صوت الأمة المصرية التى وضعت اسماء لعدد من الشخصيات على اعتبارها شخصية العام ، وكان الترتيب كالآتى :
1- المستشار زكريا عبد العزيز - رئيس نادى القضاة المنتخب والفائز فى الانتخابات شهر ديسمبر
2- الأستاذ محمد مهدى عاكف مرشد الإخوان ولا تزال اصداء الفوز المدوى للإخوان فى الانتخابات البرلمانية تسرى فى اسماع المصريين
3- محمود أباظة المرشح الفائز بدائرة التلين بالشرقية ، وتأتى أهمية فوزه من كونه تغلب على شقيق زكريا عزمى رئيس ديوان مبارك ، على الرغم من الدعم اللامحدود ليحيى عزمى .
4- أيمن نور رئيس حزب الغد
5- د. محمد لطفى أشهر جراح تخصص فى فصل التوائم الملتصقة
6- البابا شنودة ، وعرفته الجريدة برئيس جمهورية الأقباط المستبد
7- المستشارة نهى الزينى صاحبة أجرأ صرخة من القضاة ضد الحكومة ومصطفى الفقى
....
...
..
وهكذا .
فى الحقيقة صدمنى هذا الترتيب جدا ، وزاد من قناعتى بأن الذاكرة الجمعية للناس قصيرة بالفعل ، ولو أننا أخذنا ترتيب الشخصيات بعين الاعتبار لرأينا بالفعل أن صاحب آخر حدث هو صاحب الترتيب الأول .
فالمستشار زكريا عبد العزيز هو الفائز فى الانتخابات التى جرت بنادى القضاة فى أواخر ديسمبر ، يتلوه فى الترتيب مهدى عاكف المرشد العام للإخوان الذين كانوا الحصان الأسود فى هذه الانتخابات ، ثم محمود أباظة الذى جرى الحدث الخاص به فى أوائل ديسمبر فى المرحلة الثالثة من الانتخابات التشريعية ، ثم ايمن نور الخاسر بالمرحلة الأولى والذى تم سجنه فى أواخر ديسمبر بعد نشر هذا الاستفتاء ، وأتوقع أن الاستفتاء لو أجرى مرة أخرى فسيكون نور فى المرتبة الأولى على خلفيات الحكم عليه بالسجن ، ثم البابا شنودة بعد تجدد وقائع المشاكل الطائفية ، وآخرها موضوع ماريا وكريستين اللتان ثبت أنهما مسلمتان بإرادتهما ، وأن إثارة موضوعهما كان للمتاجرة به ، وسبق هذا الأزمة الشهيرة الخاصة بمسرحية كنيسة محرم بك ... وهكذا .
- 2 -
لا أرى - عن نفسى - أى إنسان يستحق لقب شخصية العام عن جدارة أكثر من الدكتور أيمن نور - فك الله أسره - الذى كان طرفا أصيلا فى الحراك السياسى الذى كان هادرا هذا العام فى مصر .
فلقد بدأ العام بالمسرحية الهزلية لرفع الحصانة البرلمانية فى تفاصيل فاضحة لنظام حكم يتصف بالغباء قبل أن يتصف بالديكتاتورية ، ثم بسجنه 45 يوما على ذمة التحقيقات فى قضية تزوير توكيلات مؤسسى حزب الغد .
وكان من المهازل أنه اتهم بتزوير توكيلات زوجته وعائلته .. كأنما هؤلاء حتى لم يكونوا ليعطون توكيلات له ليؤسس حزبه ، ثم خرج الرجل من السجن مفجرا أخطر قنبلة فى هذا العام ، وفى كل أعوام عهد مبارك ، إذ أعلن أنه سيرشح نفسه لانتخابات الرئاسة ، وذلك فى الوقت الذى لم يكن قد تم فيه التعديل الدستوى الذى يسمح بهذا .
وحينها انكشفت كل أوراق الحكومة .. فحتى الأوراق التى كانت تتوارى لتظل محتفظة ببعض المصداقية انكشفت تماما ، حتى جريدة الأسبوع ومصطفى بكرى الذى يبدو من المعارضين الأحرار لم يرحم ايمن نور فى محنته ، وكانت الأسبوع من الطعنات الغادرة الصادرة من مصدر يفترض أنه معارض فى ظهر أيمن نور ، هذا غير تيار الصحف الأخرى المستقلة ، والصحف التى صدرت خصيصا لمهاجمة أيمن نور ثم اختفت بعد ذلك .
وتم تشويه أيمن نور على كافة المستويات فى حملة سافلة منحطة وصلت إلى حد التصريح بأن ايمن نور ابن زنا ، وأن أمه قد نسبته إلى والده كذبا .. هذا غير موجات الكذب اللامحدودة التى انتهكت حرمة الرجل وزوجته وحتى أطفاله وأمه وابيه .
وكان ما كتب فى صحافة هذا العام تقريبا يوضع ثلثه على حد أدنى فى كفة موضوع ايمن نور .
ثم كانت المسرحية المعروفة سلفا والتى سميت انتخابات رئاسة والتى فاز فيها كما هو معروف الرئيس الملهم الموهوب المؤبد ، لتبدأ عناصر الدولة فى حزب الغد فى محاولة شقه وتجميده .
وانفصل عن الحزب أربعة أعضاء أبرزهم عندى رجب حميدة الذى يثبت كل يوم انه انتهازى وقح ليس له هم إلا مصلحته الشخصية مهما انتهك فى سبيلها من مبادئ وقيم ، وفى لمح البصر بدأت خطوات تجميد الحزب ، وتم تحويل ملف الحزب للجنة الأحزاب التى يراسها عميد الحزب الوطنى الكئيب الذى يسمى صفوت الشريف .. فمالبث أن خرج المتحدث باسم البيت الأبيض معلنا أن امريكا لاتسمح بالمساس بايمن نور وحزبه الوليد .
وعن نفسى لا ارى غضاضة فى أن يتصل أى سياسى بأى جهة خارجية ، ولا يدخل هذا فى نطاق العمالة ولا الخيانة بل هو تقاطع المصالح لا اكثر ، لكن الدولة التى تمارس كل أنواع العمالة لأمريكا هاجت وماجت على أيمن نور لأن له اتصالات بأمريكا وصورته على انه عميل وطفل مادلين وخادم بوش و... إلخ هذا الكلام الفارغ .
وفى لحظة ، تم إيقاف الموضوع ، وصرح صفوت الشريف بأنه سيرسل ملف الحزب إلى لجنة الحكماء لتحديد مدى قانونية وضع هؤلاء الأربعة المفصولين .. فى إشارة واضحة بتوقف مسيرة تجميد الحزب .
لكن الدولة لم تلبث إلا وسمحت بإصدار صحيفة أخرى تطابق صحيفة الغد ، وتحمل نفس اسمها وألوانها وشكلها التحريرى على اعتبار أنه حزب بالفعل ، ويكتب على صفحتها اسم رئيس الحزب موسى مصطفى ، وهذه الصحيفة الجديدة يبدو من متابعتها أنها تغازل الدولة وأمريكا فى وقت واحد لكن بشكل خفى متوارى ، وتنحاز للأقباط ، وضد الإخوان وضد منظمات المجتمع المدنى ( تخيلوا !!!! ) وهو الطريق الذى لم تسلكه صحيفة الغد فى يوم من الأيام بل سلكت طريقا متوازنا جدا خصوصا فى فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية .
ثم تم إسقاط ايمن نور فى الانتخابات البرلمانية بدائرته باب الشعرية التى يتمتع فيها بشعبية ساحقة ، ولا غرابة فهو الذى تمتع بتعاطف واسع من شباب ومثقفى مصر كلهم ، وقطاعا واسعا من البسطاء والعامة .. لكن تم إسقاطه فى واقعة ليست غريبة على الدولة ونظامها الذى أسقط عددا ضخما من رموز المعارضة والإخوان .
وفى خضم الانتخابات البرلمانية واجواء الفوز المدهش للإخوان تم نسيان موضوع ايمن نور ، الذى بدأت جلسات محاكمته على يد نفس القاضى الذى يثبت فى كل مرة أنه عميل حكومى منحط فى ثوب قاضى ومستشار ، يحكم فى كل قضايا الرأى العام بالسجن على المعارضين .. والتى تم فيها تأجيل النطق بالحكم مع سجن المتهم .
كان سجن المتهم إشارة فى غاية الوضوح إلى أنه سيحكم عليه بالسجن ، اثبت هذا ما تلا هذا من معاملته كمجرم حتى أضرب عن الطعام احتجاجا ، حتى تدهورت حالته الصحية ، وتم إجباره - كما قال - على التوقيع على ورق خاص بالنمحكوم عليهم .
ثم تلقى الرجل حكما بخمس سنوات سجن .
على أمل إنهاء رجل فكر فى الإشراك بالحاكم الأوحد ، ولم يؤمن بهذه الوحدانية المدعاة .. لكن ..
فوق كل الأرض إله عادل .. إله يرى ويسمع يمهل ثم يحكم بالحق و يفصل بالعدل .. إله لايحتاج إلا أن يقول للشئ كن ، فيكون .. هكذا فى خضوع وخشوع وتلقائية وعجز عن التأخير فضلا عن الرفض .
وبعد هذه الحياة دارا آخرة ، يأخذ كل ذى حق حقه ، كم اشفق على مبارك من هذه الأجيال التى ستتعلق برقبته يوم القيامة ، لن يترك أحدا منهم حقه فى لحظة ظلم أو لحظة فقر .. ولن يصرفهم الله قبل أن يعطى لهم حقوقهم كاملة غير منقوصة .
فحسبنا الله ونعم الوكيل
30/12/2005