الجمعة، يناير 21، 2022

أطفال العالم يحتاجون إلى الإسلام!

 

رأى رجلٌ رسول الله ﷺ يقبِّل الحسن بن علي، فاستغرب قائلا: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتْ منهم أحدا. فنظر إليه رسول الله ﷺ وقال: من لا يرحم، لا يُرْحَم.

وعن عائشة رضي الله عنها أن قوما من الأعراب قدموا على رسول الله ﷺ فقالوا: أتقبِّلون صبيانكم؟ فقال ﷺ: نعم. فقالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال ﷺ: وما أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة؟!

تأمل كيف جعل رسول الله ﷺ القبلة للطفل دليل وجود الرحمة، وجعل انتفاءها دليل على القسوة ونزع الرحمة؟!

كيف يكون الحال إذن لمن كان يعتقل الأطفال ويعذبهم ويقصفهم بالبراميل المتفجرة وبالكيماوي؟!!

لقد وفَّر لنا عصر الفيديو وسرعة التواصل هذا أن نرى من الحقائق ما كنّا سنكذبه إذا سمعنا به!

لقد رأيتُ من انهال على رأس طفل مسلم بالجرافة في بورما حتى هشَّمها، بعدما هشَّم أمامه رأس أبيه!!

ورأيت من أمسك بطفلين فعلقهما في سلك ثم شنقهما، كأنه يمارس عملا روتينيا!

ورأيت من عرَّى طفلا فانهال عليه ضربا، لا لشيء إلا لأنه مسلم يريد تطهير الأرض منه!! ويرى في هذا قياما بحق دينه عليه!!

رأيت أطفال المسلمين في تركستان، والصيني ينهال عليهم بالضرب الوحشي، وأشدُّ من محنة الطفل حين يُضرب، محنته حين يتلفت حوله، يبحث عن ملاذ أو نصير فلا يجد!!.. نظرة الفزع والبحث عن الحل أشد هولا من ألم الضرب!!

رأيت جنودا صينيين ينتزعون طفلا من أبيه، والأب قد انحبس صوته، وكُتِمت أنفاسه، وسالت دموعه تحكي قهرة قلبه، وهو يتمسك بالطفل، يعرف أنه لن يراه مرة أخرى!!

وهذا الذي يجري في الصين، يجري مثله في كندا والسويد وغيرها من بلاد أوروبا، لكنه يجري هناك مزخرفا بغطاء قانوني، ودعاوى براقة، فيتحقق معنى السبي تحت لفظ "حماية الطفل" من أبويه!!

كم رأينا أطفال سوريا وهم يصارعون الحياة يريدون أن يلتقطوا من الهواء هواء، بعدما قصفهم بشار بالقنابل الكيماوية!! وكم رأينا منهم من تمزقت أشلاؤه، أو انهار السقف عليه فكسر رأسه أو قطع ذراعه!!

بعض المنظمات تتحدث عن أعداد مهولة وثَّقتها لعدد الأطفال المعتقلين في سوريا، مات منهم تحت التعذيب 173 طفلا في آخر إحصائية اطلعت عليها.. هل تتخيل أن 173 طفلا ماتوا من التعذيب؟!!

في مصر، يُعتقل الأطفال مع أمهاتهم.. ويغيبون في السجون سنينا، وبعضهم حتى الآن لا يعرف له مصير!! فبينما الأطفال في الدفء والنعيم، يعيش الأطفال في الزنازين الباردة!!

كم مرة استُعْمِل الأطفال لتعذيب أمهاتهم في مصر، وفي سوريا، وفي سائر بلاد الطغيان.. القصص في هذا تحتاج فريقا من المؤرخين!!

وها نحن الآن نرى أطفال سوريا في المخيمات، التي سقطت تحت ضغط الثلوج.. وقد كان حكام العرب قبل أسبوعين قد أنفقوا مئات الملايين في فرقعة الألعاب النارية، وحفلات الرقص في رأس السنة!!

الثلوج التي تكاد تفتُّ في عظام من يرى المشهد عبر الشاشة، كيف تراها تفعل فيمن لا يحميهم منها خيمة ولا غطاء، ولا يملكون أمامها إلا الثوب القليل الرقيق؟!

يا لهف قلبي على طفل أصابه المرض، وانقطعت به السبل، كيف يشعر؟! بل كيف يشعر أبوه وأمه وهم يرونه يذهب نَفَسًا نَفَسًا، وأمتهم المتخمة بالأموال تغفل عنهم وتنفقها في الخمر والسكر واللهو والغفلة؟!

حتى التبرعات التي جمعها لهم بعض الشباب من خلال وسائل التواصل، بخلوا عليهم بتوصيلها، وسلموها للأمم المتحدة، التي قررت أن تأخذ نصفها لرواتب موظفيها وميزانيات مكاتبها، ثم ستبعث لهم نصفها الآخر في "الشهور القادمة".. والمعنى في بطن الشاعر!!

إنها أيام الأندلس من جديد..

أيام محاكم التفتيش، وموجات التنصير والتهجير، حين كانوا يُجبرون على تعميد أطفالهم، ثم يُجبرون على تركهم حين يطردونهم!!

وهي أيامنا في كل أندلس، في البلقان والقوقاز عند سقوط الخلافة العثمانية، وفي بلاد الترك في زمن الشيوعية، وفي إفريقيا أيام عصر الاستعمار!!

كان السيد الأبيض يتخذ أطفالنا عبيدا، يتلاعب بهم، فيمددهم ليضع عليهم قدمه، أو ينصبهم ليمسكوا له عصاه، وكان يتخذهم حقلا للتجارب، يجرب عليهم العقاقير والأدوية.. أو كان يستخدمهم لإخضاع آبائهم وأمهاتهم، فكم ضرب السيدُ الأبيضُ رأسَ طفل في صخرة أمام أمه، وكم قطع يد طفل لأن أباه لم يأتِ بحصته الواجبة عليه من الصمغ!!

(ابحث في جوجل عن قطع الأيدي في الكونغو)

تلك الصفحات التي كنا نقرؤها في الكتب فنتخيلها بخيالنا، ثم حملتها إلينا الرسوم والصور حتى رأيناها بعيوننا، ثم ما لبث الزمان حتى أرانا إياها صوتا وصورة، فنحن نسمع ونرى صراخهم وموتهم.. لقد كان الخيال أهون من كل حقيقة!!

إنه الزمن الذي أزداد فيه إيمانا بأننا المسلمين، رحمة الله للعالمين، وأن العالم قد خسر كثيرا كثيرا كثيرا بانحطاط المسلمين!

إن كان الذي لا يُقَبِّل الصغار رجلا قد نزع الله الرحمة من قلبه.. فكيف يبلغ هؤلاء من الغلظة والقسوة والشناعة؟!

إن حقوق الحيوان في الإسلام ( انظر بعضه هنا: https://bit.ly/3rGg1Oj ) يتصاغر أمامها حق الإنسان في عالمنا التعيس هذا!!

وأعظم ما لدينا أن هذه الحقوق ليست حبرا على روق، وليست قرارات مؤتمر، ولا حتى مجرد قوانين تعتمد على قوة السلطة وعلى نزاهة القضاء، بل هو دين، دينٌ يدافع عنه المجتمع المسلم، فبه يرجو الجنة، وبه ينجو من النار! 

ولذا لا تجد مصدرا تاريخيا ذا قيمة يمكن أن يروي شيئا عن مذابح ارتكبها المسلمون بحق الأطفال، يوم كانوا في علو وحضارة، بل لقد سجَّل المؤرخون من غير المسلمين أن العبد في بلادنا كان خيرا من الحر في بلادهم (انظر بعض ذلك هنا: https://bit.ly/3IrjOG4 )

لا يحضرني ختام مناسب لهذا الكلام.. يكفي أنني أدفقه لأشعر ببعض الراحة.. الخلاصة: هذا العالم يحتاج إلى الإسلام، على الأقل، لإنقاذ نفسه من هذا التوحش المتكاثر الذي يتفجر في كل مكان ولا يرحم حتى الأطفال!!

الخميس، يناير 20، 2022

النبي المقاتل والنظرة المنهزمة

 

ليس حال الضعيف المهزوم في أمتنا اليوم بأسوأ من حال البغداديين الذين طلع عليهم جندي تتري أعزل، ففزعوا منه، فأمرهم بالوقوف هنا وانتظاره حتى يأتي بسيف يستأصلهم به، فسمعوا وأطاعوا من هول ما هم فيه من الرعب والضعف والهزيمة، حتى جاء الأعزل الواحد بسيف فقضى عليهم!

إن الهزيمة تلقي على الحقائق الواضحة ثوبها المشؤوم، فإذا الأعزل الواحد المنتصر كجيش يُخشى ويُخاف، وإذا الجماعة المهزومين تخضع له بالسمع والطاعة، وقوتهم أضعاف قوته!

أجد نفسي كثيرا أمام هذه الصورة حين أقارن بين ما يكتبه كثير من الدعاة والعلماء وأهل الفكر الإسلامي، وبين ما يكتبه المؤرخون غير المسلمين عن ذات الحدث، فكثيرا ما تجد لهجة المسلم لهجة اعتذارية وانسحابية، في أمر لا يُرى فيه عيبٌ أصلا!

من أمثلة ذلك، ما سأسوقه إليك في هذه السطور، من كلام مستشرقين ومؤرخين فرنسيين، كان لهم "بعض" الإنصاف إذ يتناولون سيرة نبينا ﷺ، في مسألة هي أم المسائل الحساسة والشائكة، وهي قتال النبي للمشركين وجهاده إياهم!

خذ لديك مستشرقا مثل هنري دي كاستري، وقد كان من رجال الإدارة الفرنسية في الجزائر، ثم تأثر بالمسلمين، وكتب كتابه "الإسلام: خواطر وسوانح"، أدان فيه ما لحق سيرة النبي من تشويه صليبي وُلِد في عصر الحملات الصليبية، وكان من ضمن ما قاله هذه العبارة البسيطة الواضحة، التي تبدو حين تقرؤها من موقع المهزوم كأنها قذيفة صاروخية:

"ما كان ينبغي للنبي –حبا في السلام- أن يترك الباطل يعلو على كلمة الحق المبين"[1].

وينتقل دي كاستري من الدفاع إلى الهجوم والإدانة، ولا يبالي في انطلاقته هذه أن يُتَّهم بالإرهاب، وباضطهاد الأديان، إنه يستغرب كيف يُمكن أن يُدان الرجل الذي يُحارب الخرافة الوثنية، ويُحارب أن يخضع الإنسان للحجر، متخليا بطوع إرادته عن كرامته وقدره! يقول:

"وقد نظر بعضهم إلى هذه الآيات (آيات الجهاد) وما يماثلها، فاتهموا النبي بالتعصب. أفما كان يجب عليه أن يحارب بقوة السلاح المعاندين من الوثنيين، ليبيد تلك الديانة إلى الأبد من بلاد العرب، كما أنها هي التي أخنت على مذهب التوحيد، مذهب الخليل قبل الإسلام، وأن يجعل بين المؤمنين وبين عبادة الأصنام حدًّا فلا يرجعوا إليها؟"[2].

ثم ينطلق بعدها إلى إدانة جديدة، لأولئك الذين كذبوا على أنفسهم وعلى الناس، حين صَوَّروا لهم أن الإسلام إنما انتشر بالسيف، فيقول دي كاستري مستشهدا بالتاريخ والواقع:

"ولو كان دين محمد انتشر بالعنف والإجبار، للزم أن يقف سيره بانقضاء فتوحات المسلمين، مع أننا لا نزال نرى القرآن يبسط جناحه في جميع أرجاء المسكونة"[3].

أما إميل درمنجم، وهو مستشرق فرنسي غلب عليه الإنصاف، وكتب كتابا عن النبي بعنوان "حياة محمد"، فقد سلك سبيلا آخر في بيان صورة النبي ﷺ لبني قومه، وكان درمنجم يحاول تقديم صورة معتدلة عن النبي في قومٍ ترسخ عندهم أنه صورة مناقضة للمسيح عيسى عليه السلام، فطفق طوال كتابه يقرب بين الإسلام والمسيحية حتى جاوز الحدّ تحت ضغط هذه الرغبة، ولكنه فيما يخص موضوعنا هنا، موضوع النبي والجهاد، فإنه أثبت الحقيقة البسيطة الأولى في هذا الباب وهي أنه:

"لم يشرع الجهاد لهداية الناس بالسيف، ففي القرآن {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} والقرآن يأمر المسلمين بالاعتدال وبألا يبدأوا بالاعتداء"[4].

ووسَّع صورة الجهاد في الإسلام كي يلفت نظر الغربيين، الفرنسيين تحديدا، إلى أن القتال في الإسلام، بل حتى القتال في الجاهلية العربية، لم يبلغ حد التوحش الذي يُعرف في الغرب، كما أن الحديث عن النبي المجاهد المقاتل ينقض الأسطورة القائلة بأنه كان مصابا بالصرع والجنون، فالصورة الغربية تحت ضغط الحقد والأجواء الصليبية، جمعت بين النقيضيْن: الجنون وإدارة الحرب، يقول:

"بلغ عدد مغازي محمد أربعين في عشر سنين، واشترك هذا الرجل (الذي نعته بعضهم بالماكر الماهر ورآه آخرون مصابا بالصرع) في نحو ثلاثين غزوة وأدار نحو عشر معارك بشخصه فضلا عن المفاوضات الصعبة التي قام بها، وليس بمجهول ما يجب أن يتحلّى به السيدُ العربي في الغزوات بجزيرة العرب من تحمل المشاق والصبر على المكاره وخلق الثبات والأناة وحسن السياسة والنشاط والمرونة، وهذا إلى ما يحيق بسلطانه من المخاطر وإلى اعتماده على مؤازرة جمهور متقلب، ففي هذا المضمار الصعب المضني برع محمد"[5].

ويزيد درمنغم الصورة وضوحا، ليتحدث عن شخصية النبي ﷺ في حال السلم والموادعة، أو في حاله بعد النصر والتمكن، فيقول:

"إذا كان محمد يفرط في القسوة عند اشتباك الفريقين ويقابل العدوان بالعدوان والمكر بالمكر، فإنه قلّما يقسو في حالة دَعَتِه، بل كان يبدو معتدلا إلى الغاية كما يشهد بذلك أمره حين فتح مكة، فقد أبدى في أثناء هذا الفتح من الكرم وعظمة النفس ما لا تجد مثله في التاريخ إلا نادرا، وكان محمد يوصي جنوده بأن يرحموا الضعفاء والشيوخ والنساء والأولاد، وكان ينهى عن هدم البيوت وإهلاك الحرث وقطع الشجر المثمر، ويأمر بألا يَسُلَّ مسلمٌ حسامه إلا عند أقصى الضرورة، وسنرى أنه أنحى باللائمة على بعض رجاله فعوَّض بالمال مما اقترفوه، وهو الذي رأى أن النفس الواحدة خيرٌ من كل الغنائم"[6].

ومن قبل إميل درمنجم، كان المستشرق الفرنسي الشهير لويس سيديو، صاحب الكتاب الشهير "خلاصة تاريخ العرب"، الذي هو ربما أول كتاب فرنسي يُترجم للعربية ويشمل التاريخ الإسلامي العام، كان لويس سيديو قد سلك نفس الطريقة، في توسيع الصورة لبيان حقيقة شخصية النبي ﷺ، وأنها لم تكن –كما يتصوره الغربيون- سبَّاقة إلى القتال والدماء، يقول سيديو:

"وأما أخلاقه وأفعاله فكانت غاية في الكمال؛ منها عفوه عن ألدّ أعدائه بعد فتح مكة، وحلمه في الأخذ بحقوق الحرب من القبائل، وأسفه على قضائة على بعض، وعدم استعانته بما له من عظيم السطوة والسلطة على إجابة داعي القسوة، ولذا كان يحاول بالحث العود بمن خرج عن الحد من أصحابه إلى حدود الاعتدال، ومنها إباؤه إشارة عمر عليه بقتل الأسرى بعد واقعة بدر، وصفحه عمن قتل عمه حمزة، وقوله: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد حين أخذ بثأر قريبه من بني جذيمة"[7].

ولا حرج على المستشرق إذا لم يفطن أن أن خالدا بريئ من تهمة الثأر من بني جذيمة، إذ ليس لهؤلاء القدرة على سبر الروايات ومعرفة الصحيح منها من الضعيف، ولكن المقصد واضح، وهو أن النبي ﷺ تبرأ من الخطأ ولو ارتكبه بعض صحابته، ولو كان الذين جرى الخطأ عليهم هم قومٌ من أعدائه!

إن القليل من قراءة سيرة النبي والاطلاع عليها يكشف للباحث فورا أنه إزاء رجل عظيم، حمل رسالة الهداية، ثم حمل السيف من أجل هذه الرسالة لا من أجل اضطهاد الناس وإكراههم على دينه!

لكن القصد من هذه السطور السابقة، أن الفرنسي الذي أصابه الإنصاف كان أوضح في قراءته وبيانه من المسلم الذي أصابته الهزيمة، فلم ير أحدهم أن مجرد حمل السيف والقتال كان عيبا، ولا أنه أمر يستحق أن نتكلف له التأويلات والاعتذارات!!

إن نفسية القارئ هي من تفرض عليه طبيعة الفهم، وأحرى بالمسلمين أن يخلعوا ثوب الهزيمة ونظارة الضعف، وأن ينظروا للأمر بعين من آمن بالله واعتز بدينه، عندئذ تشرق في نفسه فتوحات الفهم والبيان، ويشرق في قلبه نور العلم والعمل.

نشر في الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام 



[1] هنري دي كاستري، الإسلام: خواطر وسوانح، ترجمة: أحمد فتحي زغلول، ط1 (القاهرة: مكتبة النافذة، 2008م)، ص67.

[2] هنري دي كاستري، الإسلام، ص65.

[3] هنري دي كاستري، الإسلام، ص131.

[4] درمنغم، حياة محمد، ترجمة: عادل زعيتر، ط2 (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، د. ت)، ص196.

[5] درمنغم، حياة محمد، ص198.

[6] درمنغم، حياة محمد، ص197.

[7] سيديو، خلاصة تاريخ العرب، أمر بتهذيبه وترجمته: علي باشا مبارك، ط1 (القاهرة: مطبعة محمد أفندي مصطفى، 1309ه)، ص64.

الأحد، يناير 16، 2022

لماذا تضعف ثقافة المقاومة ضد السيسي وأمثاله؟!

 

 

لا يزال #السيسي_عدو_الله مستمرًا في سياسة هدم المباني والمنازل.. وهو يتفنن في أسباب هدمها:

فهو يهدمها أحيانا لرغبة إسرائيلية كما فعل في رفح حتى استطاع تحقيق الخنق الكامل للمقاومة!

ويهدمها أحيانا بحثا عن أموال في ظل أزمته المالية، فلقد أنفق كل الأموال التي انهمرت عليه في لذائذه الخاصة كالقصور الشاسعة والطائرات الرئاسية الفارهة ومؤتمراته الأسبوعية، والمسلسلات التي يخدر بها الناس، والسجون التي يبنيها لمن يعترض!!.. وهذا هو الذي فعله في القرى والمدن بدعوى أنها بُنِيت على الأرض الزراعية.. فصار الذي بنى بيته يسدد ثمنه مرتين: مرة لأخذ الترخيص الأول، ومرة باسم "المصالحة"!

وأما البيوت التي بُنِيَت في قلب المدن وبإجراءات قانونية تامة، فهو يهدمها من أجل المشاريع الاستعمارية والاحتلالية، بدعوى المنفعة العامة، فمما لا يعرفه كثير من الناس، ولكن يعرفه الباحثون في تاريخ الحداثة وقصة الاقتصاد أن التوسع في إنشاء الطرق والكباري والمحاور في الدول الضعيفة سياسيا وصناعيا ليس إلا وسيلة للتحكم الأمني (بتسهيل انتقال قوات السلطة لضرب الناس والسيطرة على المناطق) وللاستنزاف الاقتصادي (بتقصير زمن وتكلفة نقل البضائع من مصادرها إلى المواني أو المصانع ضمن منظومة اقتصادية يستفيد منها الأجانب والطبقة الرأسمالية ولا تعود بالنفع على المواطنين).

وعبد الفتاح السيسي زاد على ذلك فجعل استعمال هذه الطرق وسيلة ليستصفي منها أموالا جديدة.. ويدل على ذلك قوله مع كامل الوزير قبل أسبوعين، حتى إن كامل الوزير قال له: لتحقيق الاستقرار الأمني، فقال عدو الله: لا، بل لجلب الأموال!!

والآن يتعرض سكان القلب في مناطق القاهرة لمشروعات الهدم والإزالة، مثلما تعرض لها قبل سنين سكان الأحياء المحيطة بالحرم، وقبلها سكان الجزر الموجودة في قلب النيل.. فالأطماع الاستعمارية (يسمونها: الاستثمارية) لا تتوقف عند حد!! وحين يأخذ الحاكم المجرم رشوة عظيمة من مستثمر أجنبي، أو يكون شريكا له، فإنه لا ينظر إلى الناس على أنهم مجرد حشرات ومخلفات يجب إزالتها، بدعوى "المنفعة العامة"!!

أجد هذه اللحظة، لحظة مناسبة، للتذكير بأمر مهم، ولكنه يغيب في أي نقاش حالي..

إن السيسي يُقدم على تدمير حياة الناس بلا تردد ولا رحمه، ولكن من أهم ما يساعده على ذلك الثقافة السائدة التي تتمثل في أنه "دولة".. فمخالفة السيسي هي في ذات الوقت مخالفة "الدولة"، إنها خروج على القانون والدستور!!

والقانون والدستور مجرد أداة في يد السيسي.. فالفارق بين المجرم الذي يتولى السلطة، والمجرم الذي يسرح في الشارع، أن المجرم الأول يجعل رغبته قانونا، فيجعل جريمته تنفيذا للقانون، ويجعل الذي يقاوم هذه الجريمة خارجا عن القانون، فتدور آلة الدولة كلها لسحقه وسجنه.. فالدولة هي جهاز الإجرام الأكبر.

بينما المجرم الذي يسرح في الشارع حتى وإن تمكن من الإفلات من عقوبة القانون، فهو يواجه ثقافة سائدة تجعله مجرما، وتجعل الذي يقاوم جريمته بطلا، وتجعل التعاون بين الناس على مقاومته عملا عظيما!

إن امتلاك الحق في التشريع وكتابة القانون والدستور هي أم المصائب التي سببت أعظم البلايا في تاريخ البشرية كلها، بها امتلك الفراعين والأكاسرة والقياصرة والأباطرة القدرة على تحقيق رغباتهم مهما كانت مجرمة.. بها امتلكوا القدرة على تقسيم الناس وجعل أنفسهم آلهة أو شبه آلهة ثم جعل الناس عبيدا لهم بلا حقوق.. وبها امتلكوا القدرة على تكوين الثقافة السائدة، فما أحبوه جعلوه حلالا وفضيلة، وما كرهوه جعلوه حراما ورذيلة، ومن نافسهم في شيء من نفوذهم أو نادى بتحقيق العدالة أو خرج عليهم يقاوم ظلمهم فهو المجرم الأكبر الذي يجوز لهم أن يسحقوه!!

وفي كل إمبراطورية وجد الفرعون عددا من الكُهَّان والأحبار وعلماء السوء والقانونيين والدستوريين من يُفصِّل رغبته في قوانين ودساتير، فيجعلون مقاومة ظلمه خروجا على القانون والناموس والأحكام!

وهنا تأتي المزية العظيمة للإسلام، أن الإسلام انتزع حق التشريع من الحاكم، فالمشرع هو الله، والنصوص الأساسية المصدرية للشريعة هي نصوص لم يضعها حاكم، بل جاءت في القرآن والسنة.. وعلى القرآن والسنة بُنِي الفقه بعيدا عن ضغوط الحكام ورغباتهم.. فلم يستطع حاكم إضافة حرف أو حذفه في قرآن أو في سنة، وأعلام الفقهاء الذين انتشرت مذاهبهم لم يكن واحد فيهم مقربا من السلطة، بل كل واحد فيهم كانت له محنة معها سُجِن أو ضُرب بسبب موقفه منها.

وفي الإسلام وحده كان الدخول على السلاطين من أسباب الطعن في العالِم وعدم الثقة فيه، بينما لن تجد في أي نظام آخر -بما فيها النظام الديمقراطي المعاصر- إلا أن القرب من السلطة مما يضفي الاحترام والتقدير على صاحبه، فالقانوني الذي تولى منصب وزير أو رئيسا لمحكمة دستورية في النظام الديمقراطي، فإنما هذا مما يزيد قدره في مجاله!!

والمقصود أن الشريعة حين تكونت بعيدا عن رغبة الحاكم، في مصادرها الأصلية وفي فروعها، قد أثمرت عددا من النتائج الخطيرة والفارقة:

1. أن الشريعة صارت هي المرجعية العليا التي لا يملك تغييرها ولا تعطيلها، بل إن خروجه على الشريعة يجيز للناس الخروج عليه.. وإن معصيته لله ورسوله يحرض الناس على معصيته.. فطاعته مقيدة مخصوصة مشروطة بطاعة الله وقيامه بحكم الشريعة. وهو يُطاع في المعروف لا يطاع على طول الخط!

2. ضيق مساحة تصرف الحاكم بالقوانين، إذ صار محكوما بحدود لا يستطيع أن يتعداها.. فإذا أراد أن يتعداها تكلف أن يتمحك ويتأول ويتكلف التفسير.. ويكون حينئذ مفضوحا منبوذا، هو وعلماء السوء الذين وافقوه على ذلك.

3. أن الشريعة لا يحتكر أحدٌ تفسيرها، لا فرد ولا مؤسسة، ومن ثم فليس قول عالِم السلطان ولا تفسيره للشريعة ملزما.. بينما قانون الدولة الحديثة ملزم للجميع، وتحتكر المحاكم تفسيره.

4. أن كل فرد في المجتمع، بما في ذلك شرطة السلطان وعسكره، لا يجوز لهم طاعته في المعصية، ولا يجوز لهم تنفيذ ما يأمر به إن كان مخالفا للشريعة.. وهذه الثقافة تعطي حصانة قوية للمجتمع، وقدرة على رفض الظلم والتعدي، فهي ثقافة عامة تجعل مقاومة الحاكم عملا بطوليا.

وكل ما سبق، إنما يجب أن يُفهم في ضوء أصل أكبر.. وهو أن النظام الإسلامي يبني مجتمعا قويا يقوم على تحديد وتضييق صلاحيات السلطة، في مقابل تقوية وتوسيع نشاط المجتمع.

وهذا النظام العام في العلاقة بين السلطة والمجتمع، المسنود بثقافة فقهية قوية وتقاليد اجتماعية راسخة وهيمنة أخلاقية شاملة، يجعل الحاكم غير مطلق اليد في الاعتداء على المجتمع والناس، وهو ما جعل تاريخنا حافلا بالثورات، وهو ما جعل كثيرا من الملوك العظماء في تاريخنا مطعونا فيهم لأنهم قتلوا معارضا أو كانوا قساة في إخماد ثورة أو أنه ظلم عالِمًا أمره بالمعروف ونهاه عن المنكر... إلى آخر هذه الأمور التي كانت في ثقافتنا شيئا عظيما يُخدش به تاريخ السلطان العظيم، بينما هي في تصورنا الآن من التفاهات التي لا يتوقف أحد عندها!!

حتى مفهوم المنفعة العامة وضع له الفقهاء عبر العصور ضوابط وقيود وشروط، مبنية على نصوص القرآن والسنة، تجعل الحاكم غير مطلق اليد في تقدير المنفعة العامة التي يضطر لأجلها من إزالة بيت أو تجريف أرض أو تغوير بئر أو ردم نهر!!

الخلاصة: إن ثقافة الدولة والقانون والحاكم الذي يملك التشريع هي في صلب الأزمات التي نعيشها الآن، ونحن الآن نعيش في زمن كثرت مصائبه حتى يجب علينا التذكير الدائم بما في الشريعة من فضائل تغل يد الحاكم عن مثل هذه التصرفات!

ولعلها لحظة مناسبة يُفْهَم فيها موقف الإسلاميين الرافضين للديمقراطية، لأنها تعطي حق التشريع للناس من دون الله، فتجعلها معقودة بنواب أو بسلطة لا يملكون المعرفة بالدين ولا حتى يتعهدون بالالتزام بأصوله وثوابته!! إن الذين يرفضون الديمقراطية من منطلق إسلامي لا يرفضون معنى الشورى الذي فيها، ومعنى حق الناس في الاختيار والمراقبة والعزل، فكل هذه حقوق جاء بها الإسلام.. إنما يرفضون كونها تجعل حق السيادة والتشريع لغير الله وشرعه.

هذه روابط لمزيد تفصيل لمن أراد:

https://melhamy.blogspot.com/2020/07/blog-post_27.html

https://melhamy.blogspot.com/2017/10/blog-post_15.html

https://t.me/melhamy/1665

https://www.youtube.com/watch?v=zJjkYHGJMfg

https://www.youtube.com/watch?v=TaPeWMhfsGU

https://www.youtube.com/watch?v=ikfGGWK3BUI

https://www.youtube.com/watch?v=HEg-ax7G-xs

https://www.youtube.com/watch?v=frfOeFdOWIU

الجمعة، يناير 14، 2022

دراسة حالة السيسي الطبية!

 

في كثير من المواقف يبدو #السيسي_عدو_الله كأنه إنسان متخلف عقليا، يحتاج بحق إلى فحص طبي بالفعل.

مثلا في الموقف الشهير الذي قال فيه "أنا لو ينفع أتباع لاتباع"، كان يتكلم بكل الجدية، بينما الكلمة لا يمكن أن يفهمها أحد إلا على سبيل المزاح الثقيل.. يعني إذا عُرض هذا المشهد دون أن نعرف صاحبه ومناسبته، فسنتخيل أنه مقطع كوميدي، ولن يتصور أحد أن رئيس دولة ما كان يرى الحل في بيع الناس بمن فيهم رئيس البلد نفسه لحل مشكلة البلد!!

ومثل ذلك قوله لصحافية: مش هناكل يعني.. مش هناكل، بس نبني بلدنا.. أهم حاجة نبقى كده!!.. انتِ خايفة ليه؟ ده أنا لما اشوفك بتفاءل!!

ومثل ذلك قوله لشاب سأله عن الذين يريدون البقاء في الحكم إلى الأبد، فأجابه ببراءة: ليس هناك من يبقى في الحكم للأبد، لأن كل شخص سيموت!!

انظر إلى براءة الإجابة، كأنه يخبرك عن حكمة عميقة، أو يكتشف اكتشافا جديدا.. كأنما كان السائل لا يعرف أن الحاكم سيموت في نهاية الأمر!!

ومثل ذلك موقفه في المؤتمر الصحافي الشهير مع ماكرون، حين سُئل عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، فقال منفعلا: لماذا لا تسألني عن الصحة؟ ليست لدينا صحة جيدة. لماذا لا تسألني عن التعليم؟ ليس لدينا تعليم جيد. لماذا لا تسألني عن الإسكان؟ ليس لدينا إسكان جيد.

وهذا وحده موقف تنتحر عنده علامات التعجب، فالطبيعي أن الطاغية المجرم حين يريد حرف الأنظار عن جرائمه في القتل والسجن أن يتحدث عن إنجازه في التعليم والصحة والإسكان.. أما هذا، فإنه يعترف على نفسه علنا بأنه لم يفعل شيئا لا في الصحة ولا في التعليم ولا في الإسكان.. مع أنه ينتهك حقوق الإنسان أيضا؟!!

حتى إن نظرات ماكرون له كانت استغرابية، ويلوح لي أنه ظن أن الترجمة خاطئة!! إذ لا يمكن لعاقل أن يقول مثل هذا الكلام!!

ويتكرر نفس هذا الموقف في ختام منتدى الشباب، فقد واجه سؤالا عن حقوق الإنسان، فانطلق يقول ذات الكلام عن أن حقوق الإنسان لا تقتصر على حقوقه السياسية وعلى حرية التعبير بل تشمل أيضا حقه في المسكن والدخل الجيد.. ومع ذلك، فهو يعترف على نفسه بأن الشعب المصري لا يجد ما يتنزه به لأنه لا يجد ما يعيش به حياة الكفاف!!

بعد تسع سنين من التمكين التام، بصحبة أجهزة أمن متوحشة بلا رحمة، وأجهزة إعلام لا تستحيي من الكذب الفاجر، وأنهار أموال تدفقت عليه من الخليج ومن القروض الأجنبية.. بعد هذا كله، يعترف السيسي على نفسه أنه لم يحقق للإنسان في مصر لا صحة ولا تعليم ولا سكن ولا حتى أبقى له كرامته.. فهو يقتلهم ويسجنهم ويعذبهم من أجل حياة ليس فيها معنى الحياة!!

هذه المواقف وحدها ينبغي أن تدفع إلى التفكير في المستوى العقلي لهذا السفاح!! هذه الكلمات التي يقولها لا ينطق بها عاقل.. نحن أمام حالة تتفوق على القذافي الذي كان مضرب المثل في الهذيان والتخريف والتفوه بما لا يُعقل!

فكيف إذا وضعناها إلى جانب مواقف أخرى مناقضة لها تماما؟!!

فالسيسي نفسه يتحدث عن الشعب الذي يكنز الأموال ويخزنها بعيدا عن يد الدولة! ويتحدث عن المليارات التي أصبحت "زي الكوتشينة"، ويتحدث عن إلغاء التموين لكل من استطاع أن يتزوج، فالزواج عنده دليلٌ على الغنى!! ويتحدث عن رفع الدعم عن رغيف الخبز!!

ومؤتمراته شبه اليومية التي تكون على هامش افتتاح ما يسميه مشاريع لا يرى أحد لها ثمرة، هي المؤتمرات التي يؤكد فيها أن البلد في نهوض وصعود وتطور، وأن ما حدث فيها ما كان ممكنا أن يحدث ولو في عشرين سنة، وأن ما أنجزه هو بدون دراسات جدوى لو كان قد نفذه بعد دراسة جدوى ما استطاع تحقيق ربعه أو خمسه!!

السيسي يغني على هذه النغمة نهارا، ثم يواصل فريق إعلامه الغناء عليها ليلا!! في مشهد يشبه تماما مشهد الحكاية الخرافية التي يُروى فيها أن منافقا استطاع أن يقنع الملك أنه قد نسج له ثوبا من خيوط الشمس والقمر، حتى خرج الملك عاريا، والكل يتأمل ويتغنى بجمال ثوبه من الشمس والقمر، لا يجرؤ أحد أن يتحدث عن حقيقة أنه عريان، لولا أن أفسد المشهد رجل مخبول صاح قائلا: إني أرى الملك عاريا!!

السيسي يتحدث عن الفقر بعد يوم واحد من تصريحه أنه أنفق 400 مليار جنيه للخروج بالبلد من متاهة الفقر!

ويتحدث أن المياه التي تصل إلينا من إثيوبيا 10% وأن البلد دخلت مرحلة الفقر المائي، وهو نفسه في مؤتمرات سابقة قال بكل ثقة: بلاش هري، عيشوا حياتكوا، بلدكم في أمان.. وقال قبلها: هو أنا ضيعتكم قبل كده علشان أضيعكم؟!!

وأرجوك -عزيزي القارئ- لا تنسى أهم مشهد في أزمة السد، المشهد الذي يمثل تجسيدا ممتازا للتخلف العقلي.. مشهد "قول والله والله والله.. لن نقوم بأي ضرر.. للمياه في مسر"!!!

وأرجوك لا تنسى أيضا أن هذا الشخص، كما قال هو بنفسه، لديه ثلاثة فلاتر، يعبر عليها كلامه قبل أن يخرج من فمه!!!

الخلاصة أن الوضع يحتاج إلى تفكير حقيقي حول قدرة هذا الشخص على الحكم، ومستوى إدراكه العقلي.. إنه في الموقف الواحد يعبر عن حالة مثيرة للاستغراب.. فإذا جمعنا موقفه هذا مع مواقفه السابقة نرى تناقضا لا يمكن حله..

والمسألة هنا ليس لها علاقة بكونه عميلا أو وطنيا، فحتى العميل يمكنه أن يحقق ما يريده من الضرر بكفاءة، أما هذا فحالة تستحق الدراسة حول طبيعة تفكيره!!

ولا تنس أن هذا الذي يفعل كل ما سبق يرى نفسه قد أوتي فهما نادرا كفهم سليمان، وأنها نعمة اختصه الله بها، وأن الله خلقه طبيبا يستطيع توصيف الحالة، وأنه بلغ في العبقرية حدًّا أن الفلاسفة يستمعون إليه ويوصون به، وأنه قرأ كل مقالات الصحف المصرية منذ كان في التاسعة!!!

قل لي بربك: أليست هذه حالة تستحق أن يعكف عليها الأطباء النفسيون ليدرسوها؟!