صرح الأنبا مرقس
أسقف شبرا الخيمة في حواره مع "اليوم السابع" بتاريخ 14 يناير 2017 أن
الشرطة المصرية تدرب شباب الكنيسة على أعمال التأمين! وهو ما يعدُّ تطورا جديدا في
العلاقة بين النظام والكنيسة، وتغييرا جديدا يطرأ على خريطة الواقع المصري بين
المسلمين والأقباط.
وقبل نحو عام نشر
مدير البعثات التنصيرية العالمية للمشيخية البروتستانتية هذا الفيديو الذي يحكي كيف أن فترة السيسي هي الأفضل بالنسبة لهم خلال المائة
وخمسين عاما الماضية، ويذكر الأراضي والتسهيلات التي أعطاها لهم نظام السيسي
وتشجيعهم على بناء الكنائس والمدارس واستئناف العمل الذي بدأ قبل مائة وخمسين
عاما.
لماذا مائة
وخمسين عاما بالتحديد؟! هذا هو موضوع مقالنا اليوم!
في مثل هذا اليوم (18 يناير 1863م) توفي سعيد باشا، الحاكم الثالث من سلالة
محمد علي باشا، وهي السلالة التي قهرت شعبي مصر والسودان وحكمتهم بالحديد والنار،
ثم فتحت للأجانب أبواب البلاد حتى كان الفقير الشريد في أوروبا يهاجر إلى مصر
متسولا فيجد أبواب الثراء واسعة بما صار للأجانب من الامتيازات الاقتصادية
والاستقلال القانوني، ولذلك ما إن بدا أن حكم أسرة محمد علي سيتزلزل أمام ثورة
المصريين التي تزعمها عرابي حتى نزل الاحتلال الإنجليزي بنفسه وبوارجه ليحافظ على
حكم الأسرة العلوية، وعاش رجالها تحت ظل الاحتلال قابلين أن يكونوا حكاما بلا سلطة
حقيقية، حتى قرر الأجانب التخلي عنهم لصالح حكم العسكر، فسلموا البلاد للعسكر
وخرجوا منها بعدما قسَّموها.
كان سعيد باشا أول اختراق أجنبي لمن حكم مصري منذ الفتح الإسلامي، فقد
ربَّاه الفرنسيون للصداقة العميقة التي انعقدت بين أبيه محمد علي باشا وأتييه
ديليسبس القنصل الفرنسي في مصر، وهو ما كانت له آثاره الخطيرة فيما بعد[1]. وبعد أكثر من مائة وخمسين عاما نعيش في ظل عبد
الفتاح السيسي الذي هو ثمرة من ثمار الدولة العلمانية العسكرية التي بدأت بسلالة
محمد علي، والذي أتى فوق دبابات الأجانب بعدما صار الاختراق الأجنبي لمصر شاملا
وعميقا!
على أن بين السيسي وبين سعيد نسبا آخر، فسعيد هو الذي أعطى امتياز حفر قناة
السويس ذلك المشروع الكارثي الذي لا تزال تعاني مصر من نتائجه، ثم أضاف السيسي
تفريعة جديدة تجعل الكارثة مضاعفة ويدفع الشعب ثمنها من ماله ودمائه واستقلاله[2]. ثم إن بينهما نسب آخر، وهي الرغبة المشتركة في
بقاء الشعب جاهلا.
من أشهر أقوال سعيد باشا: "لم نعلم الشعب؟ لكي يصبح الحكم عليه
والتصرف فيه أعسر مما هما عليه؟ دعهم في جهلهم! فالأمة الجاهلة أسلس قيادا في يدي
حاكمها"[3]، وهي المقولة التي تطورت على لسان السيسي لتصير
"ينفع بإيه التعليم في وطن ضايع"! وذلك أن مصر حققت في عهده المركز قبل
الأخير من قائمة 140 دولة في مؤشر جودة التعليم بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي
العالمي لعام 2015 – 2016!!
لكن الصورة لا تتضح إلا إذا نظرنا إلى انتشار التعليم الأجنبي التغريبي في
مصر، ففي اللحظة التي تنهار فيها المؤسسات التعليمية الحكومية تزداد وتزدهر
المؤسسات والمدارس والجامعات الأجنبية، وهو نفس ما فعله سعيد باشا من قبل، فلقد
استلم سعيد حكم البلاد بعد اغتيال عباس باشا، وكان عباس يكره الأجانب كراهية عميقة
فعمل على إغلاق المدارس التي افتتحها محمد علي والتي كانت من أبواب التغريب وصعود
النفوذ الأجنبي، فلما جاء سعيد استمر في إغلاق المدارس الأهلية ولكنه كان في غاية
الكرم مع المدارس التنصيرية الأجنبية.
ألغى سعيد ديوان المدارس (وزارة التعليم) وألغى مدرسة المهندسخانة بعدما
أرسل ناظرها علي مبارك إلى حملة عسكرية، وألغى المدرسة التي أبقاها سعيد
"المفروزة"، ثم أنشأ مدرسة حربية وأعاد فتح المهندسخانة كمدرسة حربية فقد
كان "الجيش هوايته"[4]، وأغلق مدرسة الطب بقصر العيني ثم أعاد فتحها،
ولم يرسل إلى أوروبا سوى 14 طالبا. وعلى الجانب الآخر فقد كان لراهبات البون
باستور Bon Pasteur "الراعي الصالح" مدرستان في القاهرة والإسكندرية، وفيها يتربي
ستون يتيمة بأجرة زهيدة، فرفعت الراهبات التماسا إليه أن يعطيهن ستين إردبا من
البرّ فأجابهن إلى ذلك في الحال، وعيَّن للمدرستين إعانة سنوية. وتبرع بمبنى
للإرسالية الأمريكية بمجرد نزولها إلى مصر (1855م) واستمر بدعمها. وتبرع بألفين
وأربعمائة جنيه (وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت) على أول مدرسة إيطالية تأسست في مصر،
فضلا عن منحها قطعة أرض تقدر بثمانية آلاف ذراع في نقطة من أحسن جهات الإسكندرية.
وقد استمر الهبوط في عدد المتعلمين من عشرين ألفا في عهد محمد علي باشا[5] إلى أحد عشر ألفا في نهاية عهده حتى وصلت إلى
بضع مئات في عهد سعيد، وتضاءلت ميزانية التعليم حتى وصلت إلى ستة آلاف جنيه فقط[6]!!
لذلك يتحدث العديد من المنَصِّرين بالثناء الكبير على سعيد الذي تأسست
جهودهم في عهده ولولاه لما بلغوا هذا القدر من النفوذ[7]، وهو ما يذكرنا بالثناء الذي تسيل به الصحافة
الإسرائيلية وتصريحات الساسة والنخبة الصهيونية على السيسي الذي وفَّر لهم ما هو
أكثر مما توقعوه. بل يبلغ التشابه حدا مثيرا بين وصف سعيد بأنه "راعي الإرسالية التنصيرية الأمريكية"[8] ووصف السيسي بأنه "بطل إسرائيل".
من أوجه الشبه كذلك بين سعيد والسيسي أن كليهما جاء على
رغبة الأجانب، وكان كل منهما خلفا لحاكم يهدد المصالح الأجنبية، فقد اشتهر عباس
الأول بأنه شديد الكراهية للأجانب وأنه يسعى في التخلص من نفوذهم، وتعددت الأقوال
في تفسير هذا، مما أعطى عملية اغتياله في قصره بُعْدًا تآمريا إذ يُشتبه في أن
للفرنسيين على الخصوص يدا في هذه العملية لتمهيد الطريق لربيبهم سعيد. وكذلك كان
مرسي مثيرا للمخاوف بالنسبة للغرب إن استمر في حكمه لذلك عجَّلت المنظومة الغربية
بالانقلاب عليه والإتيان بالسيسي، وهو واحد من الطبقة العسكرية المصرية التي تشربت
الثقافة الأمريكية كما شهدت لهم آن باترسون –السفيرة الأمريكية في مصر ومهندسة
الانقلاب العسكري- في جلسة استماع بالكونجرس بتاريخ 19 سبتمبر 2013م.
أما وجه الشبه الأخير
فيكمن في أن سعيد باشا هو صاحب اختراع القروض، فهو الحاكم الأول الذي يقترض من
البنوك الأجنبية والمصارف الدولية بغير سبب إلا الإنفاق على سفاهته وحماقته، وهي
السنة التي تبعه فيها خلفه إسماعيل حتى زادت الديون الربوية الفاحشة وكانت السبب
المباشر في التدخل الأجنبي المباشر في إدارة شأن الدولة.. وها نحن نرى السيسي لا
يكاد يفعل إلا أن يقترض لينفق ثم يقترض لينفق ثم يقترض لينفق، وليته ينفق في أمر
مهم، بل في صناعة زينته وأبهته وشراء شرعيات من الخارج وأسلحة لن يستعملها!
وهكذا يجدد السيسي سياسة
سعيد باشا، إلا أن بعض الشرِّ أهون من بعض، فعلى الرغم من كل ما فعله سعيد إلا أنه
رفع بعض الضرائب عن المصريين، وسمح للفلاحين بتملك الأراضي، وسمح للمصريين بالترقي
للرتب العليا في الجيش، ولما وصل إليه أن نوابه في السودان يظلمون الناس فكَّر في
الانسحاب من السودان وتركه لأهله، ولم تسجل عليه مذبحة لأبناء البلد كالتي حصلت في
رابعة أو النهضة أو رمسيس أو غيرها من سلاسل المذابح!
كأن هذا السيسي جمع كل
الشرَّ فتمثل بشرا!
ألا صدق أحمد مطر:
أنا لست أهجو الحاكمين
وإنما .. أهجو بذكر الحاكمين هجائي
[2] راجع هذه
المقالات الأربعة في بيان قصة قناة السويس وما تمثله من خطر وكارثة على المصالح
المصرية: أخطار وأضرار قناة
السويس، هل تضحي مصر بنفسها
لمصلحة الأجانب، ماذا قال المؤرخون
الأجانب عن قناة السويس، فصل من قصتنا مع
الشرعية الدولية.
[3] إلياس
الأيوبي، تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا، ط2 (القاهرة: مكتبة
مدبولي، 1996)، 1/ 183؛ جاك كرابس جونيور، كتابة التاريخ في مصر القرن التاسع
عشر: دراسة في التحول الوطني، ترجمة وتعليق: د. عبد الوهاب بكر، سلسلة الألف
كتاب الثاني 118 (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993)، ص130.
[6] إلياس
الأيوبي، تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا، 1/184 وما بعدها؛ عبد
الرحمن الرافعي، عصر إسماعيل، ط4 (القاهرة: دار المعارف، 1987)، 1/48، 49.
[7] د. خالد
محمد نعيم، الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر: دراسة وثائقية،
(القاهرة: كتاب المختار، بدون تاريخ) ص44 وما بعدها.
[8] Andrew Watson, The
American Mission in Egypt: 1854 to 1896,
seconed edition (Pittsburgh: united Presbyterian, 1904), p. 333
أحسنت يا مولانا
ردحذفوفك الله اسر العلماء الشباب امثال حسام البخارى و ايمن عبدالرحيم و احمد سبيع و مشايخنا وكل مظلوم فى سجون اوطاننا
السلام عليكم يا أستاذ محمد
ردحذفعلى الرغم من الضعف الذى نمر به اليوم حتى قد يتمنى البعض بالعيش فى السنوات الأخيرة من أمد الأندلس ولا يرى ما يراه اليوم.
لماذا لا تقوم بعض الدول المسلمة كتركيا وقطر بإنشاء مجلس يُسمى مثلا بالمجلس الاتحادى الاسلامى ويُضم لهذا المجلس إندونيسيا و أذيربجان وماليزيا وباكستان وأفغانستان و بروناى والصومال وأن نضم ما استطعنا من دول مسلمة (دون ايران ) ويكون لهذا المجلس جيش اسلامي ويكون مزيجاً من هذه الدول وتكون مُعِدَّاته تصنيعا اسلاميا خالصاً ، ويصبح لهذا المجلس مصرف اسلامي اتحادى بدورٍ مشابه لبيت مال المسلمين في عهد الخلافة ، ويكون لهذا الاتحاد عملة موحدة كالدينار مثلا ويكون الدينار مكوناً من مائة فلس.
و منظومة اعلاميه سواء عن طريق المرناة أو وسائل التواصل الإجتماعي تبين للمسلمين خاصة وللناس عامة مفهوم النظام الإسلامي ومدى تفوقه على النُّظم الإشتراكيه والرأسمالية والنُّظم الأخرى قاطبةٌ.
فهذا الجيش الاسلامى الاتحادى ينبغي أن يكون قوة رادعة وذلك للتدخل في سوريا لانتشالها مما هى فيه وأيضاً لصد ودحر مخططات ايران وروسيا وأمريكا وأذنابها كالصهاينة و السُّلْطَة بالإمارات والسعودية ومصر، و العمل على إسقاط النُّظم المستبدة بالعالم الإسلامى.
وأن يقوم هذا المجلس بضم وانشاء المدارس والجامعات لتربية الأجيال على النظام الاسلامى.
قد يقول البعض بأن هذا من الأحلام والأوهام لكن علينا أن نبادر بقدر ما استطعنا للإتحاد لأننا بهذا المعدل هالكون لا محالة.