كلمات
في ذكرى الهجرة باختصار شديد:
1. اختار
عمر رضي الله عنه التأريخ بالهجرة ووافقه الصحابة.. فلماذا؟
بالتأكيد ليس لأن النبي "خطط للهجرة" جيدا فخرج في الظهيرة واشترى راحلتين واستأجر خبيرا بالطريق ورتب من يأتيه بالأخبار ... إلخ، فكل هذه "تفاصيل" و"جزئيات" صغيرة.. وللنبي في غير هذا الموقف تخطيط كثير.
السبب أن الهجرة كانت لحظة فاصلة، إنها لحظة مولد "دولة الإسلام".
2. المرحلة المكية كلها لم تكن رحلة تربية وتكوين فحسب.. بل كانت رحلة "البحث عن الدولة".. وإذا تتبعنا النقاط البارزة في رحلة النبي فيها فسنجد هذه النقاط:
- دعوة زعماء مكة
- فلما أيس منهم.. وغابت الحماية التي تعصمه من "دولة" الكفر بموت أبي طالب، ذهب إلى الطائف (مركز القوة المنافس في الجزيرة العربية) وفيها ذهب إلى "زعماء" الطائف.
- عرض نفسه على القبائل فتحدث مع "زعمائهم" لكي يحصل على الإجارة والحماية لإقامة الدولة فيهم.
- ولما استجاب له بعض نفر بالمدينة أرسل معهم سفيره مصعب بن عمير فلم يتحقق النجاح الذي اطمأن إليه النبي إلا بإسلام "زعماء المدينة" كسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وأسعد بن زرارة.
3. في
المدينة صارت للإسلام دولة، ومن هنا بدأت رحلة الإسلام
4. فالدعوة
-برغم ما نزل بها- كانت دائما "تحت حماية" أو "تبحث عن حماية"
حتى إذا وجدتها في المدينة هاجر المسلمون إليها.
5. كان
النبي يوصي من يسلم من القبائل بأن يظل في قبيلته، فلما هاجر كانت الهجرة إلى المدينة
فرض على المسلمين برغم ما هي فيه من صعوبات طبيعية وبرغم أنها لا تستوعب هذه الزيادة
بكل تكاليفها الاقتصادية والاجتماعية.
6. في
ظل وجود الدولة استطاع المسلمون حل مشكلاتهم مهما كثرت وتشابكت.. وهذا هو صلب الموضوع،
أن المشكلات الجوهرية لا تحلها إلا "السلطة" و"الدولة" طالما توفر
الصدق والعزم.
7. لو
أن النبي يسعى لتكوين "جماعة" أو نشر "فكرة" لبقي في مكة يحدوه
الأمل أن يستكثر من الناس ويدعوهم حتى تصير لهم أغلبية في مكة فإما صار فيها الدولة
بعد عشرات السنين أو حتى قرون، ولردد "عشرات السنين ليست شيئا في عمر الأمة"،
و"أنا سأبذر الدعوة ثم يكملها الجيل القادم فإن لم يكن فالذي يليه ..." إلخ.
8. ولو
أن مكة لم تناسبه لكان حين ذهب إلى الطائف التمس له خيمة في أطرافها أو بدأ في اجتذاب
الواحد والاثنين والثلاثة حتى يتحقق له بمكة ما منعته منه السلطات المكية.. لكنه ذهب
مباشرة إلى "سلطة" الطائف.
9. ولو
لم يناسبه هذا لكان عرضه نفسه على القبائل لغرض تركه حرا يبلغ دعوته فيهم، لا لغرض
نصرته وطلب الحماية منهم، ولهذا فهم الزعماء أنه أمر دعوة ودولة وأن له تكاليف سياسية
بالمقام الأول فكان رد بعضهم "هذا أمر تكرهه الملوك".
10.
وقد فسرت السيدة عائشة النجاح الذي تحقق في المدينة بأنه جاء بعد فناء "الزعامات
العتيقة" بالمدينة في حرب بعاث، فكانت زعاماتهم الجديدة في يد شباب، والشباب أكثر
تقبلا للجديد وحماسة في نصره.
وقد
ظلت الزعامة الوحيدة الباقية من حرب بعاث "عبد الله بن أبي بن سلول" أحد
المشكلات التي واجهتها الدولة الإسلامية حتى مات.
11.
ولو كان النبي يسعى إلى مجرد تكوين "جماعة" أو نشر "فكرة" لكان
حين ذهب إلى المدينة انضوى تحت راية زعيم المدينة "عبد الله بن أبي بن سلول"
(الرئيس التوافقي وقتها) ولم يطلب سوى الحرية في الدعوة والتبليغ.. لكنه (صلى الله
عليه وسلم) كان منذ وصلها رئيس المدينة وزعيمها وصاحب السلطة فيها.
13.
ومن كل هذا تعرف فساد أقوال كثيرة منها:
- اعتماد الدعوة والتلبيغ ونشر العلم كأسلوب وحيد يُبتغى منه صلاح الحال دون بذل على مستوى السياسة والسلطة والسعي نحو الدولة.
- تفكيك
الكيانات الإسلامية النظامية والانخراط (الذوبان) بين المجتمع لنشر الوعي وفعل البر
وتعلم العلوم.. ثم يُرجى إن فعلوا ذلك أن يتقدموا (لا أدري كيف)
- التدرج في "إقامة" الدولة الإسلامية.
- تقديم
"استقرار" البلاد على "إقامة الدين" فيها. [إن من يطلع على أحوال
المدينة وقت هجرة النبي يقطع باستحالة قيام دولة وسط هذه المشكلات العاتية: الدينية
والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية]
- الرئيس
التوافقي
- حل
مشكلات الاقتصاد قبل إقامة الدين والشريعة
------------
في هذه الروابط مزيد تفصيل:
الهجرة
ومنهج البحث عن حل
http://melhamy.blogspot.com/2010/12/blog-post.html
صناعة
مجتمع الجسد الواحد (1/2)
http://melhamy.blogspot.com/2012/12/1-2.html
قراءة
افتكاسية في السيرة النبوية
http://melhamy.blogspot.com/2011/12/blog-post_26.html
الناس
على دين ملوكهم
http://melhamy.blogspot.com/2011/12/blog-post_24.html
الحركة
الإسلامية وشعرة معاوية
http://melhamy.blogspot.com/2012/01/blog-post_05.htmlالحركة الإسلامية والرئيس التوافقي
http://melhamy.blogspot.com/2012/01/blog-post_11.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق