الاثنين، مايو 02، 2022

الرئيس التافه!

 

يبدو أن مسلسل #الاختيار3 لم يحقق هدفه المنشود، رغم ميزانيته التي تساوي ميزانية 10 مسلسلات!! فجاءت البرامج التلفازية لتدعمه بعد كل حلقة!! ثم المنصات الإخبارية!!

في مشهد يحدث في التاريخ لأول مرة على حد علمي.. مشهد عبثي من أوله إلى آخره، فنحن لسنا الآن إزاء "المنتصر الذي يكتب التاريخ" من خلال السياق الطبيعي والنفوذ الطبيعي في مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة..

نحن الآن أمام حاكم عسكري يعلن أنه أمسك بقلم التاريخ ويكتبه.. ثم إنه يجبر الناس على تمثيله.. ثم يجبرهم على الاستماع إليه.. ثم يريد أن يجبرهم على تصديقه!!!

فبعد كل ما حدث، اصطنع #السيسي_عدو_الله احتفالا جديدا، وأتى بالذين جسّدوا هذا التاريخ -مجبرين بسيف المعز وذهبه- ليخطب فيهم مؤكدا أنهم قاموا بعمل عظيم ومهم ومؤثر وأمين!!!

إذا لم يكن هذا المجنون قد اتخذ قرارا بإعدام بعض قيادات الإخوان فهو الآن يمهد له بذلك، لكان في حقيقة الحال مجنونا بنفسه، بل ويستحق أن يوضع تحت أجهزة الفحص لفهم طبيعته النفسية المحمومة التي تصوّر له أن إطعام الناس للمعلومات بهذه الطريقة الفجة لا يأتي بالفائدة المطلوبة!!

كيف لرئيس دولة يحترم نفسه أن يجلس بنفسه ليصنع مسلسلا يتابع كتابته واختيار ممثليه ثم يمارس التأكيد على أهميته بنفسه!! وذلك في وقت تعاني فيه البلاد انهيارا شاملا، وتقف على شفير إعلان الإفلاس!!

هذا أمر يُحَقِّر من شأنه حتى بميزان المنطق الدولتي السلطوي الرسمي الذي يحرص دائما على بقاء صورة الدولة كيانا متساميا ورفيعا وفوق الصراعات.. ولهذا فإن مثل هذه المعارك تترك لصغار الصحافيين والإعلاميين "الشوارعية"، بينما يحتفظ المسؤولون في الدولة، فضلا عن رئيسها، بصورة كبير البلد، والشخصية الرسمية المحترفة التي لا تصدر عنها الصغائر ولا تتلوث بالدخول في المهاترات!!

ثم هذه الكلمة البائسة التي ألقاها في هذا الاحتفال، يؤكد فيها على صدق المسلسل وأمانته، يريد فيها أن يغير التاريخ الذي ما زلنا نعيشه، بل نحن ضحاياه.. وهو التاريخ الذي لم تعد السلطة منفردة بكتابته، بل تفيض به الصور والمرئيات والتسريبات التي تفضح كم كان خنوعا ذلولا خاشعا أمام مرسي، بل أمام وزرائه ومساعديه!!

إن ما يرويه شهود العيان عن تذلل السيسي لهم مدهش مثير، وهم لا زالوا أحياء، وشهادات كثير منهم منشورة من قبل هذا المسلسل!!

ذكرتني هذه الكلمة البائسة بموقف أبي جهل وحيي بن أخطب.. موقفان يعبران عن حقد نفسي عميق، يطلب تغيير التاريخ بل تغيير الكتب المقدسة لتوافق هواه (كتبت عن هذين الموقفين هنا: https://t.me/melhamy/1961 )

عبد الفتاح السيسي لم يعد منذ زمن طويل عدوا للإسلاميين وحدهم، وهو لم يكن أصلا عدوا للإسلاميين فحسب، هو منذ اللحظة الأولى عدو للشعب كله.. لأنه ابن العسكر الذين أذلوا هذا الشعب وقهروه وقتلوه وأفقروه.. وفي اللحظة التي استطاع فيها هذا الشعب أن يتنفس بعض الحرية، كان السيسي هو ممثل المنظومة المجرمة لإعادة الشعب مرة أخرى إلى حظيرة الذل والفقر!

لكنه الآن صار عدوا حتى للسلطويين الدولتية الذين يؤمنون بالدولة إلها من دون الله، ويحرصون على قداستها وقوتها وتفوقها وسطوتها.. هذا الرجل لا يستطيع الدولتي أن يدافع عنه وهو ينزل بمقام رئيس الدولة إلى المحلل الفني والناقد السينمائي، ويتحدث عن كلام جرى بينه وبين أسير لا يملك أن يرد عن نفسه.. رئيس دولة يقسم في الجلسة الواحدة عشر مرات كالذي يعرف في قرارة نفسه أنه مجرم مذنب مخطئ، ويعرف أيضا أن الناس لا تصدقه!!

السيسي في هذه اللحظة خطر على الدولة بمنطق الدولة نفسها، وميزان الدولة نفسها!!

نحن في لحظة عجيبة مدهشة! وما كان المرء يتوقع أن يصل الحال إلى هذا العار الذي تتناقل فيه مواقع الأخبار تصريحات متكررة لرئيس دولة عن مسلسل درامي!!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق