من أظهر الأمور
التي لا يمكن تفسيرها بالعقل في سلوك #السيسي هذا الاهتمام الشديد بأحجار
الفراعنة، فحملات الترميم والمواكب الاحتفالية وبناء متحف ضخم للآثار المصرية، هو
هدر سفيه غير معقول في بلد هش، لا تستطيع السلطة فيه الإنفاق على جهازها الإداري،
وتلجأ لاختراع أنواع من الضرائب ومحاسبة الناس على بناء بيوتهم منذ عشرين سنة، ثم
تتعكز الدولة -مؤخرا- على ودائع دولارية من حليفها السعودي.
هذا السفه الشديد، وغير المفيد، لا يمكن تفسيره بالعقل والمصلحة، بل يجب أن نبحث في علم النفس لتفسيره:
هل هو تعلق من السيسي بالفرعنة والطاغوتية والجبروت، فهو يحب أن يحيي تراث الفراعين الذين ضرب بهم المثل في القسوة والظلم وتسخير الشعب!
إن بناء الأهرامات الضخمة يظل دليلا قائما على قدرة الفرعون على تسخير الناس لأعوام طويلة لبناء قبر ضخم!! إنه شاهد على الظلم والطغيان الذي خيم على ذلك العصر!
أم يا ترى هو جزء من نفسيته المبغضة للإسلام؟!.. فهذا الرجل الذي لا يتورع ولا يتردد في هدم عشرات المساجد، هو نفسه الذي يقنن الكنائس المبنية المخالفة للقانون، وهو نفسه الذي يجدد -على نفقه الدولة- المعابد اليهودية التي لا يعرفها أحد ولا يزورها أحد.. فهل إحياؤه الوثنية الفرعونية هو جزء من هذا الخط؟!!
بالأمس توفي النائب البرلماني حمدي حسن، كان سجينا في سجن العقرب منذ 2014، ولم يره أهله منذ 5 سنوات!!
وهذا ليس حاله فحسب، بل هو حال كل النازلين في العقرب: الشيخ حازم أبو إسماعيل، د. محمد بديع، م. خيرت الشاطر، د. باسم عودة، د. محمد البلتاجي، د. سعد الكتاتني ... وآخرين!!
ومن اتفاق المناسبات أن عبد الله الحداد كان قد كتب مقالا عن أبيه السجين بالعقرب، يكشف فيه أنه صار عند كل رنة هاتف من والدته يتوقع سماع خبر وفاة أبيه.. وأبوه هو: د. عصام الحداد مستشار الرئيس الشهيد مرسي للعلاقات الخارجية!!
وهؤلاء كانوا نجوم المجتمع، ولهم علاقاتهم الواسعة بكثير من الدول والمنظمات، لطبيعة مكانتهم المرموقة.. هناك آخرون ينزل بهم كل هذا أو أشد، ولكن لا يعرف ذلك أحد، لأنه لا يهتم بهم أحد، طوابير أخرى في السجون العسكرية ومن المتهمين في قضايا "عنف" كما يسميها النظام!! وتلك قضايا يتهرب الجميع من ذكرها والدفاع عن أصحابها!
في مقال عبد الله يبدو واضحا أن سجن هؤلاء، والتعامل معهم على هذه الصورة لا يمكن تبريره بأي منطق عقلاني.. فهؤلاء السجناء من القيادات المحجوبة عن العالم كله وعن أهاليهم قد تقدم بهم العمر، ثم إنه قد تغيرت البيئة التي يمكن أن تمثل أي تهديد للنظام القائم، وبالتالي فالإفراج عنهم لن يمثل أي خطر أو ضرر على النظام القائم، لكنه يمثل إغلاقا لصفحة أليمة في تاريخ أهاليهم وأبنائهم.. بل ربما كان الإفراج عنهم مكسبا يوضع في صالح النظام.. فلماذا لا يفرج النظام عنهم؟
إذا أضفنا إلى ما قاله عبد الله الحداد، أن جماعة الإخوان، أعلنت (فعليا) استسلامها منذ زمن طويل، وقام المستسلمون منها بمحاربة من ذهبوا إلى المقاومة ورفع الغطاء عنهم، بل وتسليمهم في بعض الأحيان.. إذا كان ذلك كذلك، وهو أمر يعرفه النظام جيدا، فكيف يمكن تفسير هذا الأسلوب بالعقل؟!
السجون مليئة بالغرائب والعجائب، عدد لا يمكن إحصاؤه يُحاكم على "جرائم" حدثت وقت أن كان سجينا بالفعل، وهناك عدد غير معروف على وجه التحديد ممن سُجِنوا لأن قريبا لهم لم يستطع النظام اعتقاله، أبرزهم علا ابنة الشيخ القرضاوي وزوجها، وإخوة الإعلامي المعروف عبد الله الشريف، وهؤلاء عُرِفوا لأن ذويهم من المشاهير، بينما طابور طويل من الأقارب المسجونين لا يعرفهم أحد!!
هذا كله فضلا عن طرائف الأعمى المتهم بالتدريب على القنص، ومريض الأعصاب المتهم بمحاولة اقتحام قسم شرطة، والطفل الصغير المتهم بالاعتداء على مجموعة من رجال الأمن... إلخ!!
تلك الأمور كلها لا يمكن تفسيرها بمنطق مصلحة الدولة، ولا بتحليل عقلاني كما يتوهم بعض الناس أن الأمور تجري بالحساب والتدبير.. هذه أمور لا تفسر إلا بشهوة التجبر والطغيان التي تسكن نفوس المجرمين!!
هذا الذي وصفه ربنا تبارك وتعالى في كتابه فقال:
{كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة}
{إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم}
{قد بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر}
{قال: ربي الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت}
{آمنتم له قبل أن آذن لكم؟! ... فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف، ولأصلبنكم في جذوع النخل، ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى}
{يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري}
وهذه قصة فيها عبرة، كيف يشعر الفرعون بالطعنة الهائلة في جبروته ولو من امرأة واحدة!
https://melhamy.blogspot.com/2019/12/blog-post_5.html