الأربعاء، مارس 22، 2006

ملك الحرب



كانت زيارة خاطفة للقاهرة ، أشبه ما تكون بالترفيهية رغم أنها ليست كذلك .. أسفرت فيما أسفرت عن دخولى فيلم LORD OF WAR ( ملك الحرب ) وكان مترجما باسم ( امبراطور الشر ) ..

كانت تعرضه سينما مترو ، وبطله هو الممثل الشهير نيكولاس كيج .

لم يكن مقبولا لى ولا لصديقى أن ندخل سينما لنرى فيلما عربيا ، فلاشك سنشعر بالندم بعدها .. فكان افضل الخيارات من بين الأفلام الأجنبيه هو هذا الفيلم .

لا أكاد أذكر اللقطة الأولى من أى فيلم .. حيث أنها بطبيعتها تتوه وسط التصاعد الدرامى والحبكة القصصية .. إلا ان الإبداع الرهيب الذى تحمله أول لقطة فى الفيلم يجعلنى أتذكرها الآن قبل أى شئ .

كانت هذه اللقطة عبارة عن حكاية صامتة لقصة رصاصة ، كانت الكامير ( أو زاوية الرؤية ) مثبته فى أسفل رصاصة منذ بدء تصنيعها ودخولها الآلة التى تجعلها فى الشكل الاسطوانى ثم إضافة البارود لها ، ثم تغطيتها بالسطح المدبب .. كان المشاهد يرى كل هذا عبر الرصاصة نفسها ، بمعنى أن الشاشة كانت تنقل الصورة من زاوية مؤخرة رصاصة واحدة .

ثم تبدأ مرحلة التجميع للرصاص ، ثم إغلاق الصناديق ، ثم انتقالها عبر البحار والمحيطات بين البيئة الحارة والباردة والمناطق الثلجية ومناطق الغابات والأدغال ، ثم تفريغ الصناديق وتعبئة الرصاص فى الأسلحة .. ثم أخذ الرصاصة دورها فى الإطلاق حتى تنطلق لتفجر رأس طفل صغير .

مع انتهاء هذه الرحلة ذات التصوير المبدع يكون تتر الفيلم قد انتهى .

يحكى الفيلم قصة ( يورى أورلوف – نيكولاس كيج ) الذى هاجر إلى أمريكا مع اسرته منذ كان
طفلا ، وهناك ادعت الأسرة أنها يهودية وذلك – على حد تعبير البطل – للظروف التى كانت تجعل من الخير لك أن تكون يهوديا فى أمريكا فى السبعينات .. لكن الأب كان يتقمص الشخصية بإخلاص أكثر من اليهود أنفسهم مما أثار عليه زوجته الكاثوليكية .

كان لدى الأسرة مطعم كمورد رزق ، وكانت البداية لدى ( يورى ) هو رؤيته لحرب العصابات فى المدن الأمريكية والتى أقنعته بأهمية وجوده على المسرح كقوى .. فبدأ يفكر فى تجارة السلاح .

ويمضى سياق الفيلم متحدثا عن قصة صعود يورى فى تجارة الأسلحة والتى بدأت تدر عليه دخلا كبيرا ساعدته فى دفع الرشاوى لكل الناس حتى تبدو أعماله كأعمال تجاريه مشروعة ، كما مكنته هذه الأموال من الفوز بقلب معشوقته القديمة عارضة الأزياء التى كان منبهرا به حين كان مراهقا .. واستطاع عبر المال من تهيئة ظروف لقائه بها ، وعبر المال كذلك استطاع نيل إعجابها والزواج منها .

ظل يكبر فى عالم تجارة السلاح ، وكانت قفزته الكبرى فى سقوط الاتحاد السوفيتى الذى اثمر قادة كثيرين يحتاجون للمال ، ويمكنهم فى المقابل توفير سلاح من المخازن الهائلة التى كان يحتفظ بها الاتحاد السوفيتى فى عدة دول .. وكانت زوجته تتحاشى أن تسأله عن مصدر عمله حتى لا تضطره للكذب فقد كان يكفيها أن تعرف أنه مصدر نظيف .

باع الأسلحة فى حروب كثيرة ، واستطاع بناء علاقة خاصة مع المناطق الملتهبة فى آسيا وإفريقيا ، ومع بعض زعماء الحرب فى الدول الديكتاتورية فى إفريقيا والذين تميزوا بأنهم لايدفعون أموالا إنما يدفعون ( الماس ) ، فكان بهذا أحد أهم مصادر السلاح فى مذابح الحروب الأهلية القبلية ، وهى حروب فى غاية الدموية لايهتم بها أحد مطلقا .

تكتشف زوجته تجارته بالأسلحة من خلال ضابط البوليس الدولى الذى يطارده طوال الفيلم ، ولايفلح فى إمساك أى خطأ قانونى عليه يمكنه من سجنه ، فتواجهه زوجته فى مشهد مؤثر فتجبره على ترك المهنة ومزاولة الأعمال الحرة ، التى يزاولها بالفعل ويجد فيها صعوبة حيث الصعود البطئ والقيود القانونية .. حتى يفاجا ذات يوم بزعيم إفريقى يأتيه على هامش مباحثات كان يحضرها فى الأمم المتحدة ويغريه بالماس الذى يغريه بالعودة مرة أخرى إلى هذا المجال .

ينتهى الفيلم على ضبط يورى متلبسا على يد ضابط البوليس الدولى ، وفى حوار بينهما يكشف له يورى عن أن القاتل الحقيقى هو الرئيس الأمريكى الذى يشعل الحروب فى كل مكان ويسمح ببيع ونقل السلاح وهو المتسبب الأول فى المذابح التى ترتكب .. لكنه يحتاج إلى وسطاء مثلى لأن وضع بصماته على السلاح شئ محرج ..

ويخبره فى مشهد درامى عال فنيا وتأثيريا بأنه سيتسدعى الآن فى الخارج ليقال له لقد أديت عملا طيبا ، وسنشكرك عليه وستتم ترقيتك لكن ( يورى ) سيفرج عنه للمصلحة العليا .

ويحدث هذا بالفعل ، ليخرج يورى مواصلا بيع أسلحته .. لينتهى الفيلم على مشهد يورى وهو يرشو رجل قبيلة عربى واقف على الحدود فيسمح له بالدخول بشحنة الأسلحة التى معه .

وينزل تتر الفيلم على مشهد زوجته وهى تصطحب ابنه خارج المنزل ، مع عبارات أن اعلى الدول فى مجال بيع الأسلحة هى : الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ، وهم الدول الخمسة دائمة العضوية فى مجلس الأمن .


شاهدته 8/3/2006
تاريخ الكتابة 20/3/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق