بعد العودة من الطائف :
كان النبى صلى الله عليه وسلم قد فقد سنده الذى كان يحميه ، عمه أبو طالب ، فلفم يستطع دخول مكة إلا فى حماية المطعم بن عدى ( وكان مشركا ) .
وكان الله قد أخبر النبى قبل عودته من الطائف أن نفرا من الجن استمعوا القرآن فأسلموا فسر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم ،
وفى هذه الأجواء امتن الله على نبيه برحلة الإسراء والمعراج ، وخلاصة الرحلة أن النبى صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فى ليلة فأخذه على البراق ، حتى ذهب به إلى المسجد الأقصى ، ثم عرج به إلى السموات السبع ، ورأى النبى وشاهد من أحوال الدنيا وأهل الجنة فى الجنة وأهل النار فى النار ، وتلقى فى هذه الرحلة فرض الصلوات الخمس فى اليوم والليلة ، وصلى بالأنبياء إماما ، ثم عاد إلى مكة فى نفس الليلة .
ومع ما أثارته هذه الرحلة من جدل واسع فى مكة ، برغم الدلائل التى ساقها لهم رسول الله فوصف لهم المسجد الأقصى ناحية ناحية ، واخبرهم عن القوافل التى فى الطريق وأحوالها ، وتبين فيما بعد صدق النبى صلى الله عليه وسلم حينما عادت هذه القبائل واكدت هذه الأخبار ، رغم ما أثارته من جدل فإن بعضا ممن كانوا قد آمنوا ارتدوا عن الإسلام ، والمؤمنون ازدادوا إيمانا ، حتى أن ابابكر رضى الله عنه حينما حاول المشركون الوقيعة بينه وبين النبى قالوا له : عن صاحبك يزعم أنه ذهب الشام وعاد فى ليلة ، فرد فى حسم : إن كان قال فقد صدق .. وحصل من حينها على لقب ( الصديق ) .
هذه الرحلة ، الراجح فيها أنها كانت فى ربيع الأول عام 13 ، إذا يستحيل أن تكون فى رجب عام 10 من البعثة ، فهذا قبل الطائف وقبل موت خديجة ، والثابت أن خديجة رضى الله عنها ماتت قبل فرض الصلاة ، وان الرحلة بعد الطائف .
فى العام الحادى عشر :
فكر النبى فى عرض دعوته على القبائل التى تأتى فى موسم الحج ، بعد اتضاح أن مكة لن تتبنى هذه الدعوة من تجربة العشر سنوات الماضية .
فكان يعرض نفسه على القبائل طالبا حمايتهم حتى يبلغ دعوة الله ، فتكلم مع 15 قبيلة ، كل منها كانت لها أعذارها أو شروطها ، مما منع أن يتم أى اتفاق بينها ، واشهر هذه المحادثات كانت مع بنى عامر الذين اشترطوا وراثة الملك بعد موت النبى ، وبنوشيبان الذين اشترطوا الحماية من العرب فقط لا من الفرس .
حتى كان فى ذى الحجة من هذا العام ، التقى النبى فى موسم الحج بست نفر من الأنصار ، عرض عليهم الإسلام فعرفوا أنه النبى الذى يتوعدهم به اليهود فى المدينة ، ثم ذكروا أن قومهم على شقاق كبير فلعل الله أن يجمعهم على يد النبى صلى الله عليه وسلم .
وعادوا إلى المدينة يحملون دعوة الإسلام .
فى العام الثاني عشر :
اقبل هؤلاء الستة ، ومعهم مثلهم فصاروا اثنا عشر رجلا ، بايعوا النبى بيعة العقبة الأولى وخلاصتها ( اجتناب المعاصى والفواحش ) ، وأرسل النبى معهم ( مصعب بن عمير ) يعلمهم الإسلام ، فقام سيدنا مصعب بهذه المهمة خير قيام ، واسلم على يديه زعيمى المدينة ( أسيد بن حضير وسعد بن معاذ ) .
وقبيل حج السنة الثالثة عشرة من البعثة ، عاد مصعب إلى المدينة يحمل بشائر الخير لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فى العام الثالث عشر :
أقبل الأنصار وكان عددهم 73 رجلا وامرأتان ، ولقيهم النبى ليلا فى أجواء تحيطها السرية ، وتمت بيعة العقبة الثانية ، وقد وضح فيها كل طرف واجباته والتزاماته ، وتأكد فى هذه البيعة عزم الأنصار على حماية رسول الله مما يحمون منه أنفسهم وأموالهم ، واتضح لهم أن تبنى هذه الدعوة معناه الدخول فى حرب العرب والعجم ، ولكنهم ثبتوا بتوفيق الله وتمت بيعة العقبة الثانية .
بعد إتمام هذه البيعة ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بالهجرة إلى المدينة ، فكانوا يخرجون متخفين ليلا ، فأول من هاجر هو أبو سلمة ، والوحيد الذى هاجر علنا هو عمر بن الخطاب ، ومابقى بمكة إلا النبى وأبو بكر وعلى – بأمر من النبى – ومن لم يستطع الهجرة من المسلمين .
لما علمت قريش بأن خروج الرسول معناه أنه سيصبح أكثر قوة وعزة ومنعة ، اجتمعوا مقررين قتله فى القصة المشهورة بدار الندوة ، ولاداعى لتكرار ماهو معروف من القصة هنا .
المهم أن النبى صلى الله عليه وسلم هاجر فى عملية دقيقة محكمة بالغة الذكاء والسرية ، ووصل إلى المدينة فى 12 ربيع الأول عام 1 للهجرة ، وكان يوم جمعة ، واستقبله الأنصار بالنشيد الخالد ( طلع البدر علينا ) .
كان أول ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم هو :
1) بناء المسجد ، الذى كان فى نفس الوقت ( قصر رئاسة أو دار حكم ) فيه يتلقى الوفود ، ومنه يعين الولاة ، ومنه تخرج الجيوش ، وفيه يتربى المجتمع ، وكان منبره وسيلة الإعلام .
2) المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار : وقد كانت قصصا أسطورية صنعها الأنصار ، فصارت درة على جبين الإنسانية كلها ، إذ رحبوا بإخوانهم المهاجرين واقتسموا معهم أموالهم وديارهم وحتى زوجاتهم ، مع احتياجهم لهذا ، ووصفهم القرآن بـ (الذين تبوءوا الدار والإيمان ) أى كأن الإيمان بيت ودخلوه ، وليس دخل الإيمان فى قلوبهم ، وكانت صفحة مذهلة الروعة من صفحات التاريخ .
3) المعاهدة مع اليهود : وهى اتفاقية دفاع مشترك – لو استخدمنا مصطلحات العصر – كانت على التعاون على الدفاع عن المدينة والاتفاق على أسلوب الحياة فى المدينة ، مع الحفاظ على حياتهم وأموالهم ... ولكن اليهود هم اليهود .
ثم نزل الأمر الإلهى بالإذن بالقتال .
كتب فى 6/10/2005 .... 3 رمضان 1426
كان النبى صلى الله عليه وسلم قد فقد سنده الذى كان يحميه ، عمه أبو طالب ، فلفم يستطع دخول مكة إلا فى حماية المطعم بن عدى ( وكان مشركا ) .
وكان الله قد أخبر النبى قبل عودته من الطائف أن نفرا من الجن استمعوا القرآن فأسلموا فسر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم ،
وفى هذه الأجواء امتن الله على نبيه برحلة الإسراء والمعراج ، وخلاصة الرحلة أن النبى صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فى ليلة فأخذه على البراق ، حتى ذهب به إلى المسجد الأقصى ، ثم عرج به إلى السموات السبع ، ورأى النبى وشاهد من أحوال الدنيا وأهل الجنة فى الجنة وأهل النار فى النار ، وتلقى فى هذه الرحلة فرض الصلوات الخمس فى اليوم والليلة ، وصلى بالأنبياء إماما ، ثم عاد إلى مكة فى نفس الليلة .
ومع ما أثارته هذه الرحلة من جدل واسع فى مكة ، برغم الدلائل التى ساقها لهم رسول الله فوصف لهم المسجد الأقصى ناحية ناحية ، واخبرهم عن القوافل التى فى الطريق وأحوالها ، وتبين فيما بعد صدق النبى صلى الله عليه وسلم حينما عادت هذه القبائل واكدت هذه الأخبار ، رغم ما أثارته من جدل فإن بعضا ممن كانوا قد آمنوا ارتدوا عن الإسلام ، والمؤمنون ازدادوا إيمانا ، حتى أن ابابكر رضى الله عنه حينما حاول المشركون الوقيعة بينه وبين النبى قالوا له : عن صاحبك يزعم أنه ذهب الشام وعاد فى ليلة ، فرد فى حسم : إن كان قال فقد صدق .. وحصل من حينها على لقب ( الصديق ) .
هذه الرحلة ، الراجح فيها أنها كانت فى ربيع الأول عام 13 ، إذا يستحيل أن تكون فى رجب عام 10 من البعثة ، فهذا قبل الطائف وقبل موت خديجة ، والثابت أن خديجة رضى الله عنها ماتت قبل فرض الصلاة ، وان الرحلة بعد الطائف .
فى العام الحادى عشر :
فكر النبى فى عرض دعوته على القبائل التى تأتى فى موسم الحج ، بعد اتضاح أن مكة لن تتبنى هذه الدعوة من تجربة العشر سنوات الماضية .
فكان يعرض نفسه على القبائل طالبا حمايتهم حتى يبلغ دعوة الله ، فتكلم مع 15 قبيلة ، كل منها كانت لها أعذارها أو شروطها ، مما منع أن يتم أى اتفاق بينها ، واشهر هذه المحادثات كانت مع بنى عامر الذين اشترطوا وراثة الملك بعد موت النبى ، وبنوشيبان الذين اشترطوا الحماية من العرب فقط لا من الفرس .
حتى كان فى ذى الحجة من هذا العام ، التقى النبى فى موسم الحج بست نفر من الأنصار ، عرض عليهم الإسلام فعرفوا أنه النبى الذى يتوعدهم به اليهود فى المدينة ، ثم ذكروا أن قومهم على شقاق كبير فلعل الله أن يجمعهم على يد النبى صلى الله عليه وسلم .
وعادوا إلى المدينة يحملون دعوة الإسلام .
فى العام الثاني عشر :
اقبل هؤلاء الستة ، ومعهم مثلهم فصاروا اثنا عشر رجلا ، بايعوا النبى بيعة العقبة الأولى وخلاصتها ( اجتناب المعاصى والفواحش ) ، وأرسل النبى معهم ( مصعب بن عمير ) يعلمهم الإسلام ، فقام سيدنا مصعب بهذه المهمة خير قيام ، واسلم على يديه زعيمى المدينة ( أسيد بن حضير وسعد بن معاذ ) .
وقبيل حج السنة الثالثة عشرة من البعثة ، عاد مصعب إلى المدينة يحمل بشائر الخير لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فى العام الثالث عشر :
أقبل الأنصار وكان عددهم 73 رجلا وامرأتان ، ولقيهم النبى ليلا فى أجواء تحيطها السرية ، وتمت بيعة العقبة الثانية ، وقد وضح فيها كل طرف واجباته والتزاماته ، وتأكد فى هذه البيعة عزم الأنصار على حماية رسول الله مما يحمون منه أنفسهم وأموالهم ، واتضح لهم أن تبنى هذه الدعوة معناه الدخول فى حرب العرب والعجم ، ولكنهم ثبتوا بتوفيق الله وتمت بيعة العقبة الثانية .
بعد إتمام هذه البيعة ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بالهجرة إلى المدينة ، فكانوا يخرجون متخفين ليلا ، فأول من هاجر هو أبو سلمة ، والوحيد الذى هاجر علنا هو عمر بن الخطاب ، ومابقى بمكة إلا النبى وأبو بكر وعلى – بأمر من النبى – ومن لم يستطع الهجرة من المسلمين .
لما علمت قريش بأن خروج الرسول معناه أنه سيصبح أكثر قوة وعزة ومنعة ، اجتمعوا مقررين قتله فى القصة المشهورة بدار الندوة ، ولاداعى لتكرار ماهو معروف من القصة هنا .
المهم أن النبى صلى الله عليه وسلم هاجر فى عملية دقيقة محكمة بالغة الذكاء والسرية ، ووصل إلى المدينة فى 12 ربيع الأول عام 1 للهجرة ، وكان يوم جمعة ، واستقبله الأنصار بالنشيد الخالد ( طلع البدر علينا ) .
كان أول ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم هو :
1) بناء المسجد ، الذى كان فى نفس الوقت ( قصر رئاسة أو دار حكم ) فيه يتلقى الوفود ، ومنه يعين الولاة ، ومنه تخرج الجيوش ، وفيه يتربى المجتمع ، وكان منبره وسيلة الإعلام .
2) المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار : وقد كانت قصصا أسطورية صنعها الأنصار ، فصارت درة على جبين الإنسانية كلها ، إذ رحبوا بإخوانهم المهاجرين واقتسموا معهم أموالهم وديارهم وحتى زوجاتهم ، مع احتياجهم لهذا ، ووصفهم القرآن بـ (الذين تبوءوا الدار والإيمان ) أى كأن الإيمان بيت ودخلوه ، وليس دخل الإيمان فى قلوبهم ، وكانت صفحة مذهلة الروعة من صفحات التاريخ .
3) المعاهدة مع اليهود : وهى اتفاقية دفاع مشترك – لو استخدمنا مصطلحات العصر – كانت على التعاون على الدفاع عن المدينة والاتفاق على أسلوب الحياة فى المدينة ، مع الحفاظ على حياتهم وأموالهم ... ولكن اليهود هم اليهود .
ثم نزل الأمر الإلهى بالإذن بالقتال .
كتب فى 6/10/2005 .... 3 رمضان 1426