الثلاثاء، يونيو 13، 2006

للأسف .. قد تسقط حماس



أوجه السطور القادمة إلى كل الأحرار والمدافعين عن حقوق الإنسان وعن حق الشعوب فى اختيار حكامها .. فى كل العالم .
وهو موجه خصوصا إلى عالمنا الإسلامى الذى يلتزم بهذه القيم والمبادئ انطلاقا من كونها فرائض مفروضة عليه فى الإسلام .
ثم هو بوجه أخص إلى عالمنا العربى الذى يحمل فوق كل ماسبق أثقال الذل والهوان وسيطرة الطغاة والظالمين .. ولا يتمتع بشئ من خيراته التى تذهب - بفعل حكامه - إلى جيوب أعدائه ، بل ولم يتركوا له حتى كرامته وحريته وحقه فى الحياة الكريمة .
ثم هو موجه إلى مصر .. قلب العالم العربى والإسلامى النابض بالحياة ، والتى كانت بالأمس كنانة الله منها تنطلق السهام لتدافع عن كل الأمة ، وعليها تتكسر الأمواج التى هددت الأرض الإسلامية ، وهى التى تزخر الآن بأمواج التحرر وصيحات النهضة .

قد تسقط حماس .. نعم ، ورغم كل ما تمثله هذه الكلمة من رعب لى ومن صدمة .. بل ومن حسرة إذ أكتبها ، إلا أنه لا يصح أن نبقى فى الخيال دائما ، فكل نهضة أو ثورة لم تتوفر لها العوامل الطبيعية التى تمكنها من الاستمرار فقد تسقط مهما كان نبل مقصدها وطهارة أبنائها والقائمين عليها .

تعالوا نتخيل مالذى يمكن أن يحدث لو سقطت حكومة حماس :

أخطر ما يمكن أن ينشأ عن سقوط حكومة حماس هو ذلك التيار الرهيب وتلك الأمواج العظيمة من اليأس والتى ستجتاح قلوب الناس جميعا فى كل العالم ، وتلك العقيدة التى ستنشأ وتنغرس فى القلوب معلنة أنه لا وقوف أمام أمريكا وأمام إسرائيل ولو كانت إرادة الشعوب ، ولو توفر لهذه الإرادة كل العزم والتصميم والصمود مثل الذى بذله الشعب الفلسطينى وهو كثير وطويل ومرير .

ستنتشى أمريكا أو إسرائيل ( هما تقريبا كيان واحد على المستوى السياسى ) معلنة بملء فيها : أنا ربكم الأعلى ، وما علمت لكم من إله غيرى .. وأنا القابض والباسط والمعز والمذل ، وما من أحد يستطيع الوقوف أمامها فى تلك الحالة .

انهيار حكومة حماس التى ترفع لواء المقاومة معناه انهيار أول سد يقف أمام الإعصار الصهيونى ، وسقوط أول خط دفاع للأمة العربية ، وستتعرى فى لحظة واحدة لبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية ، ومن ورائهما باقى العالم العربى ، وستبدأ الوجوه والرؤوس تلتف حول المارد الصاعد الذى يسمى إيران الذى أصبح الطريق أمامه مفتوحا تماما ، ويبدأ من جديد حلم اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل والذى كان قد مات واقعيا عند أول لحظة فى بناء الجدار العازل .

انهيار حماس يعنى هزيمة نفسية هائلة لكل العالم العربى والإسلامى ، بل ولكل الأحرار ولكل المدافعين عن الديمقراطية فى كل أنحاء العالم ، وهى هزيمة نحتاج إلى مائة عام على الأقل حتى ينشأ الجيل الذى لم يستشعرها ولم تحطمه ، ويعنى فى نفس اللحظة أن القوة هى التى تفرض ما تريد دون أن يستطيع أى شئ - مهما حاول الصمود والمقاومة - أن يحقق أمامها أى إنجاز .

انهيار حماس - يا كل أحرار مصر - يعنى ضربة قاتلة للإصلاح فى مصر ، فاليأس الذى سيسحق النفوس فى مصر كفيل بأن يقضى بداخلها على أى بذرة أمل فى التغيير إلا ذلك التغيير الذى تريده أمريكا ، فقد صارت لا راد لقضائها .. وانتهاء الأمل من النفوس يعنى انتهاء رغبة الناس فى التغيير وتجذر حالة الخنوع والسلبية واللامبالاة والاستسلام للضعف وللحاكم .

انهيار حماس يعنى ضياع فلسطين .. ثالث أقدس البقاع فى الوجدان الإسلامى ، وانهيار مروع مثل هذا يعنى فقدان الثقة فى كل شئ ، ومراجعة كل الثوابت والمبادئ ، ويعنى انتفاخا وعجرفة لدى أمريكا وإسرائيل لا ندرى مالذى يمكن أن نقدمه من تنازلات حتى نحوز ذلك الرضا ، وسيصبح حينها هذا الرضا الطريق الوحيد .

قد يقول أحد : إننى مبالغ فى السوداوية ، وأن هذه نظرة تشاؤمية ، لكنى - والله - لا أتوقع أن شيئا أقل من هذا يمكن أن يحدث لو انهارت حكومة حماس .. ولذلك يعمل الجميع على إسقاطها من هؤلاء المهددة عروشهم مثل حكامنا العرب وعلى رأسهم مبارك الذى يدرك ان صعود حماس هو انتصار للديمقراطية وللتغيير وللإصلاح قبل أن يكون انتصارا للإسلاميين ، وان نجاح حركة حماس سيصبح تماما مثل نجاح إيران نموذجا ترنو إليه العيون والقلوب .

بالأمس فقط كانت مباراة إيران والمكسيك فى بطولة كأس العالم ، وكانت المقاهى تعلن أن المصريين يساندون إيران ويشجعونها بقلوبهم وأرواحهم ، وهى الدولة التى لم يعرفها الناس إلا بصمودها وتحديها لأمريكا .

نجاح إيران ونجاح حماس هو نجاح للإصلاح وللديمقراطية ولتيار التغيير ، وفشلهما يعنى ضربة قاتلة لكل أمنيات الأحرار فى كل العالم ، وإذا كان من المستبعد الآن سقوط إيران ، فإنى أحمل كل الرعب من إمكانية سقوط حماس .. رغم يقينى الكامل فى كفاءة وطهارة وصلابة وصمود حماس وفصائل المقاومة والشعب الفلسطينى .

وتاريخنا يحمل الكثير من هذه النماذج ، نماذج سقوط الثورات النبيلة .. ولعل أشهرها فشل ثورة الحسين رضى الله عنه على يزيد بن معاوية ، ولنتخيل مالذى كان يمكن أن يحدث لو حكم الحسين وصار خليفة وامتد عهد الراشدين سنوات أخرى ، كان وجه تاريخنا كله سيتغير لاشك ، وكذلك حركة عبد الله بن الزبير فى عهد عبد الملك بن مروان والتى انتهت بقتله وصلبه ، وتقريبا كل ثورات العالم العربى فى العصر الحديث ضد الاستعمار والتى قادها الوطنيون وانتهت إما بالفشل أمثال ثورات عرابى وعمر المختار ، أو نجحت وقطف ثمارها عملاء الغرب فأعادونا مرة أخرى إلى احتلال عميل غير مكشوف .

وكل هذا الفشل إما لأنه لم تتوفر لهذه الحركات العوامل الطبيعية للنصرة وللصمود وللاستمرار ، وحكم فيها ميزان القوة ، وإما لضعف أو سذاجة من بعض ممن قاموا عليها .. والنتيجة : تأخر حركة النهضة وثمار الإصلاح فى دولنا المنكوبة .

يا كل الأحرار فى كل العالم ، يا كل أبناء العالم الإسلامى ، ياكل العرب ، يا كل أهل مصر ، يا رواد حركة الإصلاح فى مصر بالذات ، يا حركات التغيير ، يا كل من يحمل مبدأ الحرية .. أناديكم : ادعموا حكومة حماس ، لا تتركوها تسقط .. فوالله إن سقوطها كارثة علينا أكبر وأبشع مما هى عليهم .

وللأسف لا أعرف إلا طريقين لدعم حكومة حماس .. الأول عن طريق نقابة الأطباء المصرية التى توصل الأموال فى شكل معونات ومساعدات ، والثانى عن طريق جماعة الإخوان المسلمين ولا أدرى فى أى صورة تصل الأموال ، وإن كان يغلب على ظنى أنها تصل كأموال مثلما يتضح فى بعض التصريحات وتأكد فى واقعة إلقاء القبض على سامى أبو زهرى أواخر مايو الماضى وكان يحمل مبلغ 600 ألف يورو نقدا .

اللهم انصر عبادك المجاهدين فى سبيل الحق فى كل مكان .


12/6/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق