اللهم اجعل كلامى وكتابتى خالصة لوجهك الكريم، اللهم لا تجعل لأحد سواك فيها نصيبا، اللهم طهرها من الرياء والعجب، والغرور والكبر، والعناد والانتصار للنفس، وحب الشهرة وحب المدح.. اللهم إن كان فيها الخير فيسرنى لها ويسر نشرها وقراءتها، وإن كان فيها الشر فأبعدنى عنها وعسرها لى واكتب لها الموت والفناء.. إنك نعم المولى ونعم النصير.
الأحد، ديسمبر 27، 2020
كلمة عن كتاب "حياتي في رحاب الأزهر"
الاثنين، ديسمبر 21، 2020
كلمة عن كتاب "الدولة المستحيلة"
منذ أن أنهيتُ كتاب "الدولة المستحيلة" لوائل حلاق، وأنا أهيئ نفسي لتدبيج مقال مطوّل عنه، ومع الأسف يمرُّ الوقت وتجتمع المشاغل مع ضعف الهمة فلا يلبث المرء إلا أن يكون بين خياريْن: إما أن يُدرك بعضَ ما نوى أو أن يتخلى عنه كله.
الثلاثاء، ديسمبر 01، 2020
كيف تتشكل صورة المسلمين في فرنسا؟ خبرة مستشرق فرنسي
في عام 2016
أصدر المستشرق الفرنسي فرانسوا بورغا كتابه "فهم الإسلام السياسي"، وفيه
حاول أن يوجز رحلاته في الديار الإسلامية، حيث اكتشف هناك زيف الصورة التي يعتنقها
الفرنسيون. واكتشف أيضا أن هذه الصورة ليست لمجرد ضعف الثقافة أو لأن الفرنسيين لا
يعرفون إلا الغرب، بل لأن ثمة شبكة من المؤسسات السياسية والإعلامية والأكاديمية
تعمل على ترويجها وفرضها وتثبيتها كصورة وحيدة. ونفس هذه الشبكة هي التي تُرَوِّج
تحليلاتها وتفسيراتها وتقدم "الفهم الوحيد الصحيح" لما يحدث في بلاد
المسلمين، ليس هذا فحسب، بل إنها تسعى سعيها المحموم لمطاردة أي صوت آخر يحاول أن
يقدم صورة أخرى أو تحليلا آخر لما يجري هناك.
ومن ثَمَّ كان
على المتحدث في شأن الشرق أن يلتزم بهذه الرواية الرائجة، فإذا تجرأ وقدَّم رواية
أخرى تنصف المسلمين أو تحاول فهمهم، كان عليه أن يدفع الثمن، ومن الجدير بالذكر أن تهمة
التعاطف مع الإسلام تساوي "باختصار: الخيانة"[1].
خرج الكتاب
مزيجا بين السيرة الذاتية وبين أدب الرحلات وبين الفكر والتحليل السياسي! ومع أن
فهمه لعموم المشاعر الإسلامية كان جيدا إلا أن فهمه للحركات الإسلامية يعاني قدرا
غير قليل من التشوش والضبابية.
يبدأ بورغا
كتابه باقتباس من رسالة الروائي الفرنسي الشهير إميل زولا، يقول: "إنهم
يُهَيِّجون فرنسا، يختبؤون وراء عاطفتها المباحة، يكممون الأفواه بتكدير القلوب
وإفساد العقول. لا أعرف جريمة مدنية أعظم من ذلك". ثم يشرع في بيان أن التوتر
مع العالم الإسلامي يعود إلى المشكلات السياسية، لا الدينية، فالمسلمون يريدون
الانعتاق من الاستعمار وقيوده التي لا تزال مستمرة، وهذا ما لا يريد الغربي أن
يفهمه لأنه منكفئ على نفسه ولا يرى في العالم غير فرنسا أو الغرب فحسب، وبدلا من
أن ينشط الغربي لفهم هذه الظاهرة الإسلامية فإنه يستعمل سوء الظن ليفسر به حركة
هؤلاء "الأشرار" الآخرين.
يحاول بورغا
التمييز بين المسلمين وبين الإسلاميين، فالمسلمون كأي أمة يريدون أن يعيشوا كما
تمليه عليهم ثقافتهم وشريعتهم، فميلهم إلى الهوية الإسلامية هو فعل طبيعي، ليس فيه
بالضرورة رفض مطلق للغرب ولا رغبة في إفناء الشعوب الغربية، ولكنها حركة استقلال
وتحرر وانخلاع من الثقافة الاستعمارية التي لا تزال مفروضة عليهم بفعل الهيمنة
الغربية، وهذه الحركة موجهة إلى العلمانيين والقوميين أيضا باعتبارهم ممثلي
الثقافة الغربية ونتاجا لحقبة الاستعمار. هذه الرغبة في الاستقلال والتحرر لا بد
لها من الانتماء إلى الإسلام وحضارته وتقاليده وقيمه، لأن أصحابها مسلمون، وهذه
الرغبة هي التي تسود العالم الإسلامي، ولا يمكن إدانتها.
وأما
الإسلاميون فهم أولئك الذين ترجموا هذه الرغبة إلى عمل وحركة، ومن الطبيعي أنهم
سيعملون بقوة ضمن تحت الشعارات الإسلامية وسيتبنون خطابا إسلاميا، ولكن التنوع
الكبير بين هؤلاء الإسلاميين (بدءا من الغنوشي وحتى البغدادي) في طرق العمل وطبيعة
الأفكار، يجب أن يلفت النظر إلى أن الخطاب الإسلامي إنما هو مظلة واسعة للغاية،
فمن الخطأ حصر الإسلام في شكل نمطي واحد كما يحدث في الغرب، ولفهم هذا التنوع يجب
أن ننظر في الظروف والدوافع التي هيمنت على كل حركة حتى صار كلا من الغنوشي
والبغدادي ينتسبان إلى الإسلام ويستعملان الخطاب الإسلامي.
يستخلص بورغا
من خلال دراسته ورحلاته إلى قناعة مفادها أن ردة فعل حركة إسلامية ما "غالبا
ما تكون ذات طبيعة انفعالية، أي أن باعثها المؤسس يتمثل في عنف ابتدائي"[2]،
وبعبارة أخرى: أن ظهور التطرف والإرهاب لا يتحمل الإسلاميون وحدهم مسؤوليته، لا
سيما إن كانت البداية عملا عنيفا جاء من الطرف الغربي كالاحتلال العسكري أو من
ممثلي الغرب المحليين كالقمع والاضطهاد! ومن هنا يختلف بورغا مع معاصره الفرنسي
جيل كيبيل (وهو واحد من أشهر الباحثين في الحركات الإسلامية) إلى درجة التناقض، إذ
يرى كيبيل أن ما في الإسلام من قيم وأفكار إنما هي منتجة للتطرف بطبيعتها، وأنه
حيثما وُجِد الإسلام فسيوجد التطرف!
يختصر بورغا
أفكاره فيقول: "إذا ما اعتقدنا أنه ينبغي إصلاح الفكر الديني الراديكالي بغية
إحلال السلام، نكون قد سلكنا طريقا خطأ، فالسبيل إلى إحلال السلام في المنطقة لا
يمر عبر إصلاح الخطاب الديني، وإنما نبدأ بإحلال السلام في المنطقة لكي نصل إلى
إصلاح الخطاب الديني"، ويضيف: "لا يصدر العنف "الإسلامي" من
الإسلام. إنه نتاج التاريخ الحديث للمسلمين، تاريخ كتبته أياد عدة، منها أيادي
الجارة الغربية الكبيرة (أوروبا)"[3].
طفق بورغا عبر
هذا المدخل يسرد كيف انفتح على العالم الإسلامي، والبلاد التي زارها، وروى كثيرا
من المواقف التي تعرَّض لها مما له دخل بهذه الفكرة أو مما يُروى للطرافة والغرابة
أحيانا:
كانت رحلته
الأولى إلى إسرائيل، وذلك قبل أن يبدأ الاهتمام بأحوال الشرق، وكانت معرفته
المستقاة من المدرسة ومن الصحافة الفرنسية تقول بأن الإسرائيليين كانوا هم الذين
نجحوا في زرع الورود وسط الصحراء، التي كانت مجرد أرض لم يفعل العرب إلا التجول
فوق كثبانها على ظهور جِمالهم طوال هذه القرون. هناك استفاق على كلمة شاب فلسطيني
يقول له "لقد أخذ اليهود بلدي مني". لم يكن يعرف شيئا عما جرى ولا لديه
أدنى علم بالتاريخ الذي يحكي كيف صارت إسرائيل! وبهذا يمكن أن نتصور كيف يفهم
الفرنسي الجاهل صورة الوضع إذا سمع بخبر هجوم على الذين نجحوا ولأول مرة في زراعة
الورود في قلب الصحراء!!
وفي رحلته
وعمله بالجزائر اكتشف ولأول مرة أن الاستعمار الفرنسي وجرائمه حاضرة في الجزائر
حضورا طاغيا ومؤثرا في كل شيء، ويكاد يكون أثر هذا حاضرا في كل ردة فعل يقوم بها
الجزائريون، بينما هذا التاريخ لا يدرس في فرنسا ولا يعرف الفرنسيون شيئا عما فعله
أسلافهم في الجزائر، ومن ثَمَّ فإن كل ردة فعل غاضبة في الجزائر يفسرونها على أنه
ناتجة عن الطبيعة المتطرفة الأصيلة المغروسة في نفوس المسلمين، بل إن أولئك
المسلمين إنما هم ناكروا جميل، وذلك أنهم يتعاملون بعداء مع فرنسا مع أنها هي التي
أدخلتهم العصر الحديث وبنت لهم المدارس وشقت لهم الطرق وألحقتهم بالثقافة
العصرية!!
وحين وقع
الانقلاب العسكري في الجزائر على الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبدأت حرب الجيش على
الإسلاميين، بكل ما شملته من جرائم ومذابح، فإن فرنسا قدَّمت الدعم الكامل –هي
وسائر الغرب- للجيش في معركته، ولم تأبه أن تسأل عن الديمقراطية المذبوحة! يرى
بورغا أن هذه واحدة من اللحظات النموذجية التي يمكن من خلالها تفسير وفهم الحركات
الجهادية. ولكن من سيسمح بذلك، إن بورغا نفسه كان يعاني غاية المعاناة لأنه يحاول
تقديم الصورة الحقيقية في مناخ تعمل فيه الشبكة السلطوية كلها وبكل طاقتها في
ترويج وترسيخ روايتها الوحيدة عن "الإرهاب الإسلامي".
هذه الشبكة
جذبت إليها حتى الأحزاب اليسارية في فرنسا، التي من المفترض أنها تدافع عن العدالة
وعن الطبقات الفقيرة وعن الظروف غير الطبيعية التي تدفع إلى العنف، لقد كانت حاجة
هذه الأحزاب إلى الأصوات التي تذهب إلى أحزاب اليمين أهم عندها من الإخلاص
لمبادئها!
يذكرنا حديث
بورغا عن الشبكة المهيمنة على إنتاج المعرفة في الغرب بما قاله إدوارد سعيد، وتذكرنا
معاناته ببعض ما لقيه مستشرقون حاولوا الإنصاف منذ رايسكه وحتى الآن. إننا لن نفهم
الاستشراق حقا إذا لم نفهم أنه الذراع الأكاديمي لسياسات الهيمنة، وليس مسموحا ولا
هو ممكن أن يتحول الاستشراق ليكون دراسة موضوعية تنتهي نتائجها إلى اتهام السياسة
الغربية، وتحسين صورة العدو "الإسلامي".
ليست المشكلة
في جهلٍ سببه ضعف التواصل أو ندرة المراجع أو قلة الباحثين، المشكلة في شبكة
الطغيان التي تصنع الصورة اللازمة لاستمرار الحرب والنهب والعداء، وعموم الناس في
الغرب هم ضحايا بوجه من الوجوه، إلا أن منهم من إذا عرف الحقيقة فضَّل ما هو فيه
من الترف والمكاسب –التي هي من دماء الشعوب المستضعفة- على أن ينقلب مدافعا عن
الحق ومتحملا ثمنه، وهو بهذا ينحاز إلى شبكة الطغيان طواعية ليكون جنديا في
صفوفها!
من المؤسف
أننا لا نملك الكثير لإنقاذهم من جهلهم، فهذا الجندي الجاهل الذي يهاجمنا بسلاحه
في ديارنا ليس له إلا الصدّ والردّ والدفع بكل ما يندفع به! ومثلُ هذا الجندي
الجاهل هذا الفرنسي الغافل في بلاده، لن يستيقظ إلا إذا مُسَّت بعض رفاهيته
بمقاطعة المسلمين لمنتجاتهم، وبما يستطيعون من وسائل المقاومة الأخرى.
وهنا نفهم، لماذا كانت الفتوحات الإسلامية هي أوسع عملية في التاريخ لإنقاذ البشر من هيمنة الطغاة!
نشر في مجلة المجتمع الكويتية، ديسمبر 2020
الأحد، نوفمبر 08، 2020
قراءة في كتاب: الغريبة – مليكة أوفقير
صحبني شعورٌ بالذنب منذ نيتي قراءة هذا الكتاب واستمر
هذا الشعور إلى نهايته..
إن لدي احتجاجا دائما على نقصان العدالة في هذه
الأرض، ولا أحب أن أشارك في هذا، فما الذي يدفعني لقراءة كتاب سجينة قد أسمعت
الدنيا كلها صوتها، وجرى تعويضها ماليا ومعنويا، وهي تعيش حياة باذخة بين باريس
وميامي وتستطيع حتى أن تزور المغرب نفسها؟
نعم، أعرف تماما أن السجن لعشرين سنة لا يُعوضه شيء..
ولكني أعرف أيضا أن أكثر الذين سُجِنوا لعشرين سنة أو أكثر لم يحصلوا على شيء من
هذا كله!
ألم يكن الأولى أن أقرأ كتابا لسجين آخر لم يحصل على
هذه الشهرة، ولم يتمتع بكل هذا التقدير والعناية العالمية؟!.. وإذا كان شيء ما
شدَّني لقراءة كتابها "السجينة"، فلماذا أذهب لقراءة كتابها الآخر
"الغريبة"، وهو الكتاب الذي قرأتُ في مراجعة صديق عزيز أنه مجرد ثرثرة
عن نفسها؟!
لن أشغل القارئ الآن بمحاولة تفسير تصرفي هذا، ولن
أغوص في تحليل سلوكي.. ما يهمني فقط أن أعلن شعوري بوخز الضمير لأني قدَّمتُ ما
قدَّمته الآلة الإعلامية، وأخرَّتُ ما أخَّرتْه الآلة الإعلامية، فأفرغت من وقتي
لها ما ضننتُ به على من قد يكون أولى وأحوج بأن يُقرأ له ويُسْمَع صوته!
في بعض الأحيان يُخَيَّل لي أن سبب هذا الشغف بكتابي
مليكة هو رغبتي في معاينة قصةٍ أصابت عائلة رجل كان مرعبا متوحشا مشهورا بفنونه في
التعذيب والتقطيع والسلخ!
أعرف تماما أن لا ذنب لعائلة الرجل فيما نزل بهم، وأن
الذي أصابهم هذا هو ظلم شنيع بشع.. ولكني لا أستطيع منع نفسي من التفكير: هل يكون
هذا الذي أصابهم هو دعوة رجل مظلوم مُعَذَّب، رفع يده إلى السماء ودعا على محمد
أوفير أن ينزل بعائلته مثلُ الذي أنزله أوفقير بعائلته؟.. لقد كان أوفقير يعذب
النساء والأطفال أيضا!!
ترى هل يتعظ ضباط الأمن؟ هل لديهم شيء من الإيمان أو
من العقل ليعرفوا أن الذي يفعلونه بالناس قد ينزل بهم؟! وقد يصيب معهم أبناءهم
وزوجاتهم؟!
في هذا الكتاب تروى مليكة أوفقير كيف تفاجأت بالحياة
بعد سجن عشرين سنة.. تحكي ارتباكها الدائم وانزعاجها المتكرر وخوفها المرضي
ووساوسها المستمرة.. بداية من الناس الذين تكاثروا وصاروا أكثر سرعة وأكثر عبوسا
وأكثر عصبية، وحتى الآلات الجديدة التي ظهرت في دنيا الناس كماكينة الصرف الآلي
البنكية وكيف تبتلع قطعة معدنية ثم تلفظ الأموال! كذلك الصنبور (الحنفية) وكيف
أنها صارت تسيل بالماء بمجرد مرور اليد من تحتها!!
الأسواق والمتاجر التي زخرت بأطنان من البضائع،
البضائع الكثيرة المتكررة المصفوفة إلى ما لا نهاية، ملء عربيات التسوق، الانهمار
على العروض، التهام الأطعمة مهما كانت كثيرة، وستُلقى في المزابل!
فجوة الزمن التي عاشتها في السجن عشرين سنة جعل كل
شيء غريبا ومربكا ومزعجا ومثيرا للمخاوف!
ولكن فجوة الزمن كانت مصحوبة بأمراض أخرى صنعتها حياة
السجن؛ أهمها الخوف.. الخوف الذي يسكن النفس حتى يُعطلها عن أي تصرف خشية أن يكون
تصرفا خاطئا، يترتب عليه استجواب وتحقيق.. الخوف من مجرد رؤية زي الشرطة ولو من
بعيد.. الخوف من الظلمة.. الكوابيس التي تمنع النوم!
ومليكة صريحة في هذا، فهي تكتب بالفرنسية للفرنسيين
وليست تهتم بالدين، فوصفت كل شيء، حتى إخفاقاتها في ممارسة الجنس.. لأنها خائفة
ولا تدري ماذا تصنع في الفراش!
السجن مفسد للإنسان.. ومن روائع الشريعة أنه ليس فيها
عقوبة سجن، اللهم إلا الحبس الاحتياطي لأيام معدودات ريثما يزول خطر ما أو يُفصل
في شأن ما.. وهو الحبس الذي نسميه الآن "إقامة جبرية".. على كل حال،
لهذا مقام آخر.
ومما لا يغيب عني منذ قرأته، فتوى الإمام أحمد بن
حنبل، حين سُئل عن الرجل الذي يقاتل ولا يمكنه النجاة، هل يقاتل حتى يُقتل أم
يستسلم للأسر؟ فأجاز الإمام أحمد أن يقاتل بلا أمل في النجاة وأن يُقتل، وقال:
"الأسر شديد"!
فكأن شدة الأسر أهون منها الموت!
إن شعوبنا إذا انصلحت أحوالها وحكمها الحاكم العادل
الصالح، ستظل لفترة لا ندري كم تطول حتى تتعافى من أخلاق الطغيان والظلم والقهر،
فإن الأمر البسيط الذي يفعله الإنسان الغربي بلا تردد يكون هو نفسه مخاطرة كبيرة
لا يجرؤ عليه إلا الندرة المتشبعون بالمروءة والشجاعة في بلادنا!
سطوة القهر والظلم صارت عميقة في النفوس، والأمل
معقود على أجيالٍ لم يصبها القهر والظلم.. إن بقاء الأنظمة الحاكمة في بلادنا هو
أخبث الأمراض وأشدها فتكا بنا، وزوال هذه الأنظمة حتى ولو كان البديل هو الفوضى
يعيد إلى أمتنا أخلاق المروءة والشجاعة..
لقد أنقذ الله بني إسرائيل من فرعون فما استطاعوا أن
يدخلوا الأرض المقدسة لما رسخ فيهم من الخوف والجبن مع أنهم تحت قيادة نبي ومع
أنهم رأوا معجزة انشقاق البحر وغرق فرعون.. فقضى الله عليهم بالتيه، الحياة خارج
سلطة، الحياة في الصحراء، حتى نشأ الجيل الجديد الذي فتح الأرض المقدسة دون أن
يشهد معجزة!
رغم كل ما قدَّمتُه في البداية، فإن هذا الكتاب مفيد في التعرف على حالة السجين إذا خرج من سجنه.. ليعرف القارئ أن مأساة السجن لا تنتهي بالخروج منه بل تستمر وقتا غير قصير بعده! وهذا الجانب هو من الجوانب التي لا تتناولها أغلب المؤلفات في أدب السجون، فالعادة أن ينتهي الكتاب بقصة الخروج!
مراجعة كتاب السجينة: