كان
الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله يعلم أصحابه وتلاميذه مهارة "تحليل
النُكَت"، ذلك أن النكتة تشير إلى معنى أعمق من مجرد إثارة الفكاهة، لا سيما
النكتة السياسية، إلا أنه توفي قبل أن يشهد زمن الثورة، فلقد فجَّرت الثورة كثيرا
من المواهب والطاقات، ذلك أن كثيرا من الناس انتبهوا لشأن السياسة وصاروا
يتابعونها عن كثب من بعد ما كانت مجالا مغلقا، وتزامن هذا مع انفجار استعمال مواقع
التواصل الاجتماعي، مما جعل هذه المواقع تضخ إنتاجا غزيرا من النكات، وكنتُ –وما
زلتُ- أرجو أن يتعرض أحد من تلاميذ المسيري لجمع النكات من تويتر وفيس بوك
وتحليلها، فإنه سيقدم بهذا تاريخا سياسيا اجتماعيا صادقا وحقيقيا للثورة، وهو أمر
إن لم يتصدَّ له أحد الآن فلا أحسب يصلح له من يأتي من بعد، لأن قيمة النكتة
ومغزاها لا يفهمها إلا من يعاصر الحقيقة ويستوعبها، فهو الأقدر على تحليلها.
إذا
تركنا النِّكات وأردنا أمرا جادًّا، فالواقع أننا بحاجة إلى إصدار موسوعة أخرى،
موسوعة الخرافات والتخريفات، ذلك أن عامة الذين تصدروا في هذه الثورة أظهروا جهلا
مريعا وفاضحا بكل شيء، بداية من الشاب الذي ظنَّ أنه أشعل الثورة من خلال صفحة
الفيس بوك أو هاشتاج على تويتر، وحتى جماعة كنا نظنها عريقة وخبيرة وصاحبة تجربة
مريرة لا شك ستسوعب درسها.
سألت
أحد كبار الإخوان يوما بعد الانقلاب في أرض مهجر: كيف حصل هذا؟ قال: لم نكن نتخيل
أن الجيش فاسد إلى هذا الحد! قلتُ وكلي ذهول: كيف ذلك وأنا الذي عرفتُ أنه فاسد من
كتبك أنت ومذكراتك؟!
الواقع
أن المرء ينسى، ويطول عليه الأمد، كذلك الكيانات والجماعات والأحزاب، ولئن طال زمن
النسيان فإنه يتحول إلى فقدان الذاكرة، ويمكن لفاقد الذاكرة أن يقع في الفخ نفسه عشرات
المرات، وليس هذا بالمؤمن، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين.
لكن
المريع حقا أن أناسا من بيننا يريدون تزييف ذاكرتنا بكامل إرادتهم ووعيهم، بعض
أولئك كان ثائرا جسورا أيام مرسي، كان مسكينا يتصور أنه يستطيع هدَّ الأنظمة
العتيقة المدججة بالسلاح حين ينزل ويهتف أو حتى حين يجلس في فضائية فُتِحت له
ليهتف، كان أغبى وأتفه من أن يكتشف أنه أداة يلعبون بها. وبعض أولئك كانوا جرعة
تخدير وجهاز تبرير أيام مرسي يؤمنون بإخوانهم "اللي فوق" ويجادلون عنهم
بكل وجه فلما وقع الانقلاب وجاء عصر المذابح والتشريد تحول هو نفسه إلى التحليل
والفلسفة وشرح أبعاد المؤامرة كي يثبت لك من جديد أنه لم يكن في الإمكان أبدع مما
كان!
أكره
والله، وأجد حرجا، أن أقول بأني اكتشفتُ هؤلاء مبكرا ونصحت سرا وجهرا (انظر كمثال:
هنا وهنا وهنا وهنا..
ولاحظ تاريخ الكتابة)، ولكن القوم كانت لديهم ثقة عجيبة في أنفسهم، كأنهم اطلعوا
الغيب أو اتخذوا عند الرحمن عهدا!!
نحتاج
أن نصدر موسوعة نجمع بها الخرافات والتخريفات التي ضيَّعتنا وسفكت دماءنا، لعلها
تنفع آخرين في بلاد أخرى تتمخض بثورة، أو أجيالا أخرى في رحم الغيب إن لم ننجح في
إحياء ثورتنا من جديد.
أتوقع
أن أهم العناوين ستكون على هذا النحو:
1.
ميدان التحرير
موجود
2.
الجيش مؤسسة
وطنية
3.
القضاء المصري
شامخ
4.
لا بد من
محاكمة مبارك محاكمة عادلة.. لا للمحاكم الثورية
5.
الجيش شيئ
والمجلس العسكري شيء آخر
6.
رئيس توافقي..
دستور توافقي.. [وأي شيء توافقي بغرض تجاوز وإهدار اختيار الشعب]
7.
وثيقة مبادئ
فوق دستورية
8.
الإخوان ركبوا
الثورة.. الإخوان نزلوا يوم 28 بعدما الثورة نجحت!!
9.
التطهير ممكن
يظلم شرفاء في الجيش والشرطة والقضاء.. المؤسسات تطهر نفسها بنفسها
10.
الديمقراطية
مش صندوق
11.
المجلس
العسكري لازم يفضل 3 سنين علشان احنا لسه مش جاهزين
12.
الشعب المصري
بعد 25 يناير لن يعود أبدا كما كان قبل 25 يناير
13.
الإخوان
باعونا في محمد محمود
14.
البرادعي ضمير
الثورة
15.
نعصر على نفسنا
لمونة!
16.
الإخوان.. حكم
ديني فاشي متطرف!!
17.
أخونة الدولة
18.
إسقاط الحكم
العسكري أسهل من إسقاط الحكم الديني
19.
شباب الثورة
الطاهر الجميل
20.
انتخابات
رئاسية مبكرة
21.
الفلول لم يعد
لهم مكان في مستقبل مصر
22.
الجيش معانا..
(ومن جديد) الجيش والشعب إيد واحدة
23.
الشرطة رجعت النهارده
للشعب.. الشرطة اتغيرت
24.
أسقطنا 3
أنظمة: مبارك، العسكر، الإخوان
25.
الجيش نزل
يحمي شرعية الشعب مش شرعية الحاكم
وفي سياق آخر:
26.
الجيش غير
طامع في السلطة
27.
سيبك من
الإعلام.. ركز في الشغل
28.
إخوانا اللي
فوق عارفين وعاملين حسابهم
29.
انتهى عصر
الانقلابات.. العالم الحر الآن لا يقبل الانقلابات العسكرية
30.
حازم متهور لا
يعبأ بالدماء
31.
الانقلاب هاجس
في صدر حازم أبو إسماعيل فقط
32.
الجيش فيه
رجالة زي الدهب
33.
حافظوا على
الجيش.. الجيش ده بتاعتنا
34.
سلميتنا أقوى
من الرصاص
35.
يريدون استفزازنا
وجرنا إلى العنف
36.
السيسي مات
37.
الخليج انقلب
على السيسي
38.
ندين ونستنكر
كل أشكال العنف
39.
الحفاظ على
المؤسسات
40.
دعوتنا لا
تموت.. دعوة الخالدين
ويجب
أن تحتوي الموسوعة بابا خاصا برجل الوعي في تلك المرحلة، الشيخ الكبير الأسير
البصير حازم صلاح أبو إسماعيل، الرجل الذي عارض منذ اللحظة الأولى ترك ميدان
التحرير بعد بيان عمر سليمان، ثم كان السياسي الوحيد طوال نحو السنة الذي يهاجم
المجلس العسكري ويتهمه بسرقة الثورة (في تلك السنة كان السياسيون بين من يؤيد
العسكر لأنهم يُظهرون له صلاحا ووطنية أو من يهاجمهم لأنهم عقدوا صفقة مع
الإخوان!!.. كانت حالة سياسية مثيرة للاشمئزاز)، وقد احتفظت له القلوب والعقول
بعباراته الصادقة:
1.
هؤلاء ذئاب
وثعالب، يريدون استنعاج شعب وأمة
2.
التاريخ بيني
وبينك.. المجلس العسكري سينقلب على الثورة
3.
عاهدوني، سواء
انتخبتموني أم لا، عاهدوني ألا نرجع غنما نُساق بالعصا
4.
يجب أن يتولى
الشعب أمره بنفسه.. العسكر ليسوا مؤتمنين على إدارة البلد
5.
عبد الفتاح
السيسي يقوم بدور ممثل عاطفي، ولا بد أن يجد رادعا لهذه العربدة
نشر في مدونات الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق