الجمعة، يناير 17، 2014

مشاهد فرعونية بليغة!

 (1)

أصدر فرعون أمرا بقتل كل الذكور، فانطلقت حملة تسجيل وتوثيق للحوامل، وفي الموعد المحدد دخلوا البيت لينظروا: هل المولود ذكر أم أنثى، وجدوه ذكرا، استل الجندي السكين، وذبح الطفل.

لم يملك الأب نفسه من الغضب، هرول نحو سيفه وهو في فورة الغضب لكي يقتل به الجندي، صاح به صديقه:

"انت هتعمل إيه، امسك نفسك، ما تتهورش، هم عايزين يجرونا للعنف.. سلميتنا أقوى من السيوف".

فهدأ الأب، وعاد إلى رحاب "المنهج" وهو يستغفر الله ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

(2)

في دار أخرى هتف رجل في أصحابه: حتى متى؟! وكيف نقبل؟! انتهبوا يا قوم: الجيل التالي كله سيكون من النساء، أعراضنا ستكون ملكا لهم، بل نساؤنا لن يجدوا مأكلا إلا إذا باعوا أعراضهن للفراعنة.

هل تطيقون حين نكون في عداد العجائز أن نأكل من أعراض بناتنا، لن نجد حتى الولد لنتكأ عليه في كبرنا.. هل تقبلون ..

قاطعه رجل حكيم:

أنت متهور، كلامك هذا سيضعنا جميعا، هكذا هم الشباب: نزق وتهور وسفاهة، لو فعلنا ما تقول فسيستأصل بنو إسرائيل جميعا.

رد الشاب بغضب: الموت خير من حياة ثمنها أعراض نسائنا وذبح أولادنا أمام أعيننا.

قال الحكيم: بل تريد أن تضيع بني إسرائيل لأجل مصلحتك الشخصية، كلنا نعرف أن زوجتك ستلد بعد أسابيع، وإني أسأل الله أن تنجب ولدا كي نختبر صدق كلامك..

وبما انت عامل فيها سبع البرمبة، ورينا هتعمل إيه يا أبو النضال، بدل ما انت قاعد تهرتل هنا وعلى الفيس؟!

(3)

بعد أسبوعين وصل الشاب إلى مرحلة اليأس، وفي أول الليل اقتحمت عليه دورية فرعونية، نهبت الصبي الرضيع، وجدته ذكرا، ذبحوه، وخرجوا..

في طريقهم نحو الخروج كان الغضب قد شمل الأب المكلوم، وكان قد سل سيفه وهوى به على رأس جندي منهم، فانتبه الباقون فقتلوه بعدما صرع منهم واحدا وأصاب آخر.. وكنوع من الانتقام ذبحوا زوجته أيضا.

أصدر مجلس الحكماء بيان شجب وإدانة لما ارتكبه المجنون المتهور، وترحموا على الجندي الفقيد، وتمنوا الشفاء للجندي المصاب، وسار في القرية قول الناس:

- إرهابي

- شفت الوحشية، حسرة قلب ام العسكري على ابنها اللي راح

- وبعدين هم إيه ذنبهم، دول عساكر غلابة..

- ثم هم مين العساكر دول: مش اخوي وأخوك وابن عمي وابن خالتك وابن أخوي وابن أختك

- دول عبد المأمور، عندهم أوامر وبينفذوها

- ولما هو عامل فيها بطل كده، ما يروح لفرعون اللي اصدر القرار، ولا فالح بس يتشطر على العساكر اللي مالهمش ذنب.

(4)

ممثل بني إسرائيل في قصر فرعون أصدر فتوى موثقة من صحف إبراهيم ووصايا إسحاق وتعاليم يعقوب، بأن قرار قتل الأطفال جائز للمصلحة العامة، حيث لا يجوز أن يتهدد الاستقرار الذي قد يسببه طفل ينازع سيادة الفرعون (الذي نقدره جدا) في الحكم.

وتحذر الفتوى من أفكار التكفير التي تسري في مجلس حكماء بني إسرائيل الخارج عن الشرعية الفرعونية المقدسة، والتي قد تؤدي لمثل هذه الحوادث الشنيعة من قتل الجنود، بلغهم الله منازل الشهداء.

(5)

"فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه" (ذرية = شباب)

هناك 7 تعليقات:

  1. وكأن التاريخ يكرر نفسه سبحان الله

    ردحذف
  2. غير معرف11:18 م

    سبحان الله

    ليس لها من دون الله كاشفة

    ردحذف
  3. حبيبنا محمد... الا تتفق معي ان للأمر توجيه اخر ممكن وربما هو الذي ترجح.. عندما يبلغ الظلم مداه ويحيط بالمظلوم احاطة السوار بالمعصم ويقعده عن مقاومته ويسلبه كل حيلة وسبيلا لذلك، ،،، عندها تتعطل سنة التدافع العادي، وتفعل سنة التدخل بالتدافع المباشر (ان فرعون علا في الأرض....) ثم كيف كان القدر (واوحينا الي ام موسى ان ارضعيه).. نحن نراه حدثاً عاديا وكذا كل من كان يعيش في ذلك الزمان.. وهو في نفس الوقت هو بداية النهاية للطغيان والظلم بسنة المدافعة المباشرة ولكن المهم انها من داخل النظام وأسباب النظام الا في اللحظات الفاصلة (وهنا تتجلى.. ولذلك اسميتها بالمدافعة المباشرة)
    بل لو انك لاحظت ان موسى عليه السلام قد اعتبر المشاغبات من التحدي الأحمق لقوم فرعون وأتباعه هو من الظلم حتى وان ادي للتخلص من فرعوني صغير، بل وتعهد بأن لا يكون ظهيرا لهذه المشاغبات حتى وان كانت من قومه..
    والله أعلم

    ردحذف
  4. التاريخ لا يتكرر لكن الاحداث تتشابه

    ردحذف
  5. تعبير بليغ عن المرحلة الراهنة نسأل الله العافية من الخذلان

    ردحذف
  6. بارك الله فيك

    ردحذف
  7. تشبيه قوي للمرحلة التي نعيشها
    بارك الله فيك

    ردحذف