الاثنين، أغسطس 09، 2010

ما أروع الهلال

ربي وربك الله.. ما أروع الهلال

في مجلس من مجالس الذكر، وفي رحاب "رياض الصالحين" قريء حديث طلحة بن عبيد الله الذي يقول: كان النبي إذا رأى الهلال قال: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، هلال خير ورشد، ربي وربك الله".. فجرت بالخاطر مشاعر، ثم صار الشعور هذه السطور.

***

هذا شعور بالوصل لا أعلم أحدا هدى إليه غير محمد .. فإذا نظرت إلى الهلال الوليد فلم تجد ثمة ما يربط بينكما، ولا ثمة ما يثير بينكما عاطفة من أي نوع، كان لك أن تصرف عنه نظرك وقلبك.

أما إذا نظرت إليه فقلت ما قاله محمد "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، هلال رشد وخير.. ربي وربك الله". فالآن، قد انبثق في نفسك حب الهلال، وحب الليلة، وحب الشهر القادم.. وحب للحياة.

وكل هذا لأمر بسيط.. ولكنه عميق، بسيط بساطة الوضوح، وعميق عمق الحقيقة الراسخة.. ذلك أن ربكما واحد، خلقك وخلقه، يرعاك ويرعاه، جعله لك ميقاتا، وسألته أن يكون ميقات رشد وخير، وأن يكون باب أمن وإيمان.. سلامة وإسلام.

ذلك هو السر.. سر الله وسر النبوة، سر العظمة المكنونة في كلام النبي ، وهو الذي لا ينطق إلا بالحق، ذلك أنه (لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي).

هذا السر في هذه الإضافة البسيطة الساحرة "ربي وربك الله"..

ولقد كان بالإمكان –لغة وعقلا- أن يسكت هذا الدعاء عنها ويكتفي بما قبلها، ولكن..

أي شعور هذا الذي زرعته هذه الكلمة البسيطة في نفس الإنسان فحولت هذا الهلال الوليد إلى كائن يتجاذب الحب؟

هل هو شعور الأخوة بينكما.. كما يشعر المرء بالعاطفة نحو أخيه الوليد لأنهما من أصل واحد؟؟

هل هو شعور الفأل الحسن؟؟ .. هلال نور يسفر عن أيام خير ورشد، فالله الذي ارتفع له الدعاء هو الذي خلق الهلال والأيام.. وحينئذ فإن "ربي وربك الله" كأنها شرط على الهلال وتذكير له بهذه الرابطة التي تلزمه أن يكون هلال خير ورشد..

هل هو شعور التجاوب مع الكون في ظل غربة الدنيا؟؟ ذلك الشعور الذي طالما أبدع في وصفه صاحب "ظلال القرآن"، فالمؤمن الذي يعيش في هذه الدنيا غريبا، يقبض على دينه كأنه يقبض على جمر، هو ذلك الذي إذا رفع رأسه إلى السماء وجد مشهدا من النور والجمال، مشهد يستطيع أن يخاطبه في لذة الأنيس الصديق الودود، قائلا بفرح "ربي وربك الله"..

ليكن هذا أو هذا، المهم أنه شعور مريح، يرسل في القلب نبضات من أمان وثقة وسكينة ورضا.. تنزل على النفس كما تنزل قطرات الندى على ورقات الزهور، فتحيلها من حال إلى حال آخر، حال من الوداعة والاطمئنان..

ما الذي كان يحجب هذا الشعور عن النفس؟ ليس الأمر صعبا: نظرة إلى الهلال واتباع للسنة، هل السر في الهلال أم السر في هذه الكلمات البديعة التي جاءت بها السنة؟؟

أيا ما كان.. فإن ثمة سر بديع..

الآن فقط..

ما أروع الهلال..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق