السبت، أبريل 22، 2006

جولة تليفزيونية سريعة .

ربما من الجيد أن يكون هذا الموضوعا فاصلا بين مواضيع ساخنة سابقة ، وقادمة تلح على ذهنى .

كانت هذه الجولة يوم الثلاثاء الماضى ، حرصت بالطبع على أن أتابع برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة ، خصوصا وقد كان موضوعه هو : هل ما زالت منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى أم أنها لم تعد لا شرعية ولا وحيدة .

استضاف البرنامج الباحث اللامع المتمكن المحترم د. إبراهيم حمامى ، فى مقابلة د. شعبان حسين ، وهو من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية .

ودار الحديث حول الموضوع .. لم يكن اختلافا فى الآراء ، وعموما أرى أن برنامج الاتجاه المعاكس لا يطرح فى حلقاته الموضوع الذى من الممكن أن تختلف حوله الاراء .. بل لعل الأحداث تفرض عليه أن يطرح المواضيع التى تفرز للأمة الخونة الذين ينطقون بالعربية .

من الصعب أن أطرح ملخصا لما دار فى الحلقة التى كان د. إبراهيم حمامى يمثل فيها الشرف والنزاهة والانحياز للأمة .. إلى جانب ما يمثله من عفة فى اللسان وادب فى الحوار .. فى حين كان د. حسين شعبان يمثل الخيانة التى يتمتع بها كثير أفراد السلطة الفلسطينية .. إلى جانب ما يمثله من شخصنة للموضوع وسوء ادب وعلو صوت .. بل و " ردح " ثم يتهم الطرف المقابل بما فيه هو من عيوب ..

أرجو أن تسمعوا الحلقة .. اضغط هنا

كان طبيعيا أن أرتاح نفسيا مع هذا البرنامج الذى أثلج فيه الدكتور حمامى صدرى بحديثه الموثق والمتدفق والواضح .. بحيث بدا تماما لكل مشاهد أن د. حسن شعبان قد فرغت جعبته تماما ولم يرد على شئ بل استمر فى الردح وتعلية الصوت .. وأتوقع أنه لو دار كل حوار بمثل هذا الأسلوب ، وكان صاحب الحث والمنطق على هذا القدر من الأدب والتمكن لتمت التصفية المعنوية للقيادات الخائنة ، ولسقطوا تماما من عيون الشعوب العربية .

انتهى البرنامج فى الساعة العاشرة ، ليكون لزاما على أن أرى برنامج العاشرة مساءا الذى تقدمة المذيعة المعروفة منى الشاذلى .. وبغض النظر عن رأيى فى ثقافة منى الشاذلى التى تؤهلها لإدارة قضايا فكرية عميقة .. فإننى أشهد بأنها تدير الحوار بشكل متكافئ .. إنسانة تمتلك قدرا مدهشا من الأدب .. مهذبة إلى أبعد حد .. جريئة فى مناقشة القضايا الساخنة ، وكم أتمنى لو جعلت منى الشاذلى برنامجها أسبوعيا أو حتى كل يومين وتستغل باقى الأيام فى رفع ثقافتها .. فلا شك فى أنها ستكون من ألمع المذيعات .

كانت والدتى قد طلبت بعد نصف ساعة من بداية العاشرة مساءا أن تشاهد برنامج منوعات اسمه ( فوق ما تتصور ) على قناة المحور تقدمة نهلة عبد العزيز .. ولم أملك لطلبها رفضا ، خصوصا وأنى مستولى على التليفزيون طوال النهار ..

بدأ البرنامج .. تذكرت حينها شخصية نهلة عبد العزيز ، وقد كان آخر عهدى بها رؤيتها على التليفزيون المصرى قبل أن ينعم الله علينا بالقنوات الفضائية .. حين كانت تقدم إحدى البرامج التافهة وكان اسمه : بورصة النجوم .. كان أكثر ما فيه من سخافة هو أنها تعتبر نفسها فى برنامج سياسى فتغرق المشاهد فى التفلسف والتحليل والتنظير لقضايا تافهة مثل انفعال الجمهور مع الأغنية .. أو علاقة الفنان بالفرقة الموسيقية ، أو علاقة الفنان بالمعجبين والمعجبات .. إلى غير ذلك من هذا التوافه .

لم أتعجب أنها تقدم برنامج منوعات على قناة فضائية .. فالصراحة أن خريجات التليفزيون المصرى لا يجدن إلا تقديم هذه النوعية من البرامج ، لكن الصاعقة التى نزلت بى هى أنها كانت تناقش فى هذه الحلقة موضوع مكاتب الزواج ..

لن أحكى لكم ما حدث فى الحلقة .. بل ولن أضع رابطها إن كان لها رابط .. لأن حالة الغيظ والغليان وفوران الدم التى كنت فيها لا أسمح بانتقالها إلى واحد من القراء .. يكفى أن تعرفوا أننى أمسكت بالتليفون لأتصل بها والله أعلم كيف كانت ستكون ألفاظى حينها ولم يمنعنى من استكمال الاتصال إلا الوالدة التى كادت تتوصل لى ألا أفعل .. وألغيت موعدا مهما لاستكمل الحلقة .. بل وهو الأهم ، أنى منذ شهر كامل لا يوجد فى تليفونى المحمول إلا خمسون قرشا استخدمها فى الرنات - وما أهمها بالنسبة للفقراء - وطوال هذا الشهر أحافظ على هذه الخمسين قرشا حيث أنى فى أزمة مالية طاحنة لاتسمح بشحن المحمول ... إلا أن كل صفوف المقاومة انهارت أمام المذيعة الفاشلة .. فأرسلت رسالة كنت مـاكدا انها لن تظهر لما تحمله من إساءة للمذيعة وللتليفزيون المصرى .. كان نصها : مذيعة فاشلة كسائر خريجات التليفزيون المصرى .

لقد كانت السيدة نهلة تدير البرنامج بمنطق فتوة الحارة .. يمكنها أن تهين الضيوف ، وتجرحهم ، وتسكتهم ، وتعرفهم مهمتهم ، وتحذرهم من الخروج عنها ، بل وتسفه من آرائهم ، وتسمح لمن يؤيد رأيها بالكلام المطول فى حين تقاطع الآخرين ، بل ويمكنها أن تقول : خلاص .ز خلاص .. الكلام اللى قاله د. وليد ولا كأننا سمعناه خالص .

كانت نموذجا يستحق التدريس فى مجال الفشل الفاضح .. وحسبنا الله ونعم الوكيل فى التليفزيون المصرى الذى أخرج مثل هذه الكوارث .

لم أخرج من هذا الغليان إلا بالعودة إلى العاشرة مساءا ، وإلى منى الشاذلى التى كان أدبها وتهذبها ورقتها فى هذه اللحظة له طعم آخر وتأثير آخر تماما .. فلقد رأينا النقيض .. وبضدها تتميز الأشياء .. ولا يعرف طعم السكر إلا من ذاق الملح .. ولا يعرف البياض من لم ير السواد .. ولا يعرف قدر النور من لم يتخبط فى الظلام .

حينها تراجعت عن موقفى من منى الشاذلى وقلت : لو لم يكن للمذيعة إلا أدبها وتهذبها وكفاءتها فى إدارة الحلقة .. فكفى .

كانت هذه هى الجولة التليفزيونية السريعة .. يبدو أنها تحولت إلى موضوع ساخن .. والله أعلم .



21/4/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق