الأحد، فبراير 12، 2006

ليس المهم أنا .. المهم البقرة .


ستظل الصور أبلغ من أى كلام ، ومهما أوتى الكاتب من براعة فى الوصف فلن يبلغ التأثير فى النفس ما تبلغه الصورة .
والصورة اليوم هى صورة امرأة عجوز من الصومال التى تجتاحها مجاعة قاسية ، ولا أشك فى أن أغلب القراء قد رأى من مشاهد المجاعات ما يجعله فى غنى عن الاستمرار فى القراءة ، لكن هذه المرأة التى كانت تستنجد بالمارة لكى تستطيع الرحيل .
ففى ظل المجاعة هلك كل شئ ، وبات الناس عظاما تكسوها طبقة رقيقة من الجلد تكاد تكون شفافة فكأنك ترى العظام باللون الأسود أو البنى الذى يميز الأفارقة ، والناس - بعد فناء كل شئ - يهاجرون من بيوتهم ليستقلوا مراكب متهالكة هى الأخرى لتنقلهم إلى اليمن عبر البحر الأحمر أو عبر الخليج ، وتتعرض هذه المراكب المحملة فوق طاقتها إلى الغرق ، فيكونون قد هربوا من الموت جوعا إلى الموت غرقا .
ولا عزاء .
كأنما هم كلاب أو ذباب .
بل الكلاب فى الغرب أحسن حالا ، ولهم منظمات رفق تسأل عنهم .
المهم .. هذه المرأة توقفت فى منتصف الطريق لاتستطيع الاستمرار فى هجرتها لأن بقرتها وهى كل رأس مالها قد أنهكها الجوع فماعادت تستطيع السير ، بل ولا عادت تستطيع الوقوف .. فانهارت إلى الأرض فى صمت .
ووقفت العجوز التى ليست إلا عظام متراكبة لاتدرى ما تفعل ، ثم جلست إلى جوار بقرتها .
ثم بدأت فى النداء على العابرين عليها لا لكى يساعدونها هى ، بل لكى يقيموا هذه البقرة التى ركدت على الأرض فى صمت .
مأساة أن تتلخص الحياة فى بقرة .
ومأساة الجوع الضارى القاسى العميق .
والبقرة تنظر فى صمت بليغ إلى هذا العالم عبر هذه الشاشة .. وكم فى الصمت من معان !!

واجتمع الناس ليرفعوا البقرة ، وحاولوا .. ثم حاولوا ، لكن الجوع كان أقوى منهم .. فانهارت البقرة مرة أخرى .. انهارت فى صمت .
ولم يجد العابرون سبيلا ، فذهبوا ..
وظلت البقرة راكدة فى صمت ، بجوارها عجوز توشك على الموت .

كان هذا مشهدا أذيع بالأمس ، ترى أكانوا حين أذيع أحياء ؟؟؟
أم تراهم اليوم أحياء ؟؟؟
وعاش المتخمون أمام التلفاز يأكلون ويتمتعون .
مأساتهم .. أنهم فقدوا معنى الإحساس فى أعماق الإنسان ، إنهم جمادات بلا روح ، تلتهم وتلتهم وتشبع وترتوى .. ولم يزرع فيها سلوك الإنسان معنى الإنسان .
كيف الحياة حين تتلخص فى بقرة ؟؟
وكيف الحياة حين تقرر البقرة مصير البشر ؟؟
وما تلك المعانى الصامتة التى انسالت من عينى البقرة ؟؟

ماذا سأقول لله حين يسألنى عن هذه المرأة التى رأيتها ، ومالم أره بالتأكيد أقسى ؟
ماذا سأقول ؟
ماذا سأقول ؟

لا أجد إلا مقالة المنافقين القاعدين عن الجهاد ( شغلتنا أموالنا وأهلونا ) .
ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم .


27/1/2006

هناك تعليق واحد:

  1. لا إله إلا الله
    سبحان الله أناس يتدوون بالرجيم سد لنداء معدتهم الشره نحو الطعام طلبا للنحافة وإزالة الشحوم وأناس يطلبون الطعام إقامة لحياة نفوسهم لا يستطيعون درأ للجوع والفقر فاللهم أنزل عليهم من بركاتك ورحمتك وأعنهم بعونك وأطعم جائعهم واسقى عطشانهم وصب عليهم الرحمات صبا ولا تجعل عيشهم كد كدا

    ردحذف