الثلاثاء، ديسمبر 11، 2018

مذكرات الشيخ رفاعي طه (9) كيف انقلب مساري الدراسي


مذكرات الشيخ رفاعي طه (9)
من مؤسسي الجماعة الإسلامية المصرية
كنا البديل للذي لم يكن يعجبنا.. أما أنتم فماذا تفعلون؟

·      كيف انقلب مساري الدراسي، وكيف فشلت في دخول الطب أو الهندسة
·      كانت الدولة ترغب في نشر التدين الصوفي، ويمكنك أن تكون صوفيا واشتراكيا معا!!
·      قبل حرب أكتوبر لم يكن أحد يفكر في تحرير سيناء.. كان التفكير في تحرير فلسطين وسوريا!
سجلها عنه وحررها: محمد إلهامي

لقراءة الحلقات السابقة:
الحلقة السادسة: قصتي مع التصوف
الحلقة السابعة: قصة ثورة في المدرسة

لم يكن ثمة شك في أني سألتحق بكلية الطب، لقد كنت من المتفوقين طوال حياتي الدراسة، وقد التحق رفاقي السبعة بالفعل بكلية الطب، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن..

كان صديقي أحمد سالم هو رفيقي في مقعد الدراسة أيضا، وكانت صداقتنا قوية ومنعقدة على التفوق والحب أيضا، وقد بلغنا من التفوق –ولا بأس أن نقول هنا: من الغرور- أننا فكَّرنا في اختراع قوانين رياضية لحل المسائل، فإن كنا نحلُّ المسائل وفقا لقوانين وضعها آخرون فلسنا بأقلَّ منهم شأنا لنضع نحن أيضا قوانين تُحَلُّ بها المسائل. كنت أنا وهو نكمل بعضنا البعض في هذا الجانب الدراسي، وقد جاء اليوم الذي وضعنا فيه قانونا لحل المسائل الرياضية (فرع الجبر) بعد أن هدانا تفكيرنا إليه، وجربناه على ثلاثين مسألة فكانت النتائج صحيحة، فقلت لصديقي: لا يمكن لقانون أن يكون خطأ بعد حل ثلاثين مسألة، وبدا أننا قد وصلنا سريعا إلى ما نصبو إليه، فهرعنا إلى الأستاذ عبد الوهاب أستاذ مادة الرياضيات وعرضنا عليه القانون الذي وضعناه فجرَّبه على عشر مسائل أخرى فإذا بها تنحل وتعطي النتائج الصحيحة، ودهش الأستاذ، ساعتها لم يخامرنا شكٌّ في أننا وضعنا قانونا جديدا في علم الرياضيات، ثم أخذنا إلى أستاذ آخر كان مدرسا أول لمادة الرياضيات، وعرضنا عليه القانون الجديد فجربه على مسألتين فلاحظ شيئا خاطئا مركبا في القانون وفي تطبيقنا له، وهذا الخطأ المركب هو الذي كان يفضي في النهاية إلى خروج الحل الصحيح للمسائل التي نجربها عليه. للأسف لم تعش فرحتنا إلا أمدا قصيرا، لكني أسرد هذه الحكاية هنا وصفا لما كنا فيه من التفوق ومن علاقتنا ومن إكمالنا لبعضنا، وهو ما له متعلق بسؤال: لم لم أدخل كلية الطب؟

كانت خطتي في المذاكرة والامتحانات أن أحصل على الدرجات النهائية في مواد العلوم والرياضيات ولا أسمح لنفسي بالنقصان ولو درجة واحدة، إذ أن مواد اللغة العربية والإنجليزية مما يصعب الحصول فيها على الدرجات النهائية فلتكن هي وحدها المواد التي سأنقص فيها بعض الدرجات. وجاء اليوم الأول في الامتحانات وكان فيه امتحانان: اللغة العربية والجبر. وقد أديت أداءا حسنا في امتحان اللغة العربية ثم دخلت إلى مادة الجبر التي لن أسمح لنفسي فيها بنقصان درجة واحدة!

من مفارقات الأقدار أن واضعي امتحان الجبر في تلك السنة أخطؤوا ووضعوا سؤالا خاطئا، لكن الطلاب لم يعرفوا أنه خاطئ وإنما تصوروا أنها مسألة صعبة، وكانت هذه المسألة هي السؤال الثاني من بين أربعة أسئلة يتكون منها الامتحان، وقد تكهرب الطلاب لهذا السؤال العسير إلا أن معظمهم فعل ما هو طبيعي منطقي، أنهم تجاوزوه ليحلوا باقي الامتحان، أما أنا فلن أفعل! إذ كيف لمتفوق مثلي كاد أن يضع قانونا في الجبر أن يتوقف أمام مسألة؟! لقد كنت مشهورا بأني لا تقف أمامي مسألة أبدا حتى إن مدرسا استعان بي يوما لحل مسألة تعسرت عليه، ثم كيف لمثلي أن أمام مسألة في امتحان عزم على أنه لن ينقص فيه درجة واحدة؟! وتحول الأمر إلى ما يشبه المعركة الشخصية والتحدي الخاص، ظللت أمام المسألة (الخاطئة أصلا) أقلبها يمنة ويسرة وأدور حولها أماما وخلفا وهي لا تنحل، وهكذا حتى مرَّ نصف وقت الامتحان أمامها، ولما شعرت بالأزمة والاختناق هرعت إلى إكمال بقية الأسئلة لكنني لم أدرك الحل، وانتهى الوقت وأُخِذَت الورقة مني وقد تركت سؤالين كاملين.

انتهى يوم الامتحانات الأول بصدمة غير متوقعة ترتب عليها إحباط شديد، كما ترتبت عليها نتيجة أسوأ وهي سوء سلوكي في المواد الأخرى بعد أن أدركت ضياع حلمي على يد مادة الجبر، ولم ألبث أن عرفت صباح اليوم التالي أن المسألة خاطئة من الأصل وأن درجاتها ستوزع على أسئلة الامتحان الأخرى فزاد همّي وغمّي، ولهذا السبب حصلت في الثانوية العامة على 71 بالمائة.

لم تكن هذه الدرجة سيئة، بل كانت تؤهلني لدخول المعهد العالي الصناعي في المنيا، ولم يكن هذا بعيدا عن طموحي في دراسة الهندسة، إذ لن يلبث المعهد أن يتحول إلى كلية الهندسة، وهو التحول الذي حصل في نفس هذه السنة، إلا أن رغبتي في كلية الطب كانت أقوى وكانت تهيمن علي بشدة، فقررت أن أدخل كلية التجارة لاعتقادي أنها سهلة، وأنني سأتمكن من أن أعيد الثانوية العامة بالتوازي مع دراستي فيها، فلقد عزمت على أن أعيد سنة الثانوية العامة لأتمكن من دخول كلية الطب من جديد.

إلا أن رياحا أخرى أشد جاءت بما لا تشتهيه السفن! لقد كنت أجهل إجراءات إعادة القيد في الثانوية العامة، لقد ظننت أن بإمكاني الالتحاق بالامتحانات في نهاية السنة، ولم يكن لي علم بضرورة التسجيل في المدرسة لهذا الغرض حتى فات وقت إعادة القيد وانتهى، لم أكتشف هذا إلا حين تحدثت مع صديقي عبد الجواد الذي كان رفيقا في سكن الرابطة (تشبه المدينة الجامعية) في قنا، حين سألني: في أي مدرسة سَجَّلت لإعادة امتحان الثانوية العامة؟ فقلت ببساطة: حينما أنهي امتحانات كلية التجارة سأذهب لأمتحن في إدفو، فسألني: هل أعدت قيدك في إدفو؟! فقلت: لا، فقال: كيف؟!.. لقد انتهى وقت التسجيل وإعادة القيد!!

وقعت الصدمة فوق رأسي، وبكيت بكاء شديدا في تلك الليلة، وحاولت من الصباح أن أعيد تسجيلي لامتحان الثانوية العامة وبذلت كل ما أستطيع إلا أنني لم أنجح، وزاد همِّي وغمِّي أضعافا مضاعفة، لقد فاتني حلمي في الطب حين توقفت أمام هذه المسألة التي كانت أصلا خاطئة، ثم لم أدخل كلية الهندسة لكي أحفظ لنفسي إمكانية إعادة امتحان الثانوية العامة، ثم ها أنا أكتشف أن امتحان الثانوية العامة نفسه قد ضاع أيضا!! وتذكرت يومها صديقي ورفيق الدراسة أحمد سالم الذي التحق بكلية العلوم وألحَّ علي أن أدخلها معه لنتفوق معا ولنكون من بعدها أساتذة بالكلية، إلا أنني واجهت إلحاحه بإلحاح مقابل: أني إنما دخلت كلية التجارة لإعادة امتحان الثانوية العامة!

تحطمت آمالي، وصرت في موقف لم يمرّ علي مثله من قبل، وكرهت كلية التجارة التي صارت سجني من بعد ما كنتُ أظنها وسيلتي ومعبرا لي إلى ما أحب، فلم أهتم بأن أذاكر، ونجحت بصعوبة في السنة الأولى، ووجدتني أنجح بصعوبة بينما صديقي أحمد سالم الذي طالما ألحَّ على أن أكون معه قد نجح بتقدير جيد جدا في كلية العلوم، وبقية أصدقائي بين الطب والهندسة، وهكذا انتهى مساري الدراسي أسوأ نهاية: لا أنا تفوقت في الثانوية العامة، ولا دخلت الطب، ولا دخلت الهندسة، ولا استطعت العودة إلى الثانوية العامة، ولا تفوقت في كلية التجارة!

حصل هذا كله في أول عهد السادات، أو كما كان يقول "دولة العلم والإيمان"، وقد كنتُ حتى ذلك الوقت في الاتحاد الاشتراكي، فكنتُ مع التيار اليساري ضد السادات، لا سيما وقد كانت الأخبار تنقل أخبار التوتر في العلاقات بين السادات والاتحاد السوفيتي وأن السوفيت لا يعطون الأسلحة الضرورية التي يحتاجها السادات وأن هذا ما يؤخر التحرك العسكري، ولهذا فلن يكون عام 1971 هو عام الحسم كما كان يقال لنا.

مر عام 1971، ثم وراءه 1972، ولا حسم ولا حرب، فشرع اليسار المصري بتنظيم مظاهرات كثيرة، وكنت أشارك فيها كطالب عادي أو كمواطن مصري، مجرد مشاركة ليس فيها تزعم، ففي ذلك الوقت لم تكن قضايا الشأن العام تشغلني كثيرا، وسائر ما كان مني قبل هذا إنما كان بسبب إغراء تجربة عبد الناصر في الانقلاب العسكري، وكان دخولي الاتحاد الاشتراكي لطبيعة تفوقي الدراسي، ولذلك فقد كنت حتى تلك اللحظة عضوا في الاتحاد الاشتراكي وعضوا في الطريقة الصوفية.

ولم يكن الجمع بين عضوية الاتحاد الاشتراكي والصوفية عملا متناقضا آنذاك كما قد يبدو الآن، بل إن كثيرا من قيادات الدولة كان يغلب عليها الطابع الصوفي، حتى في أمن الدولة، وكان رئيس مجلس المدينة صوفيا، ومأمور القسم صوفيا. والجمع بين ذلك بسيط: فالتدين على الشكل الصوفي تدين مرغوب فيه من جانب الدولة، وأستطيع أن أشهد على هذا من واقع ما رأيته وعاينته، بل لقد كان جزءا من الدعاية الإعلامية لعبد الناصر أنه مدعوم من الأقطاب الصوفية الأربعة، ومما كان ينتشر في زماننا أن بريطانيا ألقت قنبلة ذرية على القاهرة فصدَّها عن القاهرة شيخ الصوفية الأكبر في مصر، وذلك أنه صعد في السماء وأمسك بالقنبلة ثم أراحها على قبة الجامع الأقمر فلم تنفجر، ولا تزال موضوعة فوق القبة حتى الآن. فمن هاهنا كانت الهالة الإعلامية حول جمال عبد الناصر تحتوي طيفا صوفيا فلم يقع التناقض في نفوس الكثيرين بين عضوية الاتحاد الاشتراكي وعضوية الصوفية.

بل كان المُوَجِّهون في الاتحاد الاشتراكي يغلب عليهم الطيبة، بل كان المُوَجِّه العام على مستوى أسوان واسمه الأستاذ سعد وكان مُصَعَّدًا من الطبقة العمالية، ودخل لانتخابات حتى صار الأمين العام على مستوى أسوان، وكان شابا في الثلاثينات من عمره، وكان يتحدث عن إصلاح الدولية وكيفية بنائها، وهو هو نفسه كان يؤمنا في الصلاة. إلا أنهم أخذوا من الاشتراكية ما وافق شهوة الشباب، فكانوا يأخذون منها العلاقات المحرمة مع الفتيات وأن يكون بينهم علاقة خارج الزواج، وتلك من الأمور التي دفعتني لترك الاشتراكية والتوجه للتيار الإسلامي الذي كان يتشكل في أعوام 1974، 1975م.

وفيما قبل حرب أكتوبر كانت تسود حالة من الغليان تشمل جميع الشباب بلا استثناء، وكان التفكير السائد هو التفكير في تحرير فلسطين، لم يكن أحد ينادي بتحرير سيناء بل ولم نكن نشعر أن سيناء هي المحتلة بقدر ما كنا نشعر أن المعركة حول فلسطين بل وسوريا أيضا.

لكن قبل الذهاب إلى وصف ما حصل في حرب أكتوبر أحب أن أتوقف هنا في نبذة مهمة عن العلاقة بيننا وبين آبائنا وأهالينا في هذه الفترة:

ليس ثمة شيء متميز في أسرتي، كانت أسرة عادية، متوسطة أو حتى أقل من المتوسطة، وفيما يخص –مثلا- أني لم ألتحق بكلية الطب أو الهندسة كان أبي يشعر بأنني طالب متميز ومتدين وكان يشعر أن هذا حدث بقدر الله، لم يكن متدينا بل مسلما عاديا ولكنه كان متوكلا على الله للغاية، فكان يقول: هذا قدر الله، وأنت على كل حال ستذهب إلى الجامعة. كانت ثقافة الناس وقتها أن الطالب طالما سيدخل الجامعة فالفارق ليس كبيرا بين الكليات. وكان يعزز من شعوره هذا أن أصدقائي حين كانوا يزورونني في البيت كانوا لا يتحرجون من إظهار اعترافهم بتفوقي وتميزي وأن المسألة حظوظ في نهاية الأمر. نعم، كان هذا يزيد من حزنه ولكن كان يزيد أيضا من تعاطفه وتشجيعه لي، وهكذا كانت أمي وكان إخوتي.. لقد كانوا يتخذونني قدوة!

وتلك على الحقيقة لم تكن مزية خاصة بي، وهذا هو ما أريد التركيز عليه هنا، لقد كان جيلنا هذا من الشباب هو الجيل الذي قاد آباءه وأثَّر فيهم أكثر بكثير مما قادوه وأثروا به، إن قصتي مع أهلي هي قصة مكررة لإخوة الجماعة الإسلامية مع أهاليهم، وأتذكر هاهنا مثلا معبرا:

كنت أذهب مع أبي لشركة بيع المصنوعات المصرية، والتي كان عُمَّال المصنع يأخذون منها حاجتهم، فكنت أقف مع أبي في الصف، وكان يريد أن يتقدم الناس لأولوية أنه عامل، وكان الذي يبيع يتحرج من نهره كما ينهر غيره من الناس إن تجاوزوا أدوارهم لكونه من عمال المصنع، فكنت أنا الذي أقول له: يا أبي لا بد أن نلتزم دورنا، وإذا أحببت ألا تقف لطول الوقوف فاجلس وأنا أقف مكانك في الصف حتى يأتي دورك. وحين يقع مثل هذا الكلام أمام الناس والعاملين كانوا يأذنون لنا في أن نتقدم عليهم ونأخذ أولا.

هكذا كان الآباء يشعرون تجاهنا بشعور الاعتزاز والفخر، لم نكن مثل أبناء اليوم مع آبائهم، أولئك الذين يغلب عليهم التمرد، وإني حين أقارن بين علاقتي مع أبي وعلاقتي مع ابني عمار مثلا أرى أن أبي كان ينصحني بألا أتهور وألا أواجه السلطة، وكان يُذَكِّرني دائما بأننا لا نستطيع مواجهة الحكومة، يقول: لدي أبناء غيرك وأريد أن أربيهم وأرعاهم كما ربيتك ورعيتك. وعندما أطلقت لحيتي قال لي: ليست لدي مشكلة في هذه المسألة لكن إن اعتقلوك فمركز ادفو بعيد عنا ولن أستطيع حتى أن أساعدك. ومن المواقف الطريفة المتعلقة بهذا الأمر أنني عندما اعتقلت سنة 1982 جاءني لزيارتي في معتقلي بالقاهرة، فذكّرته بهذا وقلت: جئتي إلى مصر (القاهرة) وليس ادفو؟! فقال: ألا زلت تذكر؟! وهل هناك من يترك ابنه، وبكى! فقلت له: ما رأيك يا أبي أني إذا خرجت من المعتقل فسأحلق لحيتي، فقال: إن فعلتَ فلست ابني. لم أكن جادًّا بطبيعة الحال وإنما كنت أحاول اختبار موقفه!

أما بالنسبة لابني عمار فإني أقنعه أن يخرج في المظاهرات فيشارك إخوانه والشباب فيرفض، ويجادلني قائلا: لم نفعل شيئا في الجماعة الإسلامية طوال عشرين سنة، ثم يقول: اترك لي اختيار الطريق الذي أريده. وهكذا، كنت أحث أبي على الفضيلة، ثم إني أحث ابني على الفضيلة، كأن الموضوع قد انعكس تماما. لقد أثبتت التجربة أننا كنا ثوريين أكثر من أبنائنا!

شباب جيلنا أنشأ الجماعة الإسلامية من لاشيء، فإذا قلنا الآن أننا فشلنا وأن الإخوان فشلوا فأين الجيل الجديد؟ أين الذي ينشيء تنظيما جديدا يكون بديلا لهذه التجارب التي يراها فاشلة؟! نحن في جيلنا كنا البديل لما نراه قد فشل، كنا بديلا للإخوان حين لم يعجبنا سلوكهم، كانت ردة فعلنا إنشاء جماعة جديدة، كنا نطمح ونتحفز ونخطط لنقوم بانقلاب عسكري ولنقود ثورة شعبية ولنحكم مصر، وكنا ساعتها في العشرينات، أما شباب العشرينات اليوم فنحن نحاول أن نقنعهم بالعمل!

كانت وقفة لا بد منها، قبل أن أدلف إلى ما حصل في حرب أكتوبر..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق