الثلاثاء، مارس 16، 2021

حوار مع صحيفة مللي جازيت التركية في الذكرى العاشرة لوفاة أربكان








نُشِر اليوم حوارٌ لي على صحيفة مللي جازيت التركية، عن الأستاذ الراحل نجم الدين أربكان رحمه الله. أضع هنا نصه باللغة العربية، ثم أضع روابطه بالإنجليزية والتركية في نهايته إن شاء الله.

1. بادئ ذي بدء، من هو الدكتور محمد إلهامي؟ هل يمكن أن تخبرنا قليلاً عن نفسك؟

أنا باحث مصري في التاريخ والحضارة الإسلامية، تخرجت في كلية الهندسة من مصر، ثم توجهت لدراسة التاريخ، وصدر لي حتى الآن 13 كتابا، كان آخرها تحريرا لكتاب شارك فيه نخبة من الباحثين والمؤرخين العرب عن "السلطان عبد الحميد الثاني في الذاكرة العربية"، وصدرت منه نسختان إلى التركية والإنجليزية، ومؤخرا حصلت على ماجستير في الاقتصاد الإسلامي من جامعة صباح الدين زعيم في تركيا، وأعمل مديرا لوحدة الحركات الإسلامية بالمعهد المصري للدراسات، وهو مركز بحثي مرموق يتخذ من اسطنبول مقرا له.

2. في الذكري العاشرة لوفاة البروفيسور نجم الدين أربكان زعيم حركة "مللي جوروش"، الجميع يذكره بالرحمة ..نريد أن نعلم من حضراتكم أهمية الاستاذ أربكان بالنسبة للدول الاسلامية، ونريد أن نعرفها من حضراتكم؟

الأستاذ أربكان رحمه الله كان شخصية معروفة في كل العالم الإسلامي، وأتذكر أننا كنا نتابع أخباره في مصر بشغف، فهو مؤسس الحركة الإسلامية في تركيا الحديثة، وهو الذي استطاع أن يمثل الشعور الإسلامي ويحوله إلى حركة سياسية لها وجود سياسي ونفوذ وكلمة مسموعة، وبالنسبة للعالم العربي فالحركة الإسلامية في تركيا تُعرف بأنها حركة أربكان.

كذلك فإن وصول الأستاذ أربكان إلى موقع رئاسة الحكومة كان بمثابة تعديل المسار التاريخي لتركيا، حيث عملت الحكومات السابقة على انتزاع تركيا من جسدها الإسلامي وعمقها الاستراتيجي وثقافتها العريقة، وعملت على إلحاقها بالغرب، فكانت محاولة الأستاذ أربكان هي الأولى في تعديل هذا الوضع الشاذ وغير الطبيعي مرة أخرى.

وكذلك فإن الانقلاب العسكري الناعم الذي جرى ضده في عام 1997 كان كاشفا بأن الحكومات الغربية والنظام العالمي لا يريد السماح لتركيا بالخروج من السياسيات الغربية، وأنهم يُفَضِّلون حكومات عسكرية وغير ديمقراطية بالمخالفة لشعاراتهم. لكن الشعب التركي المسلم الأصيل لا يزال يرجع إلى هويته وثقافته الإسلامية.

وكل ما يحصل في تركيا من عودة إلى الهوية الإسلامية فإن للأستاذ أربكان فضلا عظيما فيه، فهو قد كان الصوت الأول الذي يرفع الشعار الإسلامي ويناضل من أجله.

3. بالحديث عن الاتحاد الإسلامي، لا يمكننا المرور دون ذكر أربكان. كان أربكان مهندس لمشروع الاتحاد الإسلامي. كان هدفه كله إنشاء اتحاد الدول الإسلامية. ماذا تقول عن أفكار ورؤي الأستاذ أربكان؟

الوحدة الإسلامية هي أمل لدى كل مسلم، وحتى لو لم يكن الإنسان مسلما ولكنه مخلص لبلاده، فإن الاتحاد بين الدول الإسلامية هو غاية وطنية. فالأوروبيون رغم كل ما حدث بينهم من حروب فظيعة وطويلة رأوا أن المصحلة الوطنية تستلزم إنشاء الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية وحلف الناتو. ونحن المسلمين أولى بهذا، فنحن أصلا لم نتقسَّم ولم تتمزق بلادنا إلا على يد الاستعمار الأجنبي، لم يختر المصريون ولا السوريون ولا العراقيون ولا أبناء الجزيرة العربية أن ينفصلوا عن الدولة العثمانية، الذي فعل هذا هم الأجانب. وفي تاريخنا الإسلامي كله، مهما كان الحكام يتقاتلون ويتنازعون أحيانا كانت الشعوب تتواصل بغير حواجز ولا حدود ولا فوارق عرقية. فيستطيع المسلم في الأندلس أن يسافر إلى إندونيسيا إن أراد، ولن يجد أحدا يمنعه من الدخول أو العبور أو الإقامة أو طلب العلم في أي بلد. فمهما انفصل الحكام والسياسيون فقد كانت الأمة مترابطة ومتواصلة. بينما جاء هذا الاستعمار فصنع حالة معاكسة.. فالآن يستطيع الأوروبي والأمريكي أن يدخل بلادنا متى شاء وبغير تأشيرة وينتقل فيها بحريته، بينما يحتاج المسلم إلى تلال من الأوراق والطلبات لكي يسمح له بدخول بلد مجاورة وقد يُرفَض طلبه!! أي أن أمتنا مفتوحة للأجانب ومغلقة على أبنائها.

لهذا، فالوحدة الإسلامية أمل منشود، أولا لأنه واجب ديني كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، وثانيا لأنه مصلحة ضرورية لنا ولأوطاننا ولكي يكون لنا وجود وكلمة مسموعة في هذا العالم.

من أجل هذا نظر المسلمون بتقدير عظيم لخطوة الأستاذ أربكان ومحاولته تأسيس اتحاد الدول الإسلامية الثمانية: تركيا، إيران، مصر، نيجيريا، باكستان، بنجلاديش، ماليزيا، إندونيسيا.. فهذه الدول هي أقوى الدول الإسلامية، وأكثرها سكانا وأوفرها موارد مالية اقتصادية، وهي تتحكم بالمضايق المائية والطرق البرية المهمة للغاية للتجارة العالمية، ولها قوة ثقافية ناعمة في محيطها الإسلامي وغير الإسلامي.

ولو أننا تصورنا وتخيلنا أن هذه البلاد الثمانية صارت بلدا واحدا لكانت بلا شك أقوى بلد في العالم وأكثرها قدرة على التحكم بالسياسة العالمية.

إن مجرد التعاون الاقتصادي والتجاري وتنسيق الموقف السياسي بين هذه الدول يُمَكِّنها من صناعة محور قوي تلتئم حوله كل البلدان الإسلامية تقريبا، وإذا تطوّر هذا التعاون إلى إنشاء عملة موحدة أو تقديم نظام بنكي موحد فإن هذا سيوفر على الأمة المسلمة كثيرا من الأموال والطاقات التي يصنع الغرب الآن رفاهيته منها.. فالغرب يعيش ويتغذى على دمائنا وأموالنا ومجهودنا.

4. ما هو الواجب الذي يقع علي عاتق المسلمين في هذا الأيام لتحقيق أفكار ورؤي الأستاذ أربكان؟ ما هو قول حضراتكم في ذلك؟

لا يزال تراث الأستاذ أربكان وتجربته في حاجة إلى المزيد من النشر، وهذا واجب على تلاميذه بشكل أساسي، إن أقل القليل من تراث الأستاذ أربكان مترجم إلى العربية، نحن نستطيع أن نقرأ عن أربكان بالإنجليزية أضعاف أضعاف ما نجده بالعربية، بل إن الدراسات والكتب المترجمة التي تتناول التجربة التركية أكثر من الكتب والدراسات التركية المترجمة للعربية، أي أننا نحن العرب نجد أمامنا التجربة التركية بعيون غربية أكثر مما نجد التجربة التركية بعيون أصحابها، رغم أننا أمة واحدة مسلمة، فمن غير اللائق أن نتعرف على بعضنا من خلال لغة المحتل الأجنبي الذي تسبب في مصائبنا.

نحن الآن في فرصة، كثرة العرب في تركيا، وانخراط تركيا في السياسة الإقليمية بشكل أكثر من السابق، كل هذا يوفّر فرصة غير مسبوقة للتواصل العربي التركي، ستجدون لدى العرب ما يستفاد منه، وسيجد العرب في التجربة التركية ما يستفيدون منه أيضا، ويجب أن يجتمع المخلصون جميعا لتحقيق فهم أفضل لتجاربهم، وتحقيق تعارف أفضل لرموز الحركة الإسلامية وأبطالها.

رابط الحوار باللغة التركية | https://www.milligazete.com.tr/haber/6630969/erbakan-hoca-tarihsel-seyri-degistirdi

رابط الحوار باللغة الإنجليزية |
 http://en.milligazete.com.tr/_erbakan_hodja_changed_the_historical_course__egyptian_historian_says/10700

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق