تتركز اعتراضات العقلاء والشرفاء على أمرين: موقع الشريعة
ومقامها، وموقع العسكر ومقامهم! وحيث أني ممن لا أرضى موقع هذين ولا مقامهما في الدستور
فالطبيعي أني سأرفض الدستور، فهما ليسا بالأمر الهين السهل ولا مما يمكن تجاهله..
لكن للأسف هذا فقط نصف الصورة!
تماما كنصف الثورة حين خرق الخضر السفينة، وحين قتل الطفل
الصغير، وحين أقام جدارا مجانيا بقرية البخلاء!
لنضع أمام أنفسنا هذه الحقائق!
1. الدستور ليس إلا حبرا على ورق، يملك الفاعلون تحويله إلى
حقائق كما يملكون إلقاءه في أقرب مزبلة.. في الحقيقة كل النصوص القانونية -والغالبية
العظمى من رجال القانون- تحت رحمة الدبابة وفي خدمتها (سيف المعز وذهبه!).. ويمكن لانقلاب
عسكري بسيط أن يطيح بكل مجهودات القانونيين ثم سيجد من أهل القانون أحذية له يلبسها
ويصوغون له رغباته في قوانين ودساتير.
2. الفاعل الرئيسي في المشهد هو من يملك القوة، والقوة هي:
قوة السلاح، وقوة المال، والقوة الشعبية.. في الأحوال الطبيعية غير الثورية لا تكون
القوة الشعبية ذات وزن في المعادلة، ويكون السلاح هو الأقوى ثم المال.. أما في الأحوال
الثورية فإن القوة الشعبية تصبح الأقوى في المعادلة بينما تتراجع قوة السلاح والمال
إلى أدنى مستوياتها.
3. لولا التوحد الشعبي ما نجحت الثورة.. ولولا التوحد الإسلامي
ما فشلت مؤامرة اقتحام قصر الاتحادية (أو قل تأجلت)..
4. فيما يخص العسكر ثمة أمران:
أ. أن هذه المواد بالنسبة للمراحل الانتقالية المشابهة والظروف
الحالية ممتازة جدا.. وإن كانت في نفسها لا تصل لمستوى المأمول في الدول التي ضبطت
علاقة العسكر بالشأن المدني.
ب. أن العسكر يضمنون موقعهم هذا بقوة السلاح، وهم يرون في
الإسلاميين خصومهم، كما أن العلمانيين نشأوا وعاشوا في ظل العسكر واستبدادهم، وهم لو
كتبوا الدستور فسيعطون للعسكر كل ما من شأنه أن يعسكر الدولة تماما ويحميها من أي احتمالية
مستقبلية لوصول الإسلاميين إلى الحكم.. بما يعني أن التاسيسية القادمة لن تحقق أفضل
من هذا في شأن العسكر رغبة إليهم أو رهبة منهم.
5. فيما يخص الشريعة ثمة أمران أيضا:
أ. أن النص الحالي وإن كان لا يرضينا إلا أن انتخابنا لمن
يرضينا يصحح عواره، أو حتى يهيئ الأحوال لتعديله إلى ما يرضينا عبر طريق آمن، أو على
الأقل أفضل وأكثر امنا من طريق رفضه.
ب. أن انتخاب تأسيسية قادمة لن يكون مطلقا كما نحب ونرضى،
بل سيصدر له قانون يحدد "المحاصصة الطائفية والسياسية للجنة" وهو القانون
الذي سيصدره مرسي تحت القصف العسكري العلماني الفلولي وقد تبين لنا بجلاء أن الرجل
وحده وأن أجهزة الدولة تحاربه حتى الحرس الجمهوري الذي يخونه ويُسْلِمه.
6. أما بتوسيع الصورة فسنرى أنفسنا أمام كتلتين: الكتلة المؤيدة
هي الإسلامية والكتلة الرافضة هي العلمانية.. ولا يمنع أن في الجانبين إسلاميين أو
علمانيين.. فالدستور هو بالفعل عنوان للصراع الإسلامي العلماني في مصر.. وقبوله هو
ارتفاع لأسهم الإسلاميين ورفضه هو ارتفاع لأسهم العلمانيين.. ومهما كان موقفك وتحفظك
وأمانيك فلن تستطيع تغيير هذه المعادلة في ظل الضعف الإعلامي الإسلامي، وتغول الإعلام
العلماني العسكري الفلولي.
7. في الموازنة بين استمرار الرئيس وحيدا لعشرة أشهر أخرى
(3 انتخاب جمعية، 6 كتابة دستور، 1 للتصويت عليه) وبين وجود برلمان يعضده ويقويه وهو
أيضا يراقبه ويصحح عمل حكومته ويسانده في تطهير الوزارات في ظل هذا الدستور المطروح..
أحسب أن هذه الموازنة تميل بوضوح لصالح وجود برلمان بأسرع وقت ممكن لتمثيل الإرادة
الشعبية كجزء من معادلة الصراع.
لهذا ولغيره أرى أن التصويت بـ "نعم" هو ما يحقق
المصلحة المرجوة.
نشر في شبكة رصد الإخبارية
تحليلك رائع جدا وفى المضمون واجد نفسى اوافق على كل ما تقول لكن لى تعليق واحد ولا اعرف ان كان هذا الافتراض الذى سافترضه واقعيا ام لا حينما نتحدث عن المعركة العلمانية الاسلامية فاننا بالضروررة نتحدث عن رؤس القوم وساداتهم لكنى اجد نفسى مفكرا ان هناك ثمة شباب فيما نسميه نحن بالفريق العلمانى ليسوا كذالك اى ليوسا ممن ينادوا بعلمنة الدولة او الاخذ بالمنهج العلمانى لكنهم منبهرون ببعض هؤلاء القوم مثل البرادعى وحمدين لكنهم كانوا ثوارا ولم يجدوا ما يريدون عند الاسلاميين او هم فى الاساس غير ملتزمين ولا يرون انفسهم فى الصف الاسلامى فى حين انهم يظنون انهم مسلمون حقا ولكنهم مختلفون مع التيار الاسلامى ومع هذا الاستقطاب الجارف فانهم يبعدون اكثر واكثر عن المظهر الاسلامى والتيار الاسلامى هؤلاء الشباب انا حقا اخاف عليهم وادعو لهم بالهداية واتمنى لو يعود بعض الشيوخ ممن لا طاقة لهم ولا علم بالسياسة الشرعية ليعودوا للدعوة الى الله واتمنى لو ابتكروا اساليب جديدة لمخاطبة هؤلاء النوعية من الشباب المتمردون لكن بغير علم
ردحذفواننى اتمنى ان ترى هذا التعقيب وترد عليه فهذا الامر يشغل بالى كثيرا ولا اخفيك سرا فانت اخى واحبك كثيرا حيث يوجد من بين هذة الطائفة اخى الشقيق وانا اخاف عليه واحزن لما هو فيه طبعا تدور بيننا العديد من السجالات حاولت ولاذلت احاول معه ان يبعد عن هذا الطريق الحمد لله استطعت ان ابعد عن راسه فكره ان علمانى او ليبرالى لكنه مازال متمسكا برموز العلمانية مثل البرادعى وغيره وحتى بعد ان قرا كتاب قصة العلمانية للدكتور راغب فهو لازال يتاقش ويخرج بكلام عجيب وهو فى ذالك يمكلك رصانة فى الاسلوب تمكنه من ان لايخرج منهزما من الحوارات
اعتذر عن الاطاله وعن ركاكه اسلوبه لكنى حقا احبك جدا واحببت ان اشركك همى ارجوا ان ترد على هنا او على الفيس وشكرا جزيلا