ربما بدا "مصطفى الفقي" رجلا مناسبا لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، شخصية بلا موقف، بلا تاريخ نضالي، متقلب بين الآراء، يحب السير في المنطقة الوسط، وكل هذا جيد فيما يخص هذا المنصب، فإنما هو منصب لا شرف فيه.
ولئن كان الناس استبشروا بعمرو موسى من قبل وحسبوا أن شخصيته -التي بدت ذات موقف يوم كان وزيرا للخارجية المصرية- ربما ساهمت في إصلاح الحال المائل بعد أمين عام بلا شخصية ولا موقف كعصمت عبد المجيد.. لئن كان الناس استبشروا فقد أثبتت لهم الأيام أن عمرو موسى لم يؤثر في المنصب بقدر ما أَثَّر فيه المنصب، أو لعله المنصب هو الذي كشف لنا شخصية موسى الحقيقية.
على كل حال، يمكن للأخ الفقي أن يكون مناسبا لهذا المنصب المثير للغثيان، غير أن الاعتراض عليه إنما ينطلق من سببين:
الأول: أن عهد مبارك قد انتهى، وهو رجل ربما كان إفرازا طبيعيا ومناسبا لعصر مبارك، ولربما لو كان مبارك قد رشحه للمنصب لما تعجبنا، أما مصر ما بعد الثورة فأمر آخر، فلا هو منها ولا هي منه، لا يناسب مصر التي ثارت أن ترشح سكرتير مبارك للمعلومات، ثم عضو البرلمان بالتزوير، ثم رئيس لجنة برلمانية للشؤون الخارجية (المباركية)، وقبل كل هذا وبعده مُنَظِّر لسياسة الحزب الوطني المنتهية ولايته وصلاحيته كذلك.. وصاحب المواقف المشينة من قضايا العرب (لا سيما ونحن لا ننسى له –مثلا- موقفه من الجدار الفولاذي!).
والثاني: أن العالم العربي قبل شهور غير العالم العربي بعد شهور، فلئن كان العرب القدامى يصلح لهم أمثال عصمت وعمرو والفقي، فإن العرب الجدد بعد نجاح ثوراتهم لا تناسبهم أمثال هذه الشخصيات.. إن الأنظمة الجديدة التي تفرزها ثورات الشعوب الحرة لا يناسبها العمل مع رجال الزمن القديم، ولهذا يبدو أن مثل هذا المنصب سيكون كبيرا ومتسعا على أمثال هذه الأنماط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق