السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الأستاذة دعاء سلطان :
اسمحى لى بتعقيب على مقال بالدستور 25/1/2006 فى صفحة الفن .
فى مقالك الذى كان ينتقد تقلب منتجى الأفلام بين رفض توزيع الأفلام التى يرونها ( حراما ) لصالح الأفلام ( مقلمة الأظافر ) .. كتبت هذه الفقرة التى أحرص على نقلها بحروفها :
إلى متى سيظل الحكم على الفن بهذا الشكل الأخلاقى الذى يثير التقزز أكثر من غثارته للسخرية ويثير الشفقة على من يتباكون على الأخلاق الضائعة اكثر من إثارته لخوفنا من ضياع القيم والمبادئ ؟
ومن قال أصلا أن الفيلم السينمائى هو درس أخلاقى .. من الذى خلق هذه النظرة السطحية للسينما وما يقدم فيها ؟
( وبعد سطور قليلة تأتى هذه الفقرة )
أما من يذهبون إليها بمنطق التسلية والفرجة وتمضية الوقت ( .. ) فهم يتحاشون اللافلام التى تخرجهم من خيالهم المريح وأخلاقهم الممجوجة والتى تتوتر لمشهد قبلة أو حوار يخرج عن محافظة بيئتهم الراقية .. ويرغبون فى سينما مقلمة الأظافر ، ورسالة السينما ليست كذلك فإذا كان هدفها الأسمى هو الإمتاع ، فإن هدفها الأهم هو أن تكون إنسانية تتعمق داخل البشر وتعرى وتجرح وتصدم كل مافيه ، ومن فيه "
انتهى نقلى .
بداية : اؤكد اتفاقى مع جوهر المقال الذى كان ينتقد المواقف المتقلبة لموزعى السينما والتى تتخذ من الجانب الأخلاقى درعا لرفضها توزيع فيلم معين ، وهو الدرع الذى ربما يغازل الجماهير التى تتاثر بالمد المحافظ كما ترين .. وليس هذا من قبيل الدخول فى النوايا ، بل لأن أفعالهم السابقة واللاحقة تؤكد هذا .
لكن هذه الفقرة التى نقلتها ، أزعم ان المقال لم يكن بحاجة إليها إذ أنها خارج فكرة المقال وتدخل فى فكرة أخرى حول العلاقة الجدلية بين الفن والأخلاق .. بما يجعلنى اعتبر - وقد أكون مخطئا - انها من اندفاعة قلمك الغاضب كما تبدى من لهجة المقال ... أو لربما كانت فرصة مناسبة للتعبير عن موقفك بشأن هذه العلاقة بين الفن والأخلاق .
واسمحى لى ياأستاذة دعاء أن أعلق على بعض مما ورد فى كلامك .. فأظن ان حرية الرأى التى تنادين بها ضمن كتيبة الدستور كلها تحتم عليك ان تحترمى التوجه الأخلاقى لمشاهدى السينما والذين يحكمون على الأعمال الفنية بمنظور أخلاقى ، خصوصا وان هذا التوجه ليس شاذا فى مجتمع إسلامى كمصر .. ولا أظن اننا نستحق منك ألفاظ من عينة ( الشكل الأخلاقى الذى يثير التقزز أكثر من إثارته للسخرية ) واعتبار أن نظرتنا سطحية ... بل إننى دهشت من قولك ( أخلاقهم الممجوجة ) فصفة الممجوجة هنا كانت موجهة للأخلاق وليس لرؤية هؤلاء الأخلاقيين - إن صح التعبير - .
ثم إن الغريب جدا هو اعتبار ان السينما لابد ان تؤدى فنها ورسالتها بعيدا عن عالم الأخلاق تماما ، وانه لامشكلة من وجود قبلة او حوار خارج .. لأن هذا فن ، ومهمته تعرية الواقع وكشف وصدم كل من فيه ومافيه .
ودون الدخول فى معركة كلامية حول المرجعية التى يجب أن نحتكم إليها والتى أراها عن نفسى : المرجعية الإسلامية .. بعيدا عن هذا حتى لاندخل فى جدلية المطلق والنسبى والرأى والتوجه .. فإن الاستمرار بهذا المبدأ وهو ابتعاد السنما عن عالم الأخلاق يؤدى بنا إلى عدم استنكار ان تمثل الأفلام الجنسية الصريحة على اعتبار ان المشاهد فيها موظفة فنيا .. ولا مشاهد الشذوذ الجنسى الصريح ولا مشاهد التعذيب وقطع الرؤوس .. طالما أن كل هذا موظف فنيا فى سياق السيناريو .
صحيح ان الفيلم ليس درسا أخلاقيا .. لكنه وسيلة ممتعة لتلقى الأفكار والرؤى ، فلماذا لا بد أن تطعم هذه الأفكار بمشاهد تخرج عن أخلاق المجتمع .. وأقصد الأخلاق الجامعة الكلية التى يتفق حولها المجتمع المصرى فى عمومه .
ثم لماذا يجب ان نكون بين خيارين : إما فيلم سينمائى وإما درس أخلاقى .. ألا يمكن ابدا إلا أن يكون الفيلم خارجا عن الأخلاق ( الممجوجة ) والخيال المريح .. أو يكون درسا بكل ما تحمله كلمة درس من معانى منفرة ؟؟
وقد كان يمكننى أن أتفهم هذا الرأى لو أن السينما الحالية تعبر بالفعل عن المجتمع المصرى وتكشف ما فيه ومن فيه .. لكن للأسف هذه السينما فى مجموعها لاتعبر إلا عن طبقة راقية تكاد لا تعرفها إلا مصر الحاكمة والغنية .. وكل المشاكل التى تواجهها السينما الان تدور فى الإطار الجنسى الذى يصور معاناة الفتاة التى اخطات وتعانى من المجتمع أو الشاب الذى يحب فتاة وتقف بينهما الظروف المجتمعية أو الخيانات الزوجية .. وكلها مشاكل وإن حدثت فى مصر فهى محصورة فى هذه الطبقة الراقية .
ولو أجرينا مسحا على المجتمع المصرى من خلال الأفلام لظننا ان كل بيت يحتوى على مشكلة جنسية .. وهذا ينافى الواقع تماما .
اسأل سؤالا واحدا وصريحا : ألا يمكن أن تقدم الرسالة الفنية دون مشاهد القبلات والأحضان والحوارات الخارجة ؟؟؟
إن لم يكن هذا ممكنا ، فماسر نجاح السينما الإيرانية مثلا ؟؟؟
وأستغرب منك - ياأستاذة دعاء - جدا أن تعتبرى ان السينما التى يحبها الأخلاقيين هى سينما مقلمة الأظافر .. أبدا .. فإنى أرى أن العكس هو الحاصل ، فإن السينما الحالية تذول كل أظافرها واصابعها وتبدع فى الترميز حين يتعلق الأمر بنظام الحكم وشخصيات الحكام .. فى حين يرفضون أى ترميز ويبتعدون عن أى إيحاء لدى تصوير مشهد جنسى نرى فيه كل تفاصيل العملية الجنسية إلا ذروتها .. وهو مشهد يمكن أن يصل للمشاهد بإيحاءات بسيطة و مفهومة .. غير ان صناع السينما يصرون على تصويره تفصيلا دعما للحرية والشفافية !!
فلماذا إذن ؟؟؟
وبعد : اشكر لك صبرك وسعة صدرك على قراءة الرسالة ، والسلام عليكم ورحمة الله .
الأستاذة دعاء سلطان :
اسمحى لى بتعقيب على مقال بالدستور 25/1/2006 فى صفحة الفن .
فى مقالك الذى كان ينتقد تقلب منتجى الأفلام بين رفض توزيع الأفلام التى يرونها ( حراما ) لصالح الأفلام ( مقلمة الأظافر ) .. كتبت هذه الفقرة التى أحرص على نقلها بحروفها :
إلى متى سيظل الحكم على الفن بهذا الشكل الأخلاقى الذى يثير التقزز أكثر من غثارته للسخرية ويثير الشفقة على من يتباكون على الأخلاق الضائعة اكثر من إثارته لخوفنا من ضياع القيم والمبادئ ؟
ومن قال أصلا أن الفيلم السينمائى هو درس أخلاقى .. من الذى خلق هذه النظرة السطحية للسينما وما يقدم فيها ؟
( وبعد سطور قليلة تأتى هذه الفقرة )
أما من يذهبون إليها بمنطق التسلية والفرجة وتمضية الوقت ( .. ) فهم يتحاشون اللافلام التى تخرجهم من خيالهم المريح وأخلاقهم الممجوجة والتى تتوتر لمشهد قبلة أو حوار يخرج عن محافظة بيئتهم الراقية .. ويرغبون فى سينما مقلمة الأظافر ، ورسالة السينما ليست كذلك فإذا كان هدفها الأسمى هو الإمتاع ، فإن هدفها الأهم هو أن تكون إنسانية تتعمق داخل البشر وتعرى وتجرح وتصدم كل مافيه ، ومن فيه "
انتهى نقلى .
بداية : اؤكد اتفاقى مع جوهر المقال الذى كان ينتقد المواقف المتقلبة لموزعى السينما والتى تتخذ من الجانب الأخلاقى درعا لرفضها توزيع فيلم معين ، وهو الدرع الذى ربما يغازل الجماهير التى تتاثر بالمد المحافظ كما ترين .. وليس هذا من قبيل الدخول فى النوايا ، بل لأن أفعالهم السابقة واللاحقة تؤكد هذا .
لكن هذه الفقرة التى نقلتها ، أزعم ان المقال لم يكن بحاجة إليها إذ أنها خارج فكرة المقال وتدخل فى فكرة أخرى حول العلاقة الجدلية بين الفن والأخلاق .. بما يجعلنى اعتبر - وقد أكون مخطئا - انها من اندفاعة قلمك الغاضب كما تبدى من لهجة المقال ... أو لربما كانت فرصة مناسبة للتعبير عن موقفك بشأن هذه العلاقة بين الفن والأخلاق .
واسمحى لى ياأستاذة دعاء أن أعلق على بعض مما ورد فى كلامك .. فأظن ان حرية الرأى التى تنادين بها ضمن كتيبة الدستور كلها تحتم عليك ان تحترمى التوجه الأخلاقى لمشاهدى السينما والذين يحكمون على الأعمال الفنية بمنظور أخلاقى ، خصوصا وان هذا التوجه ليس شاذا فى مجتمع إسلامى كمصر .. ولا أظن اننا نستحق منك ألفاظ من عينة ( الشكل الأخلاقى الذى يثير التقزز أكثر من إثارته للسخرية ) واعتبار أن نظرتنا سطحية ... بل إننى دهشت من قولك ( أخلاقهم الممجوجة ) فصفة الممجوجة هنا كانت موجهة للأخلاق وليس لرؤية هؤلاء الأخلاقيين - إن صح التعبير - .
ثم إن الغريب جدا هو اعتبار ان السينما لابد ان تؤدى فنها ورسالتها بعيدا عن عالم الأخلاق تماما ، وانه لامشكلة من وجود قبلة او حوار خارج .. لأن هذا فن ، ومهمته تعرية الواقع وكشف وصدم كل من فيه ومافيه .
ودون الدخول فى معركة كلامية حول المرجعية التى يجب أن نحتكم إليها والتى أراها عن نفسى : المرجعية الإسلامية .. بعيدا عن هذا حتى لاندخل فى جدلية المطلق والنسبى والرأى والتوجه .. فإن الاستمرار بهذا المبدأ وهو ابتعاد السنما عن عالم الأخلاق يؤدى بنا إلى عدم استنكار ان تمثل الأفلام الجنسية الصريحة على اعتبار ان المشاهد فيها موظفة فنيا .. ولا مشاهد الشذوذ الجنسى الصريح ولا مشاهد التعذيب وقطع الرؤوس .. طالما أن كل هذا موظف فنيا فى سياق السيناريو .
صحيح ان الفيلم ليس درسا أخلاقيا .. لكنه وسيلة ممتعة لتلقى الأفكار والرؤى ، فلماذا لا بد أن تطعم هذه الأفكار بمشاهد تخرج عن أخلاق المجتمع .. وأقصد الأخلاق الجامعة الكلية التى يتفق حولها المجتمع المصرى فى عمومه .
ثم لماذا يجب ان نكون بين خيارين : إما فيلم سينمائى وإما درس أخلاقى .. ألا يمكن ابدا إلا أن يكون الفيلم خارجا عن الأخلاق ( الممجوجة ) والخيال المريح .. أو يكون درسا بكل ما تحمله كلمة درس من معانى منفرة ؟؟
وقد كان يمكننى أن أتفهم هذا الرأى لو أن السينما الحالية تعبر بالفعل عن المجتمع المصرى وتكشف ما فيه ومن فيه .. لكن للأسف هذه السينما فى مجموعها لاتعبر إلا عن طبقة راقية تكاد لا تعرفها إلا مصر الحاكمة والغنية .. وكل المشاكل التى تواجهها السينما الان تدور فى الإطار الجنسى الذى يصور معاناة الفتاة التى اخطات وتعانى من المجتمع أو الشاب الذى يحب فتاة وتقف بينهما الظروف المجتمعية أو الخيانات الزوجية .. وكلها مشاكل وإن حدثت فى مصر فهى محصورة فى هذه الطبقة الراقية .
ولو أجرينا مسحا على المجتمع المصرى من خلال الأفلام لظننا ان كل بيت يحتوى على مشكلة جنسية .. وهذا ينافى الواقع تماما .
اسأل سؤالا واحدا وصريحا : ألا يمكن أن تقدم الرسالة الفنية دون مشاهد القبلات والأحضان والحوارات الخارجة ؟؟؟
إن لم يكن هذا ممكنا ، فماسر نجاح السينما الإيرانية مثلا ؟؟؟
وأستغرب منك - ياأستاذة دعاء - جدا أن تعتبرى ان السينما التى يحبها الأخلاقيين هى سينما مقلمة الأظافر .. أبدا .. فإنى أرى أن العكس هو الحاصل ، فإن السينما الحالية تذول كل أظافرها واصابعها وتبدع فى الترميز حين يتعلق الأمر بنظام الحكم وشخصيات الحكام .. فى حين يرفضون أى ترميز ويبتعدون عن أى إيحاء لدى تصوير مشهد جنسى نرى فيه كل تفاصيل العملية الجنسية إلا ذروتها .. وهو مشهد يمكن أن يصل للمشاهد بإيحاءات بسيطة و مفهومة .. غير ان صناع السينما يصرون على تصويره تفصيلا دعما للحرية والشفافية !!
فلماذا إذن ؟؟؟
وبعد : اشكر لك صبرك وسعة صدرك على قراءة الرسالة ، والسلام عليكم ورحمة الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق