فى يناير من هذا العام استضافت قناة الجزيرة فى برنامج الاتجاه المعاكس الناشط القبطى البارز مجدى خليل فى مواجهة المفكر والباحث المعروف أنيس النقاش .. كان محور الحلقة هو فشل الليبراليين فى كسب الشارع العربى الذى اختار الإسلاميين فى الانتخابات التى جرت فى مصر ، ثم فى فلسطين .
كانت أول مرة أرى فيها مجدى خليل .. وأول مرة أسمع له رأيا فى أمر أعم من الشأن القبطى .. كان الرجل يتحدث من أمريكا ، لكن مايلفت النظر ليست اللهجة الأمريكية الواضحة ( عن نفسى لا أرى عيبا فى أن يعتنق أحد أى فكر مادام فكرا لايحمل ازدواجية المعايير ) .. إنما الذى لفت نظرى أن الرجل كان يتكلم فى شأن لا يعرف عنه شيئا بلهجة الواثق من معلوماته .
قال مثلا : كل المحللين فى كل العالم كتبوا أن التصويت للإخوان ولحماس كان تصويتا احتجاجيا ( وهذا كذب فاضح وحقير ، ورد عليه انيس النقاش فقال : لا .. نحن أيضا فى العالم ونقرأ وليس هذا صحيحا ) .
وقال : " انت مثلا لو بصيت لانتخابات مصر كان بلطجية فى مواجهة بلطجية .. بلطجية الإخوان فى مواجهة بلطجية الحكومة " ( وهذا كذب فاضح وحقير أيضا .. وكل من كان فى مصر يعرف هذا ) .
وقال : " لو فى بريطانيا مثلا حزب رفع شعار ( المسيحية هى الحل ) وهرفع حزب آخر شعار ( المسيحية هى المشكلة ) يبقى نقدر نقول ان هنا فيه حرية .. ولو فاز الحزب اللى رفع شعار ( المسيحية هى المشكلة ) يبقى هنا نقدر نقول ان الشعب عنده وعى " .
وهذه العبارة الأخيرة لا تعليق لى عليها لأنها من أفكاره وهو حر فى اعتناقه الفكر الذى يراه صحيحا .. رغم تنافى هذا الرأى مع تبنيه مشاكل الأقباط تحديدا لا مشاكل الشعب المصرى عامة .
ثم اقرأ بعض المقالات المكتوبة على الانترنت لمجدى خليل ، واتعجب من باحث يرى أن الإسلام المعتدل ينحصر فى على عبد الرازق وقاسم أمين وطه حسين .. بل يقصد على الأخص كتب ( الإسلام وأصول الحكم – المرأة الجديدة – مستقبل الثقافة فى مصر ) للمؤلفين الثلاثة على الترتيب ، ويرى فيما عدا ذلك تيارا متطرفا يضع على رأسه حسن البنا والإخوان المسلمين ثم يمارس خلطا اعتدنا عليه بين الإخوان والجماعات الإسلامية كلها ليضعها فى سلة واحدة .
فى نفس أسبوع لقاء مجدى خليل على الجزيرة كانت صحيفة الدستور تنشر له مقالا على مساحة صفحة كاملة ينتقد فيها زيارة الناشط القبطى مايكل منير لمصر ويرى هذه الزيارة محاولة جديدة من محاولات الحكومة المصرية لاختراق حركة أقباط المهجر ، وانتقد فيها مايكل منير وساق الأدلة على قيامه بهذه الخطوة منفردا رغم معارضة كبار أقباط المهجر لها .
ثم نشرت الدستور بتاريخ 8/3/2006 مقالين فى نفس الصفحة لمايكل منير ومجدى خليل .. وكان مقال مايكل منير يحمل من الأدلة ما يؤكد على كذب مجدى خليل .. والكذب بالذات هى الصفة التى تسحب الشرف من أى إنسان فى لحظة واحدة وتسحبه من قائمة المخالفين فى الرأى الذين يستحقون الاحترام إلى قائمة المخالفين فى القيم الإنسانية الأصيلة الذين لايستحقون غير الاحتقار .. ويكون للخلاف معهم شأن آخر ولهجة أخرى .
سأنقل هنا بعضا من كلام مايكل منير الذى يتعلق ويثبت واقعة الكذب والتزوير .. متحاشيا نقل مابينهما من غمز ولمز وتشهير .. فأربأ بنفسى عن الوقيعة بين أحد ، ومالهذا نكتب .
1- استنكر مايكل منير ماذكره مجدى خليل من مقابلته ( أى منير ) لرئيس المجلس الإسلامى الشيعى فى لبنان عبد الأمير قبلان .. ورأى فى هذا تشويها لزيارته التى قابل فيها أيضا ( سمير جعجع – ميشيل عون – رئيس لجنة حقوق الإنسان فى البرلمان اللبنانى – مفتى لبنان ) .. وقال مستنكرا : " لكن سى مجدى قفز على هذه الأسماء ولم يذكر سوى الشيخ قبلان ليوحى بأننى على صلة بشخصيات ما قد لاتحظى بقبول لدى الأقباط " .
2- مازلنا نواصل النقل من مقال ما يكل منير : " ولم يفعل هذا وحسب بل ونسب ما قاله قبلان لى بشأن تفعيل الدفاع عن القضايا العربية فى أمريكا وهو مالم أقله أنا بالتأكيد ومع ذلك يصر على أن ينسب لى مالم أقله ومالم تنشره الصحيفة وهى موجودة وليست سرا ، وهذا سلوك خبيث يقصد به الإيحاء بأن لهجتى تغيرت حتى يترك انطباعا لدى الأقباط بأننى أغازل هذا الفصيل أو ذاك وهذا عير صحيح بالمرة " .
3- يرد منير على ماذكره خليل بشأن مفاجأة الأقباط وزعماء حركة أقباط المهجر بهذه الزيارة وإصدارهم بيانا يرفضون فيه هذه الزيارة فيقول : " والواقع أن أحدا لم يفاجأ بالزيارة لأن كثرين كانوا يعرفون بأمرها " وذكر منير أن من بين من عرفوا بأمرها عدلى أبادير ( كبير أقباط المهجر ) وثلاثة آخرين كانوا فى الاجتماع مع أبادير ، واحد أهم قيادات الكنيسة فى مصر ويوسف سيدهم ( رئيس تحرير جريدة وطنى القبطية ) .
4- يكشف منير أن مجدى خليل زور توقيعات لنشطاء الأقباط على بيان كتبه هو ، وذكر منير اسماء هذه الشخصيات التى أعلنت أنها لم توقع على البيان فقال : " ومع ذلك فقد اصر على التدليس والتزوير إذ انتهز فرصة وجودى فى القاهرة ودلس بيانا مذيلا بتوقيعات نسبها إلى شخصيات محترمة منهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ صمويل فهد رئيس الهيئة القبطية الاسترالية ، والأستاذ جميل حلمى نائب رئيس الهيئة القبطية الاسترالية ، والدكتور ماهر رزق الله رئيس الهيئة القبطية الكندية بتورونتو ، والدكتور عماد يوسف وغيرهم ، وجميعهم أكد لى أنهم لم يوقعوا على بيان سى مجدى الذى راح ينشره ويوزعه فى كل مكان ، فضلا عن أن الهيئة القبطية الاسترالية أصدرت بيانا شجبت فيه الزج باسمها فى بيان سى مجدى الملفق " .
5- وآخر فقرات المقال كانت تحمل فضيحة اختلاق كلام بالكامل ونسبته إلى شخص لم يقله ، يقول منير : " ومع ان سى مجدى اعترف فى مقاله بأن الدكتور رفعت السعيد نفى تماما أن يكون له أى دور فى هذه الزيارة قائلا " إن مايكل منير صديق ابنى وبينزل فى بيتى فى كل زيارة ، ولكن ماليش دعوة بزيارته هذه " وأضاف بالنص " لو انت رحت السفارة المصرية فى واشنطن وطلبت مقابلة عمر سليمان هل هيقولوا لك لأ بالطبع هيرحبوا بيك ، أنا ماليش دعوة بقى ومتدخلونيش فى مشاكلكم فى المهجر ، وماتشغلوش بالكم بمايكل قوى ، اللى قعدوا معاه عارفين حجمه بالضبط " ، وهذا هو مالفقه سى مجدى منسوبا إلى د. رفعت السعيد للإيحاء بأن زيارتى للقاهرة تمت بترتيب من السفارة وهو مالم يحدث والحقيقة التى قالها د. رفعت نقصان أو زيادة هى أنى صديق لعائلته وابنه وازور منزله حين ازور مصر وانه لايريد إقحام نفسه فى هذه المهاترات " انتهى الاقتباس ولا تعليق .
كلام مايكل منير الذى يذكر فيه الأسماء علانية لاشك أنه يحمل دليل أنه ينطلق من موقف قوة ، وهو مالم يفعله مجدى خليل فى مقاله السالف الذكر .
والحقيقة أن قضية الأقباط وكونهم يعانون اضطهادا فى مصر لاتختصرها هذه الجملة ( يعانون اضطهادا ) لأن الواقع أنهم يأخذون أكثر من حقهم بكثير فى جوانب كما يضطهدون بالفعل فى جوانب أخرى .. فليس الأمر ابدا على اعتبار كونهم أقلية مضطهدة لكونها قبطية .. إنما تحمل المشكلة أعماقا أخرى ، لاشك أن أهم أسبابها الديكتاتورية التى تعيشها مصر كلها .
نختم المقال بطرفة ظريفة :
كان مقال مجدى خليل المجاور لمقال مايكل منير يحتوى على هذه العبارة : " ولم يستطع أحد أن يكذب كلمة واحدة جاءت فى هذا البحث ( يقصد مقاله السابق .. إلهامى ) بشكل مقنع وصادق " .
وأتساءل .. أليس مافعله مايكل منير يسمى تكذيبا .. إن لم يكن فضيحة مدوية ؟؟؟
إن قضية الأقباط تخسر كثيرا إذا كان من يحملها يتجرأ على الكذب والتزوير والاختلاق .
9/3/2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق