ذلك الكائن الوحشى الذى اخترعته أفلام الرعب الذى يقوم بـ ( مص ) دماء الضحايا فى تلذذ ، يبدو أنه الآن يتواضع أمام المجرمين فى مصر ، إذ أنهم يشربون الدماء شربا لا امتصاصا .
ولا أدرى كيف يمكن لكائن يُطلق عليه اسم ( إنسان ) أن يتفنن ويتمتع بالإجرام ، لا اقول دون أن تطرف له عين ، بل وهو يبتسم ويقهقه .. إنه يمارس الإجرام كنوع من ممارسة المتعة ، يبتكر الطريقة التى يجعل بها إجرامه ذا مذاق خاص .
هذا ما صدمت به حين كشفت صحيفة الأسبوع فى عددها الأخير عن نص العقد الذى يوقع عليه أهالى ضحايا العبارة الغارقة والذى يحدد المستحقات الواجبة لكل طرف .. وهو نص عقد كارثى مذهل ، إنه يجرد الناس من أى سلاح معهم ، أو حتى يمكن أن يستخدموه فى المستقبل ، بل واتخذ المجرم كاتب العقد احتياطاته كى يحصن صاحب الشركة من أى قوانين يمكن أن تظهر فى المستقبل .. تخيلوا !!!
كان العقد يحتوى بنودا تُلزم بالآتى :
• هذا التعويض والمقدر بـ 15 ألف جنيه يشمل التعويض عن " الأمتعة وكافة ما تحمله من المعاناة والآلام النفسية والعصبية والمادية والمعنوية منذ وقت غرق العبارة وحتى نجاته بسلام " .
• سداد الشركة لقيمة التعويض لا يُعد ولا يُعتبر إقرارا منه بالمسؤولية عن الحادث ( !!! يبدو أن الشركة تعتبره إحسانا من قبيل الصدقات التى تدفعها للفقراء والمساكين نظرا للصفات الإنسانية العالية التى يتمتع بها أصحاب الشركة !!! ) .
• هذا التعويض يشمل كل المستحقات المنصوص عليها فى أى قانون مصرى أو دولى أو فى أى تشريع آخر يمكن أن يكون منطبقا على الحادث .
• هذا التعويض ( تذكروا انه 15 ألف فقط اللى عليه كل الفرح ده ! ) يعتبر إبراء ذمة لـ ( نعد مع بعض ) : الشركة ومديريها ومستأجريها ومستغليها ومجهزيها وأربابها وطاقمها وللشركات المؤمنة عليها .
• لايحق للموقع على العقد مطالبة المذكورين أعلاه ( اللى احنا عدناهم مع بعض ) حاليا ومستقبلا ( !! ) بأى طلبات أو مطالبات تتعلق بالحادث أيا كان نوعها ومصدرها ( مش عارف احط ايه غير علامات تعجب !!!) .
• ليس للطرف الثانى ( الضحية أو اهله ) الحق فى الادعاء مدنيا فى أى إجراءات أو تحقيقات أو دعاوى جنائية قد يتم تحريكها مستقبلا ( نحط خط تحت الجملة اللى فاتت ) ضد المذكورين أعلاه ( اللى احنا عدناهم مع بعض ) .
• ( البند ده نكتة ) يقر الطرف الثانى بأنه فى حالة ما إذا أُنشئ مستقبلا صندق تحديد المسؤولية عن حادث غرق عبارة السلام 98 طبقا لأحكام القانون الدولى أو لأى قوانين أخرى ، فإنه بموجب توقيعه يتم إحالة كافة حقوقه قبل الصندوق إلى الطرف الأول ( اللى هو المجرم صاحب العبارة .. تنازل مسبق عن أى حق قد ينشأ ) .
• ( مسك الختام .. أو ختامها كفر بعد أن كانت بدايتها إجرام ) لايجوز للطرف الثانى أن يحيل أى حق من حقوقه إلى أى جهة أو شخص طبيعى أو شخص اعتبارى .. والتوقيع يعتبر إقرار منه بذلك .
بم يمكن أن يوصف هذا الإجرام ؟؟
وأى شيطان هذا الذى سكن فى نفوس تلك الكائنات التى تملك ملامح البشر ؟؟
وهل كاتب هذا العقد الفضيحة يمكن أن يكتبه لو كان إنسانا مثل كل البشر .. أو حتى يكتبه بروح المجرم الذى يعرف فى قرارة نفسه أنه مجرم .. أم أنه وصل إلى حد الاستمتاع بالإجرام ، والبحث عن نقاط التميز والإبداع فى القتل وشرب الدماء ؟
ولاحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
( التقرير : كتبه مجدى صالح – الأسبوع 6/3/2006 ) .
6/3/2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق