ما أكثر الكتابات التى قيلت فى تفسير الفوز المدهش للإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية ، رغم كل ما حدث من اعتقالات بالمئات ( عدد المعتقلين تجاوز الألف حتى الأمس ) ، وبلطجة أدت إلى موت وجرح عدد غير قليل من أنصار الجماعة ، ورشاوى انتخابية ( وصل الصوت فى بعض المناطق فى مدينة نصر إلى 800 جنيه ) ، وترهيب الناخبين من خلال مخبرى وضباط أمن الدولة الذين كانوا يدورون على البيوت يحذرون الأهالى من انتخاب الإخوان ، وحياد الشرطة السلبى ( كما حدث فى الإسكندرية ورأيناها بالصور ، كيف يخرج البلطجية من خلف صفوف الأمن ، ويديرون المعركة أمامهم ) أو من تدخل فاحش وصلت إلى إطلاق القنابل المحرمة دوليا ( حدث هذا فى قنا ) ، أو منع الناخبين تماما من التصويت حتى أدى هذا إلى تأجيل الانتخابات فى بعض المناطق ( مثل دائرة إطسا بالفيوم ) .
ومازالت حركات الاعتقال مستمرة قبيل المرحلة الثالثة من الانتخابات التى ستجرى غدا .
أضف إلى هذا تزوير بعض القضاة للنتائج لصالح مرشحى الوطنى ، مثلما حدث فى دوائر ( حدائق القبة ، ومدينة نصر ، الدقى ، دمنهور ، نهطاى - غربية ، .. وغيرها ) .
كانت خلاصة هذه الكتابات التى انتشرت فى الصحافة المصرية كالآتى :
1- الناخب يفاضل بين اثنين ، لذا فالميزان يميل للإخوان على حساب الحزب الوطنى ( مثال : إبراهيم عيسى - الدستور ) .
2- هذا اتفاق بين الحكومة والإخوان فى مقابل السماح بالتوريث ( كثيرون .. مثال : خالد صلاح - المصرى اليوم)
3- استخدام الإخوان للشعارات الدينية التى تبهر الشعب المخدوع ( كثيرون جدا .. مثال عبد الله كمال - روزاليوسف)
4- استخدام الإخوان للبلطجة وإجبار الناخبين على التصويت لصالح الإخوان ( كثيرون جدا ...)
5- الانتقام من الحزب الوطنى ( كثيرون .. أبرزهم ضياء رشوان - المصرى اليوم ) .
6- الإخوان لم يفوزوا بدليل أن نسبة التصويت 20-23 % فقط ( أبرز أصحاب هذا الرأى - حلمى النمنم - الدستور والمصرى اليوم ) .
****
وإذا كان من حقى أن افكر بطريقة مختلفة ، فإنى أرى السبب مختلفا عن كل ماسبق رغم تقديرى الكامل لآراء مثل آراء ضياء رشوان وإبراهيم عيسى ، وأيضا سخريتى الكاملة من آراء متهافتة مثل آراء حلمى النمنم وعبد الله كمال وخالد صلاح وغيرهم ....
لو رجعنا إلى ماقبل الانتخابات ، لوجدنا أن تصريحات الجميع ، بما فيهم قادة الجماعة كانت تتوقع الحصول على 50 مقعد فى هذا البرلمان ، حتى المرشد العام للإخوان ، كان قد عدل عن تصريح سابق مع حمدى قنديل فى برنامج قلم رصاص على قناة دبى الفضائية قبيل الانتخابات الرئاسية توقع فيها فوز 100 من أعضاء الجماعة ... تراجع عن هذا التصريح ايام الانتخابات البرلمانية ليدور الكلام حول الخمسين مقعدا فقط .
فإذا كان هذا هو واقع ماقبل الانتخابات حتى من تصريحات قادة الإخوان أنفسهم ، فمعنى هذا أن الفوز الكبير للإخوان ، لايرجع إلى وسائل وقتية استخدمت اثناء الانتخابات ، فرفعت شعبية الإخوان فجأة إلى ضعف توقعات المتفائلين تقريبا .
لابد أن هناك سببا آخر لهذه المفاجأة ، بل المفاجآت .
****
لو نظرنا إلى نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ، والتى كانت محافظاتها ضعيفة جدا بالنسبة للإخوان المسلمين ( اللهم إلا القاهرة والمنوفية ) ، وحتى القاهرة والمنوفية ، لم يكونا على قدر من القوة إذا ما قورنتا بمحافظات مثل الشرقية والإسكندرية والبحيرة والغربية .
هذه النتائج كانت مدهشة إلى حد مرعب .
فحينما يحصل الإخوان على :
* مقعد بدائرة الرئيس الانتخابية ( عصام مختار - مدينة نصر ) ، ويكادون يحصلون على الثانى لولا التزوير ( مكارم الديرى ) وأمام رجل أعمال ضخم الثروة مثل مصطفى السلاب .
* يفوز كل مرشحى الإخوان بالمنيا ( عددهم 6 ) ، ويسقط كل مرشحى الإخوان بنفس المحافظة ، وهى محافظة ترتفع فيها نسبة الأقباط ، الذين ايدوا الحزب الوطنى .
* يفوز الإخوان بـ 9 مقاعد من بين 11 مرشح فى المنوفية محافظة الرئيس ، والمشهورة بأنها معقل الحزب الوطنى ففيها من رموزه كمال الشاذلى وأحمد عز وأمين مبارك ( ابن عم الرئيس ) .. ويسقط أمين مبارك أمام مرشح الإخوان ( رجب أبو زيد ) من الجولة الأولى ، ولابد من ذكر أن رجب أبو زيد كان المرشح الاحتياطى للدكتور على بشر عضو مكتب الإرشاد وصاحب الشعبية الكاسحة مقارنة برجب أبو زيد ، وأنه نزل الانتخابات قبلها بأيام معدودة بعد حكم يقضى بعدم أحقية د. بشر لأنه من المحاكمين عسكريا فى قضية سابقة .
* يفوز الإخوان بـمقعدين من ثلاثة فى أسيوط ، وهى المحافظة التى ترتفع فيها نسبة الأقياط وحولتها أجهزة أمن الدولة إلى معقل كبير ، تقبض فيه على كل ماهو إسلامى بقبضة حديدية حتى أنى اسمع من زملائى بجامعة أسيوط أن التفتيش لسكن الطلبة شئ طبيعى فى أى وقت من ليل أو نهار ... وتكون أجهزة الدولة منحازة تماما حتى المحافظ نفسه كان يقوم بالدعاية بنفسه لمرشح الحزب الوطنى ، وحتى الثالث الذى أسقط ( د. خالد عودة ) شهدت منظمات المجتمع المدنى بأنه تمت انتهاكات واسعة وتدخلت الشرطة ضد فوزه .
****
إذا كانت هذه هى نتائج أضعف المحافظات بالنسبة للإخوان ، والتى لا أظن أن الإخوان عولوا عليها كثيرا فى عدد المقاعد ، كما كانت تتضمن تصريحات بعض قادتهم قبيل المرحلة الأولى ... ثم يظهر ان الإخوان حصدوا 34 مقعدا ، وهو ضعف ماحصلوا عليه فى الدورة الماضية مجتمعة .
إذا كانت هذه هى النتائج .... فالأمر بلاشك أكبر من صفقة مع الحكومة ، وأكبر من وسيلة واحدة تم استخدامها لمضاعفة النتائج بهذا الشكل .
لكن التروى والتفكير فى الأمر بهدوء ، يجعل احتمالا آخر يطرح نفسه بقوة ، وهو : أنه لم يوجد مقياس قبل هذا كان أى مراقب للوضع يستطيع أن يقيس به قوة الجماعة وتأثيرها فى الشارع ، فكل الانتخابات التى جرت فى مصر قبل ذلك ، ( وحتى هذه ) مزورة بشهادة كل محايد ، بل وبشهادة أعضاء الحزب الوطنى أنفسهم حين يصرحون ( ستكون هذه الانتخابات نزيهة ) ، وهو التصريح الذى حفظه كل فرد فى مصر من كثرة ماتردد على التلفاز وفى الصحف .
وإذا لم يوجد مقياس واضح يرجع إليه أى متابع ، فإن كل التوقعات تدور فى فلك الرؤية الشخصية وهى دائما قاصرة ، وبالتالى يكون التوقع المبنى عليها قاصرا .
وأظن أن هذا هو سبب صدمة المتابعين للانتخابات .
***
لايمكن أن نُخرج عنصر الانتقام من الحزب الوطنى من معادلة الانتخابات التى أفرزت فوز الإخوان ، فلاشك أن عددا كبيرا ممن صوتوا للإخوان كانوا ينتقمون من الحزب الوطنى ... لكن .
يستحيل أن يكون هذا هو السبب الوحيد ، فإذا كان ذلك صحيحا ، فالمتوقع أن تتوه الأصوات وتتناثر لصالح مرشحى الأحزاب الأخرى والمستقلين ، وفى هذه الحالة فإن الاختمال الأرجح هو فوز الحزب الوطنى .
لكن مشاهدا كثيرة تنفى هذا ، منها على سبيل المثال :
* سقوط عدد كبير من المرشحين المعارضين ، والمنتمين لأحزاب المعارضة ، مثل أبو العز الحريرى ، وعادل عيد ، والبدرى فرغلى ، ومحمد البدرشينى .
ولم تحصل جبهة المعارضة إلا على مقعد واحد ( مصطفى بكرى -حلوان ) ، وهو المقعد الذى لايرجع فيه الفضل إلى الجبهة بقدر ما يرجع إلى شخصية مصطفى بكرى نفسه .
* المشهد الثانى هو سقوط رموز الحزب الوطنى بفارق كبير عن مرشحى الإخوان تحديدا ، مثل يوسف والى الوزير السابق ، الذى انهزم بفارق عشرة آلاف صوت لصالح حسن يوسف مرشح الإخوان ... وكذلك الفضيحة المعروفة لمصطفى الفقى أمام جمال حشمت ، ولآمال عثمان أمام حازم ابو إسماعيل .
هذا الفارق فى الأصوات ، لايعنى مجرد انتقام من الحزب الوطنى ، ولكنه يدل على وجود تكتل واضح خلف مرشح الإخوان .
وبالتالى :
لايمكن أن يكون سبب الانتقام من الحزب الوطنى هو السبب الوحيد .
****
تكاد تكون باقى الأسباب متهافتة ولاتستحق الرد عليها ، مثل البلطجة ( التى ثبت بتقارير منظمات حقوق الإنسان ونادى القضاة ، أنها مورست ضد الإخوان ، على عكس ماتشيعه وسائل الإعلام الحكومية أن الإخوان مارسوها ) .
أو مثل وجود صفقة بين الإخوان والحكومة وأن كل ماحدث كان مجرد ديكور ، فهذا تسطيح مدهش للقضية ، وحذف لتاريخ كل من الإخوان والحزب الوطنى .... ومن رفع هذا السبب لم يقل لنا كيف حدث ، فى ظل وجود هيئة قضائية أغلبها يتسم بالنزاهة والحياد .
****
كنت كتبت سابقا مقالا بعنوان ( مالذى يجعل الإسلاميين قادرين على تحريك الشارع ؟ ) ، وكانت أغلب الردود تنفى هذا الطرح ، وتقول إن الإسلاميين عاجزين عن تحريك الشارع ، وان مظاهراتهم إنما هى مظاهرات أعضائهم ومؤيديهم .
ترى ، هل يجوز لى الآن إعادة طرح السؤال من جديد ؟؟
ولا أتخيل أنه يمكن أن ينفى أحد فكرة تحرك الشارع نحو الانتخاب ، بل وتكتله خلف الإسلاميين ، ايا ما كانت الأسباب .
ويبدو - كما قال الكثير - أن البلد كبرت ، واصبحت تستعصى على الاحتواء ، بالطرق القديمة التى كان يستخدمها الحاكم فى قمعه .
30/11/2005
ومازالت حركات الاعتقال مستمرة قبيل المرحلة الثالثة من الانتخابات التى ستجرى غدا .
أضف إلى هذا تزوير بعض القضاة للنتائج لصالح مرشحى الوطنى ، مثلما حدث فى دوائر ( حدائق القبة ، ومدينة نصر ، الدقى ، دمنهور ، نهطاى - غربية ، .. وغيرها ) .
كانت خلاصة هذه الكتابات التى انتشرت فى الصحافة المصرية كالآتى :
1- الناخب يفاضل بين اثنين ، لذا فالميزان يميل للإخوان على حساب الحزب الوطنى ( مثال : إبراهيم عيسى - الدستور ) .
2- هذا اتفاق بين الحكومة والإخوان فى مقابل السماح بالتوريث ( كثيرون .. مثال : خالد صلاح - المصرى اليوم)
3- استخدام الإخوان للشعارات الدينية التى تبهر الشعب المخدوع ( كثيرون جدا .. مثال عبد الله كمال - روزاليوسف)
4- استخدام الإخوان للبلطجة وإجبار الناخبين على التصويت لصالح الإخوان ( كثيرون جدا ...)
5- الانتقام من الحزب الوطنى ( كثيرون .. أبرزهم ضياء رشوان - المصرى اليوم ) .
6- الإخوان لم يفوزوا بدليل أن نسبة التصويت 20-23 % فقط ( أبرز أصحاب هذا الرأى - حلمى النمنم - الدستور والمصرى اليوم ) .
****
وإذا كان من حقى أن افكر بطريقة مختلفة ، فإنى أرى السبب مختلفا عن كل ماسبق رغم تقديرى الكامل لآراء مثل آراء ضياء رشوان وإبراهيم عيسى ، وأيضا سخريتى الكاملة من آراء متهافتة مثل آراء حلمى النمنم وعبد الله كمال وخالد صلاح وغيرهم ....
لو رجعنا إلى ماقبل الانتخابات ، لوجدنا أن تصريحات الجميع ، بما فيهم قادة الجماعة كانت تتوقع الحصول على 50 مقعد فى هذا البرلمان ، حتى المرشد العام للإخوان ، كان قد عدل عن تصريح سابق مع حمدى قنديل فى برنامج قلم رصاص على قناة دبى الفضائية قبيل الانتخابات الرئاسية توقع فيها فوز 100 من أعضاء الجماعة ... تراجع عن هذا التصريح ايام الانتخابات البرلمانية ليدور الكلام حول الخمسين مقعدا فقط .
فإذا كان هذا هو واقع ماقبل الانتخابات حتى من تصريحات قادة الإخوان أنفسهم ، فمعنى هذا أن الفوز الكبير للإخوان ، لايرجع إلى وسائل وقتية استخدمت اثناء الانتخابات ، فرفعت شعبية الإخوان فجأة إلى ضعف توقعات المتفائلين تقريبا .
لابد أن هناك سببا آخر لهذه المفاجأة ، بل المفاجآت .
****
لو نظرنا إلى نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ، والتى كانت محافظاتها ضعيفة جدا بالنسبة للإخوان المسلمين ( اللهم إلا القاهرة والمنوفية ) ، وحتى القاهرة والمنوفية ، لم يكونا على قدر من القوة إذا ما قورنتا بمحافظات مثل الشرقية والإسكندرية والبحيرة والغربية .
هذه النتائج كانت مدهشة إلى حد مرعب .
فحينما يحصل الإخوان على :
* مقعد بدائرة الرئيس الانتخابية ( عصام مختار - مدينة نصر ) ، ويكادون يحصلون على الثانى لولا التزوير ( مكارم الديرى ) وأمام رجل أعمال ضخم الثروة مثل مصطفى السلاب .
* يفوز كل مرشحى الإخوان بالمنيا ( عددهم 6 ) ، ويسقط كل مرشحى الإخوان بنفس المحافظة ، وهى محافظة ترتفع فيها نسبة الأقباط ، الذين ايدوا الحزب الوطنى .
* يفوز الإخوان بـ 9 مقاعد من بين 11 مرشح فى المنوفية محافظة الرئيس ، والمشهورة بأنها معقل الحزب الوطنى ففيها من رموزه كمال الشاذلى وأحمد عز وأمين مبارك ( ابن عم الرئيس ) .. ويسقط أمين مبارك أمام مرشح الإخوان ( رجب أبو زيد ) من الجولة الأولى ، ولابد من ذكر أن رجب أبو زيد كان المرشح الاحتياطى للدكتور على بشر عضو مكتب الإرشاد وصاحب الشعبية الكاسحة مقارنة برجب أبو زيد ، وأنه نزل الانتخابات قبلها بأيام معدودة بعد حكم يقضى بعدم أحقية د. بشر لأنه من المحاكمين عسكريا فى قضية سابقة .
* يفوز الإخوان بـمقعدين من ثلاثة فى أسيوط ، وهى المحافظة التى ترتفع فيها نسبة الأقياط وحولتها أجهزة أمن الدولة إلى معقل كبير ، تقبض فيه على كل ماهو إسلامى بقبضة حديدية حتى أنى اسمع من زملائى بجامعة أسيوط أن التفتيش لسكن الطلبة شئ طبيعى فى أى وقت من ليل أو نهار ... وتكون أجهزة الدولة منحازة تماما حتى المحافظ نفسه كان يقوم بالدعاية بنفسه لمرشح الحزب الوطنى ، وحتى الثالث الذى أسقط ( د. خالد عودة ) شهدت منظمات المجتمع المدنى بأنه تمت انتهاكات واسعة وتدخلت الشرطة ضد فوزه .
****
إذا كانت هذه هى نتائج أضعف المحافظات بالنسبة للإخوان ، والتى لا أظن أن الإخوان عولوا عليها كثيرا فى عدد المقاعد ، كما كانت تتضمن تصريحات بعض قادتهم قبيل المرحلة الأولى ... ثم يظهر ان الإخوان حصدوا 34 مقعدا ، وهو ضعف ماحصلوا عليه فى الدورة الماضية مجتمعة .
إذا كانت هذه هى النتائج .... فالأمر بلاشك أكبر من صفقة مع الحكومة ، وأكبر من وسيلة واحدة تم استخدامها لمضاعفة النتائج بهذا الشكل .
لكن التروى والتفكير فى الأمر بهدوء ، يجعل احتمالا آخر يطرح نفسه بقوة ، وهو : أنه لم يوجد مقياس قبل هذا كان أى مراقب للوضع يستطيع أن يقيس به قوة الجماعة وتأثيرها فى الشارع ، فكل الانتخابات التى جرت فى مصر قبل ذلك ، ( وحتى هذه ) مزورة بشهادة كل محايد ، بل وبشهادة أعضاء الحزب الوطنى أنفسهم حين يصرحون ( ستكون هذه الانتخابات نزيهة ) ، وهو التصريح الذى حفظه كل فرد فى مصر من كثرة ماتردد على التلفاز وفى الصحف .
وإذا لم يوجد مقياس واضح يرجع إليه أى متابع ، فإن كل التوقعات تدور فى فلك الرؤية الشخصية وهى دائما قاصرة ، وبالتالى يكون التوقع المبنى عليها قاصرا .
وأظن أن هذا هو سبب صدمة المتابعين للانتخابات .
***
لايمكن أن نُخرج عنصر الانتقام من الحزب الوطنى من معادلة الانتخابات التى أفرزت فوز الإخوان ، فلاشك أن عددا كبيرا ممن صوتوا للإخوان كانوا ينتقمون من الحزب الوطنى ... لكن .
يستحيل أن يكون هذا هو السبب الوحيد ، فإذا كان ذلك صحيحا ، فالمتوقع أن تتوه الأصوات وتتناثر لصالح مرشحى الأحزاب الأخرى والمستقلين ، وفى هذه الحالة فإن الاختمال الأرجح هو فوز الحزب الوطنى .
لكن مشاهدا كثيرة تنفى هذا ، منها على سبيل المثال :
* سقوط عدد كبير من المرشحين المعارضين ، والمنتمين لأحزاب المعارضة ، مثل أبو العز الحريرى ، وعادل عيد ، والبدرى فرغلى ، ومحمد البدرشينى .
ولم تحصل جبهة المعارضة إلا على مقعد واحد ( مصطفى بكرى -حلوان ) ، وهو المقعد الذى لايرجع فيه الفضل إلى الجبهة بقدر ما يرجع إلى شخصية مصطفى بكرى نفسه .
* المشهد الثانى هو سقوط رموز الحزب الوطنى بفارق كبير عن مرشحى الإخوان تحديدا ، مثل يوسف والى الوزير السابق ، الذى انهزم بفارق عشرة آلاف صوت لصالح حسن يوسف مرشح الإخوان ... وكذلك الفضيحة المعروفة لمصطفى الفقى أمام جمال حشمت ، ولآمال عثمان أمام حازم ابو إسماعيل .
هذا الفارق فى الأصوات ، لايعنى مجرد انتقام من الحزب الوطنى ، ولكنه يدل على وجود تكتل واضح خلف مرشح الإخوان .
وبالتالى :
لايمكن أن يكون سبب الانتقام من الحزب الوطنى هو السبب الوحيد .
****
تكاد تكون باقى الأسباب متهافتة ولاتستحق الرد عليها ، مثل البلطجة ( التى ثبت بتقارير منظمات حقوق الإنسان ونادى القضاة ، أنها مورست ضد الإخوان ، على عكس ماتشيعه وسائل الإعلام الحكومية أن الإخوان مارسوها ) .
أو مثل وجود صفقة بين الإخوان والحكومة وأن كل ماحدث كان مجرد ديكور ، فهذا تسطيح مدهش للقضية ، وحذف لتاريخ كل من الإخوان والحزب الوطنى .... ومن رفع هذا السبب لم يقل لنا كيف حدث ، فى ظل وجود هيئة قضائية أغلبها يتسم بالنزاهة والحياد .
****
كنت كتبت سابقا مقالا بعنوان ( مالذى يجعل الإسلاميين قادرين على تحريك الشارع ؟ ) ، وكانت أغلب الردود تنفى هذا الطرح ، وتقول إن الإسلاميين عاجزين عن تحريك الشارع ، وان مظاهراتهم إنما هى مظاهرات أعضائهم ومؤيديهم .
ترى ، هل يجوز لى الآن إعادة طرح السؤال من جديد ؟؟
ولا أتخيل أنه يمكن أن ينفى أحد فكرة تحرك الشارع نحو الانتخاب ، بل وتكتله خلف الإسلاميين ، ايا ما كانت الأسباب .
ويبدو - كما قال الكثير - أن البلد كبرت ، واصبحت تستعصى على الاحتواء ، بالطرق القديمة التى كان يستخدمها الحاكم فى قمعه .
30/11/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق