الثلاثاء، يناير 26، 2016

حاجة السياسة التركية للهوية الإسلامية

بقدر ما يكون الموقع الجغرافي مزية وقوة في حال القوة، بقدر ما يكون مأزقا –وربما لعنة- في حال الضعف!

وفي الحالة التركية، يفرض الموقع الجغرافي على تركيا أن تكون حاضرة في ساحة السياسة العالمية، ولهذا فإن السياسية التركية لا تملك خيار الاعتزال، فهي إما أن تكون دولة عظمى فيكون موقعها الجغرافي من عوامل قوتها وتفوقها، وإما أن تكون ساحة صراع بين الأقوياء.

ومنذ أن انهارت الخلافة العثمانية –التي كانت قوة عالمية في وقتها- لم تستطع تركيا تجنب الصراعات العالمية حولها رغم أن السياسة الأتاتوركية أعلنت ذلك وأرادت أن تبتعد بنفسها، بل كانت تركيا جزءا من مشهد الحرب الباردة، وكانت خط الدفاع الأول للمعسكر الغربي أمام المعسكر الشرقي، ونُصِبَتْ فيها الصواريخ الأمريكية صوب الاتحاد السوفيتي إبان أزمة الصواريخ الكوبية.

لكن أوروبا لم ترغب أن تكون تركيا جزءا منها، بل أرادت فقط أن تكون خط دفاع متقدم لها وساحة صراع يعاني من الأزمات ولا يشارك في الثمار، ولهذا قبلت أن تكون تركيا جزءا من حلف الناتو منذ البداية بينما ظلت تماطل ستين سنة في انضمامها للاتحاد الأوروبي، ثم تعاملت مع الموقف بإهمال ولا مبالاة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وقد عبَّر الرئيس أوزال عن حنقه الشديد من هذه السياسة حينئذ.

المحيط التركي

أدت الظروف التاريخية المختلفة إلى تحويل المحيط التركي إلى محيطٍ معادٍ لها من سائر الجهات، وهذه المعاداة تقوم بالأساس على قاعدة الهوية، فإيران وأرمينيا وروسيا واليونان يمثلون العداء التاريخي مع الدولة العثمانية، بينما العراق وسوريا يمثلان العداء على قاعدة القومية التي كانت هي الهوية المحددة خلال القرن العشرين.

ولا يمكن بناء مشروع حضاري لأمة عظيمة دون محيط آمن وعمق استراتيجي واسع، كما تقول نظريات المجال الحيوي في الجغرافيا السياسية، وإن موقع تركيا الجغرافي يجعلها تستطيع أن تكون رأس حربة للمشروع الشرقي أو الغربي (كما كانت في الحرب الباردة) أو الإسلامي (كما كانت الدولة العثمانية)، إلا أن ثقلها التاريخي وروح شعبها ومواقف الأطراف الأخرى منها لا يجعل أمامها خيارا سوى أن تكون طليعة للعالم الإسلامي، فالعداء التاريخي والذي يتجدد بسهولة مع الروس ثم الموقف الأوروبي من انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي والدراسات المكتوبة في كلا الطرفين، كل هذا ينظر إلى تركيا بعداء ويصنفها في المعسكر الآخر، ولهذا لم يكن مناص أمام السياسي التركي إلا التفكير في الاعتماد على الذات وصناعة مجال نفوذ حيوي وعمق استراتيجي آمن إذا كان يريد حقا بناء مشروع كبير لأمة عظيمة.

ولا تخرج الخيارات الكبرى المطروحة عن خياريْن؛ خيار المصالح الاقتصادية من خلال إنشاء شبكة واسعة من المصالح بين تركيا ودول الجوار بحيث يشكل هذا الواقع الاقتصادي عائقا لكل الأطراف أمام الإضرار بالطرف الآخر إن لم يمهد ويعمق تحالفا سياسيا أوسع، والخيار الثاني هو الخيار الإسلامي الذي يعتمد على إحياء الهوية الإسلامية والارتباط بالمنطقة الإسلامية واستعادة الصيغة العثمانية وإن لم تكن بنفس الوضع القديم.

فأما خيار المصالح الاقتصادية، وهو الذي عُبِّر عنه بعبارة "تصفير المشكلات" فقد جربته تركيا مع حزب العدالة والتنمية، وقد نجح جزئيا، لكنه ما كاد يؤتي ثماره حتى اشتعلت ثورات الربيع العربي، فَسَادَ في كل المنطقة صراع الهوية من جديد، وعَلَتْ هذه الورقة على ورقة المصالح الاقتصادية في معظم الأحيان، وقد بدا هذا كأوضح ما يكون في الثورة السورية التي وقفت وراءها إيران بكل قوتها وبلا أدنى تردد من منطلق الهوية، ثم تطورت فصولها إلى أن صارت موطن صراع هوية عالمي بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي الذي تحاول روسيا إحياءه من جديد، ولم تبال الأطراف بما نشأ من تحالف اقتصادي سابق، فعادت المشكلات التي أنهت سياسية "تصفير المشكلات"، وتحول المحيط من كونه مجالا للنفوذ والفرص وصناعة مكانة جديدة لتركيا إلى أن يكون مصدر تهديد ومخاطر ومشكلات سياسية واقتصادية، وساعتها اضطرت تركيا أن تبعث من جديد ورقة "هويتها الأوروبية" وكونها جزءا من حلف الناتو من بعد ما كانت تمضي بعيدا عنه لتكون أكثر استقلالية، وحتى الآن لم تسعفها هذه الورقة ولم يوافق الحلف على أشياء بسيطة للغاية مثل إنشاء منطقة آمنة صغيرة في شمال سوريا رغم ما تعانيه تركيا من أعباء في الملف السوري وحاجتها إلى وجود هذه المنطقة. وبالعموم فورقة الهوية الأوروبية لم تخدم تركيا أبدا في صناعة مجال أو عمق استراتيجي لها.  أو مثل أزمة "الطائرة الروسية" برغم أن الوجود الروسي في المنطقة تهديد خطير ومباشر لنفوذ تركيا ومجالها الحيوي ومصالحها في سوريا، بل إنه تهديد مباشر لتركيا نفسها من خلال دعم الأحزاب الكردية الساعية للانفصال عنها.

وأما الخيار الإسلامي، فهو الذي يبدو متينا راسخا حتى هذه اللحظة برغم أن تركيا لم تَسِرْ فيه بالقوة المنتَظَرة من أصحاب مشروع إحيائي، بل تكاد الاستثمارات التركية لم تجد نجاحا أعظم من استثمارها في مجال المواقف السياسية "الإسلامية" والقوة الناعمة، إذ صارت صورة تركيا هي الأفضل في العالم الإسلامي، ولذلك فإن الخيار الإسلامي يظل الخيار الأفضل بالنسبة لتركيا، إذ تظل القاعدة الأمتن والأقوى والأكثر آمانا هي المظلة الإسلامية التي تجعل تركيا في قلب العالم الإسلامي وقادرة على التحصن به والإفادة من طاقاته البشرية والمادية الهائلة. وهذا الخيار هو الطبيعي والمنطقي حتى لو لم يكن من يقود تركيا إسلاميا أو مقتنعا بهذا الخيار. لا سيما وأن مواجهة أخرى تلوح في الأفق بين روسيا –والمعسكر الشرقي الذي تحاول إحياءه- وبين المعسكر الغربي، وستكون هذه المواجهة في شرق أوروبا والقوقاز، وفي توقعات جورج فريدمان للقرن الحادي والعشرين ذكر أن روسيا ستضغط على الجنوب متحالفة مع الأرمن وستجد تركيا أن الجيش الروسي صار على حدودها لتعيش من جديد أجواء الحرب الباردة، وأن تركيا مضطرة إلى التوغل وتعميق وجودها في القوقاز دفاعا عن أمنها القومي وضمانا لئلا يعود الروس من جديد، وكل ذلك حول العام 2020[1]. وفي هذه الحال فإن تركيا مضطرة للاحتماء بالهوية الإسلامية واستثمارها ضمن المواجهة القادمة مع روسيا.

السياسة التركية الجديدة

أدركت السياسة التركية منذ وقت بعيد ضرورة الاستفادة من العمق الإسلامي ذي التاريخ العثماني، فالرئيس تورغت أوزال كان يرى بأن المجال الحيوي لتركيا يمتد من البحر الأدرياتيكي حتى حدود الصين[2].

لكن هذا لم يُفلسف له برصانة ولم يُدفع باتجاهه مثلما يحدث الآن في ظل حزب العدالة والتنمية على يد رجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو، فالكتب الثلاثة الرئيسية لداود أوغلو –وهي: الفلسفة السياسية، العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية، العمق الاستراتيجي- ترسم بوضوح ثلاث خطوات، فهو يثبت في "الفلسفة السياسية" أصل التناقض الجوهري بين النموذجين الإسلامي والغربي وأنهما يستحيل التقاؤهما وعدَّد بعض أوجه الاختلاف في النظام السياسي، وهو يثبت في كتاب "العالم الإسلامي في مهب التحولات الحضارية" أن النموذج الغربي المعاصر قد أفلس وأثبت فشله في تقديم جديد للإنسانية وأن ليس في العالم من يطرح بديلا حضاريا سوى العالم الإسلامي، كما أنه يثبت في كتاب "العمق الاستراتيجي" أن تركيا بموقعها الجغرافي وتاريخها وطبيعة شعبها لا يمكن لها النهوض بغير الاستناد إلى الهوية الإسلامية.

وقد مضت هذه المسيرة بما يجعل التراجع عنها في حكم المستحيل وبلا فائدة تقريبا؛ فأهون الأضرار –في حالة التراجع عن هذه السياسة- هو انتهاء مشروع تركيا العظمى مع الثمن الأخلاقي الفادح لدى الشعوب الإسلامية، والأهم من هذا أنه ليس مضمونا بل ولا متوقعا أن يتراجع الأعداء عن مخططاتهم ومطامعهم في تركيا إذا حدث هذا التراجع.

وقد أكد داود أوغلو أن تأثير تركيا في النظام العالمي لابد أن يعتمد على ثلاثة أمور: الديمقراطية الراسخة والاقتصاد الحيوي والدبلوماسية النشطة، وهذه الثلاثة تعمل معا بلا انفصال[3]. والمفهوم من هذا أن تركيا لا تنوي التراجع ولا الانكفاء على نفسها في المدى المنظور.

وفي الأيام الأخيرة أضيف إلى المشهد عنصر جديد، وهو التدخل الروسي في سوريا ومقدمات أزمة تركية روسية بعد سقوط الطائرة الروسية، وهو الأمر الذي اتخدته روسيا ذريعة لتبدأ صراعا مع تركيا التي ترى أنها العائق الكبير أمام سيطرتها على الشرق الأوسط ضمن تحالف روسي أرمني إيراني[4]، وفي ظل هذا التهديد ليس لتركيا مجال لمقاومته إلا باستعمال الورقة الإسلامية السنية التي تزيد من التحام القوى الداخلية كما تجمع حولها الشعوب الإسلامية وكذلك تؤثر بها في الشعوب المسلمة داخل روسيا وفي مجال نفوذها في آسيا الوسطى.

وقد توقع جورج فريدمان في كتابه "المائة عام القادمة" أن تركيا وبولندا والمكسيك واليابان ستكون القوى الكبرى في المستقبل، بل وتوقع حربا عالمية تقودها أمريكا ضد تركيا واليابان، إلا أن الملفت للنظر جدا أنه لم يتناول كيف ستحاول أمريكا إعاقة تركيا أن تبلغ هذا المستوى من القوة، خصوصا وهي تنتصب كدولة مستقرة وسط جزيرة من الفوضى، الفوضى الضاربة في الشرق الأوسط والتي كانت –كما يقول- الهدف الأمريكي من صراعها مع العالم الإسلامي، إذ لم تهدف أمريكا إلى الانتصار العسكري المباشر والكام بل لتمزيق البلاد لمنع انطلاقة المارد الإسلامي. إن اختفاء الحديث عن خيارات أمريكا في تمزيق تركيا يوحي بأنه جزء محذوف من هذا الكتاب لم يُرَد له النشر.

لكن يجب أن نربط هذا بما توقعه تقرير المخابرات الأمريكية عن صورة العالم 2030م والذي يتوقع استمرار النمو التركي ليكون ضمن أهم القوى المؤثرة في الاقتصاد العالمي بينما سيتباطأ النمو الأوروبي والروسي والياباني[5]، كما توقع أيضا ازدياد الصراع مع الأكراد[6]، مما قد يرجح أن البداية في تمزيق تركيا ستكون بالأكراد، وهي الورقة التي أنعشها التدخل والدعم الروسي في الأيام الأخيرة.

وفي كل الأحوال، فلا يبدو أن للمشكلة الكردية حل ناجع وناجز بغير إعلاء الهوية الإسلامية التي تستطيع تذويب الحواجز العرقية والقومية لصالح الأمة الإسلامية، والتي يجتمع عليها العرب والكرد والترك وسائر العرقيات. كما أن ما قرره فريدمان حول استعمال الأمريكان "للقومية العربية" ضد تركيا في مرحلة الحرب معها يزيد في التأكيد على أهمية ورقة الهوية الإسلامية في إفساد وإفشال ورقة القومية العربية مستقبلا.


الهوية تنتصر على المصالح

يقول التاريخ بأن الهوية تنتصر على المصالح، وقد لاحظ مؤرخو الحضارات بأنها تُبْنى على قاعدة من الهوية، فيقول كريستوفر داوسون بأن الحضارة تتأسس من عملية أصيلة خاصة من الإبداع الثقافي لشعب بعينه وأن الحضارات الكبرى في التاريخ تأسست على الأديان الكبرى[7]، بل "والشائع في كل حضارة أنها تبدي نفورا من اعتناق فكر ثقافي يطرح دعامة من دعائمها الراسخة للمناقشة، ولئن كان هذا النفور وذلك العداء الخفي نادرا نسبيا فهو يؤدي دائما إلى صميم الحضارة... فليس هناك حضارة -كما قال مارسيل موس- جديرة باسم الحضارة ليس لها عادات الرفض والنفور من الإسهامات الدخيلة"[8]، وقد عاشت تركيا قرنا تخلع عنها صفة الإسلام إلا أن الغرب لا يراها إلا إسلامية، سواء أكانت في عصر الدولة العثمانية أو عصر الدولة العلمانية، والدراسات التي تكتب في مستقبل تركيا لا تراها إلا إسلامية أيضا.

وقد أثبتت السياسة المعاصرة أن أوروبا لا تعتبر –ولا تريد أن تعتبر- أن تركيا جزءا منها[9]، وتعمل السياسة الغربية بطريقة لا تأبه مطلقا بمصالح تركيا أو التهديدات التي تتعرض لها: فبرغم النزول الروسي المهدد لتركيا لم تفكر أمريكا في مجاراة ما تفعله روسيا في سوريا وإنما تحافظ على مسافة آمنة بينها وبين المعركة هناك فيما تهتم بتعزيز قوتها الدبلوماسية والجيوسياسية في مناطق أخرى ومثلهم الأوروبيون[10]، بينما كان الردُّ مختلفا تماما ضد روسيا في مسألة أوكرانيا، وليس يخفى على المتابع أن التدخل الروسي في سوريا إنما كان بتنسيق –أو على الأقل بضوء أخضر- مع الأمريكان. لكل هذا وغيره لا يوثق بكون الناتو حليفا ولا حتى بأوروبا عمقا استراتيجيا.

ويبدو النموذج الإيراني نموذجا قويا وواضحا في استثمار الهوية لتعظيم نفوذها في المنطقة والعالم الإسلامي كله، وقد صارت إيران الآن شبه امبراطورية حقيقية تمد أذرعها حتى إندونيسيا شرقا وآخر إفريقيا غربا من خلال دعم التشيع، فضلا عن طموحها المعلن أن تكون المتصرف الأول في الشرق الأوسط، وقد استطاعت حتى الآن أن تسيطر على أربع عواصم عربية: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، بخلاف نفوذها الواسع في دول أخرى وقدرتها على إثارة اضطرابات قوية فيها. ولم يقتصر دعمها السخي على الحركات الشيعية وحدها بل أنفقت كثيرا من الدعم على الحركات السنية لكي تكون ضمن أوراق قوتها في الساحة السياسية، وقد نجحت في هذا نجاحا كبيرا يشهد له موقعها اليوم في ساحة الشرق الأوسط.

وقد نشر جورج فريدمان –مدير ستراتفور- مقالا له في مطلع 2015 يقول: إن حربا بين العالمين الإسلامي والمسيحي قد بدأت، وأنها ستكون حربا شاملة إذ لا تمتلك أوروبا جهازا سحريا تفرق به بين المعتدلين والمتطرفين[11]، وتكاد تجمع الآراء على أن المعركة معركة هوية بين الحضارة الغربية وما يناقضها، وأنها ستجري –أو ينبغي أن تجري- داخل العالم الإسلامي[12].

وفي سائر المعارك تستخدم الأطراف كل أوراق قوتها، فكيف إذا كانت المعركة حضارية تجري فوق أرض المسلمين؟! هل يمكن إلا الاستعداد لها بإعلاء الهوية الإسلامية التي هي أصل المعركة وغايتها؟!

نشر في تركيا بوست



[1] George Friedman: The Next 100 Years: A Forecast for the 21st Century, (New York, Double day, 2009), p. 144.
[2] عقيل سعيد محفوض: السياسة الخارجية التركية (الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012م) ص31.
[3] Ahmet Davutoglu: The Restoration of Turkey, p. 4.
[4] حوار مع أنور آلتي آي (فيديو، نشر بتاريخ 24/12/2015)
[5] NIC: Global Trends 2030, (Dec. 2012), p. iv, 16.
[6] NIC: Global Trends 2030, (Dec. 2012), p. viii, 64.
[7] Christopher Dawson: The Dynamics Of World History, (London, Sheed And Ward, 1965) p. 128, 402.
[8] فرناندو بروديل: تاريخ وقواعد الحضارات، ترجمة وتعليق سفير. د. حسين شريف (القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999م)، ص24، 25.
[9] George Friedman: A War Between Two Worlds, (Stratfor, 13 Jan. 2015).
[10] Stratfor's Fourth-Quarter Forecast 2015, (13 Oct. 2015).
[11] George Friedman: A War Between Two Worlds, (Stratfor, 13 Jan. 2015).
[12] James Traub: The World War Inside Islam, (Foreign Policy, 9 Feb. 2015).

الخميس، يناير 21، 2016

زوال جيوش العرب خير من بقائها

عمل الخبير العسكري الأمريكي نورفيل دي أتكين زمنا في مراقبة تدريبات الجيوش العربية، لاستخلاص استنتاجات حول طرقهم في القتال، كان يعمل ملحقا عسكريا للولايات المتحدة في عدد من الدول العربية، وعمل ضابطا للمساعدات الأمنية، وله تجارب شخصية مع الجيوش العربية.

في مطلع ديسمبر 1999م، نشر نورفيل ورقة بحثية في غاية الأهمية بعنوان "لماذا يخسر العرب الحروب"، وضع فيها خلاصة تجربته، تقول الخلاصة بأن جيوش العرب لم تظهر كفاءة في العصر الحديث؛ فالجيش المصري أخفق أمام مقاتلي عصابات في حرب اليمن، والجيش السوري لم يستطع السيطرة على لبنان إلا باستعمال الأسلحة والأعداد الساحقة، والجيش العراقي لم يحقق نجاحا أمام الجيش الإيراني وقتما كانت تمزقه اضطرابات الثورة الإيرانية، ولا أمام مقاتلي الأكراد لثلاثين سنة، فضلا عن أن كل مواجهات الجيوش العربية مع إسرائيل كان أداؤهم فيها رديئا.

الدراسة وإن كانت مهمة، إلا أني لم أشعر بإهانة كالتي شعرت بها حين قال: "يعامل معظم الضباط العرب الجنود المجندين كفئة أقل من البشر. عندما حملت رياح مصر يومًا ما حبيبات رمل حارقة من الصحراء أثناء استعراض لكبار الشخصيات الأمريكية الزائرة، رأيت فرقة من الجنود يسيرون ليشكلوا صف واحد لحماية الأميركيين؛ بعبارة أخرى، يُسْتَخدم الجنود المصريين أحيانًا كأنهم لا يزيدون عن مصدات الرياح"!!

هنا يطرح السؤال نفسه: ما فائدة الجيوش العربية إذن؟

هل تصدق أن الجيوش العربية لم تحقق نصرا واحدا على عدو للأمة؟!! ولا نصرا وحدا؟! ولا حتى حرب أكتوبر 1973 التي انتهت في الحقيقة بهزيمة واستسلام مصري بعد استعادة إسرائيل لزمام الأمور واستيعابها للمفاجأة العسكرية التي جرت في الأيام الأولى للحرب.

المعارك الوحيدة التي انتصروا فيها كانت على بعضهم، أو على شعوبهم، فهنا تنطق الأسلحة وتصهل المدافع وتزمجر الدبابات وتهدر الطائرات، تحصد العرب والمسلمين وتسكب دماءهم غزيرة فياضة، تملأ وديان أرض العرب المنكوبة!
من المفهوم أن تشتري كلبا للحراسة، لكن ماذا لو صار الكلب مسعورا لا ينهش إلا أصحاب الدار؟! فماذا لو أنه مع ذلك إذا حضر اللص ترك له الدار وجرى لا يلوي على شيء؟!! ثم ماذا لو صار الكلب دليل اللص يفتح له الدار ويقلب له الأثاث والمتاع حتى يحصل اللص على ما يريد ثم يمضي آمنا؟!!!

أصحاب الدار هؤلاء.. هل بقاء الكلب خير لهم أم زواله؟!!

قبل أيام صرَّح ماجد فرج، رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية، ضمن فضائح كثيرة، بأن أجهزة الأمن أحبطت 200 عملية ضد الإسرائليين.. فأيهما أفضل: أن يكون للفلسطينين جهاز مخابرات وسلطة أم لا يكون؟!

قارن هذا بغزة التي لما تحررت من هذه السلطة عجزت إسرائيل عن اجتياحها بأربعة حروب، رغم الحصار والتجويع والتفوق التقني والعسكري الكبير لصالحها، وعلى يد كتائب لا تتلقى رواتب من دماء الفلسطنيين وأموالهم كما يفعل جلاوزة السلطة العباسية العرفاتية في الضفة.

وسلطة الضفة ليست تختلف عن أخواتها في باقي بلاد العرب، ولسنا الآن في حاجة إلى تحليلات أو استنتاجات، بل نحن الآن في عصر الاعترافات والتسريبات، فيكفي أن نجلس ونبحث لنرى الفضائح بالصوت والصورة:

1.    هل تعلم مثلا أن اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكري المصري، افتخر بأن الجيش المصري عنصر مهم للأمن القومي الأمريكي؟ (فيديو).

2.    فهل سمعت ثناء إيهود باراك –رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق- على السيسي وحث الأمريكان على دعمه، لأن إظهار الدعم الإسرائيلي له يُحرجه؟! (فيديو).

3.    هل رأيت رعنان جيسين –مستشار شارون، والمتحدث الأسبق باسم الحكومة الإسرائيلية- وهو مندهش، يبدي ندمه على أنه حين كان يفاوض على الانسحاب من سيناء أصرَّ ألا يكون فيها قوات للجيش المصري، بل يبقى البدو والجِمال فقط.. هو الآن يقول: يا إلهي، لو عادت بي الأيام لقلت: خذوا البدو والجمال واتركوا لنا الجيش المصري؟ (فيديو).

4.    ماذا لو علمت أن الجيش المصري احتفل بذكرى مشاركته في الحرب العالمية الأولى لحساب الإنجليز ضد السودانيين والليبيين والدولة العثمانية؟ وهي الحرب التي سقطت فيها القدس بمشاركة الجيش المصري لتظل تحت الاحتلال الإنجليزي حتى خرجت إنجلترا وسلَّمت القدس لإسرائيل؟ (صور منشورة على صفحة المتحدث الرسمي للعسكر المصري).

5.    ماذا لو سمعت بأذنيك عميدا في الجيش المصري وبعد يومين من الانقلاب العسكري يقول بوضوح أن السبب في الانقلاب هو سياسات مرسي تجاه إسرائيل ورفضه هدم الأنفاق مع غزة؟ حتى لقد اندهش المذيع الإنجليزي صاحب الحوار وقال له: هل معنى هذا أن الجيش الذي يزعم أنه تحرك رغبة لإرادة شعبية إنما تحرك حماية لإسرائيل؟! إنه الرئيس من حقه أن يحدد سياسته تجاه حماس أو غزة (استمع).

6.    ماذا لو قرأت الغزل الإسرائيلي في السيسي على صفحات يديعوت أحرونوت؟

7.    أو رأيت رئيس الأركان الأمريكي ديمبسي وهو يقرر نجاح "الاستثمار الأمريكي في الجيش المصري" وأن العسكر المصري "مُمَكِّن للسياسة الأمريكية" ولا خوف أبدا على المصالح الأمريكية من قِبَله، بل إنه "شريك قوي" للأمريكان وللإسرائيليين، ولذلك فهم "يستحقون الاستثمار فيهم" (فيديو).

8.    وهذا فيديو آخر يقول فيه القائد العسكري الإسرائيلي: إن 30 سنة من العمل (الاستثمار في الجيش المصري) لم تضع هباءً!!

9.    ثم ماذا لو رأيت فرحة هانتر فاريل، مدير البعثات التنصيرية العالمية للمشيخة البروتستانتية، بتشجيع العسكر المصري لمنظمتهم لنشر التنصير في مصر، وكيف أعطتهم السلطة المصرية أرضا ليبنوا عليها كنائس ومدارس لأول مرة منذ افتتحوا هذه المشيخة في مصر قبل مائة وخمسين عاما؟! (فيديو).

10.           بل ماذا إذا سمعت المنصرين فرحين بما يقوله السيسي لمشايخ الأزهر ويعتبرونه نطق بلسانهم عما يريدون قوله؟ (فيديو 1، فيديو 2، فيديو3).

وإن عشرة من هذه الفضائح لكافية لمن كان له قلب، بل من كان له قلب يكفيه واحدة من هذه الفضائح.

وإذا اتضح هذا الحال، فلنا أن نكرر السؤال مرة أخرى: هل بقاء هذا العسكر خير لمصر؟ أم بقاؤها بغير جيش أفضل؟!!

الجواب عند الإمام الجويني رحمه الله، وهو مع كونه فقيها أصوليا راسخا، إلا أنه مفكر استراتيجي باصطلاح هذه الأيام، وكتابه "الغياثي" في السياسة الشرعية أقرب ما يكون لما يُسمى الآن في علوم البحث: توقع سيناريوهات المستقبل.

يقول فيه:

"إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة، ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم ... وذلك أن الإمامة إنما تعنى لنقيض هذه الحالة. فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة، فيجب استدراكه لا محالة، وترك الناس سدى، ملتطمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم على اتباع من هو عون الظالمين، وملاذ الغاشمين، وموئل الهاجمين، ومعتصم المارقين الناجمين".

انتهى كلام الجويني رحمه الله!

نشر في ساسة بوست


الثلاثاء، يناير 19، 2016

فصل من الاختراق الأجنبي للدولة العثمانية

في مثل هذا اليوم قبل حوالي مائة وخمسين سنة (18 يناير 1863م) توفي سعيد باشا حاكم مصر، وهو الثالث من حكام أسرة محمد علي.

مات من القهر والحسرة، بعد أن تدهور جسده وتكاثرت همومه..

كان سعيد باشا هذا هو أول نجاح للاختراق الأجنبي في تاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي، فهو أول حاكم يُربَّى في حجر الفرنسيين، وينشأ على محبتهم، وهو نقطة تحول في التاريخ المصري الحديث، فقد استدرجه الأجانب لنكبتين من أكبر نكبات التاريخ المصري، هما: القروض الأجنبية، وقناة السويس!

لم يستطع أحد قبله أن يقنع حاكما مصريا، مهما كان ظالما أو فاسدا، بضرورة فتح قناة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وظل هذا الأمر مرفوضا بإصرار طوال التاريخ المصري، حتى جاء ديليسبس وخدع صغيره الذي صار حاكم مصر، فانتزع منه أضخم عملية نصب في التاريخ: امتياز قناة السويس! كما لم يُعرف قبله حاكم مصري مدَّ يده إلى الأجنبي للاقتراض منه بالربا الفاحش.

لكن كيف حدث هذا؟! كيف ربَّى الفرنسيون من صار بعدئذ حاكم مصر؟!

بدأت القصة بذلك الاختراق الخطير المتمثل في شخص محمد علي، وذلك أن الفرنسيين حين هُزِموا واضطروا إلى الرحيل عن مصر بعد الحملة الفرنسية، لجأوا إلى حيلة أخرى ليكون لهم قدم في مصر، فأرسل نابليون إلى القنصل الفرنسي في مصر الكونت ما تييه دي ليسبس (1803م) تعليمات بأن يبحث في قادة القوات العثمانية في مصر عن أفضل من يمكنه إقامة علاقات وثيقة معه، ثم يُخطر باسمه سيبستياني (السفير الفرنسي في القسطنطينية) ليضغط السفير على السلطان العثماني بتعيينه واليا على مصر، وبهذا يكون حاكم مصر رجل فرنسا وممثل مصالحها!

وقد قام القنصل بمهمته خير قيام، فاختار بعد الفحص والاختبار ذلك القائد الواعد: محمد علي، "وارتبط معه بعرى صداقة متينة، وأوصى به سيبستياني خيرا"، ثم تدافعت الأحداث المضطربة في مصر –والحافلة باغتيالات وخيانات وصناعة فوضى- حتى صار اسم محمد علي مطلب الجميع في مصر، ورفعه علماء مصر وأعيانها لمنصب الولاية، وأرسلوا بذلك إلى السلطان العثماني، وهناك بدأ دور السفير الفرنسي الذي ضغط بهذا الاتجاه حتى أقرت السلطنة العثمانية ولايته، ولم تكن تدري أن قسما عظيما من نكبتها سيأتي على يد هذا الرجل!

وبعيدا عن المسار العام كانت قصة خفية تتكون في أروقة قصر محمد علي والسفارة الفرنسية، فبعد سبع وعشرين سنة من ولاية محمد علي استقبلت مصر فريدناند دي ليسبس، ابن القنصل القديم الذي اختار محمد علي ومهد له في مصر وفي القسطنطينية، والذي جاء إليها كنائب للقنصل الفرنسي بالإسكندرية. فاستقبله محمد علي "بإكرام زائد، وخصَّه بعطف أبوي، وما فتئ يظهر له من ضروب الحنان ما جعله أو كاد يجعله أحد أفراد الأسرة العلوية"، بل وكلفه محمد علي بمهمة تربية ابنه سعيد!

ومن هنا نشأت علاقة خاصة بين سعيد وفريدناند دي ليسبس، "صادقه مصادقة أكيدة، وأَلِفَه أُلْفةً زائدة، كان الباشا العظيم أبوه من أكبر مشجعيه عليهما، ومن أميل الناس إلى توثيق عراهما بينهما"، ويُروى في هذا بعض الطرائف التي لا تهمنا، لكن الخلاصة أنه من تلك العلاقة وبهذه التربية نشأ أول حاكم لمصر غربي الهوى والمزاج، وكانت لهذا آثار بعيدة على مصر وعلى الدولة العثمانية.

ومن الطريف أن هذه القصة أخذتها من المؤرخ إلياس الأيوبي، وهو من أشهر مؤرخي حقبة محمد علي، وصاحب أكبر تاريخ عن حقبة الخديوي "تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل"، ويقع في مجلدين كبيرين[1]، وأجدني هنا مدينا باعتذار للشيخ محمد قطب الذي قال قديما "ليس بين يدي الآن ما يقطع بأن فرنسا هي التي تدخلت لدى السلطان لإرساله واليا على مصر.. وإن كانت الظروف تشير إلى ذلك"، وتمنى الشيخ أن "لو قام أحد الباحثين بتحقيق هذه القضية لخدمة الحقائق التاريخية"[2]، وكنت لما قرأت قوله هذا استبعدته وحسبته ضمن مبالغات الإسلاميين وهوسهم بالمعركة، بينما اتضح أنها بصيرة، وأن الأمر لا يحتاج إلى مجهود بحثي، فذلك ما سجله دي لسبس نفسه في كتابه عن قناة السويس، وعن هذا الكتاب نقله لنا إلياس الأيوبي المحسوب على أسرة محمد علي.

بهذا السر نستطيع أن نحل حيرة المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي الذي تعجب جدا من سلوك سعيد في إهمال وإغلاق المدارس ومؤسسات التعليم في مصر، في ذات الوقت الذي كان يُنعم فيه بالمنح والأموال الكثيرة على المدارس الأجنبية والتنصيرية مثل: راهبات البون باستور، راهبات الصدقة بالإسكندرية، البعثة الأمريكية، المدرسة الإيطالية بالإسكندرية[3]، وما كان الرافعي ليحتار لولا أنه غفل عن هذه العلاقة، والحق أن نظرة الرافعي الوطنية القومية للتاريخ أسفرت عن أخطاء فادحة في التحليل والتفسير، لكنه رغم كل شيء لم يستطع ابتلاع النكبتْين الكبيرتين، فقال بجلاء: "لو سلم عهد سعيد من القروض الأجنبية، ولم يمنح امتياز القناة. لكان محتملا أن تتغير المصاير وتتبدل النتائج في تاريخنا القومي"[4].

وهكذا يلد الاختراق الصغير آثارا تاريخية ضخمة على كافة المستويات، فكم عانت الدولة العثمانية من محمد علي، وكم عانت مصر منه ومن أولاده، بل لقد كانت نكبة قناة السويس هي التي قضت على سعيد حتى أوردته حتفه، وكان دي ليسبس نموذجا في التوحش الأجنبي الشنيع المدعوم بقوة الدولة وصفحة لا تنسى من تاريخ العلاقات بين المسلمين وفرنسا. (اقرأ في موجز هذه النكبة: ماذا تعرف عن أخطار وأضرار قناة السويس؟،  كيف ضحَّت مصر بنفسها خدمة للأجانب، ماذا قال المؤرخون الأجانب عن قناة السويس، فصلٌ من قصتنا مع الشرعية الدولية).

ما لا ينبغي أن يفوتنا في هذا السياق، أن سعيد باشا لم يكن ماكرا ولا خبيثا ولا شريرا، بل كان جاهلا غريرا مخدوعا، يدل على هذا كثير من سياساته الأخرى التي تثبت رفقه بالناس وسعيه في رفع المظالم عنهم، لكنها سياسة تثبت جهله وقصر نظره أيضا (مثلا: لما زار السودان شكا إليه أهلها ما يلقونه من مظالم السلطة المصرية ففكَّر في إخلاء السودان والانسحاب منها وتركها!!!)، ما يدلك على أن آثار الحاكم العميل لا تقل سوءا عن آثار الحاكم المغفل الجاهل، بل ربما كان الثاني أسوأ وأشد لأن جهله وغفلته يوقعانه فيما لا يُتَصَوَّر وقوعه من عاقل!

وهنا ينبغي أن نتذكر قول آن باتريسون، السفيرة الأمريكية السابقة في باكستان ثم في مصر ومهندسة الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، في جلسة استماع بالكونجرس بتاريخ 19/9/2013م،  قالت: "لقد نتجت عواقب استراتيجية كارثية حين أوقفنا الدعم عن الجيش الباكستاني 12 عاما؛ إذ يوجد الآن جيل من العسكريين لا اتصال لهم بالجيش الأمريكي لأنهم لم يدرسوا هنا ولم يتعرضوا لقِيَمنا، ولهذا فيجب أن نحافظ على علاقتنا بالجيش المصري".

فانظر وتأمل الكوارث التي تعانيها بلادنا، إذ يربون لنا لا الحكام، بل الحكام وعساكرهم!!

نشر في تركيا بوست



[1] إلياس الأيوبي: تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل، ط. مكتبة مدبولي، القاهرة. 1/328 وما بعدها.
[2] محمد قطب: واقعنا المعاصر، ط4. دار الشروق، القاهرة، ص191.
[3] عبد الرحمن الرافعي: عصر إسماعيل، ط. دار المعارف، 1/49.
[4] عبد الرحمن الرافعي: عصر إسماعيل 1/71.