الجمعة، مارس 24، 2006

I prefer Apatchi

" Are we afraid to die ? It is death , either by killing or by cancer , the same thing , we are all waiting for the last day of our life , nothing will be change , if it is by Apatchi or by arrest , I prefer to be by Apatchi "

تركزت عبقرية الأدب ، وعبقرية الأديب العظيم سيد قطب - مهما كان اختلافنا الفكرى معه - فى عبارته العبقرية التى كتبها حين كان يتحدث عن استشهاد حسن البنا فقال " ستظل كلماتنا عرائس من الشمع حتى إذا متنا فى سبيلها دبت فيها الروح وكتبت لها الحياة " .. كانت هذه العبارة أول شئ غسل قلبى حين سمعت الكلمات السابقة والتى حرصت على كتابتها بالإنجليزية كما قالها صاحبها الشهيد البطل الدكتور عبد العزيز الرنتيسى .. وترجمتها " هل نخاف من أن نموت ؟ ، إنه الموت ، سواء كان بالاغتيال أو بالسرطان ، إنه نفس الموت ، كلنا نتطلع إلى اليوم الأخير فى حياتنا ، ليس هناك فرق ، إن كان بالأباتشى أو بالسكتة .. أنا أفضل أن يكون بالأباتشى " ، هذه العبارات السابقة لايمكن أن تكتسب مذاقها وروحها الخاص لو لم تخرج من شهيد فعلا .. إنها عبقرية الشهادة التى سكبت على هذه الكلمات البسيطة رحيق البطولة ، وحولتها إلى حروف غير كل الحروف ، وضعت فيها طاقة التأثير الذى ينساب دافئا أو حارقا إلى القلوب والنفوس فى لحظة .

لم تكن كلمات الرنتيسى كأى كلمات ينطقها أى مناضل .. طان طعم الدم الذى يكسوها يكسبها قيمة خاصة لا تكتسبها إلا دماء الشهداء ..

أتذكر فى ذلك الوقت كلمات الشيخ الشهيد .. أسطورة المقاومة وجلجلة الصوت الضعيف ورمز الانتصار على كل العوائق ولو كانت الشلل الكامل .. الشيخ المعجزة أحمد ياسين الذى سئل فى حوار على قناة المجد الفضائية عن تهديدات إسرائيل له بالاغتيال فقال بصوته الضعيف المبحوح الذى يكتسب من تاريخه لونا آخر : " نحن طلاب شهادة .. نحن نطلب الشهادة .. نطلب الحياة الأبدية الخالدة .. مش حياة الدنيا الصغيرة التافهة .. من أجل هيك لا نخاف .. ولا تزيدنا هذه التهديدات إلا ثبات على المشوار الطويل من أجل النصر والتحرير إن شاء الله " ( كلمات ياسين والرنتيسى أكتبها من الذاكرة فلعلى نسيت بعض الألفاظ ) ..

نادرة هى المرات التى أشعر فيها بالفخر كونى أنتمى إلى هذا الجزء من العالم ، فأحوالنا المعروفة لاتزيد النفس إلا إحباطا ، غير أن تلك النوادر دائما ما ترتبط بمثل هذه الأساطير البشرية التى تجسدت فى شخصيات مثل ياسين والرنتيسى ، هو فخر ينبع من الإحساس بأنى أنتمى إلى هؤلاء ، أو إلى نفس المسار الذى سار عليه من قبل هؤلاء الناس .. وهو طعم تعجز الكلمات عن الإحاطة به .. إنه يشبه مثلا عودة الروح إلى جسد الميت فتراه يتحرك ويخرج من سكونه ، أو لربما كانت تشبه حركة صغيرة من جسد مريض لأحد الأحباب قد ظننا أنه قد مات فإذا هذه الحركة رغم صغرها وضعفها تشق صمت اليأس والحزن والإحباط لتنشر الأمل فى لحظة واحدة .. إنها نفس هذه الفرحة التى يشعر بها أب قد تأكد من موت طفله الرضيع فلما حانت من الولد حركة كأن الدنيا قد عادت من جديد .. شئ مثل هذا يحدث حين ترى وجه ياسين والرنتيسى وغيرهم من أبطال الأمة الخالدين .. رفم أنها وجوه لأشخاص معدودين إلا أنها مثل تلك الحركة الضعيفة التى تشق الصمت واليأس وتزرع الأمل فى لحظة واحدة .

وجه واحد .. أو كلمات بسيطة تستطيع أن تفعل كل هذا .. لا لأنها فصيحة ، بل على العكس قد تخلو تماما من الفصاحة .. لكنها تنطلق من روح تشعر بهذه الكلمات وبمعناها ثم يكسوها دم الشهادة رنينا خاصا .

كم من المنفوشين والمنفوخين يثير فى الناس ما تثيره صورة الرنتيسى الصامتة الباسمة .. أو صورة ياسين الحزينة المتأملة ؟
كم من الصارخين والزاعقين يستطيع سحر آذان المستمعين مثلما تفعله عبارات هادئة ضعيفة من صوت مبحوح كصوت الشيخ ياسين ؟

أشعر الآت بعبقرية الحكمة الإسلامية التى تقول : " فعل رجل فى ألف رجل .. خير من قول ألف رجل لرجل " .

هو هكذا تماما .. لا تنهض الأمة ولا تكتسب العبارات تأثيرها من فصاحتها .. بل من سيرة وتاريخ من قالها .

وإذا كانت ملحوظة ملفتتة للنظر أن العرب كانوا قبل الإسلام أمة الفصاحة التى لا تقدر فى حياتها شيئا مثلما تقدر بلاغة العبارة وروعة التصوير .. فكانوا فى ذات اللحظة من أكثر الأمم تخلفا على وجه الأرض حينها .. ولم يستطيعوا بناء حضارة ولا شبه حضارة ولا حتى معالم مشوهة من حضارة .. بل ولا استطاعوا تكوين وحدة من أى نوع ، على ما كان بجوارهم من امبراطوريات ضخمة كفارس والروم .. فلما جاء الإسلام وأطلق فيهم روح العمل انسابوا فى الأرض يبنون حضارة هى أسرع الحضارات قياما وأطولها مدة عبر التاريخ .

ولم تحيا الأمة فى وقتها إلا بأمثال من ينطق وهو يموت " إنى لأجد ريح الجنة " أو من تقطع يده فيمسك الراية بشماله ، فتقطع شماله فيمسكها بعضدية ، ثم يضرب فيموت ولاتسقط منه الراية .. هو مشهد صامت لكنه أبلغ من معلقات شعر كلها تدعو للجهاد .

واكتسبت كلمات خبيب بن عدى الشهيرة روعتها وتأثيرها وخلودها لا لأنها كانت بليغة أو فصيحة .. بل لأنها قيلت وهو على خشبة الصلب يرفض إلا أن يموت مسلما .. قال :

ولست أبالى حين أقتل مسلما **** على أى جنب كان فى الله مصرعى .
وذلك فى ذات الإله وإن يشأ **** يبارك على أوصال شلو ممزع .


وتلك السطور التى أكتبها الآن .. يجب أن أعرف أنها بلا قيمة لو لم تتحول إلى عمل ، ولقد أحببت أن اسأل نفسى واسألك معى :

ما هو نصيبك من البلاغة الحقيقية ؟؟ وأقصد نصيبك من العمل .

أرجو ألا يمر علينا السؤال سريعا كما مر من قبله كثير غيره .



22/3/2005

هناك 5 تعليقات:

  1. شكرا لك يا أخ نيمو ، وجزاك الله خيراكثيرا .

    *****

    الأخ قبطى :

    أود أن أفهم إذا كنت تطرح فكرة للنقاش أم تطرح قناعتك كقانون غير قابل للحوار ..

    كما أود ثانيا - إن أردت الدخول فى نقاش - أن تحترم ما أعتقد إن كنت تطالبنى باحترام ما تعتقد .

    شكرا لك .

    ردحذف
  2. انتظر تعقيبك لكى أرد .. هذا أولا .

    ثانيا : بشأن احترام المعتقد ، ما كنت أقصده هو ان تكون كلماتك عما أعتقد فى إطار الاحترام والمسؤولية .. لأن الإساءة إلى ما أعتقد تؤذينى كأى بشر .. هذا إن أردنا الوصول إلى حوار مثمر .. لكن أن تحترم الإسلام نفسه من عدمه فهذا شأنك لايجرؤ مخلوق على أن يتدخل فى رؤيتك أو حريتك .

    ردحذف
  3. بعد انتظار لأكثر من أسبوع لكى أستمع إلى تعليقك كاملا ، ولم يكتمل تعليقك .. أظن بإمكانى الرد على ما كتبته فى مداخلتك السابقة .

    فأولا من حيث أن الإسلام أطلق فى العرب السيف ، فقد كان يمكننى أن أصدق هذا إذا لم أعرف مبادئ الإسلام التاريخية فى القتال والتى سبق بها نظريا مقررات الأمم المتحدة ، وعمليا مازال الإسلام يسبق العصر الحديث الذى لم يلتزم فى أى حرب بمثل هذه المبادئ .

    الدولة الإسلامية هى الدولة الأولى فى التاريخ التى حفظت حقوق المعتقدين بغير عقيدتها .. ولم تجبر أحدا على اعتناق الإسلام .

    لقد أدهشنى حقيقة أن ترى أن الإسلام أطلق فى العرب السيف فانضموا له ، وتثبت هذا بعدد من قتلوا فى حرب الردة .. والدهشة بل والذهول مبعثهما أنك لم تذكر لى دليلا على دخول العرب فى الإسلام بالسيف .. بل على محاربة المسلمين لم ارتد منهم بالسيف .. وقد كانوا يعلمون قبل أن يدخلوا فى الإسلام بأن المرتد يقتل ... يسعدنى لو دللت على كلامك بدليل تناريخى واحد على إكراه الإسلام الناس للدخول فيه .

    أما بخصوص التحليل المستقى من علم النفس الاجتماعى .. والتدليل على ذلك بستالين ومبارك فهو متهافت من أكثر من جهة .. أولها أنك لم تثبت اصلا أن الإسلام قهر العرب فتوحد المقهور مع القاهر .. وثانيا أن حركات الاحتلال عبر التاريخ أكثر من أن تحصى ولم يولد كلها مقهورا يتوحد مع القاهر بل ولدت حركات مقاومة خالدة لم تتوقف عند رفض التوحد بل وسارت فى خط كسر هذا القاهر .. ثالثا إن مبارك وستالين ليسوا زعماءا قادوا ثورة وتعلقت بهم الشعوب ، بل هم تولوا الحكم المستقر ومنه قهروا الشعب .. فيؤكد هذا فساد القياس بينهم وبين الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم الذى بدأ وحيدا فردا ، وأقام دولة حضارية إنسانية عالمية الانتماء فى 23 سنة فقط .

    أرجو أن أكون قد وفقت فى التعبير عن وجهة نظرى .

    ردحذف
  4. يا أخ قبطى .. أنا والله سعيد بالحوار معك .. ومن ناحية اللغة العربي ياسيدى شكرا .. ده من ذوقك ، بس لازم أوضح انى مابحاولش أكون بليغ .. هو ده اسلوبى والله .. معلش : استحملنى لو كان بيظهر بشكل بلاغى مبالغ فيه .

    ثالثا : هاستنى حضرتك ترد بكره زى ما انت قلت .. وبعدها أرد إن شاء الله

    سلام عليكم .

    ردحذف
  5. الأخ قبطى ،

    ألا يبدو أن النقاش سيأخذنا إلى مجرى بعيد عن مسار الموضوع نفسه ، لذا سأجيب على تعقيباتك إجابات تلغرافية ، ولو شئت مواصلة الحوار سأفتح لك موضوعا خاصانتناقش فيه بتوسع .

    1- مسألة الجوارى
    منهج الإسلام فى العادات المتأصلة فى المجتمعات هى الحل التدريجى ، مع ملحظة مهمة وهى تهيئة الأجواء خصوصا النفسية لهذا التحرر " لن أذكرك بأهمية هذا الجانب .. لكن تذكر أن بعض السود عادوا إلى مزارع اسيادهم البيض بعد تنفيذ قوانين التحرر فى أمريكا " .. بهذا الشكل التدريجى وتهيئة الأجواء كان موضوع الرقيق .. بهذا سبق الإسلام نظريا مقررات الأمم المتحدة وعمليا العصر الحديث حتى هذه اللحظة .

    قد يكون الإسلام الذى أعرفه مختلفا عن الإسلام الذى فى الكتب التى تقرأها .. لو حددت لى اسماء الكتب سنستطيع تحديد الاختلاف .

    حقوق غير المسلمين فى المجتمع الإسلامى .. هذا مبحث طويل يختصره عبارة ( لهم مالنا وعليهم ما علينا ) .. والأمثلة على هذا كثيرة .

    أدهشتنى فقط نقطة أن الإغريق قدماء المصريين احترموا عقائد المخالفين وكانوا متساويين مع غيرهم .. أرجو ان تخبرنى بمصدر المعلومة لو تفضلت ..

    هل خير الإسلام أحدا بين السيف وبين الوثن ؟؟؟؟؟
    لو لديك مثال واحد على هذا أرجو أن تأتينى به لأن هذا لم يحدث إطلاقا إطلاقا .

    هل النبى اشتهى زوجة غيره ؟؟ لا لم يحدث أبدا .. بل كانت مشكلة عادات تحرم على الإنسان الزواج من مطلقة من تبناه .. نزل الإسلام فألغى التبنى وألغى الأحكام المترتب عليها .. هذه قص أمنا زينب بنت جحش .. زوجها الله للرسول بأمر منه لكى ينسف هذه العادة .. والآية القرآنية واضحة ( زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم ) .

    أما الجزية .. فهو موضوع كبير خلاصته أنها كضريبة مقابل عدم جودهم فى الجيش ..



    لو أحببت الاستمرار فى الحوار أخبرنى فقط برغبتك هذه .. وسأفتح لك موضوعا خاصا بك تطرح فيه ما تريد .

    سعيد بالحوار معك .. والسلام عليكم

    ردحذف