السبت، أكتوبر 08، 2005

عرض موجز للتاريخ الإسلامى 4

بعد العودة من الطائف :
كان النبى صلى الله عليه وسلم قد فقد سنده الذى كان يحميه ، عمه أبو طالب ، فلفم يستطع دخول مكة إلا فى حماية المطعم بن عدى ( وكان مشركا ) .

وكان الله قد أخبر النبى قبل عودته من الطائف أن نفرا من الجن استمعوا القرآن فأسلموا فسر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم ،

وفى هذه الأجواء امتن الله على نبيه برحلة الإسراء والمعراج ، وخلاصة الرحلة أن النبى صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فى ليلة فأخذه على البراق ، حتى ذهب به إلى المسجد الأقصى ، ثم عرج به إلى السموات السبع ، ورأى النبى وشاهد من أحوال الدنيا وأهل الجنة فى الجنة وأهل النار فى النار ، وتلقى فى هذه الرحلة فرض الصلوات الخمس فى اليوم والليلة ، وصلى بالأنبياء إماما ، ثم عاد إلى مكة فى نفس الليلة .

ومع ما أثارته هذه الرحلة من جدل واسع فى مكة ، برغم الدلائل التى ساقها لهم رسول الله فوصف لهم المسجد الأقصى ناحية ناحية ، واخبرهم عن القوافل التى فى الطريق وأحوالها ، وتبين فيما بعد صدق النبى صلى الله عليه وسلم حينما عادت هذه القبائل واكدت هذه الأخبار ، رغم ما أثارته من جدل فإن بعضا ممن كانوا قد آمنوا ارتدوا عن الإسلام ، والمؤمنون ازدادوا إيمانا ، حتى أن ابابكر رضى الله عنه حينما حاول المشركون الوقيعة بينه وبين النبى قالوا له : عن صاحبك يزعم أنه ذهب الشام وعاد فى ليلة ، فرد فى حسم : إن كان قال فقد صدق .. وحصل من حينها على لقب ( الصديق ) .

هذه الرحلة ، الراجح فيها أنها كانت فى ربيع الأول عام 13 ، إذا يستحيل أن تكون فى رجب عام 10 من البعثة ، فهذا قبل الطائف وقبل موت خديجة ، والثابت أن خديجة رضى الله عنها ماتت قبل فرض الصلاة ، وان الرحلة بعد الطائف .

فى العام الحادى عشر :

فكر النبى فى عرض دعوته على القبائل التى تأتى فى موسم الحج ، بعد اتضاح أن مكة لن تتبنى هذه الدعوة من تجربة العشر سنوات الماضية .
فكان يعرض نفسه على القبائل طالبا حمايتهم حتى يبلغ دعوة الله ، فتكلم مع 15 قبيلة ، كل منها كانت لها أعذارها أو شروطها ، مما منع أن يتم أى اتفاق بينها ، واشهر هذه المحادثات كانت مع بنى عامر الذين اشترطوا وراثة الملك بعد موت النبى ، وبنوشيبان الذين اشترطوا الحماية من العرب فقط لا من الفرس .

حتى كان فى ذى الحجة من هذا العام ، التقى النبى فى موسم الحج بست نفر من الأنصار ، عرض عليهم الإسلام فعرفوا أنه النبى الذى يتوعدهم به اليهود فى المدينة ، ثم ذكروا أن قومهم على شقاق كبير فلعل الله أن يجمعهم على يد النبى صلى الله عليه وسلم .

وعادوا إلى المدينة يحملون دعوة الإسلام .

فى العام الثاني عشر :
اقبل هؤلاء الستة ، ومعهم مثلهم فصاروا اثنا عشر رجلا ، بايعوا النبى بيعة العقبة الأولى وخلاصتها ( اجتناب المعاصى والفواحش ) ، وأرسل النبى معهم ( مصعب بن عمير ) يعلمهم الإسلام ، فقام سيدنا مصعب بهذه المهمة خير قيام ، واسلم على يديه زعيمى المدينة ( أسيد بن حضير وسعد بن معاذ ) .

وقبيل حج السنة الثالثة عشرة من البعثة ، عاد مصعب إلى المدينة يحمل بشائر الخير لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

فى العام الثالث عشر :

أقبل الأنصار وكان عددهم 73 رجلا وامرأتان ، ولقيهم النبى ليلا فى أجواء تحيطها السرية ، وتمت بيعة العقبة الثانية ، وقد وضح فيها كل طرف واجباته والتزاماته ، وتأكد فى هذه البيعة عزم الأنصار على حماية رسول الله مما يحمون منه أنفسهم وأموالهم ، واتضح لهم أن تبنى هذه الدعوة معناه الدخول فى حرب العرب والعجم ، ولكنهم ثبتوا بتوفيق الله وتمت بيعة العقبة الثانية .

بعد إتمام هذه البيعة ، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بالهجرة إلى المدينة ، فكانوا يخرجون متخفين ليلا ، فأول من هاجر هو أبو سلمة ، والوحيد الذى هاجر علنا هو عمر بن الخطاب ، ومابقى بمكة إلا النبى وأبو بكر وعلى – بأمر من النبى – ومن لم يستطع الهجرة من المسلمين .

لما علمت قريش بأن خروج الرسول معناه أنه سيصبح أكثر قوة وعزة ومنعة ، اجتمعوا مقررين قتله فى القصة المشهورة بدار الندوة ، ولاداعى لتكرار ماهو معروف من القصة هنا .

المهم أن النبى صلى الله عليه وسلم هاجر فى عملية دقيقة محكمة بالغة الذكاء والسرية ، ووصل إلى المدينة فى 12 ربيع الأول عام 1 للهجرة ، وكان يوم جمعة ، واستقبله الأنصار بالنشيد الخالد ( طلع البدر علينا ) .

كان أول ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم هو :
1) بناء المسجد ، الذى كان فى نفس الوقت ( قصر رئاسة أو دار حكم ) فيه يتلقى الوفود ، ومنه يعين الولاة ، ومنه تخرج الجيوش ، وفيه يتربى المجتمع ، وكان منبره وسيلة الإعلام .
2) المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار : وقد كانت قصصا أسطورية صنعها الأنصار ، فصارت درة على جبين الإنسانية كلها ، إذ رحبوا بإخوانهم المهاجرين واقتسموا معهم أموالهم وديارهم وحتى زوجاتهم ، مع احتياجهم لهذا ، ووصفهم القرآن بـ (الذين تبوءوا الدار والإيمان ) أى كأن الإيمان بيت ودخلوه ، وليس دخل الإيمان فى قلوبهم ، وكانت صفحة مذهلة الروعة من صفحات التاريخ .
3) المعاهدة مع اليهود : وهى اتفاقية دفاع مشترك – لو استخدمنا مصطلحات العصر – كانت على التعاون على الدفاع عن المدينة والاتفاق على أسلوب الحياة فى المدينة ، مع الحفاظ على حياتهم وأموالهم ... ولكن اليهود هم اليهود .

ثم نزل الأمر الإلهى بالإذن بالقتال .


كتب فى 6/10/2005 .... 3 رمضان 1426

حبـة القمـح .

حبـة القمح

بين حبوب القمح الكثيرة ، كانت حبة قمح جميلة كبيرة متميزة الحجم والملمس والصفاء ، فكانت تفخر بذلك على زميلاتها حبيبات القمح التى إن لم تخل إحداهن من العيب ، فلن تصل إلى نفس المستوى من الميزات .

مع كثرة وتكرار فخرها بنفسها ، قالت لها حبة أخرى : لاتفرحى كثيرا ، غدا سوضع كلنا فى الطاحونة التى ستجعلنا سواءا .

ولأن الاحتمال كان مرعبا مفزعا للحبة الجميلة ، فقد أنهت الكلام مع زميلتها بسرعة ، وهربت بفكرها من هذا المصير المحتوم ، وصارت تنظر إلى قوامها غير مصدقة أن هذا القوام يمكن أن يصيبه ما يصيب غيره من حوادث الزمان .

وكبرت نفسها فى عينيها ، وظلت تكبر وتكبر وتكبر ... حتى فوجئت بنفسها تلقى فى الطاحونة ، لكنها – مع ذلك – لم تصدق لحظة أن بإمكان الطاحونة أن تخدشها فقط ، لا أن تطحنها تماما .
ومع أول دورة ، وثانى دورة ، وثالث دورة .. كان الجسد الجميل قد تحول أشلاءا ، ومازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .

*****

هذا هو الإنسان بالضبط .. حبة قمح فى طاحونة لايملك شيئا من قوانينها أبدا .

تسرى عليه قوانين الكون وكأنه حبة القمح الملقاة فى جوف الطاحونة لاتملك لها دفعا ولا تأخيرا .

قفز إلى ذهنى هذا التشبيه وانا اقرأ قوله تعالى ( الله الذى خلقكم من ضعف ، ثم جعل من بعد ضعف قوة ، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ) .

فى هذه اللحظة فقط ، أدركت معنى كلمة ( جعل ) .. إن الأمر خارج عن يد الإنسان تماما .

تماما كقوله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى جعل لكم من أنفسكم ازواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة )
تماما كقوله تعالى ( هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء )
تماما كقوله تعالى ( يخلقكم فى بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق )
والآيات كثيرة ..
كثيرة ..
كثيرة ..

لكن المعنى المقصود : هو ان جميع بنى الإنسان يخضعون فى أدق ظروف حياتهم إلى قوانين إلهية ثابتة لايملكون امامها أى حيلة ولا وسيلة أو حت طريقة لتعديلها أو تاخيرها أو تحويرها .

إن السنة الكونية والقانون الإلهى يمضى ويفعل فعله فى حياة البشر دون ان يملك أى أحد امامه أى مقاومة .

كل من يولد يولد ضعيفا ، إن لم يرعه أحد سيموت ... ثم يقوى ويشتد ... ثم يضعف مرة أخرى وتنهك قواه .. ثم يموت .

دورة حياة ، يسير فيها كل فرد ، أو – بمعنى أدق – تحيط بكل فرد إحاطة تامة .

هذه العين التى لم تكن ترى فى الطفولة ، ثم بدأت ترى ، ثم أصبحت لاترى مرة اخرى ... كذلك الذن والذاكرة واليد واللسان ... وسائر الأعضاء .

كيف – رغم وضوح هذه الحقيقة – لانفكر فيها كثيرا ؟؟؟

الموت مثلا ... قانون لم ينج منه فرد واحد من البشر ... لم يوجد فرد استطاع حتى أن يؤخر هذا الموت لا أن يهرب منه ، لكن العجيب أننا لا ننتبه له ... حتى يأتينا فجأة .

وحينها تكون الكارثة .

الكارثة العظمى والأخيرة .

لقد ماتت حبة القمح ، افترسها قانون الطاحونة .

والمشكلة (.. مازالت روح الحبة غير مصدقة أو مستوعبة ما قد حدث .)



كتب فى 6/10/2005 ... 3 رمضان 1426

صلابـة النفس الرقيـقة .

صلابة النفس الرقيقة .

ماكان أكثر عجبى لدى قراءتى كتاب ( ذكريات لامذكرات ) للأستاذ عمر التلمسانى المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين ، حين ذكر فى اول الكتاب طرفا من حياته الراقية ، ونفسه الرقيقة التى تهوى صوت العصاقير وتغريدات الطيور ، والأصوات الهادئة .

ثم ذكر فى حكايته لقصة محنته ، أنه ظل عشرين عاما لايرى زوجته لأنه معتقل ، ولايسمح لها بزيارته حتى لايؤذيها أحد جنود السجن ، حتى لما رآها بعد عشرين عاما ، سلم عليها وكأنها كانت معه بالأمس لئلا يشمت بهما الجندى الذى يحضر المقابلة .

هذه الرقة التى تتبدى فى كل حياة الرجل والتى كانت ابز سمات شخصيته ، وكانت أكثر ما يلفت نظر القريبين منه ، وفسر البعض انتشار الإخوان فى السبعينات بأن مرشدهم عمر التلمسانى يكسب برقته وحيائه قلب من يراه ويحادثه .. هذه الرقة كان يقابلها على الجانب الاخر صلابة عجيبة ، صلابة بلاحدود .

فهذا الرجل ظل فى السجن عشرين عاما متواصلة فى عهدى عبد الناصر والسادات ، ثم سجن فى عهد السادات ومبارك 3 سنوات أخرى ، وهو الذى بدأ حياته منعما مرفها ، كان يتقزز ان يركب قطارات الدرجة الثالثة ... كل هذه الظروف لم تستطع أن تنال من صلابيته شيئا ، وخرج من السجن كما دخل إن لم يكن اقوى يحمل نفس الفكرة ويجاهد فى سبيلها بلا كلل ولا ملل .

كيف تكون الشخصية بهذه الرقة وهذه الصلابة فى وقت واحد ؟؟؟؟؟؟
ظل هذه السؤال بلا إجابة عندى ، حتى عرفت الإجابة من الصيام .. كان يوما طويلا ، مجهدا ، شديد الحر ، ولم أتسحر ... وقد بلغ منى التعب والإجهاد مبلغه فى أول اليوم وأوسطه .

حتى إذا عدت للبيت بعد انتهاء الأعمال ، شعرت براحة بالغة ، وهدوء نفسى مريح ، واستقرار واطمئنان ربما لم أشعر به قبل ذلك ... وإلى جانب هذه الرقة التى أحسست بها فى نفسى ، كنت مستعدا لأقوم مرة أخرى فأؤدى أى عمل مجهد آخر دون أن ادرى لهذا النشاط سببا .

وكان بالفعل ، إذ أتانى طارئ نقلنى إلى سفر قريب وأنا مازلت على صومى .

حتى إذا انتهى الأمر ، أحسست كأنى جمعت فى نفسى هذه الرقة وهذه الصلابة فى آن واحد .
حينما تُقهر النفس بالجوع ، تتخلص من كثير من أطماعها وغرائزها المادية التى تجعلها أقرب إلى الحيوان الذى يتحرك بغرائزه ، والنفس طالما لم تحصل على الطعام مع وجوده أمامها ، لا تلبث أن تستعلى عليه وتتكيف مع عدم وجوده .. فإذا زاد على ذلك أنها مطالبة بأعمال مرهقة مجهدة ، تذمرت فى بادئ الأمر ، حتى إذا اعتادت على الأمر تكيفت معه أيضا .

فصارت لاتغريها شهوة ، ولاتعوقها عقبة .

لا أزعم أن نفسى وصلت إلى هذه المرحلة ، لكنى احسست بها فى ايام الصوم فعلا .
الدنيا تصغر فى عين الإنسان إذا استطاع أن ينتصر على شهواته وغرائز نفسه ، فيصير أكثر صلابة تجاه المغريات والمعوقات ... واكثر رقة تجاه الناس والأحياء .
ذلك لأن الدنيا ، لم تعد هى الأهم والأكبر والأعظم ... بل صارت وسيلة للوصول إلى الغاية الكبرى ... الجنة .

وطالما الأمر هكذا ... فلم الحرص عليها الذى يورث الغلظة والجفاء ، ولم التقاتل عليها الذى ينزع الرحمة والرقة ؟؟؟؟

كذلك : لم الضعف والذل الذى ينزع العزة ، ولم النفاق والخنوع الذى ينزع القوة والصلابة ؟؟؟

وعلى هذا : فمن اراد نفسا صلبة رقيقة ، فليكثر من الصيام .


كتبت فى 6/10/2005 .... 3 رمضان 1426

الخميس، أكتوبر 06، 2005

موقف طريف


كنا نصلى التهجد فى الليلة الثانية من رمضان ، وما أن انتهينا من صلاة اركعتين الأوائل حتى فوجئنا بقطة تقاسم شعرها الأبيض والأسود ، ترقد فى نعومة ورقة وتنظر إلينا فى هدوء وسكينة .
فاستبشرنا أن السكينة تتغشانا فى هذه اللحظات .
ظلت هذه القطة ساعتين على نفس الوضع حتى انتهينا من الصلاة فى الثانية بعد منتصف الليل ، فلما قمنا واتجهنا خارج المسجد ، ظلت كما هى فى نفس الوضع .
حتى قال أحدنا مازحا : " يللا ياحاجة ، خلاص خلصنا "
نظرت إليه بلامعنى ثم قامت فى هدوء ورحلت خارج المسجد .
حاولت أن اداعبها خارج المسجد ولكنها جرت منى .


لماذا أحكى هذه الحكاية ؟؟
لا أدرى ... إنها مشاعر جميلة أحببت أن أنقلها .


5/10/2005 .... 2 رمضان 1426

كل شئ يمضى



أكثر ما يرهقنا – نحن معشر الطلاب – هو فترة الامتحانات ، تلك الفترة العصيبة التى تستنزف المجهود البدنى والنفسى والعقلى ، وتصيبنا بالتوتر والقلق والاضطراب ... وكم نصرخ : متى تنتهى ؟

حتى إذا انتهت الامتحانات ، بدأت أكثر مراحل حياتنا روعة ، وهى الإجازة ، واشتثمرها كل على طريقته ، وهو يود ألا تنتهى ، ويرى فى قدوم الدراسة القطار الذى يطير نحوه ليلتهم الإيام .

حتى إذا مضت الإجازة ، عادت الحياة إلى دورتها مرة أخرى .

ماتمنينا بقاءه رحل ، وما تمنينا رحيله رحل .

ما أودعه الله فى هذا الكون من قوانين ثابتة ومستقرة ، تفعل فعلها بكل سيطرة وثبات ومقدرة ، ولايملك الناس أمامها أى وسيلة ولاحيلة لكى تسير وفق أهوائهم ، هذه القوانين تقضى بفوات الأيام وفوات الساعات ، مهما كانت مرة عصيبة ، أو كانت حلوة خصيبة .

إذا كانت اللحظة تمضى ، فإنها تأخذ معها حوادثها ، فالتعب والمشقة والإرهاق يمضى ، وكذلك المتعة والروعة واللذة تمضى .. إنه القانون الإلهى المستقر .

فإذا كانت اللحظة تمضى ، وماتحمله يمضى معها ، فلماذا يضحى احدنا بركعتين فى جوف الليل فى مقابل أى متعة أخرى ولو كانت متعة الراحة ، إن لم تكن متعة معصية أمام تلفاز أو على مقهى أو مع أصدقاء ؟؟؟

إن الذى قضى ليله كله قائما لله وساجدا وذاكرا ، حينما يستيقظ فى الصباح لن يشعر بأى تعب من ليلة الأمس .
كذلك الذى قضى الليل كله يمتع نفسه إن حلالا أو حراما ، حين يستيقظ فى الصباح فلن يجد أى لذة من أثر الأمس .

وإذا كان الصبح سيمحو كل تعب وكل لذة ... فلماذا لا نتعب ؟

لماذا لا نتعب فى سبيل الله لحظات ستمضى ، ونشترى بها متعة لن تمضى ؟

فى هذه القصة عبرة : رجل كان يمشى فى واد امتلأت أرضه بالذهب والخرز ، لكن فوق كل قطعة ذهب ، حجرا صغيرا ، فى حين تتدلى له حبات الخرز أمام عينيه ..
لكن ..

كانت هناك مشكلة ، لقد وضع صاحب الوادى الحجر على الذهب ، لأن من طبيعة هذا الوادى أن كل شئ يتبخر بعد فترة ، فكانت حبات الخرز ماتلبث أن تتدلى حتى تختفى ، تتدلى ثم تختفى .. تتبخر .. تتلاشى .
فى حين يظل الذهب محفوظا لأن قطع الحجارة تحميه من هذا التبخر .

ماذا يفعل الرجل ؟؟؟؟

احتار : هل يسارع بالتقاط حبات الخرز فيستمتع بلمسها ثم تختفى ، أم يظل يرفع الحجارة حتى يأخذ ما تحتها من ذهب ؟؟؟

هذه القصة استوحيتها من هذه المقالة :

يقول أحد السلف الصالح ( لو كانت الدنيا ذهبا يفنى ، والآخرة خرزا يبقى ، لوجب على العاقل أن يختار الذى يبقى ، فكيف والدنيا هى الخرز الذى يفنى ، والآخرة هى الذهب الذى يبقى ) .

فلمــاذ لانتعب ؟؟؟؟؟؟

حقـا .. إذا غلبت الشهوة غاب العقل .

****

اللهم ارزقنا العقل وارقنا الحكمة ، فمن أوتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا .




كتبت فى 5/10/2005 .... 2 رمضان 1426

المجتمع الإسلامى ضرورة .




لماذا لايستطيع أى مسلم أن يعبد الله ويعظم فرائضه وشعائره فى سائر أيام العام بنفس القدر الذى يفعله فى رمضان ؟
لماذا يكون صيام شهر كامل ، ثلاثين يوما متتابعة ، شيئا سهلا ميسورا ، فى حين تكون المواظبة على صيام الثلاثة ايام القمرية فى باقى الشهور شيئا عسيرا ؟
أو حتى صيام الاثنين والخميس ؟
كذلك القيام .. كيف يكون قيام الليل فى التراويح وفى التهجد شيئا ميسورا ، فى حين يكون الحفاظ على ركعتين بالليل شيئا عسيرا ؟؟
بإمكانك أن تقول هذا عن الصدقة وصلة الرحم وسائر مكارم الأخلاق .
لماذا فى رمضان بالذات ؟؟

وعلى قدر ما حاولت الوصول للسبب بسؤال من حولى ، والبحث فى نفسى ، لم أجد إلا سببا واحدا هو الذى اقتنعت به ، ألا وهو .. البيئة التى تغيرت .

فى رمضان يتغير اتجاه المجتمع ليسير فى الاتجاه نحو الله تبارك وتعالى ، وحين يتسق اتجاه المجتمع مع اتجاهك فإن السير إلى الله يكون أسهل وأيسر ، والعكس بالعكس .
لذلك كان أجر الذين يَصْلُحون إن فسد الناس ، ( أو يُصْلِحون ما أفسد الناس ) هم الغرباء الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفى الحديث ( اشتاقت نفسى إلى احبابى ، قالوا : أولسنا أحبابك يارسول الله ؟ قال : بل أنتم اصحابى ، للواحد منهم أجر أربعين منكم ، قالوا : بل منهم يارسول الله . قال بل منكم لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولايجدون على الخير أعوانا ) وفى رواية ( آمنوا بى ولم يرونى لايجدون على الخير أعوانا ) .

الدليل على هذا :
حينما تخلف ثلاثة من اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن غزوة تبوك ( رجب عام 9 هـ ) وهم ( كعب بن مالك ، وهلال بن امية ، ومرارة بن الربيع ) ، وامر الرسول بمقاطعتهم ونهى عن حديثهم ، ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه .
هذه الحادثة تدل أبلغ الدلالة على أهمية وجود مجتمع مسلم لحصار المعصية والمفسدين فى الأرض ، فهذه المناعة التى يقف بها المجتمع الإسلامى فى وجه المفسدين هى التى تحفظ عليه أمنه وثقافته واستقراره .
وحين تنهار هذه المناعة يسهل فساد المجتمع وانحلاله وتفككه .. والأهم من هذا أنه ينال لعنة الله والنبيين ، وكان أول فساد بنى إسرائيل أن الرجل منهم كان إذا وجد رجلا على معصية فنهاه ، فلم ينته .. لا يمنعه ذلك من مؤاكلته ومجالسته ، كما فى الحديث ( إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق اللَّه ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب اللَّه قلوب بعضهم ببعض ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون؛ ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا؛ لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} إلى قوله {فاسقون} (المائدة 78، 79، 80، 81) ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن اللَّه بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم رواه أبو داود والترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ .

وكون المؤمنين لايمارسون الدعوة إلى الله فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، إنما هم بذلك يزيدون من معاناتهم هم فى عبادة الله تعالى والقيام بواجب إعمار الأرض وإصلاحها ومحاربة الفساد والإفساد فيها ، لأن المجتمع كله حينها سيقف فى طريقهم ... هذا فضلا عن المنكرات التى ستتحول إلى ثوابت وقوانين وعادات وتقاليد تقيد حركة المؤمن حتى فى نفسه وبيته وماله ، ويصير كالغريب الأجرب الذى ينفر منه كل الناس .

****
فى رمضان تبدأ التحولات التى تطرأ على حياة الناس فتقربهم من الصلاة ومن المسجد ومن المصحف وتدبر القرآن ، فيصيب أنفسهم من صفاء هذا الجو الإيمانى ما يجعل حركة الجميع نحو الله أسهل وأيسر ، فتساهم هذه البيئة بدورها فى تقريب البعيد ، وحثه على الاقتراب من رحاب الله تعالى .

حتى وإن لم يقترب ، فإن سيره ضد اتجاه المجتمع سيكون هو الشئ المستغرب المستفز ، وما أبلغ على هذا من تحرج المفطر أن يجاهر بفطره فى نهار رمضان ، لأنه يعلم أن البيئة التى حوله لاتقبل هذا الوضع وتشمئز منه .

إذن .. رمضان فوق كل ماله من أفضال ، إنما يساهم فى :
- حصار المعصية وحصار المفسدين ،
- اقتراب الناس من الله
- اقتراب المبتعد عن طريق الله فيعود لأن اتجاه المجتمع يحمله فى هذا الطريق
- فرصة ذهبية للمؤمن كى يفعل فى رمضان من طاعات وعبادات لايطيقها فى غير رمضان .

***
وجود المجتمع الإسلامى ضرورة بشرية يجب أن يسعى إليها المؤمنون بالله ، ليس فقط لكى يرفعوا الظلم والفساد فى الأرض ، بل لكى يستطيعوا أن يعبدوا الله كما يحبون ويرجون

***
اللهم تقبل منا الصيام والقيام فى رمضان .


كتب فى يوم 5/10/2005 .... 2 رمضان 1426

أسير الجوع




" عجبا لابن آدم ، أسير جوعه صريع شبعه "
للأسف الشديد نسيت قائل هذه العبارة من سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم .
لكن المعنى لم يخفت من ذهنى منذ قرأتها .

ذلك الإنسان الذى إذا أصابه الجوع أنهكت قواه ، وضعفت حركته ، وأصبح غير قادر على التركيز ، ولا على العمل حتى يأكل ويتزود بالطاقة .. فهو لهذا فرد غير منتج فى حال جوعه .

فإذا ملأ بطنه من خير الطعام اشتهى الفاكهة ، ثم اشتهى الشراب ، فإذا قضى شهوته من الطعام ، حامت على رأسه جيوش النوم ، فأصبح فى نفس الحال غير قادر على العمل والتركيز والإنتاج .

إذن .. مالحل ؟؟

" بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه " هكذا قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه " ما ملأ ابن آدم وعاءا شرا من بطنه " .

لكن مالداعى لهذا ؟

راودتنى هذه الخاطرة ، حين فكرت كيف أستفيد من رمضان ، وكان تفكيرى حينها فى صلاة القيام أو التراويح .. فرجعت بذهنى للأعوام الماضية أحاول الاستفادة من تجربتها ، لأكتشف أن كل مرة ملأت فيها بطنى فقدت فيها لذة القيام .

هذا التثاقل الذى يفيض به امتلاء البطن على سائر الجوارح لايسمح لا بالخشوع ولا بالتدبر فى آيات القرآن ، ولا بالتأنى فى أداء الركعات .. الشئ الوحيد الذى يسيطر عليك فى هذه اللحظات هو حساب كم من الركعات بقى لكى تغادر المسجد إلى الفراش اللذيذ الذى يتحول – فى هذه اللحظة – إلى الأمنية العظمى والهدف الأكبر .

ثم حين تعود إلى البيت ، يتناولك الشيطان ليجلسك امام التلفاز أو مع الأصدقاء أو حتى على المقهى .. المهم أنه بخروجك من المسجد يختفى حلم النوم ليستيقظ حلم المتعة .

أو قد يسيطر عليك النوم مبكرا من بعد الإفطار ، فلاتذهب من الأصل إلى صلاة التراويح .

أنت لاتدرى فى هذا الحين أنك تفقد فرصة لن تتكرر إلا فى العام القادم – لو تكررت – فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعد حين قال ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وأنت تفرط فى هذا القيام بكل بساطة .

مالذى سيحدث لو أنك إذا افطرت لم تملأ معدتك عن آخرها ، فتصلى خاشعا متدبرا لآيات الله تعالى ، فإذا أنهيت الصلاة ، فأمامك الطعام فى البيت تستطيع حتى أن تبيت فيه .

لكن .. لماذا الإصرار على ملء البطن فى الإفطار ؟؟؟

الطعام بإذن الله لن ينفد ، لكن الأيام والقيام واجر الصلاة والخشوع ، كل هذا ينتهى ، وينتهى سريعا .

هل أحسستم أنه قد مضى من رمضان يومان ، وهانحن نوشك على الدخول فى الثالث ،؟؟

الأيام تتناقص ، واليوم إذا مضى ، فلن يعود .. إنما سيذهب إلى الله يحكى ماذا فعلت فيه .


****

اللهم اجعل خير اعمارنا أواخرها ، وخير أيامنا يوم نلقاك .



كتبت فى 5/10/2005 ..... 2 رمضان 1426

عرض موجز للتاريخ الإسلامى 3

الفترة المكية
--------------
نسيت بالأمس ذكر قصة هامة وقعت فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم لدى بلوغه سن الخامسة والثلاثين وهى :
تصدع جزء كبير من الكعبة ، فأجمعت قريش على بنائها من جديد وتعهدوا ألا يبنوها إلا من مال حلال ، ولما تم البناء ، بدأ النزاع يشتد حول من يضع الحجر الأسود فى مكانه فيحوز هذا الشرف ، وكاد النزاع يتفاقم – خصوصا لو علمنا مدى سهولة أن تقوم حرب بين العرب فى الجاهلية – حتى اقترح ( أبو أمية بن المغيرة المخزومى ) أن يحكموا فى هذا الشأن أول الداخلين إلى الحرم ، وكان محمدا ، فظن بنو هاشم أنه سيؤثر قبيلته ، لكنه صل الله عليه وسلم وضع الحجر على ثوب أمسكت كل قبيلة بطرفه ورفعوه إلى مكانه جميعا .


2- الوحى

بينما الرسول يتعبد كعادته إذا جاءه الوحى فى القصة المشهورة التى لاداعى لتكرارها هنا ، المهم أن الأمر أتاه بالدعوة إلى الإسلام سرا ، وظلت هذه المرحلة ثلاث سنوات وكان أول من اسلم خديجة وابو بكر وزيد بن حارثة ( خادم النبى ) وعلى بن ابى طالب .

** من أهم العبر : أهمية أن يكون الداعية ذا أثر وفاعلية بين اهل بيته واقرب أصدقائه .
وفى هذه الفترة أسلم البعض من بطون قريش ، وغلب عليهم الشكل العائلى ، إذ كانت الدعوة فى هذه المرحلة سرية .

** من المغالطات المشهورة أن اول من اسلموا كان جلهم من العبيد والضعفاء وقد اسلموا رغبة فى التحرر ، فنظرة فى أسماء أوائل من اسلموا تخبرنا بأنهم كانوا من اشراف القوم ، وماكان عدد العبيد فيهم إلا بضعة عشر ، وهو دليل على الاستقلالية وقوة الشخصية ، فالعبد الخانع لايمكن أن يسير ضد التيار .

فى السنة الرابعة :

أمر الله نبيه بالجهر بالدعوة ، ففعل ، وبدأت مرحلة الاضطهاد والتعذيب منذ السنة الرابعة ، وأوذى فى الله – تقريبا – كل من عُلم إسلامه بدءا من النبى صاحب الشرف والنسب ، وحتى بلالا العبد الحبشى ، مع اختلاف مقدار وقوة هذا الإيذاء وكيفياته ، وكانت اول شهيدة هى سمية أم عمار بن ياسر رضى الله عنه .

فى السنة الخامسة :

استمر التعذيب طويلا ، حتى أواسط السنة الخامسة ، فأذن رسول الله لبعض صحابته بالهجرة إلى أرض الحبشة لأن بها ملك عادل وهو النجاشى ، فهاجر 12 رجلا و 4 نساء بقيادة عثمان بن عفان رضى الله عنه فى رجب عام 5 من البعثة ، ثم سرت إشاعة بأن قريشا قد أسلمت وصدقت بالنبى ، فعاد المهاجرون فى شوال من نفس العام ليواجهوا بتعذيب أشد وانكى مما قبل .

ولما عادوا وتبين كذب هذه الشائعة ، وسمع من بقى من مكة عن عدل النجاشى وطيب المقام هناك ، واذن الرسول بالهجرة ، فكانت الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ، وكان العدد اكبر ، والهجرة أصعب لأن قريشا تنبهت لهذا ، لكن المسلمون كانوا أسرع وهاجروا وكان العدد 82 رجلا أو 83 رجلا و18 امرأة بقيادة جعفر بن أبى طالب .

حاولت قريش استعادة المهاجرين لتنال منهم فبعثت إلى النجاشى وفدا من ( عمرو بن العاص ، وعبد الله بن أبى ربيعة ) ولما رفض النجاشى تسليمهم حاول ( عمرو بن العاص ) استعداءه عليهم بأن اخبره أنهم يؤمنون بأن عيسى عبد وليس إلها كما فى عقيدة النصارى ، ولكن النجاشى رفض تسليمهم ودخل لأجل هذا فى حرب داخلية انتهت بانتصاره ، وظل مؤمنا فى السر حتى مات وصلى عليه النبى .

** لم يكن الدافع الوحيد من الهجرة إلى الحبشة هو التخلص من الأذى بل كان المهاجرون يمثلون احتياطيا استراتيجيا للدعوة المضطهدة فى مكة ، ودليل هذا أن أغلب من هاجروا كانوا من اشراف القوم الذين لم ينالهم تعذيب بنفس مانال الضعفاء ، وكذلك بقاءهم حتى عام 7 هـ حين أصبحت الدولة الإسلامية قوية وآمنة ، ولو كان الهدف مجرد النجاة من التعذيب لعادوا إلى المدينة بمجرد هجرة النبى لها .

فى السنة السادسة :

اسلم فى ذى الحجة حمزة بن عبد المطلب وهو أعز فتى فى قريش ، وتبعه بثلاثة ايام إسلام عمر بن الخطاب صاحب القوة والشكيمة ، وكان إسلامهما ضربة قوية لمشركين ، ودفعة قوية للمسلمين ، ومن هذا الحين بدأ المسلمون فى الجهر بإسلامهم والصلاة عند الكعبة والرد على من آذاهم .
فى السنة السابعة :
ومع تنامى قوة المسلمين بدأت قريش فى المساومة والمفاوضة مع النبى صلى الله عليه وسلم ، فكلمه ( عتبة بن ربيعة - أعلم قريش بالسحر والشعر والكهانة ) وعرض عليه المال والجاه والنساء ، ثم اجتمع النبى مع أكثر من وفد من قريش كلهم يريد إثناءه عن الدعوة ، وفى كل مرة تقل طلباتهم عن سابقتها حتى اقترحوا عليه آخرا أن يعبدوا إلهه سنة ويعبد آلهتهم سنة ، وفى ىخر مرة طلبوا أن يحذف من القرآن ما يسب آلهتهم فقط .

ولما باءت هذه المفاوضات بالفشل لجأوا إلى اسلوب التهديد ، وسعوا لدى عمه ابى طالب الذى مايزال يحميه ، وعرضوا عليه أن يكف عنهم ابن أخيه ، ثم عرضوا عليه استبداله بآخر . ومع رفض كل هذا اتجهت نية قريش لقتل النبى صلى الله عليه وسلم ، فامر ابو طالب بنو هاشم جميعا بأن يجتمعوا فى الشعب لحماية محمد صلى الله عليه وسلم .

فلما رات قريش هذا ، وأن بنو هاشم لن يسلموا النبى ، اجتمعوا وقرروا مقاطعة بنى هاشم مقاطعة تامة ، فلا يبيعون لهم ولا يشترون منهم ، ولا يزوجونهم ، ولا يتزوجون منهم ، ولايقبلوا منهم أى صلح حتى يسلموا محمدا وكتبوا ذلك فى وثيقة علقوها فى الكعبة .

استمر الحصار ثلاث سنوات ( من المحرم عام 7 من البعثة وحتى المحرم عام 10 ) وكانت سنوات مؤلمة مجهدة شديدة أكل فيها المسلمون ومن دخل معهم الشعب حمية أوراق الشجر والجلود وكان صراخ الأطفال من الجوع يسمع من بعيد .

سعى فى نقض هذه الوثيقة ورفع الظلم عن بنى هاشم ( هشام بن عمرو الهاشمى ) واستطاع
تجميع ( زهير بن أبى أمية – المطعم بن عدى – أبو البخترى بن هشام – زمعة بن الأسود ) وقاموا بالفعل فى اليوم التالى بمخاطبة قريش والتنديد بهذا الظلم وإنهاء هذه المقاطعة .

فى السنة العاشرة :

ماكاد النبى يخرج من الشعب حتى حدثت حادثتان عظيمتان وهما موت عمه ( سنده الخارجى ) فى رجب عام 10 ، ثم موت زوجته خديجة وأحب الناس إليه فى رمضان عام 10 ، فسمى الرسول هذا العام بعام الحزن .

بعد موت زوجته خديجة تزوج النبى ( سودة بنت زمعة ) وكانت كبيرة فى السن وأرملة لصحابى يدعى ( السكران بن عمرو ) ، كم عقد أيضا على عائشة بنت أبى بكر الصديق .

وفى شوال عام 10 للبعثة ومع هذا الجمود الذى وصل إليه حال الدعوة فى مكة ، وكثرة مايلقى النبى من الإيذاء من بعد وفاة عمه وزوجه فكر النبى فى الخروج إلى أرض جديدة فكانت الطائف التى تبعد عن مكة 60 ميلا ، وخرج معه خادمه زيد بن حارثة ، وظل يدعو القبائل فى الطريق ، فرفضت كل القبائل دعوته ، حتى وصل إل الطائف التى عاملته أشد معاملة حتى أنها لدى خروجه سلطت عليه صبيانها وسفهاءها فرجموه بالحجارة والسباب والسخرية حتى أدميت قدماه وشجت رأس زيد وهو يحاول تلقى الضربات عن النبى .

وعاد النبى إلى مكة مهموما حزينا وقد اجتمعت عليه الأرض ، وما استطاع دخول مكة إلا حين تعهد المطعم بن عدى بحمايته .

ثم كانت رحلة الإسراء والمعراج .


كتب فى 5/10/2005 .... 2 رمضان 1425

عرض موجز للتاريخ الإسلامى 2

( 2 )

النـبى من الميـلاد إلى البعثـة
--------------------

- 1 -

يبدأ التاريخ الإسلامى بالطبع من ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم والذى كان فى الاثنين الثانى عشر من ربيع الأول عام 53 ق.هـ ، الموافق شهر إبريل من عام 571 م .

ومن عجيب أن أباه عبد الله بن عبد المطلب ، مات وزوجته حبلى فى شهرين فى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وكـأن مهمته كانت أن يضع فى رحم آمنة أطهر نطفة لأطهر مخلوق ، وفقط .

ثم مات بعدها بشهرين فى رحلة تجارية إلى يثرب .

وحينما ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولد يتيما بلا أب ، مما جعل المرضعات اللاتى يرضعن الأطفال ، يحجمون عنه لأنه يتيم ، حتى أخذته ( حليمة بنت أبى ذؤيب ) من بنى سعد من باب ألا ترجع إلى بنى سعد خاوية اليدين .

وكان العرب يحرصون على إرضاع أولادهم وتنشئتهم فى البادية حتى تستقيم ألسنتهم بالعربية الفصحى ، بعيدا عن مكة التى تعتبر العاصمة الثقافية والروحية فيفد إليها - لأجل هذا - كثير من القبائل المختلفة اللهجات ، مما سيؤدى إلى الناشئ فيها إلى عدم استقامة لسانه بالعربية الفصحى كما ينطقها القرشيون .

مكث النبى صلى الله عليه وسلم لدى حليمة حتى بلغ الخامسة من عمره ، فلما تعرض لحادثة شق الصدر ، خافت حليمة عليه فأرجعته عند الخامسة إلى أمه آمنة بنت وهب .

لم يقض النبى صلى الله عليه وسلم مع أمه سنة حتى توفت هى الأخرى ، لدى عودتها من زيارة إلى قبر زوجها فى يثرب فماتت فى طريق العودة فى ( الأبواء ) بين مكة والحديبية ، وكان عمر النبى حينها ( 6 سنين )

فتولاه جده عبد المطلب ، وكان أحب أحفاده إليه ، وكان يقربه منه ويدنيه إليه ، حتى توفى بعدها بسنتين وكان عمر النبى حينها ( 8 سنوات ) .


فانتقلت كفالته إلى عمه أبى طالب ، الذى كان يحبه ويقدمه على أبنائه ، وقد مكث مع عمه حتى شب وكبر ، ومات عمه فى عام ( 10 من البعثة - 3 ق. هـ ) كما سيأتى بعد .


-2-

فى هذه الفترة :

* عمل النبى برعى الأغنام فى مساعدة عمه ابى طالب .

* عمل بالتجارة مع عمه أيضا

* كان لقاؤه بالراهب بحيرى الذى عرف فيه سمات النبوة ، فحذر عمه ألا يأتى به مرة أخرى إلى الشام لئلا يقتله اليهود والروم إذا رأوه .

* ساهم النبى فى حرب ( الفجار ) وكان عمره 14 سنة ، وسميت الفجار ، لأنه قد انتهك فيها حرمة مكة ( البلد الحرام ) وحرمة الشهر الحرام ، وكانت معركة بين ( قريش وكنانة ) ضد ( هوازن ) ... وكان النبى فيها يجهز النبال لأعمامه المقاتلين .

* حضر النبى ( حلف الفضول ) وكان فى دار ( عبد الله بن جدعان ) وكان حلفا بين ( بنى هاشم ، وبنى زهرة ، وبنى تيم ) ، تحالفوا على أن يقفوا صفا واحدا فى نصرة أى مظلوم ضد ظالمه مهما كان ، وكان هذا الحلف بعد انتهاء حرب الفجار .

وأشاد النبى بهذا الحلف فى حديث فقال : ( لقد دعيت إلى حلف فى الجاهلية ، لو دعيت لمثله فى الإسلام لأجبت )
- ومنها رأى البعض جواز التحالف مع غير المسلمين إذا كان التحالف على خير .

* تاجر النبى صلى الله عليه وسلم بمال السيدة خديجة ، وهى من أشراف قريش ، وبارك الله فى هذه التجارة ، ونقل إليها غلامها ( ميسرة ) ما رآه من صفات النبى محمد ، فتمنت أن تتزوج منه ، وصارحت بذلك ( نفيسة بنت منبه ) التى فاتحت النبى فى الموضوع ، فرضى النبى وتزوجا ... وكان عمره ( 25 عـاما ) وكان عمرها ( 40 عـاما ) وقد تزوجت قبله مرتين .

مكث معها النبى حتى توفت عام ( 10 من البعثة - 3 ق.هـ ) وعمرها 65 سنة ، ومنها أنجب كل أبنائه إلا ( إبراهيم ) ، وظل يذكرها بالخير فى كل حياته ويكرم صديقاتها حتى آخر عمره .

* لما بلغ النبى أربعين عاما ، أتاه الوحى فى القصة المشهورة المعروفة للجميع ، لتبدأ بذلك أولى مراحل الجهاد الذى استمر 23 عاما كاملة لم يذق فيها طعم الراحة ولا الهدوء .. هذه السنين هى التى أنبتت هذه الأمة التى تتمدد الآن على شرق الأرض وغربها .. حاملة لقب ( خير أمة أخرجت للناس ) .


كتب يوم 4/10/2005 ..... 1 رمضان 1426

عرض موجز للتاريخ الإسلامى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه سلسلة دروس قصيرة جدا ألقيها يوميا فى أحد المساجد التى أصلى بها صلاة التهجد ، وكان ان فكرت أن اعرضها هنا مكتوبة ، لعل الله ينفع بها .

تحدث يوميا إن شاء الله تعالى .


(1 )

مقدمة لابد منها

حينما يمتلئ القرآن الكريم بالقصص التاريخية ، لم يكن يحكيها لمجرد المتعة والقصة ، بل كان الهدف الوحيد من سرد التاريخ هو الاعتبار بمن سبق ، وبما سبق ... ومعرفة سنن الله فى هذا الكون لأنها سنن ماضية لاتتغير ولا تتبدل ولا تتحول .

وبناء على هذه المعرفة ، يكون العمل هادفا ومنضبطا ، مراعيا لهذه السنن ومعتبرا بها .

فإذا كان سرد التاريخ ، لن يبنى عليه عمل ، فإن العلم فى هذه الحالة سيعد حجة عليك ، ففى الحديث الصحيح ( لاتزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع .... منها : وعن علمه ماذا عمل فيه ) .

لابد أن ندخل إلى التاريخ وهذا الهدف ماثل فى أذهاننا ... العظة والعبرة .


وسيكون عرضنا بإذن الله موجزا حتى نستطيع أن نمر على التاريخ الإسلامى خلال شهر رمضان .

أسألكم الدعـاء بظهر الغيب .

الثلاثاء، أكتوبر 04، 2005

مصبـاح علاء الديـن

فكرت كثيرا جدا ماذا سأفعل لو حصلت على مصباح علاء الدين ، وكنت أسرح بخيالى كثيرا كثيرا ، ثم أعود إلى أرض الواقع الذى لم يتغير ابدا على كثرة هذه الخيالات وروعتها .

كم تمنيت أن أحصل على هذا المصباح الذى سيخرج منه المارد العظيم الذى سيجعل نفسه فى خدمتى متى وأين وكيفما شئت .

حلمت بالغنى والثروة والجاه والمنصب والنفوذ والزواج بفتاة ساحرة والعيش فى قصر منيف ، يرتهن العالم بإشارة منى ، وينتظرون كلمتى و ... إلخ هذه الخيالات الطفولية التى تثرى مرحلة الطفولة والمراهقة .

لفت نظرى كثيرا أنى لم أتمن أبدا أن أكتسب خلقا أو صفة نبيلة أو قيمة راقية ، بل كانت كل مطالبى وأمنياتى تعبر عن النفس المادية الغريقة فى عالم الشهوة المادية ، وكل هذه المطالب والأمنيات كانت ترسخ وتدعم وتقوى الصفات الخبيثة التى يجب أن نتخلص منها جميعا .

فكرت .. لو امتلك كل فرد فى هذا العالم مصباح علاء الدين ليطلب المال والثروة والجاه والنفوذ والسيطرة ، كيف سيصبح هذا العالم ؟؟

سيصبح المذبحة .

المذبحة التى قضت على البشر والكائنات الحياة ، بعدما قضت على القيم النبيلة والصفات الحميدة فى أعماق النفوس .

حينها تمنيت مصباح علاء الدين الروحانى ، المصباح الذى إذا أخرجت منه المارد قلت له أريد أن أكون صادقا وأمينا وشجاعا ونظيفا وعطوفا وكريما و .... إلخ .

هذا المصباح الذى لو امتلكه العالم كله لأصبحت الأرض جنة تظللها الأخلاق قبل أن تظللها الأموال والثروات .

وكانت المفاجأة أنى وجدت هذا المصباح بالفعل .

كانت لحظة روحانية من تلك التى ينعم الله بها على الإنسان .. سألت نفسى سؤالا .. هل من أمل فى الحصول على هذا المصباح ؟؟
وكانت إجابة عجيبة ، كأنها خرجت من اللاشئ .. إجابة بلا مققدمات ولا مسببات ولا جذور .. هذا هو الإلهام الربانى ، يشتعل فى القلب فجأة دون سابق مقدمات .
كانت الإجابة : ولماذا لاتعتبر رمضان هو هذا المصباح السحرى ؟؟؟

وحينها أحسست أن الدنياامتلأت بنور الله الدفاق المنساب اللامتناهى ، الذى يغسل القلوب فى نعومة فيحيلها إلى أبيض مثل الصفا ، بعد أن كانت سوداء مربادا كالكوز مجخيا لايعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه

رمضان فعلا ، يمكن أن يعتبر المصباح السحرى الروحانى العجيب .. الذى يستطيع الناس أن ينهلوا منه بلاتوقف .

*****

حينما يأتى رمضان وكأن السوق قد فتحت بالمجان ليأخذ منها الجميع بلا حساب فيسدون حوائجهم ويشبعون رغباتهم ... ومن أسف أن البعض لايفعلون .

ومن عجيب أن هذا الشهر هو الشئ الوحيد الذى طلب الرسول من اجله أن يطيل الله فى عمره ، فكان يدعو : اللهم بلغنا رمضـان .

رمضان يحمل العديد من المفاجآت

ـ النـافلة فيه تساوى فريضة فيما سواه
ـ الفريضة فيه تساوى سبعين فريضة فيما سواه
ـ فى كل ليلة يعتق الله سبعين ألفا من النار
ـ فى آخر ليلة يعتق الله من النار مثل ما أعتق فى الشهر كله يعنى أكثر من مليونين
ـ فيكون عتقاء الشهر أربعة ملايين ومائتى ألف
ـ فيه ليلة القدر وهى خير من ألف شهر
ـ من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
ـ من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر لله ما تقدم من ذنبه
ـ من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تفدم من ذنبه
ـ تتفح ابواب الجنان
ـ تغلق أبواب النيران
ـ تصفد الشياطين
ـ لا أجر للصوم ، فإنه لله وهو يجزى به
ـ الصيام جنة .. يعنى وقاية من النار
ـ من فطر فيه صائما فله أجر الصائم لاينقص من أجره شيئا
ـ العمرة فيه تعدل حجة ، أو حجة مع النبى صلى الله عليه وسلم
ـ وصيام يوم فى سبيل الله يباعد الله به النار عن الصائم سبعين خريفا : أى سبعين سنة
ـ والصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة

...
...
...
...
...
...
...

إلخ ، والتعداد فى هذا المقام يطول ، وقد كان يكفينا حديث ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ) مما يعنى ان الأجر فوق حدود حساباتنا .

إخوانى وأخواتى ..
إن بين يدينا مصباح علاء الدين .

ولكنه ليس مصباح الشهوة والثروة والسلطة ، إنما هو مصبـاح الآخرة .

****

اللهم لاتخرجنا من رمضان إلا وقد غفرت لنا .

كتب فى يوم 4/10/2005 .... 1 رمضان 1425

إذا كنت تجيد الحسـاب ،فنحتاجك هنا

بسم الله ،

هذه أول كتاباتى فى شهر رمضان المبارك ، والتى سأحرص إن شاء الله أن تستمر يوميا ، يوما بيوم ، أنقل فيها مشاعر وخواطر ومواقف وأحداث ، مابين رحلة مع القرآن أو لفتة فى حديث أو روعة موقف من صفحات تاريخنا المجيد ، أو حادثة رأيتها فأثرت بى ... إلى آخر ذلك من أشياء ، ارجو الله أن ينفعنى بها وإخوانى .

*******

حيرنى كثيرا هذا المعامل الرمضانى وهو المضاعفة بالسبعين .

الفريضة × المعامل الرمضانى = 70 فريضة
النافلة × المعامل الرمضانى = فريضـــة

إذن ..

نحن نتكلم فى أن شهر رمضان يمتاز بمضاعفة أجر الأعمال إلى سبعين ضعفا بحد أدنى ، لأن فضل الله واسع لاتحده أرقام ولا حسابات ، وإنما الحد الأدنى هو السبعين .

وعلى هذا ..

تعالوا نتأمل بعض الأساسيبات ، كيف سيكون أجرها فى رمضان :

القرآن مثلا :

* الجزء به حوالى 7000 آلاف حرف فى المتوسط

فقارئ الجزء يحصل على الأجر التالى :

ـ 7000 × 10 ( لآن الرسول أخبر أن الحسنة بعشر أمثالها ) = 70000 سبعين ألفا
ـ 70000 × 70 ( المعامل الرمضانى ) = 4900000 أربعة مليون وتسمعمائة ألف

إذن .. فى الجزء الواحد تحصل فى رمضان - بحد أدنى - على أربعة ملايين وتسعمائة ألف حسنة .. وتخيل معى كبر هذا الرقم .

فإذا ختمت القرآن مرة واحدة فى رمضان

ـ 4900000 × 30( عدد أجزاء القرآن ) = 147000000 مائة وسبعة وأربعين مليونا .

((( الحد الأدنى لختم القرآن فى رمضان لمرة واحدة فقط هو مائة وسبعة واربعون مليونا )))

ولك أن تزيد ما تشــاء .


******

الصـلاة

سنحسب الآن صلاتك فى جماعة

ولو افترضنا فرضا خياليا أن الفرض الواحد أجره حسنة واحدة فقط ، كفرض حسابى لأننا لا نعلم أجر الصلاة بالتحديد

ـ 1× 5 ( عدد الصلوات ) = 5
ـ 5× 10 ( الحسنة بعشر أمثالها ) = 50
ـ 50 × 70 ( المعامل الرمضانى ) = 3500 ثلاثة آلاف وخمسمائة
ـ 3500 × 27 ( لأنها صلاة فى جماعة ) = 94500 أربعة وتسعون ألفا وخمسمائة
ـ 94500 × 30 ( أيام الشهر ) = 2835000سبعة ملايين وثمانمائة وخمسة وثلاثون ألفا

إذن .. على افتراض أن الصلاة بحسنة واحدة فقط ، وعلى افتراض انك لن تصلى سوى الفروض فقط ، تحصل على حد أدنى سبعة ملايين وثمانمائة ألف حسنة على نهاية الشهر .

أضف إلى ذلك ، ما بالصلاة من قرآن وذكر ودعـاء وهذه أشياء لايحصى اجرها عند الله ، وأنك ستصلى السنن والتراويح والتهجد وغيرها

*****

العتقاء من النـار


والعتق من النار - فضلا عن كل شئ - هو الهدف لكل مسلم ، فكل ناج من النار هو فى الجنة إن شاء الله كما قال تعالى ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) وفى رمضان فرصة مذهلة لهذا العتق من النار .

ففى الحديث ( إن الله يعتق فى هذا الشهر من النار فى كل ليلة سبعون ألفا ، حتى إذا كانت آخر ليلة أعتق مثلما أعتق فى الشهر كله )

يعنى ..

عتقاء الله من النـار فى هذا الشهر

ـ 70000 × 30 ( عدد ايام الشهر ) = 2100000 مليونين ومائة ألف
ـ 2100000 + 2100000 ( عتقاء آخر ليلة ) = 4200000 أربعة ملايين ومائتى ألف
ألا تستطيع أن تكون من أربعة ملايين ومائتى ألف ؟؟


*******

إذن ...

ما رأيك فى هذه الفرصة ؟؟؟؟؟

أعوذ بالله أن أضيعها أو أن تضيع منك .

اللهم وفقنا فى رمضان اللهم وفقنا فى رمضان ، اللهم وفقنا فى رمضان .


كتب فى 4/10/2005 .... 1 رمضان 1425

الاثنين، أكتوبر 03، 2005

سفالات الشخصية الأمريكية -3

عرض الدكتور محمد سليم العوا فى 3 مقالات بجريدة الأسبوع ، بداية من العدد 381

_________( 1 )_____________________

جرائم غربية
د. محمد سليم العوا
أصدرت مكتبة الشروق الدولية هذا العام كتابا بالغ الأهمية للأستاذة عايدة العزب موسي عنوانه: 'العبودية في إفريقيا والتاريخ المفقود'.
والذين يهتمون بالعلاقات مع الغرب، وبتاريخ هذه العلاقات في بلادنا وأراضينا، والذين يقرءون ما تكتبه الصحافة الغربية، ويشاهدون ويسمعون ما يبثه الإعلام الغربي عن الانسانية وحقوقها، وعن التمدن الذي صدرته أوروبا إلي العالم، وعن الحضارة المستندة إلي احترام القانون دون نظر إلي الذين يطبق عليهم... المعنيون بهذا كله عليهم أن يقرءوا كتاب العبودية في إفريقيا ليقفوا علي حقائق هذه المدنية، ومسلك تلك الحضارة الذي لم أجد وصفا مهذبا له أكثر من وصفه الذي جعلته عنوانا لهذا المقال.
الجريمة الكبري التي كشفتها لنا عايدة العزب هي أن أسوأ ما فعله 'الاستعمار بإفريقيا هو طمسه لتاريخها وحضاراتها القديمة: ليصمها بأنها قارة متخلفة... وبشكل منظم ومدروس أجمع المستعمرون علي اختلاف جنسياتهم علي اتهام إفريقيا بأنها قارة بلا حضارة، مجرد جماعات من الهمج المتوحشين يأكلون لحوم البشر'. وتعلق الكاتبة علي هذا الاتهام الأخير بسؤال عمن كان الأفارقة يأكلون لحومهم؟ أكانوا يأكلون لحوم بعضهم بعضا؟ أم كانوا يأكلون لحوم البيض الغزاة؟!!
والواقع الذي يكشفه الكتاب، بل الذي حرصت مؤلفته أن تثبته في أول صفحة من مقدمته أن إفريقيا استعمرت بالقوة والإكراه تحت ضغوط لم يكن لأهلها وزعمائها الوطنيين قًبîلى بمقاومتها، وأجبر هؤلاء الزعماء علي توقيع أوراق ابتزاز سماها الأوروبيون 'معاهدات' لأنهم يحترمون القانون وهي أوراق تدين الأوروبيين المستعمرين وتشينهم ولاتدين الأفارقة ولا تشينهم. ويكفي أن نعرف اليوم أن هذه المعاهدات كانت تنص ونصوصها كتبها الأوروبيون طبعا علي أن 'تبقي هذه المعاهدة سارية إلي أن يبيد التراب ويشيب الغراب'!!
وقد وصف أحد زعماء القبائل التي كانت تسكن فيما يعرف الآن باسم (زيمبابوي) كيف استعمرت أرض آبائه فقال: 'أرأيت كيف تقبض الحرباء علي الذبابة؟ إنها تزحف خلفها حتي إذا اقتربت منها كفت عن الزحف والتنفس فترة، ثم تستأنف زحفها بطيئا تقدم رجلا أولا ثم أخري بعد حين، وعندما تكاد تلامس الذبابة تنقض عليها بلسانها وتختفي الذبابة.. إن انجلترا هي الحرباء وأنا الذبابة'!!
لقد كان الإفريقي، إذن، واعيا تمام الوعي لما تفعله به القوة الاستعمارية القادمة من أوروبا، وكان واعيا تمام الوعي لغايتها وأنها لا تريد إلا أن تبتلعه فتذهب بوجوده نفسه، كما تبتلع الحرباء الذبابة! وهو وعي يشهد بكذب المعلومات التي روجتها صناعة الإعلام الغربية عن جهل الأفارقة وتخلفهم ودونيتهم: وهي معلومات ظلت تروج وتïبث في أذن الإفريقي وعقله ووعيه اليقظ لتدفعه إلي الخجل من ماضيه والتخلي عن واقعه والتحول إلي تابع ذليل لسيده الأوروبي.
ومع ذلك فقد قاوم الإفريقي هذا الاستعمار وأدواته السياسية والثقافية والإعلامية قرنا أو يزيد، وهو أمر يؤكد أن هذه القبائل والشعوب الإفريقية كانت تدرك مميزاتها وتحب هويتها حتي إنها ناضلت أكثر من مئة سنة لتستعيد حريتها.
عندئذ تحول الجهد الأوروبي من استعمار شعوب بكاملها إلي استتباع الزعامات التي تولت أمر هذه الشعوب بعد الاستقلال. وكان ذلك كافيا تماما لتحقيق مآرب المستعمرين، فالتعامل مع شخص واحد يلبي جميع الطلبات الاستعمارية، ويرفع في داخل بلاده أجمل شعارات الاستقلال والحرية، أسهل كثيرا من التعامل مع شعب يقاوم الاستعمار ويقاتل في كل بقعة من أرضه ليتخلص منه. وعندما أبي بعض الزعماء الأفارقة الذين يستحقون اسم الزعامة أن ينصاعوا لاستعمار أشخاصهم الذين استبدله الأوروبيون باستعمار البلاد نفسها كان مصير أحدهم (باتريس لومومبا) أن اختطف وقتل في يناير 1961 ثم وضع جثمانه في حامض مذيب ليختفي تماما من الوجود (كما كانت الحرباء تفعل مع الذبابة) وقتل الثاني (كوامي نكروما) مسموما بعد أن دبر له انقلاب أطاح به وأعاد الحكم في بلده إلي من يستطيع التعامل مع الحضارة المتمدينة!
والذي فعله الاستعمار في هذا الشأن في إفريقيا يشرح لنا لماذا لا يستجيب الغرب، ولا تستجيب الولايات المتحدة وارثة الاستعمار الأوروبي إلي مطالب الوطنيين العرب والمسلمين في الشأن الديمقراطي، وفي شأن الحريات، وفي شأن حقوق الإنسان. إن الاستجابة لهذه المطالب تصعب علي المستعمرين قدامي وجددا التعامل مع الشعوب التي يراد استعمارها والاستيلاء علي خيراتها والهيمنة علي قرارها السياسي وثروتها المادية والبشرية. بينما التعامل مع مستبد يدير شؤون شعبه بالحديد والنار، والسجون المفتوحة والمحاكم العسكرية والقوانين سيئة المسعة، ويغلق منظمات المجتمع المدني، ويمنع تكوين الأحزاب، ويقيد الحق في اصدار الصحف.. التعامل مع مثل هذا المستبد في أي مجتمع يسهل علي المستعمر أن يكون سيدا دائما، ولا يجد له ندا أبدا. وهذه هي المعضلة التي يجب علي النضال الوطني من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أن يجد لها حلا.

لقد بدأت عايدة العزب الفصل الأول من كتابها برسالة 'ترويض العبيد' لكي يعرف القاريء منذ البداية حجم القسوة والظلم الذي كان الأوروبيون يعاملون بهما أهل البلاد الأحرار الأبطال الذين قاوموا الهجمة الاستعمارية بلا شيء تقريبا، ولكنهم صمدوا في وجهها حتي نالوا استقلالهم في منتصف القرن العشرين. لقد حاول المستعمر ترويض الأفارقة ليسحق آدميتهم ويحولهم إلي آلات بشرية بلا مشاعر ولا حقوق ولا لغة ولا دين ولا حياة روحية، بل وبلا أمل في شيء من ذلك كله. كانت الأساليب المتبعة مع أهل البلاد الأحرار هي الشنق علي الأشجار وقطع الأيدي والمذابح الجماعية التي هلك فيها ما يزيد علي عشرة ملايين أفريقي. وكانت بعد ذلك تجارة الرقيق التي لا يستطيع أحد أن يحصر علي وجه التحديد ضحاياها.
وعندما انتهت العبودية للبشر بموجات التحرر من الاستعمار تحولت القارة العظيمة إلي عبودية جديدة للقروض والديون والشركات متعددة الجنسيات التي تستغل كل ما يصلح للاستغلال في أفريقيا، وتهدم كل ما يفيدها هدمه من تاريخها وحضارتها، وتنفق من فوائض أرباحها علي حملات التنصير الكاثوليكية والبروتستانتية وعلي دعوات المحافظة علي الحيوانات المتوحشة والأليفة، فالقردة والأفيال والنمور والذئاب أهم ألف مرة عند الحضارة الإنسانية الغربية من أي إنسان أسود.


إن كتاب العبودية في أفريقيا يجب أن يقرأ بكل إنعام نظر، وبتأمل حقيقي في ماضينا وماضي المستعمر الأوروبي، لنفهم منه حاضر المستعمر الأمريكي. ولو كنت أملك دار نشر لقمت بترجمة هذا الكتاب فورا لأعرضه في كل ركن من أركان معرض فرانكفورت للكتاب الذي ستكون الثقافة العربية ضيف الشرف فيه في أكتوبر القادم.

سفالات الشخصية الأمريكية - 1

( 1 )

فى هذه الحلقة الأولى من المنتقيات التاريخية لجذور الشخصية الأمريكية ، لمعرفة أو لتفسير المسالك الشيطانية التى تتم فى جوانتامو وأبو غريب .

أضع بين يديكم لفتة من كتاب ( العبودية فى إفريقيا ) تأليف الكاتبة : عايدة العزب موسى ، نشر مكتبة الشروق الدولية بالقاهرة .

هذا الكتاب يحكى عن الانتهاكات المذهلة التى تعامل بها المستعمرون البيض وخصوصا الأمريكان.

**********

الكتاب عرضه الدكتور محمد سليم العوا منذ عام تقريبا بصحيفة الأسبوع المصرية على ثلاث حلقات .. ولم اوفق فى العثور على رابط هذه المقالات .

وإلى حين البحث عنها .... هاهو تلخيص للكتاب ، مأخوذ من المجلة الثقافية التابعة لصحيفة الجزيرة السعودية ... نشرته المجلة فى عددها بتاريخ 18/4/2005


_____________

على مدى أربعة قرون اقتنص الأوروبيون الشباب الافريقي وشحنوهم إلى أوروبا وأمريكا مربوطين بالسلاسل والأغلال، وقتل منهم أكثر كثيراً ممن وصلوا أحياء، إما من سوء التهوية في السفن، أو من الطعام الرديء، أو من التعذيب، أو بالانتحار، فكان منهم من فضل إلقاء نفسه في المحيط بدلاً من مواصلة العذاب، ثم نزولهم الأرض الجديدة ومعاملتهم معاملة الحيوانات... وكان من حق السيد الأبيض أن يفعل بهم ما يشاء حتى الموت.
وإذا كان المستعمر الأبيض لم يستطع أن يمحي من ذاكرة التاريخ هذه الصورة التى ارتكبها، لأنها دونت في كتابات وأعمال فنية وأدبية، فقد نجح في إخفاء ما فعله بالأهالي الذين بقوا في بلادهم، ونجح في طمس المقاومة الباسلة التى أبداها هؤلاء لصد الغزو عن أراضيهم.
إن افريقيا عندما وطأها الاستعمار لم تكن قارة مظلمة متخلفة، ولم يكن أهلها بدائيين سذجاً يهيمون في البراري والغابات، بل كانت قارة ثرية بحضارات عظيمة وزعامات رائعة، وقامت فيها ممالك كثيرة وروابط حضارية ومسالك تصل أطرافها بعضها ببعض، وعلاقات تجارية بالعالم الخارجي حتى الصين.
بل وصل الأفارقة إلى أمريكا واكتشفوها قبل كريستوفر كولمبس بقرون عديدة، وعاشوا بين أهلها ونشروا ثقافتهم هناك، وأثروا في الحضارات الأمريكية على نحو بعيد.
ولم يشهد المستعمرون بشيء من هذا، ولزموا الصمت والنكران مروجين بشكل منظم ومدروس لوصف إفريقيا على أنها قارة بلا حضارة، وأنها مجرد جماعات من الهمج يهللون للمستعمر ويتركون أرضهم مقابل حفنة من الخرز الملون أو كمية من البارود.
هذا الكتاب يتناول كل ذلك ، كما يكشف جانباً مما فعله المستعمرون الأوائل بالشعوب الإفريقية، حيث كان القتل والشنق على الأشجار.. وقطع الأيدي.. والمذابح الجماعية هي أدوات المستعمر لإخضاع الأفارقة.
يضم الكتاب أربعة فصول جاءت على النحو التالي:
1) يتحدث الفصل الأول عن المستعمرين الأوائل ويصف حجم الظلم والقسوة التي عامل بها المستعمرون عبيدهم.. وفي الفصل موضوعات عن الاستعمار البلجيكى ومآسيه في الكونغو حيث قتل هذا الاستعمار ما يربو على 10 ملايين إفريقي. وتحدث الفصل الأول أيضاً عن البرتغال أول من مارس تجارة الرقيق ثم الهولنديون وامتلاكهم جزيرة جوري التي كان يتجمع فيها الرقيق...كما تحدث عن الاستعمار الألماني والكوارث والمجازر التى ارتكبها في ناميبيا.
2) ويتحدث الفصل الثاني عن قضية تعويض القارة الإفريقية عما لحقها من تدمير أثناء فترة الاستعمار... ومن يُسدد هذه الفاتورة... فإذا كان الغرب الآن يوافق على تعويض اليهود عما لاقوه في معسكرات الاعتقال أيام النازية وهي فترة لا تتعدى عشر سنوات، فكم يدفع للأفارقة الذين شُحنوا قسراً وكرهاً عبر المحيط؟
3) أما الفصل الثالث فقد خُصص لتلك الشخصيات والزعامات الأفريقية القوية التي حاربت المستعمر بضراوة حتى سقطت.
4) وفي الفصل الرابع والأخير جمعت المؤلّفة وقائع وأحداثاً عن (الماندنجو) مؤسس مملكة مالي القديمة، وأغنى الممالك التي ظهرت في غرب إفريقيا، الذين وصلوا إلى أمريكا واكتشفوها قبل كريستوفر كولمبس. و يقع الكتاب في (232) صفحة من القطع الكبير.

سفالات الشخصية الأمريكية - 2




عرض لكتاب ( العبودية فى إفريقيا ) بقلم الدكتور محمد عباس ... هاهو

وأعتذر لطوله ... إلا أنه تناول بالتفصيل بعض الوقائع الذى ذكرها الدكتور سليم العوا ، ثم أكسبها تأثيرا كبيرا ببلاغته المعروفة .


من كتاب: العبودية في أفريقيا والتاريخ المفقود

عايدة العزب موسى

مكتبة الشروق الدولية



هل يدرى القارئ أن ما نسميه بالاستغلال والاستبداد والقسوة والتعذيب ليس مجرد أفعال عشوائية تحركها الغلظة والشراسة أو عواطف الطمع والكراهية، إنها ليست كذلك فقط، إنها أيضا خبرات وتجارب وتراكم لدروس مستفادة بحيث تصير فنونا ومعارف يتناقلها الزبانية ويتبادلون الخبرات فيها لتكون أشد إيلاما، وليكون التعذيب أدوم تأثيرا وأفعل في النفوس، وهذا يحتاج إلى دربة ومران وعقل مفكر وخبرات تتداول وتتراكم.

ولعل أكثر الأمثلة وضوحا على ذلك المحاضرة التي ألقاها وليام لنش، مالك العبيد في الكاريبي على ملاك العبيد في "مستعمرة فرجينيا الذين أتوا إليه من كل أنحائها ليستمعوا إلى خبرته في ترويض العبيد.

وكان أحد أصدقائه من ملاك العبيد في فرجينيا بالولايات المتحدة دعاه عام 1712م ليتحدث عن تجربته وأسلوبه في السيطرة على العبيد في مستعمرته، وما ابتدعه من أساليب وحشية وخبيثة وأفعال رهيبة لإخضاعهم.

وإذا كان ماض البشرية يشينه ويخجله صورة العبد الأفريقي الذي اختطف وربط بالسلاسل في رحلة عذاب طويلة إلى أرض القارات الأمريكية ليخدم السيد الأبيض ويفعل به ما يشاء هذا السيد، فإن ما يفعله الأمريكي الأبيض الآن في بداية الألفية الثالثة بأسرى حرب أفغانستان لا يختلف كثيرا عما فعله جدوده من قبل، فبعد أن أفرغت الولايات المتحدة شحنتها من الصواريخ والقنابل والمتفجرات فوق أفغانستان وناسها، ساقت مئات الأسرى منهم مكبلين بالأغلال داخل معتقلات، وفى حملة انتقامية لا مثيل لها، نظر العالم مشدوها، وهو يشاهد أسرابا من الأسرى لم توجه لهم تهم ولم تصدر في حقهم أحكام قانونية يساقون كالبهائم مصفدين في الأغلال معصوبة عيونهم مخدرين، وينقلون كالوحوش المفترسة في أقفاص مكشوفة من الحديد، ويلقى بهم في قاعدة جوانتانامو العسكرية الأمريكية في كوبا.

وفى صحوة ضمير خصصت صحيفة "دى ميل أون صانداى" البريطانية الأسبوعية غلافها بصورة تظهر الوضع المهين للمعتقلين في القاعدة والقيود التي يرسفون بها والكمامات التي تعطل حواسهم، وكتبت في عنوانها الرئيسي: " إنهم لا يسمعون شيئا ولا يرون شيئا ولا يشعرون بشئ، أيديهم وأرجلهم ترسف في القيود، انهم يركعون مذعورين.. أبهذه الطريقة يدافع بوش وبلير عن حضارتنا!.

ما أشبه اليوم بالأمس، فما يفعله الأمريكي " المتحضر" بأسرى أفغانستان في القرن الواحد والعشرين، هو نفس ما فعله الأمريكي الأبيض بالأفريقي الأسير المختطف في القرن الثامن عشر. لا اختلاف بينهما سوى أن الأمريكي اليوم يصف نفسه بالمتحضر وأمريكي الأمس كان يجهر بأنه مستعمر.

وهكذا تبقى صحيحة إلى اليوم محاضرة "وليام لنش " أو رسالته إلى أبناء جلدته، وأن كلماته هذه ونصائحه يتعين أن تنشر وتطرح على الملأ لعلها تحدث غضبا لدى الرأي العام العالمي.

وقف وليام لنش بين أبناء جلدته يقول: أيها السادة، إنني أحييكم هنا علي شاطىء نهر جيمس في 1712 م. أولا أشكركم أيها السادة في مستعمرة فرجينيا . دعوتكم لي هنا.

إنني هنا لأساعدكم على حل بعض مشاكلكم مع عبيدكم. إن دعوتكم وصلتني في مزرعتي المتواضعة في جزر الهند الغربية، حيث جربت عددا من الوسائل الحديثة والوسائل القديمة للسيطرة على العبيد، وإن روما القديمة يمكن أن تحسدنا إذا طبق برنامجي.

عندما كان قاربنا يبحر جنوبا في نهر جيمس، رأيت ما يكفى لمعرفة أن مشكلتكم ليست فريدة، وفى حين كانت روما القديمة تستخدم الخشب كصلبان لوضع الأجسام البشرية على طول الطرق الرئيسية فأنتم هنا تستخدمون الشجر والحبال لهذا الأمر، وقد لمحت عبدا ميتا معلقا على شجرة على بعد ميلين، وأنتم بهذه الطريقة لا تفتقدون فقط هذه الثروة التي تعلقونها، ولكنكم أيضا تعانون من الانتفاضات ومن هروب العبيد بعيدا، ومن أن محاصيلكم تبقى في الحقول بغير جنى كثر مما يستوجب الحصول على الربح اكبر، كما أنكم تعانون من حوادث الحريق التي تحدث من قتل حيواناتكم.

أيها السادة، إنكم تعرفون ما هي مشاكلكم ولست في حاجة إلى شرحها لكم ولست هنا ألقى الضوء عليها، إنما أتيت لأقدم لكم وسيلة لحل هذه المشاكل. في حقيبتي هذه وسيلة مجربة يمكنكم بها السيطرة على عبيدكم السود، وأني أضمن لكل واحد منكم إذا استخدمها بطريقة صائبة فستمكنه من السيطرة على العبيد لمدة لا تقل عن 300 سنة، وطريقتي بسيطة وأي واحد من أسركم وكل من يشاهدها يمكنه أن يستعملها.

إنني أبحث عن عدد من الاختلافات بين العبيد وآخذ هذه الخلافات وأعمل على تضخيمها، أستخدم وأستعمل الخوف وعدم الثقة والحسد لأغراض السيطرة، وهذه الوسائل نجحت في مزرعتي المتواضعة في جزر الهند وستعمل أيضا في كل الجنوب.

أيها السيد.. خذ هذه القائمة الصغيرة البسيطة من الاختلافات وفكر فيها، في قمة قائمتي ستجد اختلاف السن واللون وهناك أيضا الذكاء والحجم والجنس ومساحة المزارع وحالة المزرعة ووضع الملاك، وحيثما يكون العبيد يحيون في الوادي أو على التل في الشرق أو الغرب في الشمال أو الجنوب أو يكون شعرهم خشنا أو ناعما أو يكونون طوالا أو قصارا.

الآن إن لديك قائمة بالاختلافات وأعطيك طريقة للعمل، ولكن قبل ذلك أؤكد لك أن زرع الشك وفقدان الثقة هو أقوى من الثقة، وأن الحقد أقوى من التملق أو الاحترام أو الإعجاب، وأن العبد الأسود بعد أن يتشرب هذه المشاعر فسيحملها وسيغذيها تغذية ذاتية وسيولدها في نفسه لمئات من السنين أو من الآلاف منها.

لا تنسى أن تضع الرجل الأسود العجوز ضد الرجل الأسود الشاب، والرجل الأسود الشاب ضد الرجل العجوز الأسود.

يتعين أن تستخدم العبيد ذوى البشرة الداكنة ضد العبيد ذوى البشرة الأقل سوادا، وذوى البشرة الأقل سوادا ضد العبيد ذوى البشرة الداكنة.

يتعين أن تستخدم الرجال ضد النساء والنساء ضد الرجال، ويتعين أيضا أن تجعل الخدم البيض فاقدي الثقة تماما بكل السود، ومن الضروري أن تجعل عبيدك واثقين بنا ومعتمدين علينا ويجب أن يحبونا ويحترمونا ويثقوا بنا نحن فقط.

أيها السادة، هذه الأساليب هي مفتاحكم للسيطرة فاستخدموها، واجعلوا زوجاتكم وأطفالكم يستخدمونها ولا يتركون أية فرصة تفلت منهم.

إذا استخدمت هذه الوسيلة بكثافة لسنة واحدة فسيبقى العبيد دائما فاقدي الثقة، وإليكم التفاصيل:

وخشية من أن أجيالنا في المستقبل قد لا يتفهمون مبادئ الترويض لكل من الخيل والبشر فإننا نضع أمامهم هذا الفن، وإذا كنا نريد أن ندعم اقتصادنا الأساسي فيجب أن تربط الوحوش بعضها ببعض.

نحن نفهم الخطط قصيرة المدى والنتائج الاقتصادية في الاضطرابات الاقتصادية الدولية، ولكي نتفادى الاضطراب الاقتصادي يتعين أن يكون لدينا مدى طويل وعميق لاستخدام المهارة والحزم.

ونحن نضع المبادئ الآتية من أجل التخطيط الاقتصادي المعقول والطويل المدى:

1- إن الحصان والزنجي كليهما لا يفيدان الاقتصاد في الحالة الطبيعية والبدائية.

2- كليهما يتعين أن يروض ويربط بعضهما ببعض لإنتاج المنظم.

3- ومن أجل المستقبل المنظم فإن الاهتمام يجب أن يبذل بشكل خاص بالنسبة للنساء والذرية أو الناشئة.

4- وكليهما يجب أن يدجن لينتج تقسيما متنوعا للعمل.

5- وكليهما يتعين أن يعلم أن يستجيب إلى لغة جديدة خاصة.

6- و إن تعليمات نفسية وجسمانية للاحاطة بهما يجب أن توجد.

وبكلمات أخرى يتعين كسر إرادة المقاومة، إن عملية الترويض تصبح الآن هي ذاتها لكل من الحصان والزنجي. والاختلاف هو خلاف قليل في الدرجة فقط، ولكن كما ذكرنا من قبل هناك فن التخطيط الاقتصادي طويل المدى. كذلك يتعين أن تبقى عينك وأفكارك على الإناث وعلى الناشئة أو الذرية من الخيل والزنوج.

إن برنامجا مختصرا لتطوير الناشئة سيلقى الضوء على هذا الأمر، اهتم قليلا بالجيل الأول الذي انفصل وركز على أجيال المستقبل. ومن ثم إذا تعاملت مع الأم الأنثى فإنها ستروض أبناءها في السنين الأولى لتطورهم، وعندما ينمو الناشئة فستسلمهم لك، لأن ميولها الأنثوية العادية في حماية النفس ستكون قد فقدتها في عملية الترويض الأولى التي جرت معها.

وعلى سبيل المثال ففي حالة التعامل مع قطيع من الخيل الوحشية والفرس الأنثى والحصان الصغير، وقارن عملية الترويض مع اثنين من الذكور الزنوج في حالتهم الطبيعية أو مع الزنجية الحامل مع وليدها.

خذ الحصان وروضه للتعامل المحدود، روض تماما الفرس الأنثى حتى تصير مهذبة جذا يمكن لك أو أي شخص آخر أن يركبها براحة تامة، واستولد الفرس حتى تحصل على الوليد المطلوب، ثم أطلق الفرس بحريتها ودربها أن تأكل طعامها من يدك ستجد أنها ستدرب أولادها لكي يأكلوا من يدك أيضا.

وعندما تروض الزنجي غير المتمدين فاستخدم العملية ذاتها، ولكن بدرجة مختلفة لكي تحصل على نتائج متباينة. استخدم أكثر الزنوج عنادا واخلع عنه ملابسه أمام الزنوج الذكور الآخرين وأمام النساء وأمام الأطفال واطله بالقار، وضع عليه الريش، واربط كل ساق له بحصان يتجه عكس الحصان الآخر، ثم اضرب الحصانين لينشطر أمام جميع الزنوج الموجودين. والخطوة الثانية أن تمسك بسوط وتضرب الزنوج الباقين إلى حد الموت أمام النساء والأطفال، لا تقتلهم ولكن اجعلهم يخافون، لأنهم يمكن أن يكونوا مفيدين في استولاد الأطفال بعد ذلك.

المرأة

" ثم خذ الأئثى وأجر عددا من الاختبارات عليها لترى ما إذا كانت إرادتها قد خضعت لرغباتك طواعية، اختبرها بكل طريقة، لأنها هي أكثر العناصر أهمية من أجل الاقتصاديات الجيدة.

إذا وجدت منها أية إشارة لمقاومة الخضوع الكامل لإرادتك فلا تتردد في استخدام السوط لتضربها إلى أقصى مدى. وخذ حذرك بألا تقتلها؟ لأنك لو فعلت فستفسد الاقتصاديات الجيدة، وعندما يتم الخضوع الكامل فإنها ستدرب ذريتها في السنين الأولى لهم على الخضوع للعمل عندما يأتي سن العمل.

إن الفهم هو أطيب شئ، ومن ثم فنحن سنذهب بعيدا لهذه المسألة المتعلقة بما ذكرناه هنا بعملية الترويض للزنجية.

نحن عكسنا العلاقات، وهى في حالتها الطبيعية غير المتحضرة تكون لديها تبعية

قوية للذكر (الرجل) الزنجي غير المتحضر، ويكون لديها اتجاه للمناعة المحدودة بالنسبة لاستقلال أبنائها الذكور وستجعل أبناءها الإناث تابعين مثلها.

ومن الطبيعي بالنسبة لهذا النوع من التوازن فنحن نعكس الطبيعة عندما نتعامل

مع الزنجي بضربه بالسوط إلى لحظة الموت، وأن يكون ذلك أمامها وبحضورها، وعندما نتركها وحدها بغير حماية وبعد أن تحطم صورة الذكر، فإن المحنة ستنقلها من حالة التبعية السيكولوجية إلى حالة من التجمد والاستقلال والتبلد.

وفى هذه الحالة من الجمود النفسي فإنها ستعكس الأدوار الخاصة بالنسبة للذكور والإناث لنسلها، فهي خوفا على حياة ابنها الذكر ستدربه نفسيا على أن يكون ضعيفا من الناحية المعنوية وتابعا ولكن قوى من الناحية الجسمانية.

ولأنها قد صارت مستقلة نفسيا فإنها ستدرب ابنتها الأنثى لكي تكون مستقلة نفسيا، ما الذي ستحصل عليه من ذلك؟ ستحصل على امرأة زنجية في المقدمة وعلى رجل يتوارى بعيدا، وهذه الحالة ممتازة من الناحية الاقتصادية.

وقبل عملية الترويض يجب أن تكون متيقظا في كل الأوقات " أما الآن فيمكنك

أن تنام مطمئنا؟ لأنه ينتج من الخوف أن تصير المرأة حارسة لنا، أما الذكر فيصير أداة طيعة مستعدا أن يربط مع الحصان في سن البلوغ.

وعندما يبلغ الزنجي سن 16 سنة فإنه سيكون مستعدا لحياة طويلة من العمل الفعال ولإعادة إنتاج قوة العمل الجيدة.

ومن خلال الترويض للزنوج المتوحشين غير المتحضرين، وبجعل الزنجية المتوحشة في حالة من الاستقلال المتبلد بنفى تصور أن الذكر يقوم بحمايتها وبمحو عملية التبعية من الخضوع للذكر المتوحش الزنجي، نكون قد خلقنا دورة تفيدنا إلى الأبد إلا إذا حدث تحول آخر.

إن خبراءنا يحذروننا من إمكانية حدوث هذا التحول؟ لأنهم يقولون لنا: إن العقل لديه ثورة كبيرة على تصحيح نفسه بعد فترة من الوقت إذا لمس إمكانية لذلك.

وعملا بهذه النصيحة فإن أحسن طريقة للتعاون مع هذه الظاهرة هي أن نمسح ونلغي التاريخ المعنوي، وأن نخلق لهم عددا من الظواهر المتوهمة وكل وهم يأتي فعله بينهم.

اللغة المسيطرة

ومتى تم الترويض فمن أجل استبقاء أثره يتعين أن نمحو تماما اللغة الأصلية لدى الزنجي الجديد، وأن ننشئ لغة جديدة تسهل حياته العملية. وأنتم تعلمون أن للغة تكوينها الخاص وأنها تصل إلى قلوب شعبها، وبقدر ما يعرف الأجنبي لغة غيره من الشعوب بقدر ما يستطيع أن يتحرك وينتقل من خلال كل مستويات هذا المجتمع، ومن ثم إذا كان الأجنبي عدوا لبلد آخر إلى درجة أنه يعرف تكوين لغته إلى هذا المدى، يكون الوطن قابلا للغزو من الثقافة الأجنبية، وعلى سبيل المثال فلتأخذ العبد إذا أنت علمته كل ما يتعلق بلغتك فسيعرف كل أسرارك وسيعرف أكثر مما يجوز باعتباره عبدا لن تستطيع أن تستغله بعد ذلك، وإن جعله مغفلا هو إحدى الصفات الرئيسية لاستبقاء النظام العبودى.

وعلى سبيل المثال أيضا فإذا قلت للعبد: إنه يجب أن يحسن حصد حاصلاتنا،

إذا كان هو يعرف اللغة جيدا فسيعرف أن لفظ حاصلاتنا لا تعنى إلا أنها حاصلات لنا وسينهار النظام العبودى؟ لأنه سيتعامل مع المعنى الحقيقي لكلمة حاصلاتنا.

ومن ثم فعلينا أن نكون حذرين في استخدام اللغة الجديدة؟ لأن العبد سيوجد في منزلك و سيتحدث إليك حديث رجل لرجل، وسيكون هذا هو الموت بالنسبة لنظامنا الاقتصادي.

وبالاضافة إلى ذلك فإن تعريف الكلمات والعبارات هو جزء صغير من العملية. إن القيم تخلق وتنتقل بوسائل اتصال من خلال هيكل اللغة، وأن المجتمع " لديه نظام من القيم المتداخلة، وكل هذه القيم في المجتمع تنتقل عبر اللغة وتترابط لتعمل بانتظام في المجتمع.

ولكن من أجل هذه الجسور اللغوية فإن هذه النظم القيمية ستتصادم بعنف وتوجد صراعا داخليا أو حربا أهلية. إن درجة الصراع تتحدد بمدى ضخامة الموضوعات ومدى قوة المعارضة، فمثلا إذا وضعت عبدا في مكان قذر (حظيرة خنازير) ودربته على أن يحيا ويقيم فيه باعتباره وسيلة كاملة للحياة، فلن يجادلك بعد ذلك في كيف يكون هذا المكان نظيفا ولن تخشى منه شيئا.

ومن ناحية أخرى إذا وضعت هذا العبد في نفس المكان القذر (حظيرة الخنازير)، وجعلت له من لغته ما يشعر به أن هذا المكان أو أن المنزل يمكن أن يكون أحسن من حظيرة الخنازير، يمكن أن ننشئ مشكلة وستجده بعد ذلك في منزلك أنت.


***



والآن أليست رسالة (وليام لنش) ونصائحه الخاصة بترويض العبيد لا تختلف كثيرا عما يحدث الآن لترويض الشعوب؟!

ردا على مقال بثينة كامل بصحيفة الدستور

المعروف الذى يكتشفه أى قارئ لصحيفة الدستور أنها لاتخاطب قاءا بعينه ولا اتجاها بعينه مما جعلنى أراها تمثل ( عبثية المعارضة ) وهى المعارضة التى تعترض على كل شئ وتنتقد كل شئ ولايعجبها فى أى اتجاه شيئا ، لذا فلن تحوز على رؤضا أحد بنسبة 100% لأنها ستخالف توجهه حتما .



دعنا من هذه المقدمة الطويلة والتى لم أرد من خلالها إلا إثبات انى اقرأ الدستور بناء على هذه الخلفية لذا لن أتشنج - كما يحلو لكم وصف الإسلاميين أو المتطرفين - إذا قرأت مالايعجبنى .. وهو ما بحدث كثيرا .. ولإنصاف أيضا فإن ما يعجبنى اكثر مما لايعجبنى .

مالم أطق صبرا عند قراءته ووجدتنى منفعلا تجاهه كان مقال الأستاذة بثينة كامل فى العدد العاشر بعنوان ( عندما تحشمت ) ولا ادرى ماذا تفيد علامة التعجب التى بجوار الموضوع ، المهم انها حكت قصتها حين ارتدت الحجاب ببساطة أنه واجب شرعى ولنضع خطا تحت ( واجب شرعى ) الذى هو سبب لبسها للحجاب .

لكنها بعد فترة وجدت أنها تبتعد عن الصلاة فى جملة توحى بأن الحجاب هو السبب .. حتى لايتهمنى أحد بالتجنى هذا نص العبارة ( لم أحس أن غطاء الرأى قد اضاف إلى شيئا بل على العكس وجدتنى ابتعد عن الصلاة ) .. بالله عليكم كيف أستطيع أن أقبل هذا السبب فى الابتعاد عن الصلاة ... ثم ذكرت اسبابا أخرى مثل نظر الزملاء إليها فى الجامعة ووضعها فى زاوية الشيخة وهى الصورة التى جسدها ممثل فى فيلم بشكل يجعل أى إنسان محترم يكره المتدينين والمشايخ .. فخافت أن تكون هى الصورة السيئة التى نفّر منها الفيلم .

ثم تقول ( أنجزت هذه الخطوة - تقصد خطوة خلع الحجاب- بعد ثمانية أشهر ) ولا أدرى لماذا تسميه إنجازا ؟؟؟

المهم أنها قررت أنها لن تحتشم وإذا أثار جسدها أحدا فليغض هو بصره ، ثم أعطتنا كلمة لبقة فى أن الحجاب لاعلاقة له بالأخلاق وفى وجوب عدم التمييز فى المعاملة بين الناس على حساب الدين .

وأحسب أن الضغط النفسى الملقى على صدرى كبير وثقيل إثر هذه القنابل اللامعقولة واللامترابطة والتى ليس بينها علاقة فى كلام الأستاذة بثينة .

فلا أدرى كيف تقول الكاتبة التى اعترفت بأن الحجاب واجب شرعى أى ان الله هو الذى أمر به يمكن أن نلبسه ببساطة ونخلعه ببساطة بل إنه يساهم فى الابتعاد عن الصلاة ولايؤثر فى الأخلاق ... استغفر الله .. استغفر الله ... هل أمر الله تعالى يحوى كل هذه العيوب ؟؟؟؟؟؟

ثم هل وجود فيلم ساقط يسخر من المتدينين مبرر للانخلاع من التدين والالتزام ؟؟؟

ثم هل التخلى عن الواجب الشرعى إنجاز ؟؟؟

ثم تتطاول الكاتبة على حكمة الله تعالى إذ تقول ( يكفينا التمايزات العرقية الكلية التى تدل التى تدلنا على أصوله الإفريقية او العربية أو الأوروبية أو الآسيوية ) فلقد كان من الأفضل - برأى الكاتبة - أن يخلق الله البشر جميعا دون تفرقة ،

ثم تتحفنا الكاتبة بالعبارة الرهيبة التى تلهب القلب والعقل فى لحظة واحدة فتقول ( الدين عنصر فرقة وصراع بين البشر ) .. ولاتعليق .. فلو حاولت الرد فلن املك ألفاظى التى مازلت اسيطر عليها بصعوبة بالغة .

ثم ماعلاقة التفرقة العنصرية والتفرقة فى التعامل بوجوب الحجاب من عدمه ؟؟؟ هل أذكر الكاتبة بما أقراه ولايات فى ألمانيا بمنع الحجاب دون أن يوجد بالولاية محجبات اصلا .. والخبر نقلا عن شبكة إسلام اون لاين .نت ... وهل يوجد فى مصر وهى بلد إسلامية تفرقة فى المعاملة بين محجبة وسافرة ؟؟؟؟؟



لماذا كل هذا الكم من خلط المواضيع والقضايا التى لاعلاقة لها ببعض ؟؟

ثم ... ياكتاب يا أفاضل .. نرجوكم اشتموا فى الإسلاميين والإخوانيين والسلفيين كما تشاءون ، فعلى الأقل سنعتبرهم اشخاصا يخطئون وسنقبل شتمكم لهم .. اما أن تمتد الإهانات إلى الواجبات الشرعية وأوامر الله تعالى فلاتنتظروا إلا العنف والإرهاب ... نرجوكم لاتتعاملوا بهذا القدر من البساطة والاستهانة مع أوامر الله تعالى .



وشكرا ياصحيفة الدستور .


30/5/2005

كتاب ظاهره النفاق وباطنه الحقيقة

هو كتاب ( جمال مبارك ... تجديد الليبرالية الوطنية ) للدكتور جهاد عودة .

الكتاب عرض إبراهيم عيسى بجريدة الدستور ( نقلا عن موقع حزب الكرامة العربية ) .. نسأل الله أن يكون للدستور موقعا على الانترنت قريبا .

__________________

لعل اخطر ما قرأته من حقائق وأرقام ومعلومات ترفع الملاءة عن عرى النظام السياسى فى مصر، تجده فى كتاب يحمل عنوانه اسم "جمال مبارك".

آه والله.. حاكم ربنا له تصاريف وحكمته وسعت كل شئ، كتاب "جمال مبارك" تجديد الليبرالية الوطنية (من غير واو لأن غياب حرف الواو هنا مهم قوى بين اسم الرجل وباقى عنوان الكتاب..) أما المؤلف فهو مفكر سياسى وأستاذ مرموق فى العلوم السياسية هو دكتور جهاد عودة، وهو نفسه واحد من لامعى لجنة أو أمانة أو مجلس السياسات (اختر الاسم المناسب فأنا لا اعرف وحياة ربنا هى اسمها إيه بالضبط وليه.. لجنة ولاَّ أمانة ولاَّ مجلس!!).. ربما كنت -مثل غيرى- أول من امتعض من عنوان الكتاب واعتبرته خطوة -حارة مكشوفة- فى مدح (آسف يا دكتور جهاد.. فى نفاق!) جمال مبارك، لكن القراءة العادية -لا أقول المنصفة أو المتأملة- بل القراءة العادية جدًا للكتاب يمكنها أن تثبت لك انه إذا كان هناك كتاب يكشف سوء الحاكم وسوءة النظام السياسى وأزمة ما نحن فيه وقرف ما نحن عليه، فربما يكون هذا الكتاب الأهم والأصح فى كشف عورة وعوار الحكم الاستبدادى فى مصر.


جت ازاى؟

الله اعلم..

تفتكر ليه؟..

والله ما اعرف!

لكن خد عندك أدلتى على أن ما كتبه عضو أمانة (خليها أمانة اشيك من لجنة واعقل من مجلس) السياسات دكتور جهاد عودة هو مفتاح لفهم استبداد الحكم حين يكتب عن صلاحيات الرئيس طبقًا لدستورنا الذى يمسك فيه رموز الحكم عندنا بذيلهم وأسنانهم (حلوة ذيلهم دى).

يقول د. جهاد ومن القراءة لمواد الباب الخامس للدستور يتضح ذلك الوضع لمنصب رئيس الدولة، من حيث السلطات المتمتع بها.

فرئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، وهو الراعى للحدود بين السلطات والمسئول الأول عن الحفاظ على الوحدة الوطنية وسلامة الوطن وأداء مؤسسات الدولة لدورها الدستورى والمكاسب الاشتراكية، وتعطى المادة 127 من الدستور مثالاً واضحًا على معنى الحكم بين السلطات.

ولرئيس الدولة أن يعين عددًا لا يزيد عن عشرة أعضاء فى مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى.

ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشورى للانعقاد.

ولرئيس الدولة أن يدعو مجلس الشعب إلى الانعقاد، ويفض دورته العادية ويدعوه إلى اجتماع غير عادى، وله الحق فى حل مجلسى الشعب والشورى عند الضرورة.

ورئيس الجمهورية هو صاحب الحق فى إصدار القوانين والاعتراض عليها سواء فى الأحوال العادية أو الاستثنائية.

ورئيس الجمهورية هو الذى يتولى السلطة التنفيذية.

وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة بمشاركة مجلس وزرائه. وهو الذى يعين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم.

وهو الذى يعلن حالة الطوارئ.

ورئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية التى يقوم على شؤونها.

ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذى يعلن حالة الحرب، ويبرم معاهدات واتفاقيات الهدنة، فضلاً عن انه رئيس مجلس الدفاع الوطنى الذى يختص بالنظر فى الشئون الخاصة للبلاد وسلامتها.

ورئيس الجمهورية هو رئيس هيئة الشرطة.

ويلاحظ من العرض السابق، مقدار ما يتمتع به رئيس الدولة، الذى هو رأس السلطة التنفيذية من سلطات وصلاحيات، حيث انه يملك إصدار القوانين وإلغاءها، وهو الذى يضع السياسة العامة للدولة، ومن المفترض أن تكون هذه وتلك من صلاحيات البرلمان، بل هو يملك اختيار عدد من أعضاء مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى، فيشكل باختياره هذا تكتلاً سياسيًا داخل المجلس يمكنه من لعب دور بداخله، وهو الحكم بين السلطات وهى إحدى صلاحيات السلطة القضائية، فضلاً عن رئاسته للمجلس الأعلى المهيمن على الهيئات القضائية قاطبة وبرئاسته لهيئة الشرطة ومركز الدفاع الوطنى، ومنصبه كقائد للقوات المسلحة، يملك رئيس الجمهورية قدرة فائقة على الحسم فى مواجهة السلطتين التشريعية والقضائية، حتى وان شاركته الأولى بعضًا من سلطاته.

فالعلاقة الوثيقة بين القوات المسلحة ورئيس الدولة فى المقام الأول، والحكومة فى المقام الثانى، سمحت بتركيز اكبر لقدرات الحسم والنفوذ فى يد رئيس الدولة، وبالتالى فى قمة السلطة التنفيذية، وبناء على ذلك يتصف نظام الحكم المصرى بعدة صفات أساسية هى:
1.
وحدة شخص الرئيس فى معظم مكونات نظام الحكم.
2.
نسبية استقلال السلطتين التشريعية والقضائية فى مواجهة السلطة التنفيذية التى يرأسها رئيس الدولة.

ويضيف د. عودة.. الأمر الذى يظهر بوضوح بالنظر إلى الصلاحيات المعطاة لرئيس الجمهورية فى الدستور، حيث انه من مجموع خمس وخمسين مادة تتضمن صلاحيات أو سلطات فى الدستور، اختص رئيس الجمهورية وحده بـ 35 صلاحية بنسبة 63%، حين بلغت سلطات الوزراء وصلاحياتهم 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة القضائية 4 صلاحيات بنسبة 2%، والسلطة التشريعية بمجلسيها 14 سلطة وصلاحية بنسبة 25%، والمدعى العام الاشتراكى سلطة واحدة، وكذلك المجلس الأعلى للصحافة
وله سلطة واحدة.

ويلاحظ د. جهاد أن العلاقات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية تختلف عنها بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية؛ فالسلطة التنفيذية تمارس نفوذًا اعلى فى مواجهة السلطة القضائية، ويظهر ذلك فيما يتمتع به كل من رئيس الجمهورية ووزيرى العدل والداخلية من إمكانيات سلطوية فى مواجهة القضاء، أما بالنسبة للسلطة التشريعية، فيضمن تبعيتها من خلال السيطرة على الوسائل والأدوات التى توفر لها، انتخاب أغلبية من المنتفعين من الجهاز التنفيذى، ويتم استخدام عدة وسائل فى هذا الصدد وهى:
(
‌أ) أداة الحكم المحلى.

(‌ب) هيمنة حزب الدولة.
(
‌ج) حماية السلطة التشريعية فى مواجهة أحكام القضاء.

(‌د) احتكار تنظيم الحياة السياسية من حيث أساليب الترشيح والانتخاب وممارسة الحقوق السياسية، وإقامة الأحزاب وغيرها.

ووفقًا للدستور فإن السلطة التشريعية تتمتع بسلطات ضئيلة فى مواجهة السلطة التنفيذية، فمثلاً فى المادة 115 ينص الدستور على.. "ولا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة"، والمجلس لا يقر بيان الحكومة، بل طبقًا لحرف الدستور فى المادة 133 "ويناقش مجلس الشعب هذا البرنامج"، أما بالنسبة لمجلس الشورى، فيعين رئيس الجمهورية ثلث أعضائه، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة غير مسئولة أمام المجلس، بل وفقًا لنص المادة 195 من الدستور "يؤخذ رأيه" وليس له سلطة تقريرية.

وتعطى المادة 127 من الدستور صورة دقيقة للضعف المؤسسى للسلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية، وهى المادة الخاصة بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء التى لا تعبر نافذة إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك، ولرئيس الجمهورية فى حالة الرفض رد تقرير مجلس الشعب، هذا وإذا استمر مجلس الشعب على تأكيده بتقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء، جاز لرئيس الجمهورية عرض الأمر على الاستفتاء الشعبى، وإذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة، اعتبر المجلس منحلاً، أما إذا اقر الاستفتاء ما ذهب إليه مجلس الشعب، قبل رئيس الجمهورية استقالة الوزارة.

نفهم طبعًا من هذه المادة أن مجلس الشعب لا يملك محاسبة د. نظيف رئيس الوزراء ولا سحب الثقة منه بل أن إصرار مجلس الشعب على رفض سياسة رئيس الوزراء يمكن أن ينتهى بحل مجلس الشعب.. الله الله على الديموقراطية يا ولاد، دستور مصر ده ولا دستور فرعون يا عالم.

نعود إلى د. جهاد الذى يقول: رغم نص الدستور فى المادة 165 صراحة على استقلال السلطة القضائية والمادة 166 على استقلال القضاء وعم جواز تدخل أى سلطة فى شئون العدالة، إلا أن هذا الاستقلال فى كثير من الأحيان مقيد أو محكوم بعوامل واعتبارات عدة.

أما بالنسبة للقوات المسلحة والشرطة، فرغم انهما فى الدستور ليستا جزء من السلطة التنفيذية، وإنما هما من مكونات نظام الحكم، فهما مندمجتان تمامًا فى وظائف السلطة التنفيذية.

على انه من الغريب، أن رئيس الجمهورية بصلاحياته وسلطاته تلك، يظل دائمًا بمناى عن المساءلة السياسية أمام البرلمان، أو القانونية أمام المحاكم العادية، عدا حالة ارتكابه جريمة الخيانة العظمى والجرائم الجنائية الأخرى، فقد نص الدستور على أن يصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وان تتم محاكمة الرئيس أمام محكمة خاصة ينظمها القانون، وتجدر الإشارة إلى انه لم يصدر قانون ينظم محاكمة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء حتى الآن.

مما سبق يمكن القول: أن النظام السياسى المصرى هو نوع من الأنظمة المسخ غير المعروف أصولها القانونية، فهو بعيد تمامًا عن روح النظم البرلمانية، حيث تبدو السلطة التشريعية فيه ضعيفة فى مواجهة السلطة التنفيذية، ويبدو رئيس الدولة فى موقع اعلى من البرلمان، كما أن هذا النظام نفسه ليس قريب الشبه من الأنظمة الرئاسية، فضعف البرلمان إزاء سلطات الرئيس، ووجود وزراء يمثلون -ولو من الناحية النظرية- حزب الأغلبية، يجعل من المستحيل القول بأن النظام المصرى نظام رئاسى، ولكن يمكن القول إن النظام المصرى اقرب إلى أن يكون نظامًا -أبويًا- يحتل فيه الرئيس موقع رب العائلة المصرية وبحكم كونه كذلك فهو فوق الجميع.
(
خد بالك من هذه الكلمة فوق الجميع.. فوق مين؟.. فوق الجميع!!).

هذا ما نفهمه مما نشره د. جهاد عودة عضو أمانة السياسات.. شفت اكثر من كده كشف وفضح لحالة الفرعونية الرئاسية.. أو الرئاسة الفرعونية.. التى تعيشها مصر مع دستور 1971 الذى يحلف عليه الحزب الوطنى بالطلاق انه لن يتغير أو ينعدل حاله ومواده...


إبراهيم عيسى - نقلا عن جريدة (الدستور )

ســوزان مبـارك

فوجئت بالأمس إلى تحليل منشور بجريدة الغد كتبه ( خالد وربى ) ، كان عن نفوذ مبارك وجمال مبارك وسوزان مبارك فى مصر .

المفاجاة التى عرفتها هى أن سوزان مبارك مولودة بالمنيا وأمها بريطانية ، وهى المعلومة التى أعرفها لأول مرة ، وكل شهاداتها التعليمية والفخرية شهادات أجنبية .

هذا إلى جانب ماهو معروف بأن جمال مبارك حاصل على الجنسية الأمريكية ، ومايتردد أيضا عن تجنسه بالجنسية البريطانية .

دعنا من جمال مبارك الان ... السؤال هو : هل كانت بريطانية أصول سوزان مبارك من عناصر دعم ترشيح السادات لمبارك نائبا لرئيس الجمهورية ؟

عن نفسى لا اعرف ، وإن كنت أخاف لو كانت الإجابة كما أتوقع .

(( ملحوظة غريبة : أمهات جيهان السادات وسوزان مبارك كانتا بريطانيتان ، وسمعت جيهان السادات بنفسى فى برنامج على الـ ( إم بى سى ) تقول إن والدها لم يكن متدينا ))


16/6/2005

الذهول بين تقرير دبى ، وخبر الإسكندرية

فى العدد قبل الأخير من صحيفة الأسبوع المصرية ( العدد 429 ) ، استوقفتنى ثلاثة مواقف .

الأول كان تقريرا عن إمارة دبى كتبه محمود بكرى إثر زيارته إلى دبى ، ومع معرفتى المتواضعة بأن دبى تزدهر بنهضة فائقة إلا أن التفاصيل قربت لى الصورة أكثر وأكثر .

والتقرير على هذا الرابط
http://www.elosboa.com/elosboa/issues/429/0403.asp

،

لكن ، دعونى حتى لا أتطرق إلى كل التقرير التقط منه هذه الفقرة فقط ، ثم نجرى مقارنة بسيطة جدا مع خبر فى الصفحة المجاورة وهى صفحة الحوادث .

-----------------------------

... ما أن دلفت خارج الطائرة حتي وجدت نفسي أندفع مع آلاف الركاب القادمين عبر بوابات مترامية الأطراف.. إلي أماكن محددة سلفا.. ولحظات انتظار لموظفين ملتزمين ينتظرونك بابتسامة وديعة.. ولهفة علي تلبية كل مطالبك بسرعة واتقان.. من المرور عبر البوابات إلي إدارة الجوازات.. إلي سيور نقل الحقائب.. إلي خارج المطار.. كانت الإجراءات أكثر من مذهلة.. فخلال ثلاث دقائق فقط كنت قد أنهيت كل إجراءاتي ووجدت نفسي خارجا دون أن يتفحصني أحد بعمق.. أو يشتبه فيٌ أحد أو يوقفني أحد للسؤال، أو أن أكون واحدا من صف طويل يقف لفترة أمام ضابط الجوازات في انتظار دوره قبل أن ينتقل إلي مرحلة أخري تصل فيها الحقائب علي السير المعد بعد فترة قد تصل إلي أكثر من ساعة من الزمان.
لم تكن إجراءات المطار السريعة سوي مقدمة تفتح شهية الزائر ....

.... فإذا ما أصدر أمرا أو قرارا بشأن وضعية إحدي الجهات والشركات فمن العسير أن يأتي من بعده من يخالف مثل هذا الأمر أو القرار.. أو يهدر حقوق أصحاب الشركة أو الجهة (.......) وهو أمر يتناقض ويختلف تماما مع ما يحدث هنا في مصر.. حيث تتناثر العزب.. والإقطاعيات.. كلى يتصرف وكأنه صاحب عزبة.. فإذا انهيت إجراء من إحدي الوزارات أوقفته لك المحافظة.. وإذا وافقت لك المحافظة انهكتك إدارات الأحياء في إجراءات عقيمة ومعقدة.. وهي إجراءات كانت ولاتزال سببا في تأخرنا عن ملاحقة العالم في الاستثمار.. إن داخليا أو خارجيا .

.... وشرطة 'دبي' علي سبيل المثال لا هم لها إلا خدمة المواطنين والحفاظ علي الأمن في الداخل ... ( دعونى أذكركم بأن شرطة دبى هى الهئية الحكومية الوحيدة - فيما أعلم - التى تجاوبت مع مشروع حماة المستقبل للأستاذ عمرو خالد ، إلهامى ) .

---------------------------------------

نكتفى بهذا النقل ، لأنقل لكم الخبر الموجود بالصفحة المقابلة وهى صفحة الحوادث أو الجرائم ، وكان خبر صغير يقول مامعناه حيث أنى أكتب من الذاكرة وللأسف لم أجده بموقع الجريدة :

أن سيدة من الإسكندرية ذهبت لكى تتنازل عن طفلتها لقاء وعمرها شهور لأنها لاتقوى على ترتبيتها حيث أن زوجها عاطل ثم اصيب بحالة اكتئاب تحولت إلى حالة نفسية عصيبة تمنعه من العمل ، وقد سلمت طفلتها الأولى إلى أمها كى تربيها ، وطفلتها الثانية ذهبت بها إلى الشرطة لكى تتنازل عنها .

تخيلوا امرأة بهذا الوضع وفى هذه الحالة المأساوية ، ماذا فعلوا بها ؟؟

حولها قسم الشرطة الذى تقدمت إليه بالشكوى إلى النيابة للتحقيق فى أمرها ،وقامت النيابة بدورها بتحويلها إلى المباحث العامة لكى تتحرى عن صدق هذه المعلومات .

أى بهدلة ومرمطة واستذلال وحقارة ووقاحة تلك التى تمتلكها أجهزة الدولة لدينا .. امرأة تأتى لكى تتنازل ، واقول تتنازل يعنى لم ترتكب جريمة ، وتتنازل عن فلذة كبدها .. ابنتها .... هل امرأة بهذه الحال تستحق أن تعذب كل هذا العذاب ؟؟؟؟

هذه مقارنة عن البيروقراطية المتوغلة المتكاثرة والمتكاثفة فى أجهوة دولتنا ، وبين بساطة وسلاسة الإجراءات فى الأمور الحيوية والعميقة فى دبى .

-----------------------------

وهذا الخبر بدوره يضعنا فى مقارنة مع المقال الذى نشر بنفس الصفحة وتكتبه الصحفية الرائعة والمتألقة دائما - وفقها الله - الأستاذة نجوى طنطاوى ، وكان عن جائزتها التى تسلمتها عن أفضل تحقيق صحفى الذى فاز بها تحقيقها الذى كتبته منذ عام تقريبا - إن لم تخنى الذاكرة - عن "بنات الترحيلة " ، ولو أنى أتذكر الفترة بالضبط لأتيتكم برابط هذا التحليل الرائع .

المهم ، ذكرت نجوى طنطاوى أنها بعثت بهذا التحقيق إلى وزارة الشئون الاجتماعية الوزيرة أمينة الجندى ، وإلى المجلس القومى للمرأة ، وإلى جهة ثالثة حقوقية نسائية لا أتذكرها .... ولم تتلق أى استجابة تجاه هذا الموضوع ، وهو مافسرته بأن لديهم اهتمامات اخرى كحرب الختان والمساواة فى الميراث وغيره .

وللأسف المقال غير منشور على موقع الجريدة .

لكنها ، كانت دعوة عميقة للتأمل .

وحسبنا الله ونعم الوكيل .
20/6/2005

جيهان السادات ، وكوب العصير

الكتاب الأخير للدكتور محمود جامع ( وعرفت الشعراوى ) ، يحمل كما هى العادة مفاجآت ويلقى اضواء على شخصيات العصر التى لم يتح لنا أن نعاصرها ن ونعاشرها .

فى تصفح سريع جدا للكتاب ، التقطت هذا الموقف الذى فكرت فى جعله جزءا من سلسلة ( من زوايات التاريخ ) ، إلا أنى رايت أنه اتفه من ذلك .

كان محمود جامع فى بيت الرئيس السادات ، وفى حوار مع زوجته جيهان السادات ، وكان ثالثهما كمال الشاذلى ( اللى يلاقى له موقف مع تحية كاظم زوجة عبد الناصر ، أتوسل إليه أن يضعه هنا ) .

بعيدا عن الحوار الذى دار ، قدمت له جيهان السادات عصيرا ، وقد كانا فى نهار رمضان ، فأبدى الدكتور محمود دهشته وقال : إنه صائم ، فماكان من جيهان السادات إلا ان ضحكت قائلة : الست على سفر ؟؟

وكان كوب العصير من نصيب كمال الشاذلى .

وعلى رأى صديق : " يبدو اننا نُحكم بأسوأ مما كنا نتخيل " .



16/6/2005

مالذى يجعل الإسلاميين قادرين على تحريك الشارع ؟

سؤال يجب التوقف أمامه كثيرا .

لماذا ينجذب الشارع - رغم كل شئ - إلى الإسلاميين ويسلم لهم قياده ؟؟
لماذا تستطيع حركة مثل الإخوان المسلمين أن تخرج مظاهرة بالآلاف فى حين لاتتجاوز أعتى مظاهرة لحركة كفاية بضع عشرات او مئات فى أقصى تقدير ؟؟
لماذا يعجز طلاب الجامعات عن إخراج مظاهرة لايشعل شرارتها طلاب أو طالبات التيار الإسلامى ؟؟

هذا بالرغم من :
- حركة الاعتقالات التى تشملهم ، وتضعهم تحت الرقابة الأمنية
- شعاراتهم التى يغلب عليها التوازن والاعتدال وهى لغة لاتناسب الشارع الثائر والعواطف المشتعلة
- انعدام المنافذ الإعلامية لهم والتى يستطيعون من خلالها مخاطبة الناس
- انعدام أى قوى خارجية تساندهم ، بعكس كفاية على سبيل المثال التى يهتم بها البيت الأبيض ويتدخل ضد أى ممارسات ضدهم
- ليس لهم رموز جماهيرية معروفة تجيد مخاطبة الشارع ولها الكاريزما الزعامية التى تبهر الرجل العادى
- مظاهراتهم فى غالبها لاتتوجه نحو المطالب اليومية لرجل الشارع ، بل غالبيتها الساحقة أو قل : كلها - باستثناء الفترة الأخيرة - كانت تضامنا مع قضايا المسلمين كفلسطين والعراق والشيشان وكشمير
- الحرب الدائمة التى يشنها عليهم النظام من خلال وسائل الإعلام ، ومن خلال رجاله سواء كمفكرين أو علماء السلطة أو صحفيين أو .. أو .. إلخ .
- بالإضافة طبعا إلى تاريخ استهدافهم الدائم من قبل السلطات على مدار تاريخهم الحديث .

لماذا رغم كل هذه المعوقات التى لو وضعت فى طريق أى حركة او تيار ، لكان مصيرها الانزواء والذوبان ، وهذا ماحدث بالفعل مع حركات كانت تملأ الدنيا صياحا وصراخا ، فلما استهدفها النظام بمعوق واحد من معوقاته ، ذابت وما صار لها صوت ولاوجود .. لماذا ؟؟

ولماذا لايقتصر انتشارهم على طبقات الطلاب والمثقفين - كأغلب التيارات الأخرى - بل نجده ممتدا فى صفوف العمال والموظفين والفلاحين ، ولا تكاد تحلو قرية فى مصر - على سبيل المثال - من داعية يحمل الفكرة الإسلامية متحركا بها ؟؟


كيف استطاعت حركات إسلامية كثيرة أن تحصد دائما المركز الأول أو الثانى فى اى انتخابات شبه حرة - لا اقول حرة كاملة - فى العالم العربى كله ؟؟

ولماذا يحصد الإسلاميون دائما فى مصر انتخابات النقابات المهنية ، وانتخابات نوادى أعضاء هيئة التدريس ، وسائر المحافل مما عرض كثيرا منها للإغلاق والتجميد ؟؟

لمـاذا ؟
لمـاذا ؟
لمـاذا ؟

*****

لابد أن هناك تفسير .. ماهو ؟ ... الحقيقة أنى لا أدرى ، أو لا استطيع التحديد بالضبط ، استطيع أن اقول أشياء كثيرة ، لكنها لم تزل لاتستطيع إقناعى بهذا الكم والكيف من التفوق والصعود والانتشار .

إذن .. ماهو التفسير ؟؟؟

الله ورسوله أعلم


2/10/2005

السبت، أكتوبر 01، 2005

حكاية عربية

لم يكن اكثر من مواطن ... مواطن بسيط عاش حياة آلاف البسطاء مثله ، ولد فى عائلة كمتوسط العائلات دخلها يكاد يكفيها ، لم يعد يكفيها هذا العائد حين تعرضت لأزمة مالية حادة ، اضطرته للتخلى عن دراسته ، منطلقا يبحث عن عمل فنى بسيط يلتهم وقته ويعتصر طاقته ، ثم يمنحه فى آخر اليوم القليل من المال الذى يكفى بالكاد لإقامة عوده كى يواصل العمل فى اليوم التالى .

مضت به الحياة ، ترفعه وتخفضه بين امواجها دائمة التقلب ، كبر وترعرع ، تزوج من اخرى بسيطة من نفس مستواه المادى لم تكن تريد إلا الستر ، والستر فقط .

لكن مابين نشأته وزواجه ، كان قد اكتسب قيما كثيرة ومفاهيم كثيرة ، وأسلوبا معينا يدير به هذه الحياة ، الشئ الذى لم يتغير ، ولم يلح فى الأفق أنه سيتغير كان حالته المادية المتواضعة .

كان يحب ( الزعيم ) حبا جارفا ، فهو بطل الحرب وبطل السلام ، صاحب الإنجازات التى لاتنتهى ، صاحب القرارات المصيرية التى اتخذها بعبقرية فذة ، كانت من نعم الله علينا ان رزفنا هذا الرجل فى هذا الوقت من الزمن .

كان موعد تجديد البيعة موسما لكى يبرز ولاءه ووفاءه لهذا الزعيم المجيد الذى أضاء الدنيا بنور طلعته ، فانطلق يرفع اللافتات ويعلن عن تجديد الولاء والوفاء ، خصوصا وهناكمن أتباع الزعيم من يرصد حركة اللافتات ، وياويل من لم يبايع .

***

قد يتخيل الغالبية الساحقة من القراء انى أتكلم عن مواطن مصرى ، بالعكس .. لم يدر بخلدى لحظة كتابة هذه العبارات أنها عن مواطن مصرى ، إنها لم تكن أكثر من استشرافة صغيرة لحال المواطن العراقى الذى يرقد الآن فى قبر صغير ، أو فى سجن كأبو غريب وأخوته .

فمالفارق بين الشعب العراقى قبل الاحتلال ، والشعب المصرى الآن ؟؟

نفس النسب المذهلة التى تعلن الوفاء والولاء للزعيم ،
نفس الانتشار المريع لحركة اللافتات التى تصر على التمسك بالزعيم ،
نفس النفاق الإعلامى الذى جعل الزعيم إلها لايسئل عما يفعل ، ينطق بالحق ويقول بالصدق ويتحرك بالوحى السماوى ،
نفس الجهل الذى يفترس الشعب فى بساطة عجيبة ،
نفس القدرة على إسكات الصوت المعارض وإلقائه فى السجون والمعتقلات أو القبور بعد رحلة تعذيب ممتعة ،
نفس القدرة الشعبية على ابتلاع كل هذا الكم من القهر والعذاب والمرارة والتأقلم معه ،
نفس معدلات التخلف والانهيار على كافة المستويات ،
نفس ...
نفس ...
نفس ...

****

إذن ...

مالذى يمنع أن يكون المصرى بعد سنوات راقدا فى سجن ( أبو زعبل ) هذه المرة ، يعانى نفس مايعانى منه العراقى الأسير الكسير ؟؟؟؟

حينما يفقد الشعب القدرة على مواجهة طغيان حاكم ، فهو يفقد فى نفس اللحظة مقوماته كشعب إنسانى يستشعر كرامته وحريته وحقه فى الحياة الحرة الكريمة ... إنه يفقد إنسانيته .

وحينما يفقد هذه الإنسانية ، فهو شعب جاهز للاحتلال فى مجموعه يستطيع ابتلاعه والتكيف معه ، إلا قلة قليلة تعلن الجهاد والكفاح ، وهذه القلة هى نفس القلة التى لم تفقد إنسانيتها فى مواجهة الحاكم قبل سنوات .

وصدق مالك بن نبى حين قال : " قبل كل قصة استعمار ، توجد قصة شعب قابل للاستخذاء "

النظرة السريعة عبر التاريخ ، تؤكد أن جميع الأمم التى انهارت سواء بالغزو الخارجى ، أو الانحلال الداخلى ، كانت آخر أيامها ذاخرة بصنوف الانحلال والفساد ، خصوصا على مستوى الحكم .

وقد أورد العلامة ابو الحسن الندوى فى كتابه البالغ الروعة ( ماذا خسر العام بانحطاط المسلمين ؟ ) أشكالا من الفساد الذى انتشر فى امبراطوريات فارس والهند والروم والصين قبل بعثة النبى محمد صلى الله عليه وسلم .

فنجد انحلالا رهيبا فى فارس ، وتفاوت طبقى بشع فى الهند ، وترف غير طبيعى فى الصين ، وانهيار قيمى غير مسبوق فى الروم .. وكل هذه البدايات الفاسدة التى أدت إلى هذا الكم من الفساد كان منشؤها بلاط الحكام وقصور الملوك .

وفى فترات انهيار المسلمين ، كانهيار الدولة الأموية على يد العباسيين ( كانت المشكلة فى الحكم ) والعباسيين الذين سقطوا على يد التتار ( كانت المشكلة فى الحكم ) والانهيار والخروج من الأندلس بعد حكم عريق ( كانت مشكلة حكم ) والدولة العثمانية التى سقطت ( كانت مشكلة حكم )، ولو استرجعنا كل تاريخ الدول المنهارة سنجد أن انطلاق الفساد الذى أدى إلى انتشار الانحلال كان هو الحكم .

لا اقصد بالطبع أن الحاكم الأخير هو الذى يتحمل نتائج الانهيار ، بل على العكس ، فى دراسة ستكتمل قريبا إن شاء الله وجدت أن الحاكم الأخير هو الأكثر صلاحا فى سلسلة الحكام ، لكنه ورث كما من المفاسد لم يكن يستطيع منعه من التفاقم ، ومن ثم منع الانهيار .

****

إن مصر مبشرة باحتلال قريب يذيقها ألوان المرارات ، لو أنها لم تستطع أن تأخذ على يد الحاكم فتمنعه من نشر الفساد الذى هو دائما نذير الانهيار .

فهل نطمع فى أن قارئى هذا الكلام سيعملون ؟؟

أم أننا سنبكى سويا فى أعماق زنازين أبو زعبل ؟؟؟؟



1/10/2005